لم أصدق أذنى وصوت شقيقتى الصغرى نسرين يأتينى مرتعشًا عبر الهاتف: البقاء لله فى بنت عمتك الغالية زوبة نور. للوهلة الأولى ظننت أن المكالمة جاءت بالخطأ وأن المتصلة ليست شقيقتي، وأنها لم تقل لى إن زوبة ماتت، أو ربما هكذا تمنيت، لكنها كررت كلامها فتأكدت من صوتها أنها شقيقتى وأنها تتصل بى أنا وأن الخبر صحيح.
كانت زوبة طيلة يوم أمس الأول السبت تجلس بجوار شقيقتها الكبرى أم كلثوم فى بيتها بنجع المطاعية جنوب الأقصر تستقبل معها المعزيات فى وفاة زوجها الراحل عبده أبو الوفا أو أبو أسامة كما كنا نحب أن نناديه. قبيل العصر بدأت زوبة الاستعداد للصلاة كعادتها مبكرًا. هذه المرة لم تكتف بالوضوء بل اغتسلت ثم افترشت سجادة الصلاة، كبرت تكبيرة الإحرام ثم ركعت، ثم سجدت سجدتها الأخيرة!
كانت زينب نور أبو بكر تجسيدًا للحديث الشريف «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»، كانت كما هى عادة كل أشقائها وشقيقاتها من أبناء وبنات عمتى هند رحمها الله لا تكف عن الضحك والابتسام. فإذا كان الناس من حول هذه الأسرة فى شغل وهم وحزن من أوضاع الدنيا كنت دائما ترى الحال مختلفًا فى بيت الحاج نور وزوجته عمتى هند رحمهما الله؛ ليس لأنهم لا يعانون مما يعانى منه الناس بل كان الفارق بينهم وبين الناس أنهم كلهم بنين وبنات وأب وأم كانوا لا يعرفون سوى التبسم ومقابلة كل صعب بكل صبر وثبات ورضا. كم رحل عنهم من رجال وشباب فى عمر الزهور فكانوا دائمًا مضربًا للأمثال فى الحمد والاسترجاع. أثق أن لآل نور نصيبًا كبيرًا من بيت الحمد الذى خصصه الله فى الجنة لمن يفقد فلذة كبده، فكم فقدوا من فلذات.
حتى لو كان أحدهم فى فراش المرض تجد بقيتهم وعلى رأسهم أم كلثوم وآمال بارك الله فى عمريهما مع الحجاج الراحلين عبد المنعم وعبد اللطيف وأحمد وقاسم ومصطفى والحاجة سكينة وزوبة، ومن قبل الجميع سعاد التى سمعنا عنها ولم نرها، قد التفوا من حول مريضهم متبسمين رغم الحزن، متقائلين مهما كان المرض عضالًا، يتسامرون ويضحكون. هكذا كانوا يعالجون مريضهم فيحار الأطباء من قدرة المريض على احتمال الألم بسبب تجمع أشقائه حوله وليس بسبب العلاج الذى كتبوه للمريض!
لعلى لا أذيع سرًا إذا قلت إن شهرة اسم زوبة نور جعلت أغلبنا فى العائلة لا نعرف أن اسمها الحقيقى زينب. أسمتها عمتى هند زينب على اسم شقيقتها عمتى زينب أحمد مبارك، لن تخرج أسماء البنات فى عائلتنا عن زينب وفاطمة وهند ورقية، هؤلاء العمات الكبار اللاتى خلفن وراءهن الحب الجميل الذى جعل أسماءهن أيقونات تتبادلها الأجيال المتعاقبة، فتجد اسم زينب للجدة وللأم وللحفيدة وكذلك فاطمة وهند.
وداعًا ابنة عمتى الغالية زوبة، وفعلا كما قال ولدك الصالح سيد صالح وهو ينعاكِ فإن مشاعرنا موزعة مناصفة بين الحزن على فراقك والفرح برحيلك ساجدة بين يدى مولاك عز وجل، مودعة كل أحبابك اللاتى التقيت بهن فى جنازة زوج شقيقتك، ذاهبة إلى أحباب سبقونا وعلى رأسهم والدك ووالدتك ورفيق دربك الحاج محمد صالح، فاللهم ارحمك وجميع موتانا وارزقنا حسن الخاتمة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المتصلة
إقرأ أيضاً:
هل يجوز عمل وصلة مياه لمحتاج واعتبرها من زكاة المال؟ أمين الفتوى يجيب
أكد الشيخ حسن اليداك، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنه يجوز شرعًا تخصيص جزء من زكاة المال لعمل وصلة مياه لمحتاج أو منزل فقير، موضحًا أن زكاة المال الأصل فيها التمليك للفقير، أي أن المال يُمنح للمستحق ليستفيد منه حسب حاجته.
وأشار أمين الفتوى، خلال فتوى له ، إلى أن المال يمكن أن يُصرف في صورة حاجات أساسية للفقراء مثل الطعام أو الدواء أو الماء، معتبرًا أن توفير الماء للمحتاجين من أفضل الصدقات وأعظمها أجرًا عند الله سبحانه وتعالى.
ولفت إلى أن من يقدم زكاة ماله في عمل وصلة مياه يحصل على أجرين: أجر الزكاة لأنه حق للفقراء، وأجر الصدقة الجارية لأنها تستمر في خدمة الناس ويظل أجرها مستمرًا عند الله.
وأكد أن هذا النوع من الصدقات يعد من أعمال الفضل والبر عند الله تعالى لما له من أثر كبير في خدمة الناس وتلبية حاجاتهم الأساسية، خاصة أن الماء له منزلة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى.