لا تزال سوريا تمثل أحد أصعب التحديات في منطقة لا تخلو من التعقيدات، وهو ما يتجلى في تباطؤ جهود التطبيع العربي مع دمشق، عبر استراتيجية خطوة بخطوة، منذ عودة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الحظيرة الإقليمية في قمة جامعة الدول العربية بالسعودية في مايو/أيار الماضي.

ذلك ما خلص إليه المحلل ألكسندر لانجلوا، في تحليل بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest) ترجمه "الخليج الجديد".

ومشاركة الأسد في القمة العربية الأخيرة هي الأولى منذ أن جمدت الجامعة العربية في 2011 مقعد دمشق؛ ردا على قمع الأسد لاحتجاجات شعبية مناهضة له طالبت بتداول سلمي للسلطة؛ مما زج بسوريا في حرب أهلية مدمرة.

لانجلوا اعتبر أنه "ليس من المستغرب أن يحقق القادة العرب الحد الأدنى من التقدم منذ هذه اللحظة فيما يتعلق بالتنازلات من دمشق، لكنهم يواصلون التعامل مع الحكومة السورية المتعنتة باسم عملية ذوبان الجليد الإقليمية الأوسع الجارية حاليا، وكان آخرها عبر لجنة الاتصال العربية وغيرها من الجهود الثنائية".

ولفت إلى أن "الدول العربية شكلت هذه اللجنة في مايو/أيار الماضي، بعد أن اختارت البدء في إعادة العلاقات مع دمشق قبل عودتها إلى الجامعة العربية في الشهر نفسه. وهي الآلية الأساسية للتعامل العربي مع نظام الأسد، بالإضافة إلى مبادرة خطوة بخطوة الأردنية"، في إشارة إلى تنازلات متبادلة مأمولة بين دمشق والعواصم العربية.

وزاد بأنه "ضمن هذه الآلية جرت محادثات في القاهرة (يومي 15 و16 أغسطس/ آب الجاري) مع مسؤولين سوريين لمناقشة الملفات المثيرة للقلق، مثل عودة اللاجئين، و(مكافحة) تهريب (مخدر) الكبتاجون (من سوريا إلى دول إقليمية)، والعقوبات، ووحدة الأراضي السورية، واحتياجات التعافي المبكر وإعادة الإعمار".

و"اليوم الأول من اجتماع اللجنة تضمن اجتماعات ثنائية متعددة، التقى فيها المسؤولون المصريون بشكل فردي مع الوفدين السوري والسعودي. كما عقد وزيرا الخارجية الأردني والسوري اجتماعا ثنائيا، فيما ضمت محادثات اللجنة الكاملة وزراء خارجية سوريا ومصر والأردن والسعودية والعراق. ويشارك الأمين العام للجامعة العربية أيضا في اللجنة"، كما أوضح لانجلوا.

واعتبر أنه "من المثير للاهتمام أن المجموعة ناقشت أيضا اللجنة الدستورية السورية والاختفاء القسري. وعقب الاجتماع، أعلن وزير الخارجية المصري سامي شكري أن الاجتماع المقبل سيعقد في بغداد. كما يتوقع شكري أن تستأنف اللجنة الدستورية عملها في عُمان بحلول نهاية العام الجاري".

اقرأ أيضاً

نهايتان أمام الأسد.. انتفاضة درزية علوية غير مسبوقة تنتشر جنوبا

تأثير كارثي

و"تشير البيانات والتقارير الرسمية إلى أن المحادثات كانت مثمرة وودية (...) وجيران سوريا مهتمون حقا بحل الأزمة لإدراكهم أن القضايا الصادرة عن هذه الجارة (سوريا) من الممكن أن يكون لها تأثير كارثي على الأمن والرخاء الإقليميين، ولهذا، من المرجح أن تستمر اللجنة في عملها، حتى في ظل بيئة سياسية صعبة وعدم اهتمام الحكومة السورية الحالي بتقديم تنازلات"، بحسب لانجلوا.

وتابع أنه "لم يتم إحراز تقدم يذكر منذ أن قرر هؤلاء القادة إعادة التطبيع مع دمشق، ويبدو أعضاء اللجنة عالقين اليوم، وهو ما يتجسد في قرار السعودية تأجيل إعادة فتح سفارتها في دمشق".

وزاد بأن "الأردن يشهد تقدما ضئيلا في مجال (مكافحة) تهريب الكبتاجون على طول حدوده مع سوريا، كما يواجه العراق قضية تهريب متفاقمة على طول حدوده الغربية التي يسهل اختراقها مع سوريا، ويثير الجمود العام في المحادثات السورية التركية القلق بنفس القدر وذلك بسبب الوجود العسكري التركي في شمال غربي سوريا".

