هل ستُدار غزة عالميا؟
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
آخر تحديث: 12 نونبر 2023 - 9:43 صبقلم:فاروق يوسف مؤتمرات في كل مكان من أجل غزة. كلها تبحث عن وسيلة لإقناع إسرائيل بالقبول بهدنة إنسانية مع مراعاة عدم الضغط عليها لئلا تنزعج أكثر فتزداد شراسة وعنفا. أما أوضاع أهل غزة فهي أسوأ من أن توصف. تلك الأوضاع تحرك هامشا من دوافع الدول المشاركة في تلك المؤتمرات لإنهاء الحرب ولو مؤقتا.
ما يفكر فيه الجميع أن لا تكون غزة سببا في حريق تستعر نيرانه في المنطقة ولا يمكن إطفاؤها. هناك دول وضعت جيوشها على أهبة الاستعداد لا لتعين الجيش الإسرائيلي في مأزقه وهو يواجه كتلة بشرية مضغوطة في مساحة صغيرة فحسب، بل وأيضا لحصر الحرب في أصغر مساحة ممكنة وذلك من خلال التخلص من حركة حماس التي يعتبرها الجميع مسؤولة عما جرى. ما يُنقل من الأوضاع الكارثية التي يعيشها شعب تحت القصف الكثيف هو أقل بكثير مما يقع. فحين أجلت إسرائيل زحفها البري حفاظا على أرواح جنودها فإنها لجأت إلى سياسة الأرض المحروقة التي تمهد من خلالها إلى تنظيف الأرض من المدنيين الذين صاروا دروعا بشرية مضطرين لأن غزة ضاقت بهم ولا مكان آخر يهربون إليه. وهم إذ لجأوا إلى ذلك الحل فليس بطولة منهم ولا تعبيرا عن رغبتهم في حماية مقاتلي حماس، بل لأنهم لا يملكون بديلا آمنا يكفيهم شر تلك التهلكة التي توهموا أن العالم سيسرع إلى إنقاذهم منها مثلما يفعل في كل مرة يصل الصراع فيها بين إسرائيل وحركة حماس إلى مرحلة الصدام. غير أن العالم وقد غير موقفه أدار لهم ظهره مثلما أدارت إيران ظهرها لحركة حماس وبدت غير مكترثة لما يمكن أن تنتهي إليه. كل المحاولات التي تُبذل على المستويين العربي والعالمي تسعى إلى الوصول إلى حل نهائي، لن تكون حماس جزءا منه في كل المرات السابقة التي نشبت فيها الحرب على أرض غزة كانت حماس تخرج منتصرة بالرغم من أن المشهد على الأرض كان مأساويا ناهيك عن أعداد القتلى التي لا يتم إحصاؤها تبعا لنظرية أن “أحدا لا يموت ناقص عمر”. أما انتصار حماس فإنه يستحضر معنى الانتصار على الطريقة العربية التي يمكننا التعرف عليها في انتصار العراق في حرب تحرير الكويت عام 1991 التي سُميت “أم المعارك” وحرب حزب الله عام 2006 وخرج لبنان منها مدمرا. انتصر صدام حسين على العراقيين الذين دُمرت بلادهم وانتصر حزب الله على اللبنانيين الذين شردوا من بيوتهم. أما حماس فإنها كلما تنتصر يتحول أهل غزة إلى مسألة إنسانية تجتمع من أجلها الدول المانحة وتكون عبئا على المنظمات الدولية التي تسعى إلى إنقاذ ما تبقى. إذا كان قادة حماس قد توهموا بأن هذه الحرب ستكون شبيهة بالحروب السابقة فإن استخفافهم بالفلسطينيين الذين لا يموتون ناقصي عمر قد وصل إلى ذروته. وهو ما يقف أمامه العالم حائرا ومذهولا. كل الحاضرين في المؤتمرات الدولية والعربية التي تُعقد الآن لا أحد منهم يفكر في إنقاذ حماس. حتى الأصوات المنادية بإيقاف الحرب فإنها تفعل ذلك من غير انحياز للتنظيم الديني. هناك شعب يُقتل بعد أن يتم تجويعه وتشريده من غير أن يكون طرفا في الحرب. ذلك الشعب هو ضحية السياسة الإسرائيلية القائمة على التوسع والاستيطان وعدم تطبيق القوانين الدولية. فلو كانت إسرائيل قد نفذت القوانين الدولية التي دعت إلى قيام الدولة الفلسطينية لما كانت هناك غزة التي لا يمكن تصنيفها ولما كانت هناك حركة حماس التي اختطفت غزة وأهلها منذ عام 2007. إسرائيل مسؤولة عن خلط الأوراق يوم استضعفت السلطة الفلسطينية ولم تتعامل معها باعتبارها طرفا حقيقيا في المعادلة. استخفت إسرائيل بحقوق الشعب الفلسطيني فكان عليها أن تواجه عدوا مختلفا، أدخل الدين عنصرا في الصراع. من المؤكد أن العالم يفكر في إنقاذ إسرائيل مما يمكن تسميته مجازا بـ“مستنقع غزة” وهو مستنقع دم ولو حدث ما يفكر فيه نتنياهو فإن ذلك سيكون بمثابة عار جديد سيُلحق بالضمير العالمي وهو ما يعني أن العالم يفكر في إنقاذ أهل غزة من الوحشية الإسرائيلية، لكنه سيكون منتبها لخطواته هذه المرة كما يبدو. كل المحاولات التي تُبذل على المستويين العربي والعالمي تسعى إلى الوصول إلى حل نهائي، لن تكون حماس جزءا منه. ولكن غزة وهي كتلة بشرية هائلة يجب ألا تُهمل أو تبقى في رعاية إسرائيلية وبالأخص أن السلطة الفلسطينية أبدت عدم استعدادها لإدارة وتصريف شؤون المواطنين في القطاع. فهل سيُدار القطاع عالميا؟
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: أن العالم یفکر فی التی ت
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: الحرب في غزة يجب ألا تستمر وعلى ترامب الضغط على نتنياهو
دعت مجلة "إيكونوميست"، في افتتاحية لها، إلى وقف الحرب في قطاع غزة، مشددة على أن الأمريكيين الضغط على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القبول بوقف إطلاق النار ثم الضغط على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" لنزع سلاحها.
