عين ليبيا:
2025-12-13@16:51:29 GMT

المتسلقون بين البحث عن دور وبناء الدولة

تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT

شهدت ليبيا في الأسابيع الماضية تصريحات متفرقة لبعض المجموعات، مزجت بشكل متعمد بين دور اللجنة الرفيعة المستوى التي من المفترض أن تُشكل في إطار عملية سياسية جديدة، وبين مهام مؤتمر الحوار الوطني. هذا الخلط ليس مجرد سوء فهم، بل هو جزء من محاولة لإرباك المشهد السياسي وتقديم تصورات مشوهة لعملية الإصلاح المطلوبة في البلاد بهدف تحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة الوطنية.

إن اللجنة الرفيعة المستوى، التي يُنتظر أن تخرج من عملية سياسية تهدف لتشكيل حكومة موحدة كحكومة تصريف أعمال، لها مهام محددة وواضحة، تتمثل في ضمان استقرار مؤقت وإدارة البلاد إلى حين الوصول إلى صياغة دستور دائم، وهيكلة مؤسسات الدولة بشكل يعيد توازنها ويحد من التداخل في الصلاحيات والمهام. وفي المقابل، فإن مؤتمر الحوار الوطني يُفترض أن يكون منصة جامعة لكافة الأطياف السياسية والاجتماعية، للاتفاق على إطار عمل دائم لبناء دولة ليبية حديثة.

ورغم أهمية مثل هذه العمليات السياسية، إلا أن المبادرات التي تطرح لحل الأزمة، مثل “مبادرة خارطة الطريق متعددة المسارات”، تحمل في طياتها بعض التحديات والعيوب التي يجب النظر إليها بجدية. فهذه المبادرة، على الرغم من شموليتها، تعتمد بشكل كبير على الدعم الدولي والإشراف الخارجي، وهو ما قد يثير مخاوف لدى بعض الأطراف حول سيادة الدولة واستقلال قرارها السياسي. كما أن هناك تساؤلات حول إمكانية تحقيق التوافق بين جميع الأطراف في ظل استمرار الانقسام والصراعات، وهو ما يجعل من تنفيذ هذه المبادرة أمراً صعباً على أرض الواقع علاوة على ذلك، فإن المبادرة لا تقدم خطوات تفصيلية كافية حول كيفية توحيد القوات العسكرية والأمنية، مما يضعف احتمالية نجاح هذا الجانب الهام في تحقيق الاستقرار. وأخيراً، الجدول الزمني الطموح للمبادرة قد يتعرض لعراقيل كثيرة في ظل غياب آليات تنفيذية واضحة وقدرة سياسية على تجاوز العقبات.

ومع ذلك، شهدنا محاولات لتقزيم دور الأحزاب السياسية، على الرغم من أنها العمود الفقري لأي ديمقراطية حقيقية. فالأحزاب ليست رفاهية سياسية، بل هي مؤسسات تمثل إرادة الناس وتعبر عن تطلعاتهم وتسهم في رسم سياسات الدولة وصناعة القرار. من دون وجود أحزاب قوية وفاعلة، تصبح الديمقراطية مجرد شعارات فارغة، ويتم اختزالها في أشخاص يبحثون عن مناصب، أو مصالح فئوية وجهوية ضيقة.

إذن، يبقى السؤال: هل لدينا في ليبيا أحزاب حقيقية تعبر عن إرادة الناس، أم مجرد مجموعات من الأفراد الذين يبحثون عن السلطة والمنافع الشخصية؟

هذه التساؤلات تكشف عن أزمة أعمق، تتعلق بمحاولات بعض الأفراد التسلّق إلى المشهد السياسي مجدداً تحت غطاء قبلي أو جهوي أو مصلحي. هؤلاء الأفراد لا ينظرون إلى ليبيا كدولة وطنية تستحق التضحية والعمل الجاد، بل كوسيلة لتحقيق طموحاتهم ومصالحهم الضيقة. هذا التوجه لا يخدم مصلحة ليبيا ولا شعبها، بل يعيد إنتاج الفوضى والانقسامات، ويعزز من حالة التوتر السياسي والاجتماعي.

إن بناء ليبيا المستقبل يجب أن يكون عملاً جماعياً، يعتمد على رؤية شاملة تشارك فيها كافة الأطياف السياسية والمجتمعية. وهذا يتطلب إيماناً راسخاً بالدور المحوري للأحزاب كأداة للإصلاح والديمقراطية، والتخلص من المحاصصة القبلية أو الجهوية التي تعيق مسيرة البناء والتنمية. وفي نفس السياق، يجب أن تركز المبادرات السياسية على توفير تفاصيل واضحة لخططها التنفيذية والحد من الاعتماد على الدعم الخارجي دون وضع آليات لتعزيز المشاركة المحلية.

