الذكاء الاقتصادي والاقتصاد المعرفي
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
يعد الذكاء الاقتصادي أحد المفاهيم والمصطلحات التي نشأت نتيجة ظهور الاقتصاد المعرفي، وتعددت مسمياته بين المحللين الاقتصادي وفي الإعلام الاقتصادي مثل اقتصاد المستقبل أو الاقتصاد الجديد أو الاقتصاد الرقمي أو اقتصاد المعرفة، وظهر أول تعريف للذكاء الاقتصادي عام 1994م بفرنسا؛ إذ عرّف بأنه «مجموعة من الأعمال المرتبطة بالبحث، وبث المعلومة المفيدة ومعالجتها للاقتصاديين لصياغة استراتيجياتهم»، والذكاء الاقتصادي عموما يمثل مجموعة من الوسائل البشرية والتقنية بهدف تطوير المؤسسات الاقتصادية وصولا إلى تنمية اقتصاد الدولة.
ورغم حداثة مفهوم الذكاء الاقتصادي أو الاقتصاد الرقمي، إلا أن فوائده تتعدى استخدام التقنية في الجوانب الاقتصادية لتصل إلى الحصول على المعلومة الاقتصادية الصحيحة الدقيقة وليس التقريبية أو المتوقعة بفضل توظيف الأنظمة المتكاملة، الذي تتوحد فيه التقنيات والكفاءات البشرية لتطوير أساليب العمل ومنهجياته وتعزير الإنتاجية في بيئة العمل من خلال الترابط والعلاقات التشاركية بين الأفراد والمؤسسات معتمدًا في ذلك على سهولة تبادل المعلومات من خلال وسائل التواصل والشبكات الحديثة. ويعتمد نجاح الذكاء الاقتصادي بنسبة كبيرة على الحصول على المعلومة الصحيحة وتحليلها وتفنيدها لاستخدام نتائج التحليلات في وضع الخطط والاستراتيجيات المناسبة، والتنبؤ بالأحداث المستقبلية، وكذلك على مهارات الأفراد وقدرتهم على إدارة البيانات والتحكم بها لتوظيفها جيدا في صنع القرارات واتخاذها خاصة القرارات الاقتصادية. ولأن الوصول إلى المعلومة هو غاية من يبحث عنها؛ فإن استثمارها والاستفادة هو أحد رأس المال الفكري الذي عُرف حديثا بالاقتصاد المعرفي الذي بات محركا للاقتصادات نتيجة البيانات التي يتعامل معها ويتم توظيفها جيدا في إثراء الجانب المعرفي والتنبؤ بالمسارات المستقبلية للاقتصاد عالميا، ويهدف الاقتصاد المعرفي إلى تطوير الأفكار وصقلها وتسويقها؛ لتصديرها إلى دول العالم.
ويمثّل الذكاء الاقتصادي أحد الخطط الداعمة للتنويع الاقتصادي، ويستهدف القطاعات الاقتصادية الواعدة لتعزيز إيراداتها ورفع إسهاماتها في الناتج المحلي الإجمالي مثل قطاعات التعدين والصناعات التحويلية والثروة السمكية إضافة إلى قطاع اللوجستيات والنقل؛ فمثلا سلطنة عُمان وضعت خطة ضمن مبادرات رؤية عُمان 2040 بأن يسهم الاقتصاد الذكي بنسبة 10% في الناتج المحلي الإجمالي. ولتحقيق هذه الغاية، اعتمد مجلس الوزراء البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي الذي تسعى سلطنة عُمان من خلاله إلى تحقيق عدة أهداف من شأنها الإسهام في بناء وتطوير اقتصاد رقمي مزدهر مستجيب لمتطلبات المستقبل.
ومن النماذج الناجحة على توظيف الاقتصاد الذكي في سلطنة عُمان هو إنشاء المدن النموذجية الذكية مثل مدينة السلطان هيثم ومدينة لوى النموذجية اللتين تشرف عليهما وزارة الإسكان والتخطيط العمراني وهما استكمال للجهود المبذولة في تعزيز الاقتصاد الذكي أو ما يعرف بالاقتصاد الرقمي، وتعظيم فوائده على الاقتصاد الكلي، وعلى بيئة العمل عبر تسهيل إنجاز المهام اليومية، والأعمال الأخرى التي تتطلب التعامل مع البيانات بكفاءة عالية خاصة مع اكتمال البنى الأساسية الداعمة لممارسة الأعمال الرقمية والتقنية. أيضا هناك جهود تقوم بها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في تنظيم التجارة الإلكترونية، وتفعيلها في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتسهيل ممارسة الأعمال وحماية المؤسسات من الأضرار الناتجة عند مواجهتها للتحديات المالية والاقتصادية خلال فترة الأزمات.
