شبكة انباء العراق:
2024-09-22@14:57:01 GMT

هل يصح أن يفخر الإنسان بلسانه

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

بقلم: هادي جلو مرعي ..

هنا سيقولون ، نعم فلسان أهل الجنة عربي، ولغة العرب هي الفخر والرفعة والتميز وكل مسلم في العالم يتلو القرآن بها، فيجدر الفخر باللسان، ولكني أعني شيئا آخر، وهو ليس ببعيد عن الوصف الذي عنيته في المقدمة أعلاه، وأعني اللسان الذي يتحدث به الإنسان، ولاأعني لغة بعينها، بل اللسان كآلة تنتج الكلمات، وهنا لافرق أن يكون اللسان عربيا، أو تركيا، أو فرنسيا، أو إنجليزيا، أو فارسيا، أو بأي لغة من لغات العالم المجهول منها والمعلوم.

فهناك آلاف اللغات ومليارات البشر، ولكن اللسان واحد وهو عضلة يمكن أن تمتد من بين الفكين، وتتذوق الطعام، وتلتذ، وتشعرك باللذة التي تريحك وتستهويك وتدفعك للبحث عن المزيد من اللذائذ.
حدثت صديقي عن طريقتي في الكلام وعن إستخدام اللسان فهناك كلام متزن محدود، وهناك ثرثرة تثير سخط الآخرين، وهناك كلام يخرج بطريقة تسبب مشكلة ولذلك فالكلام سلاح قاتل حين يصيب غير هدفه، ورب كلمة جرحت نفسا، وهناك قول مأثور إن الإنسان مخبوء تحت لسانه فإذا نطق صدقا وحقا وأدلى بحديث منمق واضح نافع أثار الرضا في النفوس والقبول، ولو إنه نطق بالسوء من القول لتسلب بمشكلة، وفي حديث شريف ( إن أكثر مايكب الناس على وجوههم يوم القيامة حصاد ألسنتهم ) والمعنى واضح وربما تلمسته كل يوم، بل كل دقيقة حين أراقب الناس وأسمع ماينطقونه من قول وقد تبين لي إن عمليات القتل والنهب والسلب أقل بكثير من جرائم اللسان، فهناك قتل نتيجة لخلاف بين إثنين، وربما تسبب اللسان بحرب، ومشاكل عميقة، فالقتل ربما كان سببه اللسان، أو إنه يدفع القاتل ليقتل، ويدفع المقتول ليكون ضحية، بينما يشتهر عامة الناس بالغيبة التي معناها أن يقوم الشخص بذكر شخص آخر بمالايرتضيه في غيبته، وتجد السحر ينتجه كلام وتعويذات، والنميمة بفعل اللسان والنفاق والكذب والإفتراء وشهادة الزور وقول الزور، فيكون اللسان في هذه الحال بطل يوم القيامة الذي بسببه يدخل غالب الناس الى جهنم، وبسببه يدخل ناس الى الجنة لأنهم أمسكوا ألسنتهم عن الفاحش من القول، وأمسكوها عن كل مايؤدي الى حصول مشكلة قد لاتنتهي إلا بمصيبة.
والسؤال: هل يصح للإنسان أن يفخر بلسانه؟ وجوابه عندي نعم، شرط أن يبذل جهدا في ذلك فهو يمكن أن يكون وسيلة لجمع المتخاصمين ليتفقوا على حل، وبه تؤخذ الحقوق، وعندنا في الريف يقولون: الحقوق تريد حلوق. والمعنى الدقيق إن الذي يطالب بحقه عليه أن يمتلك لسانا ينطق بمايقنع الآخر، ويلزمه بالنزول عند رأي صاحب الحق وقد يكون الكلام في حضور جماعة من الناس فيتطلب ذلك كلمات قوية صادقة فاعلة مؤثرة تستهوي النفوس، وتحرك العقول، فيكسب صاحب الحق قلوب الحاضرين، فيميلوا الى طلبه ليس إنحيازا، بل عن قناعة في كلامه الذي ألزمهم النزول عنده، والرضا به ومنحه مايطلب حيث تأكد لهم إنه جاء بالحق.
حين يكون اللسان سليطا حادا مؤذيا يجلب لصاحبه النقمة، وعدم القبول، فيتجنبه الناس، وينفرون منه، وإذا ما نطق بالصدق والحكمة والنصح والتوجيه والكلام الطيب صار لسانا يصفه الناس بقولهم، إنه لسان ينقط عسلا لأنه إستهواهم فأحبوه، ورغبوا به، ولطالما رأيت أناسا يتمسكون ببقاء ضيف عندهم، ويكرمونه ويفسحون له في المجلس ليتحدث بما يشاء، وهم منشدون له فرحون به، ولعلهم يتمنون في السر أن لايغادر فهو ينطق بالحكمة، ويمازحهم، ويأتيهم بكلمات عذبة، وتراه يستجلب ضحكاتهم مرة، ودموعهم مرة، ويجعلهم في ذهول في أخرى خاصة حين يمتلك المعرفة، ويختزن الحكايات والنكات والحكيم من القول، وهذا لسان مرغوب فيه محبوب ومطلوب، ومنهم من يمتعض، أو يسخر من ثرثار، فيقول عنه:،إنه بلع لسان طير لأن الطير لايتوقف عن الصفير والهديل والنعيق، وبكل مسميات الأصوات التي هي لغات للطير. فنعيق الغراب يفهمه غراب، وهديل الحمام يفهمه الحمام من بعضه، إنما هم أمم أمثالكم، ولعل الهدهد كان من أوائل المخلوقات التي مارست العمل الصحفي حين قال لسليمان معتذرا عن تأخره في الحضور الى سلطانه: جئتك من سبأ بنبأ يقين، وبدل العذاب كرمه سليمان،

