من العمل الإنساني إلى الصراع السياسي.. الأمم المتحدة يغيّرون قواعد اللعبة مع الحوثي
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
أعلنت الأمم المتحدة، أنها بصدد إعادة تقييم أسلوب عملها في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، بعد سلسلة من الانتهاكات التي طالت مقراتها وموظفيها خلال السنوات الأخيرة، والتي جعلت من الصعب تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين في اليمن.
وقالت الأمم المتحدة في بيانٍ رسمي، إن الميليشيا الحوثية اختطفت اثنين من موظفيها في اليمن يوم الخميس الماضي، ليرتفع بذلك عدد موظفي المنظمة المحتجزين لدى الحوثيين منذ عام 2021 إلى 55 شخصًا.
وأوضح فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في إفادةٍ صحفية، أن حوادث الاعتقال والاحتجاز التعسفي لموظفي المنظمة الأممية "تضاعفت بشكل مقلق"، مؤكداً أن هذه الممارسات تعرقل بشدة قدرة الأمم المتحدة ووكالاتها على الوصول الإنساني إلى ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الحوثيين اتخذوا، منذ عام 2021، سلسلة من الإجراءات العدائية ضد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن، شملت اقتحام واحتلال عدد من المقرات التابعة لها، والاستيلاء على أصولها وممتلكاتها، إضافة إلى حملات اختطاف ممنهجة استهدفت موظفين محليين ودوليين.
وتأتي هذه التطورات في وقتٍ تشهد فيه مناطق سيطرة الحوثيين تدهورًا متزايدًا في البيئة الإنسانية، حيث تتعرض وكالات الإغاثة الدولية لضغوطٍ متصاعدة، تشمل فرض قيودٍ على تحركاتها، ومراقبة أنشطتها، وتقييد منح تصاريح السفر والتنفيذ الميداني للمشاريع الإنسانية.
وأكدت مصادر دبلوماسية في صنعاء أن الميليشيا تستخدم ملف المنظمات الدولية كورقة ضغط سياسية لابتزاز المجتمع الدولي، في محاولة لانتزاع اعترافٍ سياسي غير مباشر بسلطتها، عبر فرض شروطها على آلية العمل الإنساني، والتحكم في مسار المساعدات.
وفي خطوةٍ وُصفت بأنها محاولة لتصعيد الجهود الدبلوماسية، أعلنت الأمم المتحدة تعيين الدبلوماسي الفلسطيني معين شريم، النائب السابق للمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، لقيادة وتعزيز الجهود الرامية إلى تأمين إطلاق سراح الموظفين المختطفين ومنع أي اعتقالات مستقبلية.
ويرى مراقبون أن تكليف شريم بهذه المهمة يعكس جدية الأمم المتحدة في معالجة الأزمة المتفاقمة مع الحوثيين، خاصة في ظل الانتقادات الدولية التي تواجهها المنظمة بشأن "تساهلها" مع الميليشيا واستمرارها بالعمل في بيئةٍ توصف بأنها "الأسوأ عالميًا من حيث الأمان الإنساني".
وحذّرت منظمات إنسانية من أن استمرار تصاعد الانتهاكات الحوثية قد يدفع الأمم المتحدة إلى تقليص عملياتها في مناطق سيطرة الميليشيا، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الأممية في الغذاء والدواء والمأوى.
ويرى محللون أن موقف الأمم المتحدة الحالي يعكس تحولًا في نهج المنظمة، من سياسة "الانخراط الصامت" مع الحوثيين إلى نهجٍ أكثر حزمًا، بعد أن بلغت الانتهاكات مستويات غير مسبوقة تمس كرامة وحرية العاملين في المجال الإنساني.
وتصاعدت المخاوف من أن تكون استراتيجية الحوثيين في احتجاز موظفي الأمم المتحدة جزءًا من سياسةٍ أوسع تهدف إلى فرض السيطرة الكاملة على العمل الإنساني في اليمن، وتحويله إلى أداة نفوذ سياسي ومالي. وفي المقابل، تواجه الأمم المتحدة اختبارًا صعبًا بين التمسك بوجودها الميداني لمواصلة تقديم المساعدات، وبين الحفاظ على أمن موظفيها واستقلالية عملها الإنساني.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الأمم المتحدة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
دولة قطر تؤكد التزامها الراسخ بميثاق الأمم المتحدة
جددت دولة قطر التزامها الراسخ بميثاق الأمم المتحدة، مؤكدة استمرارها دعم المنظمة الدولية وتعزيز شراكاتها معها، ومساندتها لجهود الإصلاح الرامية إلى تعزيز فعاليتها واستجابتها للتحديات العالمية.
