الفئة الأولى بتتهم الثانية بأن فى سعيها مما يصب فى خانة شرعنة العسكر - أو لنقل كل من لا يعنيهم من معانى ومفردات الوطن والمواطن - وهذا ماسمى ب "الهبوط الناعم". وفرقة أخرى تتهم الأخرى بعدم مراعاة بناء الوحدة الجامعة من القواعد وليس بالشكل النخبوى الفوقى، مايطلق عليه "تجربة المجرب". وهناك فئات أخرى ترمى غيرها بعدم مايكفى فى طرحها من الإشارة للعدو تحديدا، ومايتبع من تحقيق العدالة الإنتقالية والإفلات من المعاقبة والحساب.
يرشح من تلك الإتهامات التسآؤل الهام عما إذا كان مثل هذا التراشق بين الفئات الوطنية - أكرر الوطنية - المختلفة (وهى بالضبط الفئة المعنية بهذا المقال دون غيرها) هل فى ذلك مما هو مطلوب بالفعل، أو - بعبارة أدق - عما إذا كان فى ذلك من صلاح للبلاد والعباد؟ والإجابة -دون أدنى تردد (نعم)، ونعم للتباين " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين" – هود .(188 - وهو مايقصد به بلغة اليوم - وبدون تقعر أكاديمى (الديمقراطية) ، بغرض حصحصة الأفكار للأخذ بأنفعها وأرفعها.
وبالطبع فأن للديمقراطية أصولها التى تصل بها إلى غاياتها وعلى رأسها السماح بتبني الفرد/ الجماعة مايشآؤن مع الإستعداد للدفاع عنه بأدلة منطقية مقنعة دون الوصول إلى محطة 'هذا أو الجحيم' ودون الإستهتار بما يخالفها؛ دع عنك من الوصول بها لميادين العداء، وربما الإقتتال! ومن الأمانة حتى عدم سياقة البدايات قسرا نحو طريق النهايات.هذا فى جانب مطلوبات الفعل الديمقراطى بصفة العموم. أما إذا انتقلنا بالممارسة الديمقراطية إلى واقعنا تحت إشراقات ثورة ديسمبر العظمة ومابعدها، وهى الفترة والتى برؤآها ووعى مناصريها قد قسمت العباد إلى فسطاطين رئيسيين، هم الشرفاء الذين يريدون السير بالوطن نحو مقعده المستحق والذى يرونه رأى العين بين الأمم المتقدمة وبين فسطاط التيار الذى يلهث إستماتة فى نصب عراقيل تقدم غريمه الساعى لإنجاز وتكملة السير على هدى ”حرية، سلام وعدالة. “
وبالفعل فقد وصل هؤلاء بالوطن والمواطن إلى الحال الماثل والمعلوم للكافة ما أوصل البلاد إلى حافة 'يكون هناك وطن أو لايكون'! ويبقى الترياق اللازم للخروج من هذا المستنقع القسرى هو إيجاد جسم - أكرر جسم - وجسم واحد متماسك للسيطرة على توهان الوطن ووضعه/إعادته على طريق وجوده كوطن. بمعنى آخر مفهوم الديمقراطية أعلاه يظل كما هو ؛ فقط برقم ٢ (إثنين)، لإفساح الرقم ١ (واحد) لإيجاد وطن أولا يمكن أن تطبق فيه الديمقراطية! وهذا يعنى ترتيب أولويات دون المساس بالأيدلوجيات - إلى حين- وهذا الترتيب لثبات الوطن مما هو معمول به فى بلدان ذات ديمقراطية عريقة بل ومن أساطينها، مثل ماهو معمول به فى بريطانيا اليوم، إذ هناك الملك/ة ويعنى به الرمز لتماسك ووحدة البلد، وهذا مما ليس حوله خلاف على تباين إتجاهات الأفراد والجماعات الأيدلوجية وغيرها. وينتظم تحت هذا الجسم المحافظين والعمال واليساريين وكل التقسيمات الجغرافية والإثنية بإسم ' المملكة المتحدة'.
نخلص إلى أننا بحاجة ضرورية لبقاء وطننا كأولوية ينطلق بها بعد التخلص مما يكبله من القيود آنيا، ومن بعد فهناك متسع وبيئة مواتية لتسويق كل الآراء والتفضيل يجئ عن طريق الأغلبية كما هو معلوم. ومفترض ألا تخشى الفرق إعمال الديمقراطية مادام الطرح مسنود ببراهين منطقة مقبولة للأغلبية، والأغلبية هى صاحبة القرار .
ودمتم سالمين مع تحيات أحمد عبدالله
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
دينا أبو الخير: مصطلح الزوجة الناشز يُعد من المفاهيم التي قد يُساء فهمها
قالت الدكتورة دينا أبو الخير،الداعية الإسلامية، إن مصطلح الزوجة الناشز يُعد من المفاهيم التي قد يُساء فهمها في المجتمع، مؤكدة أن النشوز ليس مجرد خلاف في الرأي أو رفض لسلوكيات الزوج، بل له معايير شرعية دقيقة لا بد من التمييز بينها.
وأوضحت أبو الخير خلال تقديم برنامجها «وللنساء نصيب» المذاع على قناة «صدى البلد»، أن كلمة النشوز وردت في القرآن الكريم في سورة النساء، الآية 34، حيث قال الله تعالى:"وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ...".
وأضافت أن النشوز لغويًا يعني العلو والاستعلاء، وشرعًا يُقصد به أن ترتفع المرأة عن طاعة زوجها الواجب لها شرعًا، مثل الامتناع عن المعاشرة، أو الخروج من البيت دون إذنه، أو عدم احترامه، أو الإضرار بالأسرة بشكل متعمد.
وأجابت على سؤال ورد من إحدى الزوجات حول اتهام زوجها لها بأنها ناشز لمجرد اعتراضها على بعض سلوكياته، مثل تدخين السجائر أمام الأبناء أو استخدامه العنف في التربية.
وأكدت أن الاختلاف في وجهات النظر، والاعتراض على أفعال غير مقبولة شرعًا أو تربويًا، لا يُعد نشوزًا، بل هو من حق المرأة المشروع في الدفاع عن استقرار أسرتها وصحة أبنائها.
وشددت على أن الزوجة التي تعترض على التدخين أمام الأبناء، أو على استخدام العنف، أو ترفض الحوار غير المحترم، لا تُعد ناشزًا، بل بالعكس، هي تؤدي دورًا تربويًا وأخلاقيًا يجب احترامه، ما دام يتم في إطار من الأدب وعدم الخروج عن حدود الشرع.