سلطت صحيفة وول ستريت جونال الضوء على جهود بذلتها الولايات المتحدة لعرقلة النفوذ الصيني المتنامي في دولة أفريقية، بعد “الأخطاء” الكبيرة التي وقعت فيها الشركات الصينية التي استعانت بها لتنفيذ مشروعات هامة.
وتشير الصحيفة إلى مشروع خط سكة حديد يبلغ طوله حوالي 1200 كيلومتر ويربط ميناء لوبيتو الأنغولي على المحيط الأطلسي بالكونغو.


وبعد مغادرة المقاولين الصينيين الذين نفذوا المشروع، تبين حجم “الأخطاء” الكبيرة في المشروع، حيث تعطلت المحطات، وتوقف أنظمة السلامة، وتعطلت خوادم الكمبيوتر، وانقطعت خطوط الهاتف، وفقا لشركة القطارات الحكومية، ومسؤولين آخرين.
وعلى خط لوبيتو-لوو، توجد بكل محطة وحدة تحكم لتتبع القطارات، مع الأضواء التي من المفترض أن تشير إلى مواقع القطارات. ويقول ألفيس ليفيلا، المراقب المالي في محطة لوينا: “لقد انهارت بعد مغادرة الصينيين في عام 2012”.
والآن يستخدم مديرو المحطات الأعلام لتوجيه القطارات إلى الأرصفة.
وتقول الصحيفة إن الأخطاء التي ارتكبتها الصين على طول ممر السكك الحديدية الحيوي ساعدت “في خلق انفتاح مفاجئ للولايات المتحدة، التي وجدت نفسها فجأة تتحدى الهيمنة التجارية لبكين في أماكن غير متوقعة، مثل أنغولا، الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي التي كانت ذات يوم جزءا لا يتجزأ من الكتلة الشيوعية وأكبر متلق للمساعدات وقروض البنية التحتية الصينية”.
ونتيجة لهذه الإخطاء، رفضت أنغولا، في عام 2022، عرضا صينيا لإعادة تأهيل وتشغيل خدمة الشحن على طول خط لوبيتو كوريدور (ممر لوبيتو).
وبدلا من ذلك، منحت امتيازا مدته 30 عاما لكونستريوم أوروبي تدعمه الولايات المتحدة، والذي وعد بنقل ملايين الأطنان من المعادن من الكونغو إلى ساحل أنغولا على المحيط الأطلسي.
وبعد خسارة امتياز لوبيتو كوريدور الجديد أمام الكونسورتيوم السويسري البرتغالي البلجيكي، انسحبت شركة سيتيك التي قادت العرض الصيني، من امتياز منفصل للحكومة الأنغولية لتشغيل ميناء حاويات لوبيتو.
قال جوليان رولاند، أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في ترافيغورا، وهي شركة عملاقة لتجارة السلع مقرها في سويسرا وسنغافورة وشريكة في الكونسورتيوم الفائز: “عندما تنافسنا على هذه المناقصة مع سيتيك، كانوا مقتنعين للغاية بأنهم سيفوزون. عندما خسروا، شعروا بالغضب، لذا قالوا إنهم سيخرجون من الميناء”.
وتخطط الحكومة الأميركية لإقراض 250 مليون دولار ا للتأكد من نجاح مشروع لوبيتو كوريدورالذي تبلغ قيمته 1.7 مليار دولار.
ويقرض بنك التصدير والاستيراد الأميركي أنغولا مبلغ 900 مليون دولار لشراء معدات أميركية لمشاريع الطاقة الشمسية التي من المتوقع أن تزود نصف مليون منزل بالطاقة.
وفي الشهر الماضي، وقع اتحاد السكك الحديدية “أول أميركن ريل غروب”، ومقره تكساس، مذكرة تفاهم مع الحكومة الأنغولية لاستكشاف تطوير طريق قطار مواز إلى الكونغو يمر عبر شمال أنغولا. وقدرت وزارة النقل الأنغولية حجم الاستثمار المحتمل بمبلغ 4.5 مليار دولار.
وفي أكتوبر، وقعت الولايات المتحدة اتفاقا مع أنغولا وزامبيا والاتحاد الأوروبي ووكالات التمويل الدولية لدراسة جدوى تشغيل خطوط سكك حديدية جديدة من أنغولا إلى مناطق تعدين النحاس في زامبيا. وقالت هيلينا ماتزا، التي ترأس مبادرة البنية التحتية بوزارة الخارجية: “نريد بناء هذه السكة الحديد في غضون خمس سنوات”.
وقال تولينابو موشينغي، سفير الولايات المتحدة في لواندا، عاصمة أنغولا: “ما أطلبه من الأنغوليين هو أن يمنحوني الفرصة لتقديم النموذج الأميركي، وأن يمنحوني الفرصة للتواجد على الطاولة والمنافسة… أعرف أن نموذجنا سيكون جذابا للأنغوليين في نهاية المطاف. أعلم أنهم سيختاروننا”.
وعلى مدى العقد الماضي، راقبت الولايات المتحدة عن كثب مشروع الحزام والطريق الصيني ويهدف لربط الصين مع آسيا وأوروبا ومناطق أخرى من خلال مشروعات ضخمة للبنية التحتية.
وجعل الرئيس الصيني، شي جينبينغ، من مبادرة الحزام والطريق أحد ركائز إدارته، لكنه واجه معارضة في بعض الدول بسبب مخاوف من أن تؤدي ترتيبات التمويل غير الواضحة إلى ديون لا يمكن سدادها كما أن هناك اتهامات بأن المبادرة معنية بالترويج للنفوذ الصيني أكثر من اهتمامها بتحقيق التنمية.
وتقول وول سترت جورنال إن إدارة بايدن جعلت تحسين العلاقات التجارية مع أفريقيا أولوية في السياسة الخارجية، ويُظهر الفوز بصفقة السكك الحديدية، و”العديد من الانقلابات التجارية الغربية الأخرى الأخيرة” أن الولايات المتحدة وحلفاءها قادرون على الصمود في سعيهم للحصول على المركز الاقتصادي والنفوذ السياسي في إفريقيا، وفقا لمسؤولين أميركيين.

