عربي21:
2025-05-13@10:49:21 GMT

عن لفيتو الثاني وصورة أميركا

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

للمرة الثانية في أقل من شهرين، تستخدم الولايات المتحدة الأميركية حق النقض (الفيتو)، في مجلس الأمن، ضد الإرادة الدولية الساعية إلى وقف إطلاق النار في غزة.

الاستخدام الأول جرى في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحجة أنه لم يذكر حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بينما المرة الثانية فبذريعة أنه لم يشر إلى هجمات السابع من أكتوبر عينه.



وأدَت واشنطن في المرة الأخيرة المحاولة الأممية لوقف نزيف الدم الجاري في غزة، وأطفأت أي بصيص نور يستنقذ مليوني فلسطيني من الموت المحقق.

تاريخياً: استخدمت واشنطن حق النقض في مجلس الأمن نحو 80 مرة، 50 منها للذود عن إسرائيل بنوع خاص؛ لا سيما في مواجهة مشروعات القرارات التي ترغمها على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.

العجيب والغريب هو التناقض الواضح والفاضح بين حديث واشنطن عن ضرورة تخفيف إسرائيل أعمال القتل من جهة، ورفضها مشروع قرار يخدم ما ترمي إليه من جهة ثانية، ما يعني استمرار سيرة ومسيرة الازدواجية الأميركية، تلك الساكنة في روح الإدارات المختلفة، ديمقراطيين وجمهوريين، لا سيما إذا تعلق الأمر بإسرائيل.

حول العالم، تبدو الحرب في غزة وكأنها جردت أميركا العظمى من أسسها الأخلاقية العاليةقبل اتخاذ القرار كانت اللجنة الوزارية العربية الخاصة قد حلت في واشنطن، لمقابلة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لمناقشة وقف أعمال القتال ضد الشعب الأعزل. لم يسمح بلينكن باللقاء إلا بعد يومين من وصول الوفد، وحتى تستخدم إدارة بايدن «الفيتو» في مجلس الأمن، ما يعني أن كل الحديث الأميركي عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، ليس سوى مضيعة للوقت، كما أن المخططات الجارية على قدم وساق لإحلال السلطة الفلسطينية محل «حماس»، أمر لا يهدف إلى تهيئة الأرض لإقامة الدولة الفلسطينية، إنما هي خوف من حدوث فراغ، خبروه من قبل في أفغانستان فأنتج «القاعدة»، وفي العراق فجاء بـ«داعش»، وهنا يبدو الخوف من أن تمد طهران أذرعها وتتمدد داخل غزة.

ثم خذ إليك: عن أي دولة فلسطينية يتحدث بلينكن، والمخطط واضح وضوح الشمس؛ حيث يتم دفع مواطني غزة لجهة الجنوب، ضمن مخطط «التهجير الكبير»، أو «النكبة الثانية»؟!

هل بات الرهان على النزاهة الأميركية أمراً يصيب بالخيبات حالياً ومستقبلاً بشكل مؤكد؟

الحقيقة التي لا مراء فيها، هي أن أميركا المتخبطة في الداخل باتت غير قادرة على حل مشكلاتها، أو وضع أجندة تتلاءم مع مستقبلها، وعليه فإنه يبدو من العبث الرهان على قدرتها في التأثير والتحكم في الصعود السلمي للآخرين؛ لا سيما أن فكرة السلام لم تكن في مداميك بنيانها الهيكلي، منذ أن استولت على أراضي الهنود الحمر بالقوة وسفك الدماء.

يخطر لنا التساؤل: إلى أي حد ومدى أثَّر «الفيتو» الثاني على صورة أميركا عربياً وعالمياً؟


ربما عبرت «الواشنطن بوست»، القريبة من البيت الأبيض عن هذا التأثير بقولها: «وجهة النظر السائدة في الشرق الأوسط تتلخص في أنه بينما تتولى إسرائيل القتال، فإن هذه حرب أميركية، ومن دون الغطاء الدبلوماسي والذخائر العالية التقنية التي تزود بها الولايات المتحدة تل أبيب، فإن إسرائيل لن تكون قادرة على تنفيذ العملية الضخمة التي شنتها في غزة للقضاء على (حماس)، والتي قال عنها مسؤول في الأمم المتحدة أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إنها تسببت في (مذبحة كاملة ومطلقة)».