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

كلام نصرالله يُقرأ من أكثر من زاوية

في كل مرّة كان يدلي فيها الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله بدلوه كانت التعليقات من "هبّ ودبّ" تملأ مواقع التواصل الاجتماعي من بينها ما كان أصحابها يؤيدونه في كل كلمة يقولها ويبصمون له بـ "العشرة"، ومنها ما كان قائلوها ينتقدونه على طريقة "عنزة ولو طارت"، ومنها أيضًا ما كان مفندّو كلامه يتناولونه بكل موضوعية وشفافية مبيّنين ما فيها من إيجابيات وما فيها من سلبيات. لكن كلامه هذه المرّة الذي جاء بعد استشهاد أكثر من ثلاثين شخصًا ينتمون إلى بيئة "المقاومة الإسلامية" وجرح أكثر من أربعة آلاف في اعتداء لم نشهد له مثيلًا في تاريخ الحروب باستثناء اللجوء إلى تسميم مياه الشفة في غزة المنكوبة، قوبل بأكثر من تعليق، ومن قِبل أكثر من طرف، حتى أن الذين اعترضوا على ربط "حزب الله" الساحة اللبنانية بغيرها من الساحات الإقليمية تهيبوا الموقف، ولامست تعليقاتهم حدود الموضوعية احترامًا للدماء التي سيلت في غير موقعها الطبيعي. ولكن هذا لا يعني أن الغموض في كلام نصرالله لم يفاجئ القريبين قبل البعيدين. وكان محل تحليل من زوايا مختلفة.
فالمؤيدون، وكعادتهم، رأوا في هذا الغموض ما يزيد من قلق العدو نتيجة عدم معرفته بما ينوي "حزب الله" القيام به، وأن ما لدى "المقاومة" من مفاجآت قد يجعل الإسرائيليين يعيشون على أعصابهم إلى حين يأتيهم الرد من حيث يحتسبون أو لا يحتسبون، خصوصًا أن ما أقدموا عليه مؤخرًا قد أفسح في المجال أمام "الحزب" ليذهب إلى أبعد الحدود في الإمكانات المتاحة له في عمليات الرد، التي يُعتقد أنها ستكون غير تقليدية وغير مقيدة لا بالزمان ولا بالمكان، على قاعدة "العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم".
أمّا الذين قرأوا الخطاب من وجهة نظر مختلفة ومغايرة عن نظرة المؤيدين فرأوا فيه إقرارًا بواقع فرضته الأحداث والتطورات الأخيرة، وهو ينطلق من فرضية تفوّق إسرائيل في الوسائل التكنولوجية، التي تسخّرها لأغراض عسكرية ومخابراتية، الأمر الذي يوحي بأن الحرب الوشيكة لن تكون تقليدية كالحرب التي شنتها ضد لبنان في العام 2006، حيث تكبدّت خسائر فادحة عندما توغلت برًّا في اتجاه الأراضي اللبنانية،  خصوصًا أن تل أبيب تأخذ في الاعتبار الإمكانات العسكرية الضخمة، التي يمتلكها "حزب الله"، وبالأخص الأسلحة المضادة للدروع، والتي أثبتت فعاليتها في حرب تموز.
