«واشنطن بوست»: الحرب في السودان تتصاعد وسط تجاهل أميركي
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
أشارت الصحيفة إلى صور الأقمار الصناعية، وقالت إنها أظهرت تجمعات لجثث مكدسة فوق بقع دماء ضخمة يمكن رؤيتها من الفضاء، ونقلت عن شهود عيان فروا من المدينة أن المسلحين كانوا يقتحمون البيوت ويطلقون النار على السكان، بمن فيهم النساء والأطفال
التغيير: وكالات
أولت صحيفة واشنطن بوست اهتماما كبيرا لما سمته كارثة الفاشر، فتناولتها في افتتاحية تستنكر تجاهل العالم للأزمة السودانية، وفي مقال للكاتب إيشان ثارور، انتقد فيه عجز الإدارة الأميركية عن إيجاد حل بسيط لإنهاء الحرب في السودان.
وذكرت الصحيفة، أن العالم عرف بكارثة الفاشر منذ أكثر من عام، عندما أصبحت آخر معاقل القوات المسلحة السودانية في إقليم دارفور الغربي، ولكن لم يتحرك أحد لمعاناة الشعب السوداني، الذي لا يحظى بما يكفي من الاهتمام.
وعند سيطرة المتمردين، هذا الأسبوع، على المدينة التي لم يبق فيها سوى نحو 250 ألف مدني جائع كانوا يعيشون على الأعشاب وعلف الحيوانات -حسب الصحيفة- تعرض الآلاف لمجزرة مروعة، قتل فيها أكثر من 460 مريضا وموظفا داخل مستشفى المدينة.
ونشر مقاتلو قوات الدعم السريع مقاطع فيديو لأنفسهم وهم ينفذون إعدامات ميدانية بحق مدنيين يتوسلون من أجل حياتهم، حتى إن أحد قادة المليشيا تفاخر بأنه ربما قتل 2000 شخص، كما أشارت افتتاحية الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى صور الأقمار الصناعية، وقالت إنها أظهرت تجمعات لجثث مكدسة فوق بقع دماء ضخمة يمكن رؤيتها من الفضاء، ونقلت عن شهود عيان فروا من المدينة أن المسلحين كانوا يقتحمون البيوت ويطلقون النار على السكان، بمن فيهم النساء والأطفال.
وقالت افتتاحية الصحيفة، إن العبء الأخلاقي لهذه المأساة الإنسانية ثقيل، وإنه كان ينبغي للأميركيين أن ينتبهوا لذلك، بسبب الموقع الإستراتيجي للسودان على البحر الأحمر، وتأثيره على تدفق الطاقة والتجارة الدولية.
وفعلا استدعت إدارة ترامب ممثلين عن قوات الدعم السريع والجيش السوداني إلى واشنطن يومي الخميس والجمعة الماضيين للضغط من أجل هدنة لمدة ثلاثة أشهر، ولكن مسؤولي وزارة الخارجية قالوا إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق لأن كلا الطرفين يعتقد أنه لا يزال قادرا على الانتصار.
حرب السودان تتخذ منحى مرعبا
الكاتب إيشان ثارو
وخلصت واشنطن بوست إلى أن الإدارة الأميركية تستطيع أن تمارس مزيدا من الضغط عبر الإمارات وتركيا، وأشادت بتحرك رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور جيمس إي. ريش الذي دعا إلى تصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية أجنبية، ورأت أن هذه خطوة ستكون بداية جيدة.
ليس أولويةأما الكاتب في نفس الصحيفة إيشان ثارور، فرأى أن حرب السودان تتخذ منحى مرعبا في الوقت الذي يشيح فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوجهه عنها، رغم أنه يزعم أنه “أعظم صانع سلام في العالم”، وينسب لنفسه الفضل في حل صراعات، بعضها لا يزال مشتعلا، وبعضها لم يكن موجودا أصلا.
ورأى ثارور أن إنهاء أسوأ أزمة إنسانية في العالم لم يكن أولوية لإدارة ترامب، وبدلا من ذلك ركزت على تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي كانت تمول جزءًا كبيرا من المساعدات الإنسانية للسودانيين.
ومع ذلك نبه الكاتب إلى أنه لا يوجد حل سهل لإنهاء الحرب في السودان بسبب شبكة معقدة من اللاعبين الخارجيين، حيث ينال الفصيلان المتنازعان، وهما القوات المسلحة السودانية بقيادة اللواء عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) دعما من قوى أجنبية متشابكة، ويتمسكان بمناطق نفوذهما.
