أسطوات المهنة|| رواة السير والملاحم الشعبية خيال متواصل عبر الأجيال
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
الكتبة والمادحون وشيوخ الطوائف والبناءون والنحاسون، وغيرهم الكثير من المهن التي اشتهرت في مصر خلال العصرين العثماني والفاطمي والذي سجلت الجدران والمساجد إبداعاتهم التي ظلت راسخة ومنقوشة عبر مئات السنين، وتأخذكم «البوابة نيوز» في رحلة طوال شهر رمضان المبارك، وحديث حول تلك المهن وشيوخها وأسطواتها التي اشتهرت في مصر والعالم العربي، والتي لايزال الكثير منها موجودا حتى عصرنا الحالي ومنها من اندثرت وأصبحت تراثا تشهد به جدران المساجد والقصور.
وعلى مدار الشهر الكريم نقدم لكم حرفة من الحرف التي اشتهرت في تلك الفترة واقفين أمام إبداعات فنانيها وقوانيها التي كانت تتوارث جيلا بعد جيل، وحكايات المعلم والصبي والأسطى الذي كان يعتبر رب المهنة.
يقول أبوزيد الهلالي سلامة: «لا يكتم الأسرار غير الأصايل \ ولا يكشف الأخبار غير خائن رديء الأصال من قومٍ أراذل\ أنا أبو رزق من أهل عامر وأمي شريفة من خيار القبائل\ سُميت أبازيد على الناس زايد كريم شجاع من كرم أفاضل».
كان الناس قديمًا ينتظرون في الليالي والأفراح والاحتفالات الشعبية والموالد قدوم الشاعر أو الراوي ممسكًا بيده آلته الشهيرة «الربابة» ليعزف بها ويتغنى ليحكي سير الأبطال، فكان الرواة هم التسلية والملاذ في ليالي السمر والأعياد، وكان لأصواتهم وطريقة غنائهم فعل السحر على القلوب.
القصاصين والشعراء.. وأول ما نبدى القول نصلى على الهادى
وكان الراوي أو القاص أو الشاعر أو كما كان يُطلق عليهم أحيانًا أسماء الرواية أو السيرة التي يحكونها ويبرعون في روايتها، فكان يُطلق عليهم أيضًا «أبو زيديه» نسبة إلى سيرة أبوزيد، وكان عدد الشعراء أو الرواة المتخصصين في رواية سيرة أبوزيد الهلالي بمدينة القاهرة حوالي 50 راويا، وذلك في مطلع القرن التاسع عشر، والتي باتوا الآن يعدون على أصابع اليد الواحدة، كما أنهم لا يعرفون السيرة بكاملها كما كان يرويها الآباء والأجداد قديمًا.
وكانت السيرة يتم روايتها بمصاحبة العزف على آلة الربابة في لغة موزونة وباللهجة الدارجة، وكانت تفعل فعل السحر بطريقة سردها البسيط والممتع، وكانت كل قطعة شعرية تبدأ بالصلاة على النبي الكريم محمد بن عبد الله «عليه الصلاة والسلام».
وكان الرواة أو الشعراء يرون دائمًا من الذاكرة فكانوا يحفظون السيرة عن ظهر قلب، ولا يمكن أن يستعينوا بأي كتب، بل على العكس كان أغلبهم لا يعرف القراءة أو الكتابة وكانوا يعتمدون على ذاكرتهم وإتقانهم في حفظ السيرة، وينوعون في شكل أدائها من الميلاد وحتى التغريبة وكل الشخصيات والصراع بداخل القصة، والتي كان ينتظرها الجميع للاستماع إليها ولأخذ الحكمة والموعظة منها، فسير الأبطال دائمًا ما كانت مصدر إلهام ومتعة للسامعين، وكان يصحب الراوي في أغلب الأحيان عازف على الرباب، وكان يُطلق عليه «الرباب الأبوزيدي» إذ كان لا الراوي لا يتقن العزف، وكان يكتفى الشاعر أو الراوي أثناء الحكي إلا على نغمة أو نغمتين واحدة في المقدمة والفواصل خلال سرده للسيرة.
كما تميز بعض الرواة بتسمية خاصة أيضًا مثل الهلالية، والزغنبية والزناتية وذلك تبعًا لما يختصون به من سرد وقائع الأبطال المختلفين من قبائل بني الهلالي والزغبي والزناتي المذكورين في السيرة، فكان القليل فقط من الرواة الذين يحفظون السيرة الهلالية كاملة، وكان يفضل كل شاعر أو راوي بحكي جزء من السيرة ويكون قد تخصص فيها وحفظها عن ظهر قلب.
وكان من بين رواة القصص أيضًا طبقة أخرى تميزت بتسمية خاصة، ومنها: « المحدثون» وكانوا مختصين في رواية «سيرة الظاهر» أو «السيرة الظاهرية»، وكان يطلق عليهم «الظاهرية»، وهم من يقومون برواية سيرة وتاريخ الظاهر بيبرس، والذي اعتلى عرش مصر عام 1260 ميلادي، وكانت تتألف سيرة الظاهر بيبرس من 6 أجزاء مربعة الشكل، مُقسمة إلى عشرة أقسام، وكانت مكتوبة باللغة العربية المصرية الحديثة.
