يشهد المشهد الإعلامي والسياسي في السودان موجة جديدة من الجدل بعد نشر إعلان رسمي صادر عن وكيل النيابة الأعلى، يطالب فيه مجموعة من الصحفيين والناشطين بتسليم أنفسهم خلال أسبوع. جاء ذلك استناداً إلى بلاغ جنائي واسع شمل مواداً متعددة من القانون الجنائي وقانون مكافحة الإرهاب وقانون الجرائم المعلوماتية.

القاهرة: التغيير

يستند الإعلان إلى المادة 78 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991، التي تخوّل للنيابة نشر الإعلانات في حال تعذّر تنفيذ أوامر القبض، إضافة إلى البلاغ الجنائي رقم 4968 للعام 2025، والذي تضمّن مواد تتعلق بالأمن والدولة والتحريض والإرهاب والجرائم المعلوماتية.

وذكر الإعلان أسماء عدد من الصحفيين والناشطين، من بينهم تسابيح مبارك خاطر، وصباح محمد الحسن، ورشا عوض، وفاطمة مسار، وعبد المنعم الربيع، وأحمد الضي بشارة، وشيراز خالد، وسارة طه، واعتبرتهم النيابة فارّين من تنفيذ أوامر القبض.

وأشار الإعلان إلى أن للنيابة ما يدعو للاعتقاد بأنهم أخفوا أنفسهم للحيلولة دون تنفيذ الأمر، داعياً إياهم لتسليم أنفسهم لأقرب قسم شرطة خلال أسبوع، كما دعا الجمهور للمساعدة في القبض عليهم.

ارتباط أمني

ورغم غياب توضيحات رسمية تحدد الجهة التي حرّكت هذه الدعاوى، يرى مراقبون أن البلاغات تبدو مرتبطة بجهات أمنية أو سلطات أمر واقع تسعى للحد من تأثير الأصوات الإعلامية المعارضة الموجودة خارج السودان.

ويشير هؤلاء إلى أن استخدام مواد تتعلق بالإرهاب يعكس اتجاهاً لتجريم النشاط الإعلامي الناقد واعتباره تهديداً أمنياً، خاصة في ظل توقيت سياسي شديد الحساسية.

من زاوية قانونية، يعتبر خبراء أن هذه البلاغات تحمل طابعاً رمزياً وسياسياً أكثر من كونها إجراءات قابلة للتنفيذ، لا سيما مع وجود معظم المستهدفين خارج البلاد.

ويرى البعض أن فرص تنفيذ أوامر القبض ضعيفة للغاية ما لم تُفعّل اتفاقيات تعاون دولي، وهو أمر غير معتاد في القضايا المرتبطة بالنشاط الإعلامي أو السياسي.

ويعتقد آخرون أن الغرض الأساسي قد يكون إرسال رسائل ردع لوسائل الإعلام المؤثرة، أو ممارسة ضغط غير مباشر على النشطاء من خلال محيطهم داخل السودان، مع احتمال استخدام هذه البلاغات لاحقاً في سياقات قانونية أو سياسية إضافية.

وفي الأوساط الصحفية، أثارت الخطوة موجة واسعة من القلق، حيث عبّر عدد من الإعلاميين عن تخوّفهم من استخدام تهم الإرهاب ضد صحفيين، معتبرين ذلك تصعيداً غير مسبوق يهدف لتقييد حرية التعبير وتكميم الأصوات المستقلة.

ويرى الكثيرون أن النشاط الإعلامي للمستهدفين من خارج السودان يضعهم عملياً خارج الولاية المباشرة للسلطات، ما يجعل هذه البلاغات أقرب إلى وسائل الضغط منها إلى ممارسات إنفاذ القانون.

محاولة للسيطرة

وتأتي هذه التطورات في سياق تصاعد استخدام القانون لملاحقة الإعلاميين منذ اندلاع النزاع في السودان، حيث باتت تهم مثل تقويض النظام الدستوري، وإثارة الكراهية ضد الدولة، والنشر الكاذب، والجرائم المعلوماتية، تُوجَّه على نحو متزايد إلى الصحفيين وناشطي المنصات الرقمية.

ويرى مراقبون أن هذا الاتجاه يمثل محاولة لإحكام السيطرة على الفضاء الإعلامي في وقت تتنافس فيه أطراف متعددة على رواية ما يحدث داخل البلاد.

ويمثل الإعلان الأخير حلقة جديدة في سلسلة الإجراءات القانونية ذات الطابع السياسي، والتي تستهدف صحفيين وناشطين يقيم معظمهم خارج السودان.

ورغم محدودية فرص تنفيذ هذه البلاغات عملياً، إلا أنها تحمل دلالات سياسية واضحة تهدف إلى توسيع دائرة الضغط على الأصوات المستقلة وإعادة رسم المشهد الإعلامي وفق رؤية السلطة.