وذكر الكاتب، أن القوات السودانية تحظى بمساندة دول مثل مصر وإيران، في حين تعتمد قوات الدعم السريع على الإمارات العربية المتحدة التي زودتها بشحنات أسلحة بعد أن خسرت موقعها في العاصمة الخرطوم في مارس الماضي، رغم نفي أبو ظبي أي دور لها في دعم الحملة العسكرية.
وكذلك تلعب تركيا وروسيا، وحتى أوكرانيا أدوارا في تزويد الأطراف المتحاربة بالسلاح، في الوقت الذي تملك فيه السعودية وقطر مصالح اقتصادية وجيوسياسية عميقة في المنطقة، كما يرى الكاتب.
ومع ذلك يرى محللون كثر أن ترامب قادر على ممارسة ضغط أكبر على حلفائه الذين تجمعه بها علاقات وثيقة، ولكن الكاتب يصر على أنه ليس ثمة أمل في صفقة يقوم بها ترامب تنهي الحرب في السودان.
وخلص ثارور إلى أن مثل هذا الجهد لا يبدو واردا بالنسبة للبيت أبيض الذي يعشق الصفقات السريعة وصور التوقيع، ولذلك ستستمر مأساة متفاقمة حصدت أكثر من 150 ألف قتيل وشردت ملايين المدنيين.
المصدر: الجزيرة نت
الوسومالرئيس الأميركي دونالد ترامب حرب الجيش والدعم السريع واشنطون بوستالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الرئيس الأميركي دونالد ترامب حرب الجيش والدعم السريع قوات الدعم السریع الحرب فی السودان
إقرأ أيضاً:
يعيد شبح الحرب الباردة... واشنطن تمهّد لسباق نووى ثلاثى يهز العالم
أصدر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تعليماته إلى وزارة الدفاع الأمريكية بالبدء الفورى فى اختبارات الأسلحة النووية، فى خطوة فاجأت الأوساط الدولية وأثارت قلق العواصم الكبرى، وفى إشارة مباشرة إلى ما وصفه بـ«التجارب المتصاعدة» التى تجريها كل من روسيا والصين. الإعلان المفاجئ جاء قبل أقل من ساعة من لقائه المرتقب مع الرئيس الصينى شى جين بينج فى كوريا الجنوبية، حيث كان من المقرر أن يبحث الزعيمان سبل تهدئة الحرب التجارية الممتدة بين بلديهما.
كتب ترامب على منصته «تروث سوشيال» قائلاً إن دولاً أخرى تجرى تجارب نووية فى الوقت الذى تلتزم فيه الولايات المتحدة بالقيود، مضيفاً أنه وجه وزارة الحرب إلى التحرك الفورى لإجراء اختبارات على «قدم المساواة» مع تلك الدول. لكن هذا التصريح المقتضب حمل الكثير من الغموض حول نوعية التجارب المقصودة، وما إذا كانت واشنطن ستعود فعلاً إلى التفجيرات النووية الكاملة التى توقفت منذ أكثر من ثلاثة عقود.
كانت آخر تجربة نووية أمريكية عام 1992، ومنذ ذلك الحين اعتمدت واشنطن على التجارب المحاكاة باستخدام الحواسيب العملاقة والاختبارات دون الحرجة، وهى تجارب لا تشمل تفجيراً نووياً فعلياً. وعلى الرغم من أن الصين وروسيا لم تعلنا عن تجارب تفجيرية منذ التسعينيات، فإن موسكو كثفت فى الأشهر الأخيرة نشاطها العسكرى وأعلنت عن تجارب لأسلحة نووية جديدة، ما أعاد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة.
تصريحات ترامب جاءت بعد أيام من إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عن اختبار ناجح لصاروخ «بوريفيستنيك» المجنح النووى القادر على حمل رأس نووى والطيران لمسافات غير محدودة تقريباً. وأوضح بوتين أن هذه التجربة تمثل جزءاً من «ضمان الأمن القومى لروسيا»، فيما وصف ترامب الإعلان الروسى بأنه «غير لائق»، مؤكداً أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي. وأفاد سيرجى ريابكوف، أحد كبار مساعدى بوتين، بأن موسكو أخطرت واشنطن مسبقاً بالتجربة بموجب الاتفاقات القائمة، إلا أن التوقيت أثار الريبة فى واشنطن خاصة أنه جاء وسط توقف المحادثات بين البلدين بشأن الحرب فى أوكرانيا.