وقال الرئيس بايدن في اجتماع في المكتب البيضاوي في نوفمبر مع الرئيس الأنغولي، جواو لورينسو، إن “هذا المشروع (لوبيتو كوريدور) الأول من نوعه هو أكبر استثمار أميركي في السكك الحديدية في أفريقيا على الإطلاق، وهو استثمار سيخلق فرص عمل ويربط الأسواق للأجيال القادمة”.
ويتفاوض الجيش الأنغولي على صفقة لشراء أسلحة ومعدات أميركية تشمل طائرات ودبابات، وفقا لمسؤولين أميركيين.
واختارت القيادة الأميركية في أفريقيا أنغولا موقعا لتجمع استضافته الولايات المتحدة، العام الماضي، لكبار ضباط المخابرات الأفارقة.
ويتبادل المسؤولون الأميركيون والأنغوليون التقارير حول ما يجري في المناطق الساخنة مثل الكونغو وموزمبيق، وفقا لمسؤول استخباراتي أميركي كبير.
وفي هذا الصيف، أرسل البنتاغون أكثر من 12 جنرالا أميركيا تمت ترقيتهم حديثا لزيارة أنغولا لإعدادهم لمهامهم.
وقد زار عدد من كبار المسؤولين الأميركيين، بمن فيهم وزير الدفاع لويد أوستن، أنغولا مؤخرا.
وتقول وول ستريت جورنال إن تأمين زيارة للرئيس الأنغولي للبيت الأبيض “كان بمثابة انقلاب سياسي له، حتى أن بايدن ألمح إلى أنه قد يقوم بزيارة إلى أنغولا”.

ومع ذلك، لا يزال أمام الولايات المتحدة الكثير من العمل للحاق بالركب. وتنظر العديد من الشركات الأميركية إلى أفريقيا على أنها محفوفة بالمخاطر سياسيا واقتصاديا.