وكانت هناك أيضًا طبقة ثالثة من الرواة أو الشعراء وكان يُطلق عليهم «عناترة» أو «عنترية»، وكان عددهم قليلا بالنسبة لباقي الرواة وتعود تلك التسمية نسبة إلى الرواة المُختصين برواية «سيرة عنترة»، وكان أغلبهم يستعينون بالكتب خلال حكيهم، فكانوا لا يروون من الذاكرة مثل باقي الرواة أو الشعراء فكان يلقون شعر عنترة من الكتاب، أما الجزء النثري من السيرة فكانت يتم روايتها بالطريقة الدارجة أو اللغة الدارجة، وكان لا يستعملون الربابة خلال الحكي.
و«العناترة» لا يقتصر روايتهم على سيرة عنترة فحسب، وإنما كانوا يرون بعض قصص وسير المجاهدين، والتي كانت تسمى «كسيرة دلهمة» أو «ذو الهمة» وهو اسم بطلة القصة «الأميرة ذات الهمة» كما انتشرت العديد من السيرة الشعبية، ومنها «سيرة سيف اليزل، وقصص ألف ليلة وليلة».
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: طلق علیهم کان ی طلق وکان ی
إقرأ أيضاً:
البرنامج الانتخابي لرجل المهام الصعبة أشرف الزعبي: طروحات غير مسبوقة تلامس هموم المحامين وتطلعاتهم بشعار “معًا نستطيع”
صراحة نيوز ـ في الوقت الذي تشتد فيه المنافسة على منصب نقيب المحامين الأردنيين، وتترقّب الهيئة العامة التوجه إلى صناديق الاقتراع، يبرز اسم المحامي أشرف الزعبي بوصفه صاحب رؤية نقابية متزنة وواقعية، تمس جوهر المهنة وتضع المحامي في قلب العملية الإصلاحية، بعيداً عن الشعارات الاستهلاكية أو الطروحات الفضفاضة.
رؤية الزعبي: نحو نقابة فاعلة ومهنية تتسع للجميع
الزعبي، المحامي المخضرم وصاحب الحضور المعروف في ميادين العمل النقابي والقانوني، يقدّم مشروعاً إصلاحياً متكاملاً، يعالج قضايا مزمنة ويضع حلولاً قابلة للتطبيق على أرض الواقع، تستهدف خدمة المحامي، وتحسين شروط المهنة، وإعادة الاعتبار لدور النقابة كمظلة فاعلة وموحدة.
في طروحاته، يؤكد الزعبي أن المرحلة الحالية تتطلب من النقابة الانخراط المباشر في تعديل التشريعات، مستشهدًا بقضية إزالة الشيوع، التي أثبت الواقع العملي قصور لجان الأراضي في التعامل معها، مقترحًا إلزام توكيل المحامين أمام هذه اللجان في المرحلة الأولى، ثم إعادة الاختصاص لمحاكم الصلح، ما يضمن العدالة ويحمي حقوق المواطنين، ويعزز دور المحامي.
إصلاح قانون النقابة وتوسعة فرص العمل
يشدد الزعبي على أن أحد مفاتيح الإصلاح يكمن في تعديل قانون نقابة المحامين أو استحداث تشريع جديد يواكب المتغيرات الرقمية والتكنولوجية، ويعزز إلزامية التوكيل، ويخدم شريحة الشباب على وجه الخصوص.
ويطرح الزعبي رؤية لتوليد فرص عمل جديدة للمحامين عبر التخصص في مجالات متنامية مثل:
القانون الرقمي وحماية البيانات
التحكيم وحل النزاعات
القانون الرياضي والترفيهي
ريادة الأعمال القانونية والتحول الرقمي
كما يقترح إنشاء مكتب محاماة رقمي تحت إشراف النقابة، يقدم استشارات قانونية إلكترونية ويوسّع نطاق الموكلين، إضافة إلى تشجيع إنتاج محتوى قانوني رقمي احترافي عبر وسائل التواصل، يُدار وفق ضوابط النقابة ويكون بوابة لجذب العملاء بأسلوب حديث.
توسيع مظلة النقابة وتعزيز مواردها
ضمن رؤيته، يقدّم الزعبي مقترحات جريئة لإنشاء:
صندوق استثماري للمساعدة القضائية يتيح تمويل مشاريع تنموية للمحامين، منها مجمعات مكتبية بأسعار رمزية.
استثمار في قطاع التعليم عبر مدارس أو شراكات جامعية لأبناء المحامين.
استثمار في الطاقة المتجددة ومشاريع إنتاجية تساهم في دعم موارد النقابة.
ومن الجدير ذكره ان هذه الرؤيا والطروحات القابلة للتطبيق بعزم واصرار من المحامي المخضرم اشرف الزعبي هي جزء يسير مما في جعبته من تحديات قرر خوضها بكل عزم واصرار.
الزعبي، المعروف بسيرته المهنية النزيهة وخبرته الطويلة في العمل القانوني، يخوض السباق النقابي مدعومًا بتاريخ من الحضور الفاعل في قضايا الشأن العام والدفاع عن استقلالية النقابة، إضافة إلى مواقف واضحة لصالح المحامين الشباب، وتطوير بيئة العمل القانوني بما ينسجم مع التحديات الاقتصادية والتكنولوجية