بلاغات بغرض الترهيب

السكرتير الاجتماعي لنقابة الصحفيين السودانيين، وليد النور، قال إن الحرب جعلت الحقيقة أولى ضحاياها، مشدداً على أن الصحفيين كانوا وما زالوا المصدر الأوثق لنقل الوقائع، إلا أن الظروف الأمنية والانهيار المؤسسي دفعا الكثيرين للاعتماد على شهود العيان وما التقطته كاميرات المقاتلين.

وذكر النور أن المعارك لم تكتفِ بالجبهات العسكرية، بل امتدت إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث تتواصل حرب المعلومات والتضليل، بينما يُفترض أن تكون مهمة الصحفي نقل الحقيقة دون قيود أو تهديدات.

وأوضح أن الزميلات رشا وصباح وتسابيح، قمن بواجبهن المهني دون أن يحملن السلاح أو يشاركن في التحريض، مؤكداً أن دورهن اقتصر على نقل ما يحدث على الأرض بأمانة.

وليد النور

واتهم النور النيابة العامة باستخدام البلاغات كأداة للترهيب والتخويف، مبيناً أن المواد القانونية التي تُستخدم ضد الصحفيين كان ينبغي أن تُوجَّه إلى المسؤولين عن إشعال الحرب بدلاً من استهداف من يكشف آثارها للرأي العام.

ودعا النيابة إلى فتح بلاغات ضد من يحرّضون على استمرار القتال والقتل خارج إطار القانون، محذراً من أن التضييق على حرية التعبير والنشر يفاقم الوضع ويقوّض حق المجتمع في المعرفة.

ووصف النور البلاغات الموجهة ضد الصحفيين بأنها “كيدية” وتهدف إلى إسكات الأصوات المهنية، قائلاً إنها محاولة واضحة لبث الخوف بين العاملين في الحقل الصحفي ومنعهم من أداء واجبهم.

الوسومالصحفيين السودانيين النيابة العامة بلاغات كيدية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الصحفيين السودانيين النيابة العامة بلاغات كيدية هذه البلاغات

إقرأ أيضاً:

25 ديسمبر.. الحكم في دعوى تعويض محمد عادل ضد الإعلامي إبراهيم فايق

قررت محكمة القاهرة الاقتصادية، حجز نظر الدعوى المدنية المقامة من الحكم الدولي محمد عادل ضد الإعلامي إبراهيم فايق، والتي يطالبه فيها بتعويض قدره 10 ملايين جنيه، لجلسة 25 ديسمبر للحكم في القضية المعروفة إعلاميًا بتسريبات فيديوهات غرفة الفار.

تصفيات كأس العالم.. فرنسا تستهدف بطاقة التأهل أمام أوكرانياعرض مثلث الحب بالقاهرة السينمائي الدولي.. السبترئيس الطائفة الإنجيلية يشيد بجهود محافظ أسيوط في تطوير مسار العائلة المقدسةوزير الإسكان يتابع آخر مستجدات مشروعات تنفذها المقاولون العرب ضمن "حياة كريمة"مجلس القضاء الأعلى العراقي يدعو للإسراع بتشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذيةالمفوضية الأوروبية: الأصول الروسية هي الطريقة الأكثر فاعلية لتمويل أوكرانياالتميز في الخدمة.. «تمريض الغربية» يتصدّر فروع التأمين الصحي في تقييم الأداءحكومة غانا تعتزم إعادة تشغيل مصفاة تيما للنفط بنهاية عام 2025الغربية الأزهرية تحصد المركز الأول جمهوريًا في بطولة الكاراتيهمحفوظ يجهز مفاجأة لأعضاء الجمعية العمومية بنادي النصرالرئيس السيسي يهنئ نظيره الفلسطيني بذكرى العيد الوطنيوزيرة التنمية المحلية:توافق عمل الهيئات النووية التابعة للكهرباء مع الاشتراطات البيئيةحملات رقابية للتفتيش على الأسواق والمحال العامة والمخابز بالإسكندريةهل تتسبب مشروبات الطاقة في توقف عضلة القلب؟ طبيبة تحذر من المخاطر الصحيةأذكار الصباح حصن المسلم.. رددها واحفظ نفسك من الشياطينأهمية الشراكة بين فيات كرايسلر ومجموعة PSA الفرنسية للسيارات ؟ما حكم ضرب الزوجة تاركة الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيبسهل ولذيذ.. طريقة عمل الارز اليابانيأسعار الخضروات والفاكهة اليوم الخميس 13-11-2025محمد الجندي: إحياء الضمير الإنساني والدعوة للعدالة مسئولية القيادات الدينية

وكانت أودعت محكمة القاهرة الاقتصادية، حيثيات حكمها بتغريم الإعلامي إبراهيم فايق والصحفي أحمد عبد الباسط مبلغ مليون جنيه لكل منهما، وذلك في القضية المعروفة بـ”التسريب الصوتي” لحكم مباراة الزمالك والبنك الأهلي.

