"بعد تصريحه مصر سقطت".. خيري رمضان يُلقن كويتي درسًا قاسيًا.. وأول تعليق من الطبيب المصري
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
رد الإعلامي خيري رمضان، على تغريدة لأكاديمي كويتي، كتب فيها إن مصر سقطت وغرقت بسبب الأوضاع الاقتصادية الحالية، مطالبًا حصول الطبيب المصري الدكتور هاني عبد الجواد على الجنسية الكويتية وفتح عيادة له في الكويت نظرًا لبراعته ومهارته الطبية.
إلهام شاهين ترد على خيري رمضان: 'الفنان يتكرم في أي بلد.. الفن ليس له وطن' بعد تصدره التريند.. عمرو أديب يوجه رسالة لـ خيري رمضان وتامر أمين فما هي؟
وقال "رمضان" خلال تقديم برنامجه "مع خيري" المذاع على فضائية "المحور" مساء اليوم السبت، "لا يليق بك أن تتحدث عن مصر وتقول أنها سقطت أو غرقت".
مصر تمرض وأقوى من خيال أي حدوأضاف "مصر لا تسقط ولا تغرق أنتوا متعلمتوش يوم ما تسقط ويوم ما تغرق مش هيبقى لكم وجود، إحنا واحد إحنا في محنة أي عربي بتكون محنة لينا وأول بلد بتفتح ايدها وتحضن الناس".
وتابع "عمرنا ما حسسنا أي عربي بده، ومش علشان كام شخصية تم تجنيسها ده تكريم ومش عيب ميستغنوش عن جنسيتهم واللي يستغنى بالسلامة".
واستطرد "السعودية لما منحت الجنسية لهم بتكرمهم ومبسوطة بهم لكن مش معنى تجنيس أربعة أو خمسة انهم بنطوا من المركب حد فكر فيهم يسيب مصر، مصر تمرض ولكن بتقوم تاني وتقوم في التحدي اكتر ومصر أقوى من خيال أي حد".
تعليق من الطبيب المصريوفي ذات السياق علق هاني عبد الجواد، استشاري جراحة العمود الفقري، على هذه التغريدة، قائلًا "لما شوفتها انزعجت جدا مش من عادتي اني ارد بس دي حسيت إنها اهانة لبلدي".
وقال في اتصال هاتفي بالبرنامج "الرجل تفهم كلامي واعتذر في الحال وأنا قبلت اعتذاره، ومصر طول عمرها فاتحة ذراعها للجميع ومصر بلدنا وإحنا متمسكين بها بغض النظر عن أي تعثر وأي مشاكل هي بلدنا".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: العمود الفقري السعودية الاقتصاد خيري رمضان الأوضاع الاقتصادية طبيب المصري جراحة العمود الفقري خیری رمضان
إقرأ أيضاً:
النهود فتحت جراح القلب ودفقت
سقطت مدينة وسقط رجال من جبل حيدوب.
أين اختفى الوالي؟ ومن اختطف أمين الحركة الإسلامية؟
من سلّم صغاره للغول؟
حينما تشتدّ الظلمات وتغشى العيون غمّة، ويتمدد جرح القلب عميقًا، نمدّ الخطى نحو دار المجاذيب ونرتشف مرّ الكلام من قبس تلك النار:
“جدار الدجى أعمى عيوني،
وفي يدي تساقط مصباح بدمع مبدّد،
أين بلادي؟ كل وجه رأيته قناع،
وأخشى صدق وجهي المجرّد.”
تأمّلت في الظل الواقف وما زاد، وحدّقت في حروف نداء كتبها الدكتور بشير آدم رحمة بقلب ملهوف، لم تصرفه مأساته الخاصة بفقدان فلذة كبده الذي لا يُعرف عنه نبأ: هل قُتل أم في أغلال السجن يُصبّ على رأسه العذاب؟ مأساة وطن نشأ فيه وعلى حبه شاب، وفي ترابه تسيل الآن الدموع قبل الدماء.
النهود في الأسر، تحت أحذية البغاة، تئن من وطأة الألم ووحشة الظلمة وقسوة المغتصبين للأرض والنساء والرجال. المتوحشون في دار حمر أحالوها إلى أرض خراب، كما قال تولستوي. يدْمع القلب، ويوسف عمارة أبوسن يرسم بحروفه مأساة ذلك الشيخ الأسير الذي بات كعصفور كبير في يد طفل صغير.
عيون الناظر عبد القادر منعم منصور يلمع فيها بريق شموخ وكبرياء أجداده، يستلقي على ذراعه ولا يستوضح السبب، والأعياء و”غلب” الزمان ومحنة الدنيا تضع ناظر عموم دار حمر أسيرًا في يد مليشيا آل دقلو، بعد أن رفض الخروج من النهود، واستقبل الموت برصاص الجنجويد، وفضّل البقاء في “دار منعم ود منصور” بدلًا من النجاة بجسده وجرح كبريائه.
بنات دار حمر يُوطأْن بأقدام عبيد آل دقلو، وبعض الخونة من أهل الدار يبيعون شرف الغشيميات والغريسيات والدقاقميات، فمن لا شرف له لا يعرف قيمة الشرف عند الأخوات والأمهات.
يطلق بشير آدم رحمة النداء لأبناء دار حمر لإغاثة التائهين في القيزان، والأعمى حامل الكسيح، والناس في فزع وجزع وخوف من دعاة الديمقراطية المفتَرى عليها، وقادتها الذين يسرقون حليّ النساء ويأكلون من مدّخرات القرى ويقتلون برصاص أصم الصغار والكبار، وهم يرفعون شعارات “حرية سلام وعدالة” و”آل دقلو خيار الشعب.”