جاء ذلك في بيان دولة قطر الذي ألقته سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، أمام جلسة المناقشة المفتوحة لمجلس الأمن حول "منظمة الأمم المتحدة: تأملات في المستقبل"، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
وأشارت سعادتها إلى أن الأمم المتحدة على مدى الثمانين عاما الماضية، شكلت منبرا عالميا لا غنى عنه في تعزيز التعددية وتحقيق مقاصد الميثاق، وحققت نجاحات ملحوظة في منع العديد من النزاعات واحتوائها في مختلف أنحاء العالم، ما يعكس الدور الحاسم للمنظمة في صون السلم والأمن الدوليين.
وأكدت سعادتها أن دولة قطر ظلت شريكا استراتيجيا ملتزما بميثاق وأهداف الأمم المتحدة، منوهة بدورها الريادي في جهود الوساطة وحل النزاعات بالطرق السلمية وخفض التصعيد في مناطق متعددة حول العالم.
وأوضحت سعادتها أن من أبرز جهود دولة قطر الأخيرة نجاح وساطتها بالتعاون مع جمهورية مصر العربية الشقيقة، والجمهورية التركية الشقيقة، والولايات المتحدة الأمريكية، في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة، الموقع في الثالث عشر من الشهر الجاري، وجاء ثمرة لجهود دؤوبة على مدى عامين بهدف وضع حد لنزيف الدماء، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن.
وأضافت سعادتها أن دولة قطر تواصل جهودها في مجال الوساطة وخفض التصعيد، مشيرة إلى استضافتها خلال الشهر الجاري وفدين من حكومة جمهورية باكستان الإسلامية وحكومة تصريف الأعمال الأفغانية، في إطار جهودها لتيسير الحوار وتعزيز الاستقرار بين البلدين، بالتعاون مع الجمهورية التركية الشقيقة.
ولفتت سعادتها إلى أن جهود دولة قطر امتدت إلى القارة الأفريقية، حيث استضافت في مارس الماضي حوارا بين جمهورية رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، مشيرة إلى أن هذه الجهود تُوّجت بتوقيع آلية للإشراف والتحقق من وقف إطلاق النار في الكونغو الديمقراطية في الرابع عشر من أكتوبر الجاري، وفقا لـ "إعلان مبادئ الدوحة" الموقع في يوليو 2025، معربة عن الشكر للولايات المتحدة على شراكتها المثمرة في هذا الإطار.
وأوضحت سعادتها أن دولة قطر تؤكد أهمية إجراء مراجعة شاملة لمنظومة الأمم المتحدة تركز على تحديث أساليب العمل، وتفعيل تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة بما يضمن المساءلة وعدم الانتقائية.
وأشارت سعادتها إلى ضرورة اتخاذ تدابير ملموسة لمعالجة أزمة الثقة من خلال إحياء روح الحوار، وتعزيز التعاون والوحدة داخل المنظمة، مع ضمان التعددية والشمول في إدارة الشأن الدولي وإتاحة دور أكبر للدول النامية والصغيرة في صنع القرار.
ونوهت سعادتها إلى أهمية تسريع جهود إصلاح منظومة الأمم المتحدة ودعم تنفيذ مبادرة "الأمم المتحدة 80 UN" بمساراتها الثلاثة، مشيدة بالمقترحات الواردة في تقرير الأمين العام بعنوان "إحداث تحولات جذرية: متحدون من أجل تحقيق المنجزات".
ولفتت سعادتها إلى أهمية الخطة الجديدة للسلام، التي تركز على الاستثمار في الوقاية، ومعالجة جذور النزاع، وبناء السلام المستدام، وتعزيز الوساطة، مؤكدة أن نجاح هذه الرؤية يتطلب هياكل فعالة وإرادة قوية لتعزيز التنسيق داخل المنظمة.