لانجلوا قال إن "الأسد نجح فعليا في عرقلة كل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إعادة التواصل مع حكومته حتى الآن، إذ طالب بتنازلات صارمة في مقابل الاستجابة لبنود تهم جيرانه".

اقرأ أيضاً

رغم التطبيع العربي مع الأسد.. لماذا يستمر تدهور الاقتصاد السوري؟

قرار صحيح

وعلى الرغم من تعنت الأسد، بحسب لانجلوا، إلا أن "جيران سوريا يتخذون القرار الصحيح من خلال إشراك دمشق، فليس لديهم خيار آخر كبير في هذه المرحلة؛ فسوريا ذات أهمية جغرافية بالغة بالنسبة للمنطقة بحيث لا يمكن تحويلها إلى وضع دولة مارقة على قدم المساواة مع كوريا الشمالية".

واستطرد: "كما انتهى منذ سنوات موضوع تغيير النظام (السوري)، تاركا قضايا أكثر هامشية،  ولكنها عملية، يتعين معالجتها اليوم. وحتى إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن تدرك ذلك، إذ قالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف إن الزعماء الإقليميين يجب أن "يحصلوا على شيء" (من الأسد) في المقابل".

ورجح أن "دمشق لن تقدم تنازلات سهلة، ومن المرجح أن تختار بدلا من ذلك أن تستخدم منتديات ومحادثات مختلفة مع جيرانها لتحقيق نتائج يتم التفاوض عليها بشكل أفضل (...) فيما يأمل النهج التدريجي، الذي يقوده الأردن وتم استخدامه عبر لجنة الاتصال، في إحراز تقدم".

و"إذا وصلت المحادثات في نهاية المطاف إلى مرحلة التبادلات الجادة خطوة بخطوة، فسيصبح التركيز في نهاية المطاف على كيف تمنع العقوبات الغربية أي جهود محتملة للتعافي أو إعادة الإعمار وكيف سيتم حماية السوريين"، كما أردف لانجلوا.

وتابع أن "الإدارة الأمريكية أبدت مرونة بشأن العقوبات حتى الآن، مما سمح للشركاء الإقليميين بجس مدى التقارب مع الأسد. لكن تجاوز العقوبات ينطوي على تحديات خطيرة تعتمد جزئيا على الكونجرس الأمريكي وتحديد الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024".

اقرأ أيضاً

لا تنازلات من الأسد.. هل تُضطر دول التطبيع إلى القبول برؤيته؟

المصدر | ألكسندر لانجلوا/ ناشونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: سوريا العرب الأسد تطبيع خطوة بخطوة خطوة بخطوة

إقرأ أيضاً:

أردوغان: رفع العقوبات عن سوريا خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار فيها

أنقرة-سانا

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن رفع العقوبات عن سوريا يشكل خطوة مهمة للغاية لتحقيق الاستقرار فيها.

ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن أردوغان قوله للصحفيين على متن الطائرة خلال عودته من هنغاريا: “إن رفع العقوبات يمثل خطوة بالغة الأهمية لتحقيق هدف إرساء الاستقرار في سوريا”، منوهاً في هذا الصدد بالدبلوماسية التركية البناءة التي ساعدت في الوصول إلى هذه النتائج.

وأضاف أردوغان: “نعتبر الأيام المقبلة حاسمة للغاية، ومؤسساتنا ونظيراتها تراقب عملية انضمام جميع الجماعات المسلحة إلى الجيش السوري”.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • اعتقال مقرب من رامي مخلوف متهم بتصنيع البراميل المتفجرة في سوريا
  • شركاء خطوة بخطوة.. الضرائب تسلم مجانًا أجهزة نقاط البيع POS
  • الاستعلام عن برنت التأمينات الاجتماعية أون لاين 2025.. دليل شامل خطوة بخطوة
  • أردوغان: رفع العقوبات عن سوريا خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار فيها
  • أونماخت: قرار رفع العقوبات عن سوريا خطوة حاسمة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الازدهار
  • الخارجية الفرنسية: المبادرة العربية لإعادة إعمار غزة خطوة إيجابية
  • بعد 43 سنة بسجون الأسد.. الطيار السوري الططري يتنفس هواء الحرية بدمشق
  • فرنسا تؤكد دعمها للقرار التاريخي برفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية عن سوريا
  • سوريا ما بعد الأسد.. صراعات الجيران وانقسامات المجتمع مع انهيار دولة المخابرات
  • سوريا.. الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات ومصير تلك المفروضة على نظام الأسد