عن أوهام التفاؤل الأميركي
المقاومة ماضية في طريقها، لا تعوّل علينا كثيراً في الواقع، وهذا من حسن حظها وحسن حظنا نحن أيضاً.
إما أن بلينكن يروج معطيات غير صحيحة لكسر الحصار على إسرائيل، وإما أن يكون صادقاً، وهذا يكشف أن أمراً ما يُدبر من ورائنا.
سقف المقاومة في التفاوض لا يزال عالياً رغم قوافل الشهداء والدمار والجوع والعطش والمرض والمأساة، تفاؤل فلسطيني مقابل التفاؤل الأميركي، ستقول الأيام كلمتها.
عن أي اندماج إسرائيلي يتحدث الأميركي؟ هذا أمر خطير لأننا أمام مسؤول كأنه بصدد تقديم معطيات وليس مجرد تكهنات وآمال، متحدثا عن دول عربية وكثرتها.
يتحدث بلينكن كأن موجة تعاطف مع إسرائيل ستقود إلى مصالحة يتحدث عنها واندماج في المنطقة كأن حرباً لا تجري، كأن عشرات الآلاف لا يُقتلون، كأن شعباً لم يُشرّد.
تفاؤل أميركي كأن مقدساتنا لم تُدنس، كأننا لا نرى ولا نسمع ولا نتابع الإبادة الجماعية التي تنفذها آلة الحرب الهمجية الإسرائيلية الأميركية، كأننا لا نحس بالقهر ولا نرغب في الانتقام.
* * *
ما قاله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، السبت الماضي، يدعو إلى الحيرة والاستغراب، والريبة بالخصوص. فقد أكد أن هناك "فرصة استثنائية في الأشهر المقبلة لدمج إسرائيل في المنطقة، مع رغبة الدول العربية في تطبيع العلاقات معها"، على حدّ تعبيره.
وفي حديثه أمام مؤتمر ميونخ للأمن، ذكر بلينكن أن "كل دولة عربية الآن تقريباً تريد حقاً دمج إسرائيل في المنطقة لتطبيع العلاقات"، من دون أن يسمّي دولاً محددة أو يعطي تفاصيل إضافية، مضيفاً أن "هناك فرصة استثنائية لإسرائيل في الأشهر المقبلة من أجل اندماجها".
كلام خطير كأنه يحيل على عوالم غامضة لا نعرفها، كأنه يتحدث عن عالم موازٍ لعالمنا، فيه فلسطين أخرى، وإسرائيل أخرى، وعرب آخرون.
يتحدث المسؤول الأميركي وكأن هناك موجة تعاطف مع إسرائيل ستقود إلى هذه المصالحة التي يتحدث عنها، الاندماج في المنطقة، كأن حرباً لا تجري الآن، كأن عشرات الآلاف لا يُقتلون، كأن شعباً لم يُشرّد، كأن مقدسات لم تُدنس، كأننا لا نرى ولا نسمع ولا نتابع عملية الإبادة الجماعية التي تنفذها آلة الحرب الهمجية الإسرائيلية الأميركية، كأننا لا نحس بالقهر ولا نرغب في الانتقام، بأي طريقة كانت.
عن أي اندماج لإسرائيل يتحدث الوزير الأميركي؟ هذا أمر خطير، لأننا أمام مسؤول كأنه بصدد تقديم معطيات وليس مجرد رغبات أو تكهنات أو آمال، وهو يتحدث عن دول عربية ويُلمح إلى كثرتها، وهذا يعني أمرين لا ثالث لهما، إما أن يكون بصدد ترويج معطيات غير صحيحة لكسر الحصار على إسرائيل، وإما أن يكون صادقاً، وهذا يكشف أن أمراً ما يُدبر من ورائنا، كما حدث دائماً في الواقع.
ولكن إن صح هذا فسيكون إيذاناً بنيران ستشتعل في أكثر من مكان في الوطن العربي، فالشعوب على فوّهة بركان، تغلي من القهر والعجز إزاء ما يحدث للشعب الفلسطيني، ولعل هذا، إن حدث لا قدر الله، سيخرجها من صمتها العاجز، وقد يحررها ويدفعها أخيراً إلى التعبير عن شعارها الأبدي "بالروح والدم نفديك يا فلسطين".