وكشفت الحيثيات، أن المحكمة كونت في عقيدتها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بها إلى ما تخلص إليه من جماع العناصر المطروحة بطريقة الاستنتاج والاستقرار وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقى " وذلك Video Assistant VAR Referee" ثبوتا يقينيا كافيا للقضاء بإدانتهما أخذا مما ثبت بأقوال المجني عليهما / محمد عادل السيد محمد حسن سلامه بتحقيقات النيابة العامة من قيام المتهمين بنشر المقطع الصوتي الخاص بتقنية عبر تطبيق التواصل الاجتماعي " فيس بوك وعبر البرنامج الذي يقدمه المتهم الأول و يشغل رئيس تحريره المتهم الثاني مما تسبب بالأضرار بهما وتأييد ذلك بإقرار كلا من المتهمين بقيامها بالنشر واقرارهما بأن المحتوي المقدم بالذاكرة النقالة هو ذاته ما قدماه المتهمين عبر الوسيلتين انفتي البيان.

وأوضحت الحيثيات، أنه باطلاع المحكمة على الحديث المسرب تبين أنه حديث خاص بغرفة الـ " var بين حكم الساحة محمد عادل السيد وبين حكم غرفة الفار" محمد حسن سلامة وشهرته ميدو، وحيث إنه لما كان ذلك التسجيل الصوتي كان بسبب مناسبة رياضية وأحداث خاصة بمباراة كرة قدم بين فريقين بالدوري المصري، وحيث كان من المقرر أن الهيئات الرياضية وحدها صاحبة الحق في جميع الحقوق المتعلقة باتصال الجمهور بالحدث الرياضي الذي يخصها اتصالاً مباشراً أو غير مباشر عن طريق وسائل الاتصال السلكي أو اللاسلكي أو الإذاعي أو التليفزيوني أو عن طريق جميع الحقوق الرقمية وجميع حقوق نقل الصورة ويجب الحصول على موافقتها على إذاعة هذا المحتوى كاملاً أو أجزاء منه وهو ما لم يقوما به المتهمان ولم يستحصلا علي الإذن بعرض ذلك المقطع من اتحاد الكرة المصري لكرة القدم او أي جهة أخرى لها الحق في إذاعة ذلك المقطع ، الأمر الذي يكون معه المتهمين قاما بخرق الحق الحصري للهيئات الرياضية في اتصال الجمهور بالحدث الرياضي بأن نشرا عن طريق وسائل الاتصال اللاسلكية والتليفزيونية معلومات وأخبار متعلقة بالمحادثات الجارية عبر تقنية فيديو الحكم المساعد Video Assistant VAR Referee فيما بين كلاً من المجني عليهما محمد عادل السيد حسين ، محمد حسن سالم سلامه إبان مباراة فريقي الزمالك والبنك الأهلي المصري المقامة بتاريخ ٢٠٢٤/١١/١ ، فضلا عن قيامهما باجتزاء ذلك المقطع وعدم عرضه كاملا مما تسبب في ازعاج المجني عليهما الحكمين سالفي الذكر وضاق صدرهما بذلك الفعل المرتكب من المتهمين.

طباعة شارك إبراهيم فايق الحكم الدولي محمد عادل محكمة القاهرة الاقتصادية

مقالات مشابهة

  • اليمن تتصدر كأكبر دولة مشاركة في مؤتمر المناخ بالبرازيل وتبتعث 140 مندوبًا من بلد بلا رواتب.. تساؤلات حول التمويل والامتيازات
  • جنوب أفريقيا: سنستمر في ملاحقة إسرائيل أمام محكمة العدل
  • تعديل في دستور باكستان يمنح الحصانة مدى الحياة للرئيس وقائد الجيش الحالي
  • شريف عبد الفضيل: الأهلي أقوى إسكواد وتوروب استفاد من الدوافع الجديدة
  • دولة قطر تجدد إدانتها قتل الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام
  • إيجابيات وسلبيات.. ما الدوافع وراء زواج المرأة من رجل أصغر منها سنا؟
  • من مكانك.. 6 خطوات لتقديم بلاغ إلكتروني على منصة النيابة العامة
  • 25 ديسمبر.. الحكم في دعوى تعويض محمد عادل ضد الإعلامي إبراهيم فايق
  • بولس يؤكد تقديم «نص قوي» ويدعو إلى تنفيذ فوري للهدنة في السودان