يراقب الملايين من العرب في الشرق الأوسط، ومئات الملايين من أحرار العالم، أصحاب النفوس الصالحة، القوة الوحيدة التي يرون أنها قوية وقادرة على التأثير الإيجابي حول العالم، وهي تتنكر لكل ما ترفعه في العلن من شعارات طُهرانية ويوتوبية عن العدالة وحقوق الإنسان؛ إذ تبدو وكأنها لا يعنيها وقف إراقة الدماء في غزة.

حول العالم، تبدو الحرب في غزة وكأنها جردت أميركا العظمى من أسسها الأخلاقية العالية؛ حيث أصبحت مواعظ بايدن لروسيا حول حماية الحياة المدنية في أوكرانيا تتزامن مع تصريحاته الأهدأ كثيراً، بينما تقصف إسرائيل المدارس والمستشفيات.

على صعيد السياسة الخارجية، كانت واشنطن دوماً في الوضع الجيد عندما كانت توازن بين مصالحها وقيمها، وعندما كانت تدمج القيم الأميركية بالقيم العالمية، ما كان يمكنها من العمل بهما معاً بشكل وثيق، وبما لا يتعارض أيضاً مع مصالح الدول الأخرى. فحين تراجعت القيم الإنسانية في الداخل الأميركي، أصبح من غير المستغرب أن تسود الغطرسة في تعامل واشنطن وعلاقاتها مع الآخرين.

وترى «هيومن رايتس ووتش» أن واشنطن بعد «الفيتو» الثاني تكاد تخاطر بالتواطؤ في جرائم حرب، بينما منظمة «أوكسفام» تعتقد أن أميركا وضعت مسماراً جديداً في نعش مصداقيتها في مسائل حقوق الإنسان. وتذهب «أطباء بلا حدود» إلى أن الأميركيين يساهمون اليوم في المذبحة ضد الفلسطينيين. وهل إقرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن مجلس الأمن أصابه «الشلل بسبب الانقسامات الجيو-استراتيجية»، بداية نهاية الأمم المتحدة؟

المصدر: الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة امريكا غزة الاحتلال الإسرائيلي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجلس الأمن فی غزة

إقرأ أيضاً:

"أفضل بدرجة واحدة" عن الطريقة التي تعامل بها مع زيلينسكي في البيت الأبيض.. هكذا يعامل ترامب نتنياهو

بات واضحًا أن العلاقة بين بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب قد بلغت أدنى مستوياتها. وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، فإن الرئيس الأمريكي يتعامل مع نتنياهو "أعلى بدرجة واحدة" فقط، من الطريقة التي تعامل بها مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال المشادة الكلامية التي جرت في البيت الأبيض. اعلان

لن تشمل زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط إسرائيل، سيمر بالمملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة دون أن يتفقد أكبر حليف له في المنطقة. ربما تكفي هذه الخطوة لمعرفة حجم الخلاف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

فترامب، الذي يكره أن يتمّ استغلاله، كما نقلت إدارته لوزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، يمشي بعيدًا عن "بي بي" كما كان يحبّ أن يناديه، وقرر قطع الاتصالات معه، حسبما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلية.

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الفتور بين الزعيمين، بدأ في الظهور عندما أعلن ترامب للصحفيين عن نيته في الذهاب نحو مفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، دون أن يطلع زعيم حزب الليكود عن خطوته، وهو جالس قربه.