وقال ريكاردو دابرو، وزير النقل الأنغولي: “لقد تم استبعاد أفريقيا من أجندة الشركات الكبرى في أميركا. ولن أضع كل المسؤولية على الجانب الأميركي. نحن بحاجة إلى القيام بدورنا أيضا”.
وفي تعاملاتهم مع نظرائهم الأفارقة، يؤكد الدبلوماسيون الأميركيون أنه على عكس الحرب الباردة، لم تعد واشنطن تتوقع من الدول الأفريقية أن تختار أحد الجانبين في منافسة القوى العالمية.
ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لا تخجل من إعلان انتصار مشروع ممر لوبيتو. وقال بايدن في سبتمبر: “هذا استثمار إقليمي يغير قواعد اللعبة”.
ومن جانبها، لا تريد أنغولا خوض معركة علنية مع الصين، حليفتها التي قدمت لها القروض لفترة طويلة، وقال وزير النقل: “نحن ملتزمون بالحفاظ على تلك العلاقة الاستراتيجية، ولكن لايزال لدينا مصالحنا الخاصة”.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الولایات المتحدة السکک الحدیدیة

إقرأ أيضاً:

لوموند: اعتراف فرنسا بدولة فلسطين أصبح أمرا ملحا

أدلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ببعض التصريحات العلنية حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولكن تنفيذ ما قاله يبدو غير واضح، ولذلك أعلن تجمع يضم منتخبين ونقابيين وأكاديميين وقادة جمعيات، أن هذه البادرة أصبحت ضرورية في وقت تتعرض فيه غزة للتعذيب ويتم تحطيم الضفة الغربية.

وقال هذا التجمع -في مقالة بصحيفة لوموند- إن اعتراف فرنسا بدولة فلسطين لم يعد مجرد خيار دبلوماسي، بل أصبح ضرورة أخلاقية وسياسية، ومتطلبا إستراتيجيا، في الوقت الذي تستمر فيه الحرب على غزة تحت حصار شامل، ويذبح فيه المدنيون، ويستهدف العاملون في المجال الإنساني، وتدمر البنية التحتية الحيوية بشكل منهجي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جدعون ليفي: ما يجري بغزة يمكن وصفه بـ"عربات الإبادة الجماعية"list 2 of 2هآريتس: آلة نتنياهو السامة تهاجم المحتجز السابق عيدان ألكسندر وعائلتهend of list

وفي وقت تخلت فيه القوى الكبرى عن الشعب الفلسطيني، الذي يعاني من عنف متصاعد، وأصبحت عملية السلام في حالة خراب -كما أشار المقال- يتعين على فرنسا، أرض الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعضو الدائم في مجلس الأمن، والدولة المؤثرة داخل الاتحاد الأوروبي، أن تتخذ خطوة واضحة، ألا وهي الاعتراف رسميا بدولة فلسطين.

دور قيادي

ولن تكون هذه البادرة، وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، معزولة ولا رمزية، لأن 148 دولة من أصل 193 عضوا في الأمم المتحدة، اعترفت حتى الآن بدولة فلسطين، وفي الاتحاد الأوروبي، فتحت السويد الطريق عام 2014، وانضمت إليها مؤخرا إسبانيا وأيرلندا والنرويج وسلوفينيا، وهناك بلدان أخرى تستعد للقيام بذلك.

إعلان

وقال التجمع إن الوقت حان لفرنسا أن تلعب دورا قياديا في هذه الحركة من أجل العدالة والوضوح، خاصة أن البرلمان بمجلسيه، اعتمد قرارات لصالح هذا الاعتراف عام 2014، وإن لم يتم تنفيذها، ولكن الأسباب التي سيقت لتبرير المماطلة انهارت الآن أمام خطورة الوضع الحالي.

وذكر المقال بأن هذا الاعتراف المنتظر متوافق مع الالتزام الذي قطعته فرنسا على نفسها، بعد أن صوتت لصالح انضمام فلسطين لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، وصوتت لجعل فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وأكد ممثلها الدائم التزامه بحل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد لضمان أمن إسرائيل على المدى الطويل، وأعلن أن هذا يعني إنشاء دولة فلسطينية.

وتساءل المقال كيف تستطيع فرنسا تبرير دعم عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ورفضها الاعتراف بها كدولة في نفس الوقت؟ وقال إن المؤتمر الدولي الذي ستترأسه فرنسا والمملكة العربية السعودية في يونيو/حزيران في الأمم المتحدة لا يمكن أن يكتفي بممارسة دبلوماسية دون عواقب، ويجب أن يشكل نقطة تحول.

