جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-11@10:36:22 GMT

ما زلنا شياطين الإنس!

تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT

ما زلنا شياطين الإنس!

 

 

بدر بن علي الهادي

 

في أروقة العالم العربي، تتردد أصداء صرخاتٍ لا يسمعها أحد، وتتناثر دماء تُراق بلا حساب، في مشاهد تُعيد إلى الأذهان أزمنة الجاهلية الأولى، بشرٌ يقاتلون بعضهم البعض باسم الدين، والدين منهم براء، يستبيحون الأرواح، ويمزقون نسيج المجتمعات، بينما يدّعون أنَّهم حماة العقيدة وأوصياء الله على الأرض.

أين نحن من الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين؟!

أين ذهبت تعاليمه التي حرّمت الظلم وأعلت من شأن الإنسان؟ كيف تحوّلت الرسالة النبيلة إلى سيف يذبح الأبرياء، وإلى راية تُرفع فوق جماجم الضحايا؟ هل صار الدين مجرد ذريعة للقتل، أم أننا نشهد تحوّلًا شيطانيًا جعل الإنسان العربي أكثر وحشية من الشيطان نفسه؟

عندما يُصبح الإنسان أداة للشر، تُعرض أمامنا صورٌ ومقاطع تقشعر لها الأبدان (رؤوس مقطوعة، أجساد ممزقة، عيون يملؤها الرعب قبل أن تُطفأ للأبد. آباء يقتلون أمام أطفالهم، نساء تُغتصب وتُقتل ثم تُرمى جثثهن في الطرقات، أطفال يُسحلون ويُحرقون) بلا ذنب سوى أنهم وُلدوا في المكان الخطأ أو ينتمون للطائفة الأخرى، أي نوع من البشر هذا الذي يلتذ بتعذيب أخيه الإنسان؟ أي قلوب سوداء تلك التي لا تعرف الشفقة؟

ما نراه لم يعد القتل مجرد فعلٍ، بل أصبح طقسًا يُمارَس بتلذذٍ، كأن الدماء تحولت إلى مشروب مُسكر، وكأن صرخات النساء والأطفال أصبحت أنغامًا تُطرب الوحوش البشرية التي فقدت كل صلة بالإنسانية.

هنا لسنا بحاجة لإبليس ليُفسدنا؛ فقد تولّينا المهمة عنه، ما كان الشيطان ليبلغ هذا الحد من الشر حتى في أسوأ كوابيسه، هل أصبحنا نحن شياطين الإنس؟ هل تجاوزنا إبليس في إجرامنا؟

نعم، هناك أسباب سياسية واقتصادية وراء هذه الفوضى، وهناك أنظمة تغذي الكراهية، لكن ماذا عن الإنسان العادي؟ ماذا عن ذلك الجندي الذي يقطع رأس طفل وهو يبتسم؟ ماذا عن ذلك القائد الذي يأمر بقتل الأبرياء وكأنهم مجرد أرقام؟ هل كل هؤلاء مغسولو الدماغ، أم أن الشر متأصل في بعض النفوس؟

أصبحت الإنسانية تحت أقدام الجهل لذا نحن لا نتحدث هنا عن اختلاف العقائد، ولا عن صراعات سياسية تافهة يُديرها الكبار، ولا عن الإعلام المأجور الذي يروج للحقد؛ بل عن الإنسانية ذاتها التي تلاشت تحت أقدام الجهل.

لقد أصبح القتل مشهدًا مألوفًا، والموت مجرد رقم في نشرات الأخبار، أصبحنا نعيش في عالم تحوّلت فيه القيم إلى شعارات زائفة، والرحمة إلى ضعف، والعنف إلى بطولة.