في الأثناء، نحمد الله أن المقاومة ماضية في طريقها، لا تعوّل علينا كثيراً في الواقع، وهذا من حسن حظها وحسن حظنا نحن أيضاً. أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، السبت، أن الحركة تريد "الوقف الكامل للعدوان" في غزة من دون أن "تفرّط في تضحيات شعبنا" و"إنجازات مقاومته"، وهو ما يعني أن سقف المقاومة في التفاوض لا يزال عالياً، رغم قوافل الشهداء، ورغم الدمار المتواصل، رغم الجوع والعطش والمرض، رغم كل المأساة، تفاؤل فلسطيني مقابل التفاؤل الأميركي، ستقول الأيام كلمتها.
*وليد التليلي كاتب صحفي تونسي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أميركا بلينكن التطبيع اندماج إسرائيل فلسطين غزة سقف المقاومة التفاؤل الأميركي الإبادة الجماعية الوقف الكامل للعدوان فی المنطقة یتحدث عن
إقرأ أيضاً:
ليس لدي مال!
سارة البريكية
sara_albreiki@hotmail.com
تمُر على الإنسان الأوقات الصعبة وتحيط به الظروف الكثيرة والهموم والضيق وأحيانًا يعاني من عسر الحال وضيق النفس والمرض الذي يأتيه فجأة فيقض مضجعه ويبدأ في رحلة البحث عن علاج إلا أن العلاج مكلف وهو شخص باحث عن عمل ولا يريد أن يضايق والديه بكثرة طلباته التي تتزايد باستمرار فيتحمل وجعه على مضض وهذا الحال.
يفتن بسيارة جديدة يحاول أن يقتنيها إلا أن شركات التمويل لا تقبل به فهو شخص باحث عن عمل ولا يتمكن من السداد فيبقى على سيارته التي لا تتعدى قيمتها مئات الريالات ويوما هنا ويوما بالصناعية ويوما سليمة ويوما لا تعمل وهكذا يتساير معها وتتساير معه.
تمضي الشهور ويحتاج أن يتزوج ليكمل نصف دينه إلا أنه يعلم تماما أن لا أحد يقبل به كونه باحث عن عمل فالزوجة تريد وتريد وتريد... ولا توجد زوجة بالأقساط الميسرة ولا يستطيع تجميع مهر لدفعه ويبقى بحسرته.
يذهب الناس لقضاء مستلزمات العيد إلا أنه ينزوي في غرفته حزينا على أيامه التي تذهب ولا تعود متأملاً أن يحدث شيء أو أن تتغير الأمور كلها من أجله أو أن يفيض بركان أو يحدث زلزال أو تتغير الأحوال حتى تصدر قوانين جديدة وهي أن يتوظف الطالب بعد إكماله دراسته الجامعية مباشرة وهذا هو حقه العام وليس غير حقه يطالب به.
هل تفنى حياتك وأنت باحث؟! أليس لديك مخططات تحاول القيام بها فأنت أيضا بشر حالك حال الكثيرين هل لهذه الدرجة بلدنا بها انفجار سكاني كون أننا نطالب بوظائف منذ سنوات عديدة.
إذن لا بُد أن تكون هناك آليه واضحة للتشغيل وآلية متاحة للجميع الأكبر سنًا فما تحت ذلك لكي تستمر وتيرة الحياة بالشكل المطلوب والصحيح وأن يطالب هذا الإنسان بحق من حقوقه المشروعة التي لا بُد أن تنفذ أو أن تتخذ الحكومة قرارًا مهما وخطوة جريئة؛ فمصلحة المواطنين مهمة ولا بُد لهم من التنعم بخيرات البلد وهذا أمر طبيعي جدًا.
كم سيعيش الإنسان لكي يعيش حياة كريمة لا يسأل هذا وهذا أعطوه أو منعوه لماذا وهو شخص دارس متعلم جامعي يبقى بوضع الذليل المثقل بالجراح.
نتمنى ألا تمضي هذه السنة إلا والباحثون قد وصلوا إلى مبتغاهم الأكبر سناً فما دون ذلك فالحياة قصيرة جدا ولا يوجد وقت للانتظار أكثر.
رسالة مهمة:
وصلتني رسالة من باحث عن عمل وهو خريج إحدى الكليات المرموقة، يقول إنه ما يزال يبحث عن عمل، لكنه يواجه بالرفض وليس لديه المال لكي يتحرك من وزارة إلى أخرى كل يوم، ولا يُريد أن يطلب من والده الإنفاق عليه وهو في هذا العمر. ويضيف: "أيها المسؤول ويا صاحب القرار إما ان توجد لي وظيفة أو يكون هناك راتب لكل الباحثين الذين تخطت أعمارهم الثلاثين وهم يبحثون عن عمل، وكان الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه".
رابط مختصر