وقالت المجلة في الافتتاحية التي نشرتها الخميس وترجمتها "عربي21"، إن المسؤولين الإسرائيليين أكدوا أن المرة هذه ستكون مختلفة، في إشارة لقرار حكومة الاحتلال في 5 أيار/مايو توسيع العدوان على قطاع غزة.
وتهدف إلى تعبئة عشرات الآلاف من جنود الاحتياط. وسوف يستعيد جيش الاحتلال جزءا من القطاع، ويقوم بهدم بعض المباني أثناء تقدمه وسيتم تهجير الفلسطينيين إلى قطعة صغيرة من الأرض في جنوب غزة. وفي موازاة ذلك، ستسمح إسرائيل بإدخال بعض المساعدات إلى القطاع الذي تفرض عليه حصارا منذ 2 من آذار/مارس حيث سيتم تخزينها في مراكز يحرسها مرتزقة أمريكيون. ومن ثم تأتي العائلات مرة كل أسبوعين لجمع الطعام وبعض الضروريات.
وتقول المجلة إن أنصار الخطة يجادلون بأنها ستكون حاسمة حيث سيتم تدمير ما تبقى من حماس وحرمانها من المساحة لإعادة تجميع صفوفها أو قمع سكان غزة ومنع الغذاء عنها بحيث لا تكون قادرة على إطعام مقاتليها.
وتعلق المجلة أن نتنياهو أمضى 18 شهرا وهو يعد بتحقيق "النصر الكامل"، ويقول مؤيدو الخطة إنهم بحاجة إلى بضعة أشهر أخرى فقط لتحقيقها.
ولفتت المجلة إلى أنه لا يوجد أي سبب يدعو لتصديق كلامهم. فبداية لن تؤدي العملية لتحرير الأسرى المتبقين في غزة. إلى جانب معاناة جيش الاحتلال الإسرائيلي من أزمة معنويات، ففي بعض الوحدات العسكرية لم تستجب سوى نسبة 50% من جنود الإحتياط للدعوة إلى الخدمة مرة أخرى. وتكشف الاستطلاعات أن نسبة 60% من الإسرائيليين يعارضون هجوما جديدا يؤدي لاحتلال غزة.
وزعمت المجلة أن دولة الاحتلال "حطمت قيادة حماس ودمرت ترسانتها العسكرية بشكل تستطيع شن هجمات معقدة، وما تبقى هي قوة عصابات والتي ستجد إسرائيل صعوبة في القضاء عليها لأن الأعداد الجديدة من المجندين كثيرة".
ويعاني المدنيون من الجوع بسبب الحصار. كما أن خطة إسرائيل لتقديم المساعدات لن تقدم سوى القليل من الإغاثة. ولا تتضمن على أي أجراءات خاصة تتعلق بالأشخاص المرضى أو غير القادرين على الذهاب إلى مركز التوزيع.
وتقول المجلة إن المستفيد الوحيد من استمرار الحرب هو نتنياهو وتحالفه المتطرف الذي يحلم بإفراغ غزة من سكانها وإعادة بناء المستوطنات اليهودية هناك. ولو تمكنوا من تحقيق هدفهم، فإن 2 مليون إنسان سوف يضطرون إلى العيش في 25% من مساحة غزة على أساس حصص غذائية.
ويتفاخر بعض الوزراء الإسرائيليين بالفعل بأن مثل هذه الظروف من شأنها أن تدفع سكان غزة إلى المنفى، وهو ما يعتبر بمثابة تطهير عرقي.
وتضيف المجلة أنه يجب عدم استخدام الطعام كسلاح في الحرب. ويجب على إسرائيل السماح بدخول المساعدات إلى غزة والسماح للمنظمات الخيرية بتوزيعها.
وتزعم المجلة أنه حتى لو أخذت حماس بعضا من المساعدات، وهذا أمر سيء، ولكن البديل سيكون المجاعة. وإلى جانب ذلك، فقد حان الوقت للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم. ويجب على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يطالب نتنياهو بالموافقة على صفقة تبادل، مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى. وهو ما لا يستطيع أي زعيم آخر أن يفرضه.
ويتطلع الرئيس الأمريكي إلى تحقيق انتصار في السياسة الخارجية، وعندما يزور الخليج الأسبوع المقبل، ينبغي للقادة العرب أن يحثوه على مواصلة هذه الجهود.
وبعد وقف إطلاق النار، تقول المجلة إن على ترامب الضغط على حماس، مستخدما الوسيلة القوية والاخيرة، وهي إعادة الإعمار. وتقدر الأمم المتحدة أن هذه التكلفة ستصل إلى 53 مليار دولار على مدى العقد المقبل.
وشددت المجلة على أن الحرب التي لا تنتهي سوف تعمق الخلافات في إسرائيل وتضر أكثر بمكانتها في العالم، موضحة أنه في حال انتهى الأمر بإخلاء غزة من سكانها وإعادة احتلالها، فسوف ترتكب إسرائيل خطأ استراتيجيا وفضيحة أخلاقية.