بينها العراق.. أزمة مياه حادة ستضرب بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2050
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
شفق نيوز/ كشف تقرير صادر عن معهد الموارد العالمية، أن دولاً عالمية وأبرزها دول من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بينها العراق ستكون الأكثر تأثراً بأزمة المياه، مع توقع معاناة من مليار شخص إضافي من شح مائي مرتفع بحلول عام 2050.
وأشار التقرير وفقاً لما نشره موقع Middle East Eye البريطاني، إلى أن دولاً أخرى مثل الإمارات والسعودية والأراضي الفلسطينية المحتلة ومصر واليمن وقطر وإيران والأردن وتونس والهند وسوريا والمغرب وإريتريا والجزائر من بين الدول الأولى التي ستعاني شحاً في المياه.
دول معرضة لنفاد المياه!
وقال التقرير: "بياناتنا تشير إلى أن 25 دولة تتعرض حالياً لأزمة مياه متفاقمة كل عام، وهذا يعني أنها تستخدم أكثر من 80% من إمداداتها المتجددة من المياه للري والثروة الحيوانية والصناعة والاحتياجات المنزلية".
وأضاف التقرير: "وحتى الجفاف قصير المدى يعرض هذه الأماكن لخطر نفاد المياه ويدفع الحكومات أحياناً إلى قطع المياه".
كما يظهر التقرير أن تركيا تحتل المرتبة 39 من بين أعلى معدلات الشح المائي في العالم. وناشدت الحكومة سكان إسطنبول يوم الأربعاء 16 أغسطس/آب تقليل استهلاكهم للمياه.
ووفقاً لأطلس مخاطر قنوات المياه التابع لمعهد الموارد العالمية، الذي نُشر في وقت سابق، من المتوقع أن يعاني مليار شخص إضافي من شح مائي مرتفع بحلول عام 2050.
ويتوقع التقرير أن الطلب العالمي على المياه سيرتفع بنسبة 20 إلى 25% بحلول عام 2050، ومن المتوقع أن يزداد عدد مستجمعات المياه المعرضة لتقلبات عالية من سنة إلى أخرى، أو إمدادات المياه المتقلبة بنسبة 19%.
وقال التقرير: "هذه مشكلة لا للمستهلكين والصناعات المعتمدة على المياه فقط، وإنما للاستقرار السياسي أيضاً. ففي إيران، مثلاً، تسببت عقود من سوء تنظيم المياه والاستهلاك غير المستدام للمياه في الزراعة في حدوث احتجاجات بالفعل، وهذه التوترات ستزداد مع تفاقم أزمة المياه".
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأكثر تهديداً!
وهذا يعني أنه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيعاني 100% من السكان من أزمة مياه حادة بحلول عام 2050، ويشير التقرير إلى أن شح المياه في هذه الدول سببه في المقام الأول محدودية إمدادات المياه، إلى جانب احتياجات القطاعات المنزلية والزراعية والصناعية.
ويشير التقرير إلى أن شح المياه قد يؤدي إلى اضطرابات في الصناعات وانقطاع في الطاقة وانخفاض في المحاصيل الزراعية.
وتجلى هذا في الهند من عام 2017 إلى عام 2021، حين تسبب شح المياه اللازمة لتبريد محطات الطاقة الحرارية إلى خسارة 8.2 تيراواط/ساعة من الطاقة. وهذه الكمية كانت لتكفي لإمداد 1.5 مليون منزل هندي بالطاقة لنصف عقد.
ووفقاً للتقرير، فالاستقرار الغذائي العالمي في خطر. ففي الوقت الحالي تواجه 60% من المحاصيل المروية في العالم أزمة مائية حادة، وخاصة المحاصيل الأساسية مثل قصب السكر والقمح والأرز والذرة.
على أن توفير الغذاء لحوالي 10 مليارات فرد بحلول عام 2050 يقتضي من العالم زيادة إنتاج السعرات الحرارية الغذائية بنسبة 56% مقارنة بعام 2010، وهي عقبة تفاقمها قيود المياه والكوارث المناخية مثل الجفاف والفيضانات.
ولتحسين تنظيم المياه وتقليل شحها، يقول معهد الموارد العالمية إن على بلاد العالم تعزيز سياساتها الخاصة بتنظيم المياه، وتعزيز ترشيد المياه في الزراعة، وتنفيذ استراتيجيات شاملة لموارد المياه، وتعزيز البنية التحتية للمياه باستخدام أساليب صديقة للبيئة وبنية تحتية خضراء.
وعلى المؤسسات المالية الدولية والدائنين الآخرين دراسة إطلاق مبادرات استراتيجية لتخفيف الديون، مثل الإعفاء عن جزء من الديون مقابل التزامات بيئية، أو الإعفاء من الديون مقابل تعهد بتمويل التنوع البيولوجي أو إرساء بنية تحتية قوية، وفقاً للتقرير.
