عين ليبيا:
2025-05-18@04:14:16 GMT

المتسلقون بين البحث عن دور وبناء الدولة

تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT

شهدت ليبيا في الأسابيع الماضية تصريحات متفرقة لبعض المجموعات، مزجت بشكل متعمد بين دور اللجنة الرفيعة المستوى التي من المفترض أن تُشكل في إطار عملية سياسية جديدة، وبين مهام مؤتمر الحوار الوطني. هذا الخلط ليس مجرد سوء فهم، بل هو جزء من محاولة لإرباك المشهد السياسي وتقديم تصورات مشوهة لعملية الإصلاح المطلوبة في البلاد بهدف تحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة الوطنية.

إن اللجنة الرفيعة المستوى، التي يُنتظر أن تخرج من عملية سياسية تهدف لتشكيل حكومة موحدة كحكومة تصريف أعمال، لها مهام محددة وواضحة، تتمثل في ضمان استقرار مؤقت وإدارة البلاد إلى حين الوصول إلى صياغة دستور دائم، وهيكلة مؤسسات الدولة بشكل يعيد توازنها ويحد من التداخل في الصلاحيات والمهام. وفي المقابل، فإن مؤتمر الحوار الوطني يُفترض أن يكون منصة جامعة لكافة الأطياف السياسية والاجتماعية، للاتفاق على إطار عمل دائم لبناء دولة ليبية حديثة.

ورغم أهمية مثل هذه العمليات السياسية، إلا أن المبادرات التي تطرح لحل الأزمة، مثل “مبادرة خارطة الطريق متعددة المسارات”، تحمل في طياتها بعض التحديات والعيوب التي يجب النظر إليها بجدية. فهذه المبادرة، على الرغم من شموليتها، تعتمد بشكل كبير على الدعم الدولي والإشراف الخارجي، وهو ما قد يثير مخاوف لدى بعض الأطراف حول سيادة الدولة واستقلال قرارها السياسي. كما أن هناك تساؤلات حول إمكانية تحقيق التوافق بين جميع الأطراف في ظل استمرار الانقسام والصراعات، وهو ما يجعل من تنفيذ هذه المبادرة أمراً صعباً على أرض الواقع علاوة على ذلك، فإن المبادرة لا تقدم خطوات تفصيلية كافية حول كيفية توحيد القوات العسكرية والأمنية، مما يضعف احتمالية نجاح هذا الجانب الهام في تحقيق الاستقرار. وأخيراً، الجدول الزمني الطموح للمبادرة قد يتعرض لعراقيل كثيرة في ظل غياب آليات تنفيذية واضحة وقدرة سياسية على تجاوز العقبات.

ومع ذلك، شهدنا محاولات لتقزيم دور الأحزاب السياسية، على الرغم من أنها العمود الفقري لأي ديمقراطية حقيقية. فالأحزاب ليست رفاهية سياسية، بل هي مؤسسات تمثل إرادة الناس وتعبر عن تطلعاتهم وتسهم في رسم سياسات الدولة وصناعة القرار. من دون وجود أحزاب قوية وفاعلة، تصبح الديمقراطية مجرد شعارات فارغة، ويتم اختزالها في أشخاص يبحثون عن مناصب، أو مصالح فئوية وجهوية ضيقة.

إذن، يبقى السؤال: هل لدينا في ليبيا أحزاب حقيقية تعبر عن إرادة الناس، أم مجرد مجموعات من الأفراد الذين يبحثون عن السلطة والمنافع الشخصية؟

هذه التساؤلات تكشف عن أزمة أعمق، تتعلق بمحاولات بعض الأفراد التسلّق إلى المشهد السياسي مجدداً تحت غطاء قبلي أو جهوي أو مصلحي. هؤلاء الأفراد لا ينظرون إلى ليبيا كدولة وطنية تستحق التضحية والعمل الجاد، بل كوسيلة لتحقيق طموحاتهم ومصالحهم الضيقة. هذا التوجه لا يخدم مصلحة ليبيا ولا شعبها، بل يعيد إنتاج الفوضى والانقسامات، ويعزز من حالة التوتر السياسي والاجتماعي.