ما يربك المهتم للاقتصاد الذكي هو وجود نظرة سلبية تجاه الاقتصاد الرقمي وربما يعود ذلك لقلة الاطلاع بشأن هذا النوع من الاقتصاد؛ بسبب نقص المعلومات حوله أو عدم اقتناع الجمهور بإيجابيات الاقتصاد الرقمي وأهميته، فالتجارة الإلكترونية أوجدت حلولا فاعلة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للوصول للزبائن بأقل تكلفة وجهد، وساعدت على تقليل التكاليف التشغيلية على المؤسسات الناشئة عبر إنشاء التطبيقات المختلفة التي تعرض السلع والخدمات بأسعار تنافسية، أيضا ساعد الاقتصاد الذكي على توليد وظائف في عدة تخصصات مستقبلية مثل وظائف علوم الحاسب الآلي، ووظائف الرقابة التقنية والصيانة والابتكارات المعززة لأساليب العمل الجديدة، والوظائف الأخرى المرتبطة بها التي تستخدم عدة لغات في البرمجة مثل البايثون والسي بلس بلس؛ فالاقتصاد الرقمي محفز للاقتصاد وداعم لقطاعاته المختلفة ومسهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسب تصل إلى 50% في بعض الدول المتقدمة، وتأمل سلطنة عُمان أن يسهم الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10% عام 2040، كذلك من المهم الإشارة إلى أن التعامل مع تطبيقات الذكاء الاقتصادي وإدارتها يتطلب مهارات واستراتيجيات خاصة؛ لتحقيق الأهداف المرجوة، وهنا يأتي دور الجهات المستفيدة من هذه التطبيقات لتوفير التدريب وصقل مهارات الموظفين للتعامل بحذر وبكفاءة معها لضمان الاستفادة من البيانات المستخلصة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية وإعداد الخطط الفاعلة الناجحة؛ فالتوجه نحو استخدام المركبات الكهربائية هو أحد تطبيقات الذكاء الاقتصادي عبر توظيف التقنيات الحديثة في الصناعات، وستساعد على اكتشاف وظائف مستقبلية جديدة مما يعني قدرة السوق على زيادة وتيرة عرض الوظائف.
أخيرا،، إن استخدام تقنيات الذكاء الاقتصادي وتعظيم الاستفادة منها هو أحد الممكنات المستقبلية لتقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز التنويع الاقتصادي للبلدان، وهو ما تسعى إليه سلطنة عُمان عبر مبادراتها وخططها الاستراتيجية الداعمة للاقتصاد الرقمي، وهو ما يبشّر بمستقبل اقتصادي واعد ومشرق؛ فمعظم التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن الذكاء الاقتصادي سيكون مقياسا لتفوّق البلدان اقتصاديا، ومعززا لتنافسية اقتصاداتها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الناتج المحلی الإجمالی الاقتصاد المعرفی الذکاء الاقتصادی الاقتصاد الرقمی الاقتصاد الذکی
إقرأ أيضاً:
التبادل المعرفي الحكومي يبحث مع حاكم ولاية نيوجيرسي فرص ومجالات التعاون
استقبل مكتب التبادل المعرفي الحكومي في وزارة شؤون مجلس الوزراء، فيل ميرفي حاكم ولاية نيوجيرسي، ضمن زيارة رسمية إلى دولة الإمارات، هدفت إلى بحث مجالات وفرص التعاون، والاستفادة من برنامج التبادل المعرفي الحكومي، بما يسهم في تعزيز العلاقات، ويرتقي بمستويات تبادل الخبرات والتجارب وأفضل الممارسات في تطوير العمل الحكومي.
وبحث عبد الله ناصر لوتاه مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي، مع حاكم ولاية نيوجيرسي، عدداً من المواضيع ذات الاهتمام المشترك في مجالات تطوير العمل الحكومي.