وفضلاً عن ذلك، من الضروري إعطاء الأولوية للإدارة الحصيفة للمياه وعلى المدن أن تعمل على تطوير خطط عمل لتعزيز بنية المياه في المناطق الحضرية. وعلى المزارعين التحول إلى المحاصيل الأقل استهلاكاً للمياه أو استخدام طرق مثل الري بالرش أو الري بالتنقيط والتوقف عن الغمر.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: محمد شياع السوداني السوداني العراق نيجيرفان بارزاني بغداد ديالى الحشد الشعبي تنظيم داعش النجف السليمانية اقليم كوردستان اربيل دهوك إقليم كوردستان بغداد اربيل العراق اسعار النفط الدولار سوريا تركيا العراق روسيا امريكا مونديال قطر كاس العالم الاتحاد العراقي لكرة القدم كريستيانو رونالدو المنتخب السعودي ديالى ديالى العراق حادث سير صلاح الدين بغداد تشرين الاول العدد الجديد الجفاف العالمي دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا الشرق الأوسط وشمال بحلول عام 2050
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط على عتبة نظام جديد
مع انحسار نيران الحرب في غزة وتراجع التوتر على الجبهة اللبنانية، تتجه أنظار المنطقة والعالم إلى ما يمكن تسميته بـ”اليوم التالي”، أي مرحلة ما بعد الحرب، وما ستحمله من تغييرات في الموازين والمعادلات السياسية والعسكرية.
هذه الحرب لم تكن مجرّد مواجهة عسكرية بين “إسرائيل” والمقاومة، بل لحظة تاريخية كشفت اهتزاز البنية التي قام عليها النظام الإقليمي منذ عقود.
أولًا: موازين القوة بعد حرب غزة:
غزة.. من الحصار إلى التحول السياسي
رغم الدمار الهائل وسقوط آلاف الضحايا، خرجت غزة من الحرب الأخيرة أقوى سياسيًا وأعمق رمزيًا. فهي لم تعد مجرد مساحة جغرافية محاصرة، بل أصبحت رمزًا عالميًا للمظلومية والمقاومة. والنتيجة الأهم أن “إسرائيل” فشلت في تحقيق هدفها المركزي: القضاء على البنية السياسية والعسكرية للمقاومة، والرهان الإسرائيلي على “الردع عبر الإبادة” سقط عمليًا، فيما تحوّل الميدان إلى مختبر جديد لتوازن الإرادة لا توازن القوة.
على الجبهة الشمالية، نجح لبنان في تثبيت معادلة الردع المتبادل، فالمواجهة بين حزب الله و”إسرائيل” بقيت مضبوطة بسقف سياسي دقيق منع الانزلاق إلى حرب شاملة، مع الحفاظ على تأثير استراتيجي كبير. لقد أدركت “إسرائيل” أن كلفة المغامرة شمالًا ستكون فادحة، وأدرك الأمريكيون أن فتح الجبهة اللبنانية يعني سقوط المنطقة في فوضى مفتوحة. والمرحلة المقبلة مرجحة لأن تكون مرحلة تثبيت هذا الردع عبر وساطات دولية، وتفاهمات غير معلنة تؤسس لحدود أكثر هدوءًا، دون أن تعني نهاية الصراع.
تبدو الساحة السورية اليوم أكثر غموضًا من أي وقت مضى. ففي الوقت الذي تراجعت فيه مظاهر الحضور الإيراني وحزب الله على الأرض السورية، تكثّفت الضربات الإسرائيلية في العمق، مستهدفة مواقع عسكرية وأمنية حساسة دون أن تواجه ردًّا يُذكر. هذا المشهد يعكس تحوّل سوريا إلى مساحة مكشوفة استخباريًا وعسكريًا أمام “إسرائيل”، التي تسعى لتثبيت معادلة “الردع الصامت” عبر السيطرة بالنار دون التورط في مواجهة شاملة.
أما في الداخل السوري، فالوضع لا يقل تعقيدًا. فالحكم يعيش حالة من القلق والتردّد الاستراتيجي، في ظل غياب رؤية واضحة لما بعد الحرب على غزة ولبنان، وتبدّل أولويات الحلفاء التقليديين. التحالف مع طهران انتهى برحيل النظام السابق، والعلاقة الحالية تقوم على مجرد تواصل متبادل، والعلاقة مع موسكو تمرّ بمرحلة برود، فيما الانفتاح العربي ما زال في طور “الاختبار المشروط”.
كل ذلك يجعل من دمشق اليوم نظامًا قلقًا أكثر منه ثابتًا، يتأرجح بين محاولات البقاء الاقتصادي والسياسي من جهة، والحرص على عدم الانخراط في أي مواجهة جديدة من جهة أخرى. ولذلك، يمكن القول إن سوريا تقف الآن عند مفترق ضبابي: إما أن تستفيد من الانكفاء الإقليمي لتعيد ترتيب أوراقها داخليًا، وإما أن تبقى ساحة مفتوحة للرسائل الأمنية بين اللاعبين الدوليين والإقليميين.