رسالة واضحة

وذكر التجمع بأن الاعتراف بدولة فلسطين لا يشكك في حق إسرائيل في العيش في أمان، ولكنه يؤكد أن هذا الحق لا ينفصل عن حق الفلسطينيين في الحرية وتقرير المصير، لأنه لا سلام دائم بدون عدالة، ولا عدالة دون الاعتراف بالحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، بما فيها الحق في إقامة دولة قابلة للحياة وذات سيادة، ضمن حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

ولم يعد بإمكان فرنسا -حسب التجمع- أن تظل أسيرة مفارقة دبلوماسية لا يمكن الدفاع عنها، بحيث تعلن تمسكها بحل الدولتين، وترفض الاعتراف بوجود واحدة منهما، في تناقض يضعف موقفها، ويجعلها عرضة للسخرية.

ومع أن الاعتراف بدولة فلسطين عمل عادل، فهو أيضا رافعة لوقف استمرار الاحتلال العسكري الإسرائيلي والاستيطان الاستعماري الذي يستولي على الأراضي التي هي جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية، وبالتالي يجعل إنشاء دولة قابلة للحياة تتضاءل أكثر فاكثر.

إعلان

ومن خلال الاعتراف بدولة فلسطين الآن، أو على أبعد تقدير في الاجتماع المقرر في يونيو/حزيران، فإن فرنسا سترسل رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي، تؤكد أن القانون الدولي غير قابل للتفاوض، وغير قابل للتغيير، وإن احتلال أراضي الجيران أمر غير مقبول، سواء في أوكرانيا أو في فلسطين.

وختم التجمع مقاله بأن رئيس الجمهورية يجب عليه أن يتخذ هذا القرار المتوقع والمشروع والضروري، مشيرا إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين من تلم اللحظات التي تظهر فيها الأمم العظيمة، وعلى فرنسا ألا تفوت هذه الفرصة لكتابة صفحة عادلة وقوية في تاريخها.

الموقعون الأوائل:

أرييه عليمي، محام ونائب رئيس رابطة حقوق الإنسان؛ وصوفي بينيه، الأمينة العامة للاتحاد العام للعمال؛ وإريك كوكريل، عضو البرلمان (عن حزب فرنسا الأبية)، ورئيس اللجنة المالية؛ وأوليفييه فور، السكرتير الأول للحزب الاشتراكي؛ وفابيان غاي، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الشيوعي الفرنسي، ومدير صحيفة لومانيتيه؛ وعبد السلام كليشي، الرئيس المشارك لمنصة أصوات وجسور من أجل السلام، والرئيس المشارك للجنة السلام ونزع السلاح في حزب الخضر؛ وفينسان ليمير، مؤرخ متخصص في شؤون إسرائيل وفلسطين، ومحاضر في جامعة غستاف إيفل؛ وماريليز ليون، الأمينة العامة للاتحاد الفرنسي للعمل؛ وريموند بونسيه مونج، عضو مجلس الشيوخ، ونائبة رئيس المجموعة البرلمانية المشتركة للصداقة الفرنسية الفلسطينية؛ مارين تونديلر، السكرتيرة الوطنية للبيئيين.

مقالات مشابهة

  • تهديد لمقاتلة F-35 الأمريكية التي تكلّف مليارات الدولارات! صواريخ اثارت ذعر واشنطن
  • "النموذج الأميركي فاشل".. خامنئي: الولايات المتحدة ستُجبر على مغادرة المنطقة
  • المملكة تحتل المركز الثاني عالميًا بعد الولايات المتحدة في جوائز “آيسف الكبرى”
  • قادة 7 دول أوروبية: لن نصمت أمام الكارثة التي تجري في غزة
  • ألمانيا تدعم خطة الولايات المتحدة بزيادة دول الناتو للإنفاق العسكري بنسبة 5٪
  • (معهد أمركي).. جولة ترامب في الخليج تعيد رسم ملامح النفوذ الأمريكي وتحد من تمدد الصين
  • رئيس غرفة بورسعيد التجارية: مصر بوابة أفريقيا.. والاتفاقيات الدولية فرصة ذهبية للمستثمر الصيني
  • ترامب: على الولايات المتحدة أن تسيطر على غزة وتحولها إلى منطقة حرة
  • رئيس جنوب أفريقيا سيزور الولايات المتحدة لإصلاح العلاقات بعد تولي ترامب
  • لوموند: اعتراف فرنسا بدولة فلسطين أصبح أمرا ملحا