السؤال الذي يطرح نفسه إلى أين نحن ذاهبون؟ هل يمكننا التراجع؟ أم أننا بلغنا نقطة اللاعودة؟ هل يمكن إحياء ما مات في قلوبنا من رحمة وإنسانية؟ أم أننا محكومون بالفوضى إلى الأبد؟

إن لم نستيقظ الآن، فربما يأتي اليوم الذي نترحم فيه على إبليس؛ لأنه سيكون أرحم من بعض البشر الذين تجاوزوه في الإجرام.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مجرد هزيمة واحدة للجنجويد في هذه المناطق كفيلة بتحطيم معنوياتهم

عندما كانت القوات المسلحة تتقدّم على جميع المحاور، لم تكن هجمات مسيّرات الجنجويد ذات أثر يتعدّى قطع الكهرباء لأيام معدودة. في ذلك الوقت، كان الجنجويد في حالة هروب مستمر، غير قادرين على التقاط أنفاسهم أو التمركز في أي ميدان عمليات.

أذكّركم بهذا الواقع للتأكيد على أهمية الانتقال من التفكير في الحلول الدفاعية ضد المسيّرات، إلى تبني حلول هجومية فعّالة تُربك العدو، وتُشغله بالمعارك المستمرة، وتُفقده القدرة على التخطيط والتمركز.

من المعلوم أن تكلفة الأنظمة الدفاعية عالية مقارنة بتجهيز قوات للهجوم في عدّة محاور مثل الجنوب الغربي لأم درمان وشمال كردفان. فمجرد هزيمة واحدة للجنجويد في هذه المناطق كفيلة بتحطيم معنوياتهم، تمامًا كما حدث في السابق، مما سيؤدي تلقائيًا إلى فقدانهم لزخم استخدام المسيّرات.

كما أن هجمات المسيّرات -رغم ضررها- تبقى منخفضة التكلفة سواء من حيث العواقب أو الموارد، خاصة في ظل غياب ردع فعّال يجعل المليشيا تتردد قبل استخدامها، إذا علمت أن الرد سيكون أكثر إيلامًا وبنفس الأسلوب أو أشد.

هناك أيضًا ملاحظات بشأن التساهل والتفريط الأمني في عدد من الولايات، خاصة بعد الانتصارات الأخيرة للجيش في الخرطوم. فقد تم تقليص ساعات حظر التجول، وتراجع الانضباط في نقاط التفتيش، بالإضافة إلى غياب حملات التفتيش والمداهمات الأمنية الضرورية هذه الاجراءات تشديدها من جديد يجعل خطوات عناصر المليشيا معدمة وفي اسواء الفروض مصحوبة باخطاء تكشفهم وتكشف تحركهم قبل حدوثه.

ومع تزايد التهديدات الأمنية، نلاحظ إغراق ولايات مثل الشرق والشمال بعناصر يمكن تصنيفها كعالية الخطورة، وقد تشكّل خلايا نائمة حتى وإن بنسبة تقل عن 50%، تحت ستار “التنقيب عن الذهب”.
كما أطرح تساؤلين مهمّين:
أين ذهبت المسيّرات الـ12 التي تم القبض على مهرّبيها في الولاية الشمالية؟
وأين المسيرة الاستراتيجية التي عثرت عليها قوات الحركات المسلحة في الصحراء؟

عبدالله عمسيب

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ماذا بعد سقوط الهيبة الأمريكية؟
  • مجرد هزيمة واحدة للجنجويد في هذه المناطق كفيلة بتحطيم معنوياتهم
  • طنِّش تعِش!
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • ماذا نقرأ بعد العشاء .. آية واحدة تحفظك وأولادك من شياطين الإنس والجن
  • سـوق مطـرح.. ذاكـرة تُسـرق علـى مـرأى المدينـة
  • المالية: رؤية جديدة للتطوير الضريبي في مسار الإصلاح الاقتصادي
  • وزير المالية: الاقتصاد الوطني يتحرك بخطى ثابتة ويوفر فرصًا استثمارية كبيرة
  • وزير المالية: الاقتصاد المصرى يتحرك بخطى جيدة.. ويوفر فرصا استثمارية كبيرة
  • مؤرخ بريطاني: ما زلنا نخوض غمار الحرب العالمية الثانية