اليمن.. الجبهة البحرية في معادلة الردع الإقليمي
لم تكن الحرب الأخيرة على غزة حدثًا بريًا فقط، بل امتدت أصداؤها إلى البحر الأحمر وخليج عدن، حيث برز الدور اليمني بقيادة حركة “أنصار الله” كأحد أهم المتغيرات الاستراتيجية. فمنذ الأيام الأولى للمواجهة، انتقل اليمن من موقع الدعم السياسي إلى موقع الفعل العسكري المباشر، عبر عمليات بحرية استهدفت الملاحة المرتبطة بإسرائيل، ما جعل البحر الأحمر يتحول إلى منطقة ردع بحرية غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي. هذا التطور أعاد رسم الجغرافيا العسكرية للمنطقة: تجميد فعلي لحركة التجارة الإسرائيلية شرق السويس، وتحول باب المندب إلى ورقة ضغط إقليمية توازي الجبهتين اللبنانية والغزاوية، وإرباك أمريكي متزايد في إدارة حركة الأسطول الخامس وعمليات الحماية البحرية.
إستراتيجيًا، بات اليمن اليوم فاعلًا بحريًا من الدرجة الأولى، استطاع رغم محدودية موارده أن يفرض معادلة ردع بحري مستقلة، لا يمكن تجاوزها في أي تسوية مستقبلية. كما أن استمرار قدرته على التحكم بمسار الملاحة يجعل منه رقمًا صعبًا في معادلة الأمن الإقليمي، وركيزة غير مباشرة في بناء “توازن الضغط” على إسرائيل وحلفائها.
ثانيًا: انكفاء المشروع الأمريكي – الإسرائيلي
كشفت الحرب محدودية النفوذ الأمريكي في المنطقة. فواشنطن لم تعد قادرة على فرض حلول أو خوض حروب بالوكالة كما في الماضي، واكتفت بإدارة الأزمات بدل حسمها. أما “إسرائيل”، فقد فقدت عنصرها التاريخي الأهم: القدرة على الردع والحسم، والأزمة الداخلية، والتفكك السياسي، والخسارة الأخلاقية أمام الرأي العام العالمي، جعلت من تل أبيب قوة متوترة أكثر منها متفوقة.
هذه المعادلة تُنذر بأن التحالف الأمريكي-الإسرائيلي يعيش لحظة انكسار وظيفي: فإسرائيل والولايات المتحدة باتتا عاجزتين عن إدارة المنطقة وفق منطق القوة القديمة، بينما تصعد أطراف إقليمية جديدة تملك زمام المبادرة في ملفات الطاقة والسياسة والأمن.
ثالثًا: المتغيرات غير المحسوبة
الاقتصاد بعد الحرب:
القوى الإقليمية تتجه إلى إعادة بناء اقتصادات ما بعد الصراع عبر الشراكات المتعددة، لا من خلال الغرب وحده. الصين وتركيا وقطر مرشحة لتكون لاعبة اقتصادية رئيسية في إعادة إعمار غزة ولبنان.
تبدّل التحالفات:
الدول العربية التي سارعت إلى التطبيع مع “إسرائيل” تجد نفسها اليوم في مأزق أخلاقي واستراتيجي، بينما تبرز دول أخرى (كمصر والأردن) بدور الوسيط الحذر بين محور المقاومة والمحور الغربي.
احتمال الانفجار الداخلي الإسرائيلي:
الانقسام الاجتماعي والسياسي داخل “إسرائيل” بلغ ذروته، وأي إخفاق جديد أو أزمة اقتصادية قد تدفع البلاد إلى انفجار داخلي، يوازي في تأثيره هزيمة عسكرية. رابعًا: ملامح المرحلة المقبلة
غزة: تثبيت واقع سياسي جديد تحت مظلة عربية أو أممية وتحول المقاومة من عسكرية إلى سياسية تدريجيًا.
لبنان: استقرار نسبي وتوازن ردع، مع ضبط الحدود مقابل اعتراف دولي غير مباشر بالردع.
سوريا: غارات إسرائيلية وقلق داخلي، مع إعادة تموضع بانتظار توازنات جديدة.
اليمن: ردع بحري واستقلالية ميدانية تثبيت الحضور البحري كورقة ضغط إقليمية.
“إسرائيل”: أزمة قيادة وانقسام داخلي في مرحلة “ما بعد نتنياهو” واحتمال انتخابات مبكرة.
الولايات المتحدة: تراجع النفوذ المباشر والاكتفاء بالتحالفات الاقتصادية والأمنية من بعيد.
الخلاصة: شرق أوسط بلا هيمنة
الحرب الأخيرة لم تكن نهاية صراع، بل بداية مرحلة ما بعد الهيمنة. فلا طرف يملك اليوم القدرة على الحسم، ولا مشروع خارجي قادر على إعادة تشكيل المنطقة وفق مشيئته. والقوة لم تعد في السلاح وحده، بل في القدرة على الصمود وإدارة التوازنات.
في السنوات المقبلة، سيولد شرق أوسط جديد: تقلّ فيه الحروب الواسعة، وتتسع فيه مناطق الردع المتبادل، وتتحول فيه الشعوب والقوى المحلية إلى فاعلين سياسيين لا تابعين. إنها مرحلة “ما بعد القوة الغاشمة”، وولادة نظام إقليمي يتكئ على توازن الخوف بدل توازن السيطرة.
باحث لبناني