بعد ذلك، وقّع سيد البيت الأبيض اتفاقًا لوقف إطلاق النار مع جماعة "أنصار الله" الحوثيين في اليمن، يضمن حماية السفن الأمريكية التجارية في البحر الأحمر، دون أن تشمل الصفقة تل أبيب، التي ما زالت تتعرض لهجمات باليستية بين الحين والآخر، ما جعل حلفاء ترامب في الدولة العبرية يشعرون وكأنهم تركوا لوحدهم.

Relatedحلم ضرب منشآت إيران النووية يراود إسرائيل.. التوتر يتصاعد بين ترامب ونتنياهوبرج ترامب في دمشق وسلامٌ مع إسرائيل.. هكذا يحاول أحمد الشرع استمالة الرئيس الأمريكيالقناة الـ12: تعليمات للجيش بوقف إطلاق النار بدءا من 12 زوالا للتمكن من استعادة الجندي عيدان ألكسندر

ولم يتوقف ترامب عند هذا الحد، فذهب إلى تفاهم مع حركة حماس، التي وافقت على إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر، بمعزل أيضًا عن الدولة العبرية.

وفيما تبدو هذه الخلافات مستحدثة، تقول "واشنطن بوست" إن الصدع بدأ يتشكل منذ وقت طويل، يعود إلى تهنئة نتنياهو للرئيس السابق جو بايدن عند فوزه بالانتخابات الرئاسية ريثما كان يعترض ترامب على النتائج.

وكذلك عندما أعلن رئيس الوزراء عن ضم أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة، وهو الأمر الذي يتعارض مع رؤية الزعيم الجمهوري الجديدة للشرق الأوسط.

وعلى الرغم من تأكيدات الإدارة الأمريكية بأن هذه التحركات تصب في مصلحة الاستقرار الإقليمي، إلا أن أصواتًا إسرائيلية تخشى من أن استبعاد دولتهم بهذا الشكل، قد يقوض العلاقة مع واشنطن.

وكانت قد أفادت تقارير بأن الرئيس الأمريكي سيخرج عن المألوف في طريقة تعاطيه مع الشرق الأوسط، وربما يعرض على الرياض الوصول إلى تكنولوجيا نووية دون اشتراط التطبيع مع تل أبيب، في خطوة من شأنها تغيير التحالفات والمشهد الجيوسياسي.

ويظهر أن ترامب يعطي المصالح الاقتصادية والتجارية في أمريكا الأولوية على الحسابات الأمنية التقليدية بين بلاده وإسرائيل، وهي رسالة فهمها الإسرائيليون جيدًا. إذ نقلت هيئة البث عن الوزير آفي ديختر، المقرب من نتنياهو، قوله: "نحن لسنا النجمة رقم 51 على العلم الأمريكي".

وتابع ديختر قائلاً: "أهداف الحرب لم تتغير"، مما يشير إلى أن الطرفين قد يقفان على مفترق طرق.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • الصين تعتزم تعزيز العلاقات مع أميركا اللاتينية وتنتقد تنمر واشنطن
  • أميركا في المراتب الأولى بين أكبر الدول التي تستثمر في السعودية
  • «أميركا أولاً» تشمل إسرائيل أيضاً
  • بورنيسك: الأمن الغذائي يعد أحد التحديات الأساسية التي تواجه دول الخليج
  • بين كراتشي وغزة: كيف تحرك أميركا خيوط الصراع لإشغال الجبهات؟
  • "أفضل بدرجة واحدة" عن الطريقة التي تعامل بها مع زيلينسكي في البيت الأبيض.. هكذا يعامل ترامب نتنياهو
  • مقال بهآرتس: بعد 250 عاما ها هي أميركا تنال استقلالها عن إسرائيل
  • ما ظاهرة عائق أوميغا التي بلبلت مناخ أميركا مؤخرا؟
  • ترامب يعلن تخفيضا كبيرا لأسعار الأدوية في أميركا
  • أميركا تبلغ إسرائيل بأن إفراج حماس عن محتجز أميركي سيؤدي للإفراج عن المزيد