بشير رحمة ينادي دار حمر، وكل السودان اليوم دار حمر.
ويوسف عمارة أبوسن يُوجع القلوب بمقال لم يُكتب قبله وربما لا يُكتب بعده، عن الناظر منعم منصور الذي وضعه “الأشاوس” في السجن داخل بيته، ينظرون إليه نظرة المغشيّ عليه من الموت، ومنعم منصور هو من يسجن سجانه:
يا فارس النهود المنو الخصيم متورّع
تقدّل بالمكارم وبالنصر مدرّع
يا مطر الضراع الساقي البلد ومترّع
مات عبد القادر منعم أكثر من موته، ورجال حمر تُسفك دماؤهم في الصباح وعند العشيات، وعبد القادر ينظر إلى السجّان بعين الأسد المحاط بأعمدة الحديد، يتمنّى صعود روحه، وكأنّه يتذكّر حال عكير الدامر الذي هدّه المرض فقال آخر أبيات حياته:
كيف أمسيتِ يا المزنة أم سحابًا شايل
وشِن سويتي في السلْمة وبلاد ناس نايل
واحدين في الخلا وواحدين بسقوا الشايل
معاكِ سلامة يا الدنيا أم نعيمًا زايل
٢
سقطت النهود وحفرت جرحًا عميقًا في كل قلب تهفو نفسه لكردفان ويمدّ خطاه للأمل القريب وأشواق كثيرة قُصرت.
سقطت النهود ولاذ الناس بالفرار، لا تعرف مَن يأتيك ولا مَن تأتيه.
سقطت معها قيم ومروءة وأحلام بأن تبقى مدينة العلم والنور صامدة في وجه الزمان الشين.
لكن النهود ليست الفاشر، والفاشر لا تشبه النهود. صمدت الفاشر لأن سوس السياسة لم ينخر عظمها، والخيانة لا تعرف لها مكانًا، ولأن حكّام الفاشر منها وحاكم النهود عليها.
الحكّام ثلاثة كما يقول ابن خلدون: حاكم مِنّا أي جاء بإرادة الناس، وحاكم فيهم أي بغلبة السلطان، وحاكم عليهم بسنان السلاح.
وحين اشتجرت دار حمر وما بقي من دار المسيرية، كان إجماع أغلب أهل الديار على ضابط متقاعد خدم في جهاز الأمن والمخابرات، صالح سليمان، لكن حكّامنا في بورتسودان لم يعجبهم ذلك، وكان خيارهم واليًا لا يُعرف له مكان، رفض الانسحاب مع الجيش، لا فراسة ولا رغبة في القتال، بل لسبب غامض اختفى في “حلال” وقرى دار حمر.
حار الصحافي خالد بخيت: ماذا يكتب عمّا حدث في النهود والوالي يرفض العودة مع القوات المسلحة إلى الأبيض؟
تتمدد علامات الاستفهام: من دردوق إلى السعاتة الدومة، هل لغياب الوالي ما قبله وما بعده؟
حكومة الوالي نفسها تحيط بها الشكوك.
بل أمين الحركة الإسلامية اختُطف من قبل المليشيا، تبسّم في وجه خاطفيه الذين صلّى بهم العصر جماعة وركب معهم.
وأين وزير المالية الذي كان يسهر الليل مع إخوانه من المؤتمر السوداني وهم له كارهون؟
عادت بنا الأحداث إلى ودمدني، واجترار ما حدث دون اعتبار، ولم نقرأ كتاب الفاشر التي عجزت المليشيا عن اختراق مجتمعها وزرع عملائها، بينما النهود سقطت سياسيًا قبل أن تسقط عسكريًا، سقطت بالخيانة وبالتساهل والتغافل.
٣
الآن، بعد أن سقطت النهود، ليس مهمًا كيف يسترد الرجال البلاد التي فقدوها، فهذا شأن عسكري نثق فيه كامل الثقة بجيشنا.
نحن هنا نجيب على السؤال: لماذا نسترد النهود؟
لأنها عاصمة كردفان الثانية بعد الأبيض، ولأنها أرض الرجال الشجعان، ولأنها النهود: العطر الذي يغسل رشح الجرح النازف ويمسح ظلّ الآهة من شفاهنا.
بعد سقوطها جفّت الكلمات، لا خليفة نناجيه، ولا جنرال يسمع صوت أنين المرأة الحبلى على ظهر حمار أعرج.
شعب كردفان قادر على تحرير النهود، وهي أرض شعب كريم، لا حارة ولا زقاق.
لا شيء يقف أمام عودة النهود التي تردّ لكردفان كرامتها المهدورة وشرفها المخدوش، وتعيد لنا ولو مؤقتًا فرحًا سُرق منا.
النهود هي مطمورة غلّة الدخن، ومخازن الفول السوداني، وزيوت المأمون، وهي الضأن الحمري في السودان والسواكني عند عرب الخليج.
تعود النهود من أجل الإنسان أولًا، والصمغ العربي ثانيًا، ومن أجل فنقوقه، والسعاتة، وطقنوه، وصقع الجمل، وعيال بخيت، ودونكي المناخر، ومن أجل طمبور دار حمر، وتوية دار حمر، ودلوكة قليصة، وودملكي، ومن أجل أبوزبد المرين، وحتى يستريح كباشي سيد الزوق وديني ود دردوق، نحضر خضار السوق.
سنحضر النهود وإن تأخرت خيولنا، وليتنا نجد من أفسد الأرض وهلك الضرع وجعل أعزّة أهل النهود أذلّة، وكذلك يفعلون.
????*يوسف عبد المنان*