ختاماً، لا يمكن السماح للمشهد السياسي بأن يُختطف مجدداً من قِبَل أفراد أو مجموعات تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية أو الفئوية. يجب على كل الليبيين التكاتف للوقوف ضد هذه المحاولات، وإعلاء مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات. إن الديمقراطية الحقيقية تقوم على الأحزاب الفاعلة والمؤسسات القوية والدستور المتوافق عليه، لا على نزوات الأفراد وأهواء الجماعات. كما أن نجاح أي مبادرة سياسية يعتمد بشكل أساسي على توافق وطني يعيد بناء الثقة بين مختلف مكونات المجتمع، ويضع حداً للتدخلات الخارجية التي تهدد استقلالية القرار الوطني.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة


كشف الدكتور محمد العزبي، خبير العلاقات الدولية، تفاصيل جديدة حول ما وصفه بـ"الصفقة الجارية لإعادة الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى المشهد"، مؤكدًا أن جزءًا من بنودها يتضمن تسليم الأسد لدولة أخرى لإجراء محاكمة شكلية تمهيدًا لتبرئته من تهم جرائم الحرب.

 

 

 

تسريبات واعترافات صادمة بين بشار الأسد ولونا الشبل تعيد شبح مذيعة الجزيرة بعد وفاتها (تفاصيل) سوريا تحتفل بالذكرى الأولى لسقوط بشار الأسد


وأشار العزبي خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، إلى أن هذا الطرح "غير مسبوق وخطير للغاية"، متسائلًا: "وفق أي قانون سيتم محاكمته؟ السوري أم الدولي؟ وكيف يتم إعداد سيناريو يعيد شخصًا متهمًا بقتل شعبه إلى واجهة المشهد؟".
وأوضح أن هذه البنود كانت محل رفض وسخرية في البداية، حيث اتُهم هو وآخرون بـ"الجنون وترويج الأوهام"، قبل أن تظهر تقارير دولية – بينها تقرير لوكالة رويترز وأخرى لهيئة الإذاعة البريطانية BBC – تؤكد صحة ما نشره، وتكشف عن تحركات فعلية تمهّد لهذه الصفقة.

وأكد العزبي أن ما تم نشره في الإعلام الدولي يتوافق مع ما تم كشفه مسبقًا عبر البرنامج، مشيرًا إلى أن هذه التسريبات أحدثت حالة هلع داخل صفوف هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، ما أدى إلى حملة اعتقالات واسعة في مناطق نفوذ التنظيم.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورًا غير متوقع، يتمثل في فتح عدد من السجون في حمص وحلب وإطلاق سراح مجموعات معينة، ضمن سيناريو يعزّز مخطط تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة.


وكشف العزبي أن الجولاني وافق ضمن الصفقة على التخلي عن المناطق الغنية بالنفط والغاز لصالح إسرائيل، مستشهدًا بتقرير بثته القناة الإسرائيلية 12، ظهر خلاله مسؤولون إسرائيليون يتحدثون صراحة عن "ضرورة بقاء مناطق معينة تحت السيطرة الإسرائيلية".


وأشار إلى أن الجولاني لم يصدر أي تصريح يعترض فيه على هذه التصريحات، رغم ظهوره مؤخرًا في مقاطع وصفت بأنها "استعراضية وغير واقعية".


وأكد العزبي أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تقف ضد سيناريو التقسيم، وقد نجحت بالفعل في تمرير قرار أممي يمنع تفكيك الدولة السورية ويطالب بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي التي يسيطر عليها.


وفي ختام حديثه، انتقد العزبي الأبواق الإعلامية التابعة للإخوان وتنظيم داعش، معتبرًا هجومهم الحاد على مصر وعلى كل من يكشف الحقائق "محاولة بائسة للتغطية على حجم الترتيبات التي تجري في الخفاء".
 

مقالات مشابهة

  • كرامي من جامعة المدينة في اليوم العالمي لحقوق الإنسان: حمايتها أساس الاستقرار وبناء الدولة
  • زيدان: اختيار الرئاسات الثلاثة بيد القوى السياسية العراقية
  • تقرير للبنك الأفريقي للتنمية: ليبيا على أعتاب تعافٍ اقتصادي مشروط بالإصلاح والاستقرار السياسي
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • برلمانية: دعم البحث العلمي والابتكار أساس لتحقيق التنمية المستدامة وبناء اقتصاد المعرفة في مصر
  • البعثة الأممية والسفارة الأمريكية تبحثان تقدم خارطة الطريق السياسية في ليبيا
  • قادربوه: قلقون بشأن موقع ليبيا ضمن مؤشرات الفساد الدولية
  • مدبولي: نؤمن بأن مستقبل الأمم يُبنى بالعلم والمعرفة
  • الأمم المتحدة.. حقوق الإنسان أساس خارطة الطريق السياسية في ليبيا
  • «السيسى» وبناء الدولة