حضر اللقاء، محمد بن طليعة رئيس الخدمات الحكومية في حكومة الإمارات، ومنال بن سالم مدير تنفيذي للتبادل المعرفي الحكومي في مكتب التبادل المعرفي الحكومي، ووفد من سفارة الدولة في العاصمة الأميركية واشنطن.
وأكد عبد الله لوتاه أن الاجتماع مع حاكم ولاية نيوجيرسي، يترجم سعي حكومة دولة الإمارات لتعزيز مسيرة التعاون الدولي، ويعكس رسالة مكتب التبادل المعرفي الحكومي، ودوره المهم في نقل ومشاركة التجارب الناجحة في مجالات العمل الحكومي مع شركاء حول العالم.
وقال إن حكومة الإمارات حريصة على توسيع دائرة الشراكات الدولية المبنية الهادفة لتمكين الحكومات من التطور واستباق التحديات، وبناء منظومة الفرص التي تمكن مجتمعاتها من مواكبة التطورات المتسارعة، وتعزز مشاركتها في بناء المستقبل.
وبحث المجتمعون مواضيع تطوير الخدمات الحكومية، وتبني أساليب التحول الرقمي لتقديم خدمات أكثر كفاءة ومرونة، وتبادل التجارب في مجال المسرّعات الحكومية، فيما استعرض الاجتماع تجارب تصفير البيروقراطية وتبسيط الإجراءات الحكومية في دولة الإمارات، ومبادرات بناء القدرات الحكومية في مختلف مجالات الإدارة العامة، وتعزيز المهارات الرقمية والبرمجة في القطاع الحكومي، وتطوير الكفاءات التكنولوجية لتمكين التحول الرقمي وتقديم حلول حكومية قائمة على البيانات والتكنولوجيا.
وأكدوا أهمية تعزيز العمل المشترك لتطوير نموذج تعاون إيجابي فعال يمكن حكومتي دولة الإمارات وولاية نيوجيرسي من مشاركة المعارف والخبرات، بما يعزز جهودهما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويرتقي بفاعلية العمل الحكومي.
وبحث الاجتماع أوجه التعاون المشترك في مجالات تبادل المعرفة الحكومية، وبناء القدرات، وتطوير العمل الحكومي بما يواكب المتغيرات العالمية، واستعراض الرؤى والتوجهات المستقبلية المشتركة، خاصة ما يتعلق بترسيخ مبادئ الابتكار واستباق التحديات، وتعزيز كفاءة الأداء الحكومي من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والكوادر البشرية.
أخبار ذات صلةوأكد حاكم ولاية نيوجرسي الحرص على تبادل أفضل الممارسات الحكومية مع برنامج تبادل المعرفي الحكومي، في مجالات بناء القدرات، والتعاون في الذكاء الاصطناعي، والبرمجة، والحوكمة الرقمية، ما يسهم في تطوير نماذج عمل مبتكرة تدعم استدامة الأداء الحكومي وتخدم المجتمعات بكفاءة.
واستعرض الاجتماع البرامج القيادية التخصصية الهادفة إلى تطوير الكفاءات القيادية في القطاع الحكومي، وتعزيز معرفتهم بالنموذج الريادي والتجربة الإماراتية المتميزة في العمل الحكومي، ودورها في بناء قيادات مؤثرة ودفع التطوير وتحقيق الأهداف التنموية، واستشراف المستقبل.
وأكد المجتمعون أهمية تعزيز التعاون في الجوانب المعرفية، وتطرقوا إلى الدور الريادي لدولة الإمارات في تصدير التجارب الحكومية الناجحة، وناقشوا سبل استفادة ولاية نيوجرسي من هذه التجارب ضمن إطار تبادل الخبرات الحكومية عالميا.
يُذكر أن حكومة دولة الإمارات أطلقت برنامج التبادل المعرفي الحكومي، بهدف نقل أفضل الممارسات والخبرات الحكومية إلى الدول الشقيقة والصديقة، وتعزيز التعاون في مجالات التحديث والتطوير الحكومي.
ومنذ إطلاقه عام 2018، نجح البرنامج في إطلاق شراكات مع عشرات الدول حول العالم، بهدف بناء القدرات المؤسسية وتطوير الأداء الحكومي من خلال تبادل المعرفة في مجالات التخطيط الاستراتيجي، والتميز الحكومي، وريادة الخدمات الحكومية، إضافة إلى تنفيذ مبادرات استراتيجية وبناء القدرات المؤسسية.