وفي اعتقاد هذه الفئة من المعلقين والمحللين أن كلًا من إسرائيل و"حزب الله" يخفيان ما لديهما من خطط مواجهة، وينتظران بعضهما البعض على "كوع المفاجآت"، التي ستشكّل نقطة تحّول في مسار الحرب الوشيكة، والتي يرون أنها واقعة لا محال بعدما بلغت الأمور حدًّا لم يعد أحد من طرفي الصراع قادرًا على التراجع قيد أنملة، إذ أن أي خطوة ناقصة من كلا الطرفين قد تكون مكلفة جدًّا، وأي خطوة من الآن وصاعدًا ستكون مشبعة درسًا ومحسوبة النتائج، خصوصًا بالنسبة إلى "حزب الله"، الذي بدأ ينتابه هاجس التفوق التكنولوجي، مع تراجع ملحوظ في وسائط تواصله الداخلي، مع ما لعنصر سرية الاتصالات من أهمية في إدارة المعارك أو التحضير لها.
من هنا يسود اعتقاد، وإن غير مؤكد، لدى القيادة العسكرية ل"حزب الله"، بأن إسرائيل ستحاول الاستفادة بقدر ما تستطيع إلى ذلك سبيلًا من ثغرة التواصل الدقيق بين العناصر المقاتلة وقيادة العمليات المركزية، إلا ان ما لدى "الحزب" من خبرة واسعة في مجال الاتصالات الأرضية التقليدية ستتيح له الانتقال سريعًا إلى خطط بديلة أمنة أكثر من أي وسيلة أخرى، وهي محصّنة بسرية تامة وغير قابلة للاختراق تحت أي ظرف من الظروف.  
ويبقى أن إسرائيل، على ما يبدو، ماضية في مخططها الهادف إلى جر "حزب الله" إلى حرب مواجهة، وما استهدافها القيادي إبراهيم عقيل، ومعه نخبة من مسؤولي كتيبة "الرضوان" سوى امعان في استفزاز "الحزب"، الذي لا يزال حتى هذه اللحظة متمالكًا على رغم كل ما يتعرّض له من ضغوط داخلية وخارجية. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • إسرائيل قتلت اللبنانيين.. كلام بارز من الراعي
  • عبدالله آل حامد: الإماراتي يتحدث من خلال الفعل وليس القول فقط
  • دعاء لحفظ اللسان من اللعن
  • كلام نصرالله يُقرأ من أكثر من زاوية
  • مُحب الظهور
  • ماذا يكشف لون لسانك عن صحتك؟
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. الإنسانية رحم نحن نصلها وهم يقطعونها
  • ماذا يعني تغيّر لون اللسان؟
  • مفتي عُمان يشعل تفاعلا بتدوينة يفخر بها بقدرات اليمن العسكرية والتخطيط السليم
  • إذاعة القرآن مصحوبة بالأغاني يثير الجدل.. وأمين الفتوى: كَبيرة تخالف قدسية كلام الله