إن بناء ليبيا المستقبل يجب أن يكون عملاً جماعياً، يعتمد على رؤية شاملة تشارك فيها كافة الأطياف السياسية والمجتمعية. وهذا يتطلب إيماناً راسخاً بالدور المحوري للأحزاب كأداة للإصلاح والديمقراطية، والتخلص من المحاصصة القبلية أو الجهوية التي تعيق مسيرة البناء والتنمية. وفي نفس السياق، يجب أن تركز المبادرات السياسية على توفير تفاصيل واضحة لخططها التنفيذية والحد من الاعتماد على الدعم الخارجي دون وضع آليات لتعزيز المشاركة المحلية.

ختاماً، لا يمكن السماح للمشهد السياسي بأن يُختطف مجدداً من قِبَل أفراد أو مجموعات تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية أو الفئوية. يجب على كل الليبيين التكاتف للوقوف ضد هذه المحاولات، وإعلاء مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات. إن الديمقراطية الحقيقية تقوم على الأحزاب الفاعلة والمؤسسات القوية والدستور المتوافق عليه، لا على نزوات الأفراد وأهواء الجماعات. كما أن نجاح أي مبادرة سياسية يعتمد بشكل أساسي على توافق وطني يعيد بناء الثقة بين مختلف مكونات المجتمع، ويضع حداً للتدخلات الخارجية التي تهدد استقلالية القرار الوطني.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

المجلس الرئاسي أعلى سلطة تنفيذية في ليبيا

هيئة سياسية عليا مكلّفة بإدارة شؤون الدولة في ليبيا، استنادا إلى الاتفاق السياسي الموقع في العاصمة طرابلس في ديسمبر/كانون الأول 2015. إذ يُشرف المجلس على الحكومة المؤقتة، ويضطلع بدور السلطة التنفيذية العليا في الدولة. ويتولى مسؤولية إدارة الملفات الداخلية والعلاقات الخارجية للبلاد، بما يعزز من جهود تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام السياسي القائم، وتُتخذ قراراته بالإجماع.

مقدمات ودواعي التأسيس

شهدت ليبيا سلسلة من التغيرات السياسية أفضت إلى تشكيل حكومات عقب سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، بدءا من حكومة محمود جبريل، التي تشكلت في 23 مارس/آذار 2011، وتلتها حكومة علي الترهوني في أكتوبر/تشرين الأول 2011، ثم عبد الرحيم الكيب الذي تولى رئاسة حكومة انتقالية من نوفمبر/تشرين الثاني 2011 حتى أغسطس/آب 2012، وشهدت ولايته تأسيس برلمان انتقالي وهو المؤتمر الوطني العام.

وفي أغسطس/آب 2012، تسلم المؤتمر الوطني السلطة، وكلف مصطفى أبو شاقور بتشكيل حكومة لكنه فشل، فوقع الاختيار على علي زيدان الذي شكّل حكومة وفاق استمرت حتى مارس/آذار 2014.

وبعد سقوط زيدان، تولى عبد الله الثني مهمة تسيير الأعمال، ثم انتُخب أحمد معيتيق لكنه استقال في يونيو/حزيران 2014.

وعقب انتخابات مجلس النواب في أغسطس/آب 2014، وقرار المحكمة الدستورية ببطلانه، انقسمت البلاد سياسيا بين مجلس منتخب ومؤتمر منتهية ولايته.

في المقابل، كلف المؤتمر عمر الحاسي بتشكيل حكومة في طرابلس، ثم خليفة الغويل، وهما حكومتان لم تحظيا باعتراف دولي.

أما عبد الله الثني، فقد أعاد مجلس النواب تكليفه برئاسة الحكومة الشرعية، التي اتخذت من طبرق مقرا لها.

إعلان

وفي إطار تسوية برعاية الأمم المتحدة، تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني والمجلس الرئاسي برئاسة فايز السراج في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2015.

النشأة والتأسيس

تأسس المجلس الرئاسي الليبي استنادا إلى الاتفاق السياسي الليبي الذي تم توقيعه برعاية الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2015، بهدف إعادة توحيد مؤسسات الدولة وإنهاء الانقسام المؤسسي. ويتخذ المجلس من العاصمة طرابلس مقرا رسميا له منذ 30 مارس/آذار 2016.