وفى سياق متصل، أعلن بوتين عن أن روسيا أجرت أيضاً اختباراً لطوربيد نووى عملاق من طراز «بوسيدون»، وهو سلاح يقول محللون إنه قادر على تدمير المناطق الساحلية بالكامل من خلال تفجير رأس نووى تحت الماء يخلق موجات مشعة عاتية يمكن أن تغمر المدن الساحلية وتلوثها لعقود. هذه التطورات دفعت واشنطن إلى إعادة تقييم سياستها النووية فى وقت تتراجع فيه الاتصالات بين القوى الكبرى وتتصاعد حدة المواجهات غير المباشرة.
أما الصين فقد ردت بحذر على تصريحات ترامب. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جيا كون إن بكين تأمل أن تحترم الولايات المتحدة معاهدة منع الانتشار النووى، وأن تتخذ خطوات من شأنها تعزيز السلام الإقليمى بدلاً من تهديده. وأضاف أن بلاده تلتزم بمسار التنمية السلمية وتتبع سياسات دفاعية لا هجومية. وأكدت الصين أنها لا ترى مبرراً لأى سباق تسلح جديد يمكن أن يقوّض استقرار المنطقة.
على متن الطائرة الرئاسية بعد لقائه شى فى سيول، تحدث ترامب إلى الصحفيين قائلاً إنه لا يسعى إلى التصعيد بل إلى «تحقيق توازن رادع»، مشيراً إلى أنه يريد «رؤية نزع السلاح النووي» فى نهاية المطاف، وأن الولايات المتحدة تتحدث مع روسيا حول هذا الملف، مضيفاً أن الصين «قد تُضاف إلى هذه المجموعة إذا قررنا فعل شيء»، من دون تقديم أى تفاصيل إضافية.
الخطوة الأمريكية أثارت جدلاً واسعاً فى الداخل، خاصة فى ولاية نيفادا حيث يقع موقع الاختبارات النووية السابق. وغردت عضوة الكونجرس عن الولاية دينا تيتوس قائلة: «بالتأكيد لا، سأقدم تشريعاً لوقف هذا الأمر». وأعرب عدد من أعضاء الكونجرس عن قلقهم من أن يؤدى استئناف التجارب إلى انهيار ما تبقى من نظام ضبط التسلح العالمي.
وبحسب بيانات الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية، تمتلك روسيا حالياً أكبر ترسانة نووية مؤكدة فى العالم تضم أكثر من 5500 رأس نووي، بينما تمتلك الولايات المتحدة نحو 5044 سلاحاً. ومع ذلك، أشار ترامب فى منشوره إلى أن واشنطن تمتلك «أكبر وأقوى ترسانة فى العالم»، وهو ادعاء وصفه خبراء الأمن النووى بأنه مضلل.
العودة المحتملة إلى الاختبارات النووية الكاملة تثير تساؤلات خطيرة حول مستقبل معاهدات الحد من الأسلحة النووية، خصوصاً بعد انسحاب الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة من اتفاقيات رئيسية مثل معاهدة الصواريخ متوسطة المدى. ويرى مراقبون أن تحركات ترامب تأتى ضمن محاولاته إعادة فرض هيمنة الردع الأمريكى فى مواجهة ما يعتبره تحدياً متنامياً من موسكو وبكين، خاصة مع تصاعد التجارب الروسية الأخيرة وتزايد نفوذ الصين فى المحيطين الهندى والهادئ.
التاريخ يعيد نفسه بصورة مختلفة هذه المرة. فبدلاً من سباق التسلح الثنائى بين واشنطن وموسكو كما كان فى القرن الماضي، يقف العالم الآن على أعتاب سباق ثلاثى الأقطاب يشمل الصين، فى وقت تتراجع فيه آليات الدبلوماسية وتتسع الفجوة بين القوى النووية الكبرى. وبينما يحذر خبراء الأمن من أن أى تجربة نووية فعلية قد تشعل أزمة عالمية جديدة، يبدو أن واشنطن وموسكو وبكين تسير على حافة هاوية تعيد إلى الذاكرة أكثر فصول الحرب الباردة توتراً.