بموجب هذا الاتفاق، أُوكل إلى المجلس مهمة الإشراف على حكومة الوفاق الوطني، والتي تُعد الذراع التنفيذية له، في إطار السلطة المعترف بها دوليا في المرحلة الانتقالية، ويضطلع المجلس بمهام إدارة الشؤون الداخلية والخارجية للدولة.

ويتكون المجلس من 3 أعضاء يمثلون الأقاليم الليبية الثلاثة، وهي: طرابلس (المنطقة الغربية)، برقة (المنطقة الشرقية)، وفزان (المنطقة الجنوبية).

رئيس المجلس الرئاسي

يُناط برئيس المجلس الإشراف العام على أعمال المجلس وترؤس الاجتماعات، إضافة إلى توقيع القرارات الصادرة عنه. ويُمثل الدولة الليبية بروتوكوليا في علاقاتها الخارجية، ويضطلع بمهام التمثيل الرسمي في المناسبات والمحافل الدولية.

ويعد فايز السراج، أول من ترأس المجلس في الفترة بين 12 مارس/آذار 2016 والخامس من فبراير/شباط 2021، وهو عضو سابق في مجلس النواب بطبرق، وكان ممثلا عن إحدى دوائر مدينة طرابلس.

المهام والتخصصات

يتولى المجلس الرئاسي مجموعة من المهام السيادية والتنفيذية التي تنظمها التشريعات الليبية النافذة والاتفاق السياسي الليبي، وتشمل:

يؤدي المجلس الرئاسي مهام القائد الأعلى للجيش الليبي، بما في ذلك التعيين في المستويات القيادية داخل المؤسسة العسكرية، بما يتماشى مع القوانين المعمول بها. كما يختص بإعلان حالة الطوارئ، واتخاذ قرارات الحرب والسلم، وذلك بعد الحصول على موافقة مجلس النواب.

إعلان

وفي المجال الدبلوماسي، يُعنى المجلس باعتماد ممثلي الدول والهيئات الأجنبية لدى الدولة الليبية، إضافة إلى تعيين وإعفاء سفراء ليبيا وممثليها في المنظمات الدولية، بناء على اقتراح من رئيس الحكومة، ووفقا لما نص عليه الاتفاق السياسي والتشريعات الليبية. كما يُصادق المجلس على البعثات الدبلوماسية الجديدة.

وعند تشكيل الحكومة، يتولى المجلس الرئاسي بالتشاور مع وزيري الدفاع والخارجية، إحالة التشكيلة الوزارية إلى مجلس النواب لاعتمادها.

ومن مهامه أيضا، إطلاق مسار المصالحة الوطنية وتشكيل مفوضية وطنية عليا.

ويمتلك المجلس الرئاسي صلاحية حصرية في تعيين أو إقالة شاغلي المناصب السيادية الحساسة، بما في ذلك رئيس جهاز المخابرات العامة ورئيس وأعضاء المفوضية الوطنية العليا، وكذلك رؤساء الأجهزة التابعة لرئاسة الدولة.

مقالات مشابهة

  • حسام البدري يكشف كواليس عودته من ليبيا بسبب التوترات السياسية
  • أبو الغيط: العراق هو الدولة الأولى التي تترأس القمتين السياسية والاقتصادية
  • منصور بن زايد يشارك في القمة العربية التي بدأت أعمالها في بغداد
  • الرئيس السيسي: مصر مستمرة في جهودها الحثيثة للتوصل إلى مصالحة سياسية شاملة في ليبيا
  • الغويل: ليبيا أكبر من الكرسي   
  • أستاذة علوم سياسية: السعودية تربط التطبيع مع إسرائيل بإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة
  • المجلس الرئاسي أعلى سلطة تنفيذية في ليبيا
  • «تنسيقية الأحزاب السياسية» تحمل الجهات المدنية والعسكرية مسؤولية تدهور الأوضاع في طرابلس
  • مندوب بريطانيا: العنف في طرابلس يؤكد حاجة ليبيا لعملية سياسية توفر الاستقرار 
  • عاجل. وزارة الخزانة الأمريكية: عقوبات على عدد من الأفراد المرتبطين بحزب الله في لبنان