صنعاء.. الحوثيون يوسعون نفوذهم العقاري بقوة السلاح والقضاء
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
تشهد صنعاء وعدة محافظات يمنية خاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران موجة متصاعدة من مصادرة الأراضي وتجريف الممتلكات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، في ما يرى ناشطون حقوقيون ومحليون أنها عملية نهب منظم تنفذ تحت ذريعة أن هذه الأراضي "مملوكة للدولة" أو "مخصصة لمشروعات تابعة لقيادات ونافذين في الجماعة".
وتأتي هذه الحملات في وقت يتزايد فيه غضب السكان الذين يتهمون الجماعة بإعادة توزيع الأراضي لصالح قياداتها وأتباعها، ممهّدة لتحويل الممتلكات العامة والخاصة إلى أصول استراتيجية تخدم نفوذها السياسي والاقتصادي.
وقمعت الميليشيات الحوثية في صنعاء احتجاجًا سلميًا أمام محكمة شمال الأمانة في صنعاء نظمّه مواطنون من أسرة آل مداعس في منطقة الجراف، رفضًا لما وصفوه بعملية نهب أرضي من قيادات حوثية موالية لأسرة قيادي حوثي بارز يدعى المداني.
وبحسب مصادر محلية إن ميليشيا الحوثي قامت بنشر عشرات الأطقم العسكرية والعناصر المسلحة أمام المحكمة لتفريق المحتجين، واستخدموا الرصاص الحي لترويعهم، قبل أن يختطفوا عددًا من المشاركين.
المصادر تشير إلى أن هذه الحملة الأمنية شاركت فيها تشكيلات أمنية متعددة بإشراف قضاة من المحكمة، ما يثير تساؤلات حول دور القضاء كأداة لتبييض عمليات الاستيلاء على الأراضي، وتقديم شرعية للنهب باسم القوانين المحلية التي تضعها الجماعة.
في حين تشهد مديرية همدان استهدافًا مكثفًا من الحوثيين، حيث يقود القيادي الحوثي محمد أحمد الجمل (أبو صلاح) حملة مسلحة للاستيلاء على أراض زراعية تتبع الأهالي، بزعم أنها "أراضي أوقاف". وتقدر المصادر المحلية أن الإرث المستهدف يصل إلى نحو 2.67 مليون متر مربع من الأراضي الزراعية، مع اختطاف 15 مواطنًا من قرى الغرزة وما حولها بعد اعتراضهم على الممارسات.
ويقول نشطاء إن هذه العمليات ليست مجرد توسع عقاري، بل استراتيجية حوثية لاستغلال الأراضي الزراعية كمصدر تمويل اقتصادي ودعم لجهودهم العسكرية، من خلال تحويلها إلى ملكيات خاصة تابعة لقيادات الجماعة ومموّلين موالين لها.
كما تتهم تقارير حقوقية الحوثيين باستخدام ذرائع "المصلحة العامة" والدين لتمرير مصادرة الأراضي. موضحًة أن الجماعة تبرّر ما تفعله بدعوى الصالح العام أو الضرورة العسكرية، في خرق واضح للحقوق الأساسية للمواطنين وفق القانون اليمني والدولي.
يواجه هذا التوسع العقاري منافسة داخل صفوف الحوثيين نفسها، إذ يسعى جناح يقوده محمد الحوثي إلى إعادة توزيع الأراضي باسم الأوقاف أو الدولة، في محاولة لإعادة بناء سلطته الاقتصادية والسياسية على الأرض.
المراقبون يشيرون إلى أن هذه الحملة العقارية، المدعومة بالقوة الأمنية والقضائية، تشكل انقلابًا على استراتيجية الحوثيين: من السيطرة العسكرية إلى السيطرة الاقتصادية والعقارية. هذا التوجه يهدد بزعزعة الأمان الاجتماعي وقد يؤدي إلى نزاعات داخل المجتمعات الريفية وصراعات حول الملكية.
ويحذّر أهل المناطق المستهدفة من تهجير مقنع، حيث تُضفى الشرعية على مصادرة أراضٍ من السكان باسم مشاريع الأوقاف أو الدولة دون تعويض كافٍ، كما تطالب منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية بالتدخل الفوري لوضع حد لهذه الانتهاكات.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
في مهمة احتواء الخلافات وإعادة التموضع.. إيران تُعيد شهلايي إلى صنعاء
في خطوة استراتيجية تحمل أبعادًا أمنية وسياسية بارزة، أعادت إيران إلى صنعاء القيادي البارز في الحرس الثوري، عبد الرضا شهلايي، بعد غياب دام نحو عام، وفق ما نقلت مصادر سياسية يمنية رفيعة.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه جماعة الحوثي تصدعات داخلية متزايدة، مدفوعة بضربات أمنية وعسكرية استهدفت قيادات مهمة. بحسب هذه المصادر، فإن طهران تسعى من خلال إعادة شهلايي إلى اليمن إلى إعادة ترتيب صفوف مليشيا الحوثي، وتأمين نفوذها المباشر داخل الجماعة في مواجهة تداعيات الضربات الأخيرة.
بحسب مصادر سياسية يمنية، فإن عودة شهلايي تهدف إلى تعويض خسائر طهران في ساحات إقليمية مثل لبنان وسوريا، من خلال ترسيخ نفوذها في حليفها الحوثي عبر إدارة الملف الأمني والعسكري بيد إيرانية مباشرة. وأضافت المصادر أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة استهدفت مواقع حساسة داخل الجماعة، وأدت إلى مقتل قيادات عدة، ما شكل "انكشافًا أمنيًا غير مسبوق" داخل المليشيا وصدمة لمناصريها، وفق تعبيرهم.
عودة شهلايي تعكس، بحسب المحللين، رغبة الحرس الثوري في سد فراغ استراتيجي خلقه مقتل قادة إقليميين بارزين، وتعويض تراجع بعض الأدوار الإيرانية في محاور أخرى لصالح استثمار القوة الحوثية كذراع محوري لطهران في اليمن.
عبد الرضا شهلايي، الذي يُعرف أيضًا بأسماء مستعارة مثل "الحاج يوسف"، هو قيادي رفيع في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وله دور تاريخي في دعم الجماعات المسلحة الشيعية في دول مثل العراق واليمن. وُصنّف شهلايي كإرهابي من قبل الولايات المتحدة، التي عرضت مكافأة تصل إلى 15 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي لموقعه، نظرًا لدوره في التنسيق بين إيران والحوثيين في اليمن.
كما تتهمه الولايات المتحدة بدور في نقل أسلحة إلى الجماعة، وإشرافه على العمليات العسكرية والاستخباراتية الإيرانية داخل اليمن.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل صفعة استراتيجية للحوثيين، إذ تعيد إيران فرض سيطرتها المباشرة على الملف الحوثي بعد مرحلة من الاستقلال الجزئي للجماعة. ووفقًا لتقييم المصادر، فإن طهران تحاول عبر إعادة شهلايي إعادة ضبط الأجهزة الأمنية والاستخباراتية داخل الجماعة من خلال تطهير بعض القنوات من "الاختراقات" وتثبيت قيادات موالية لطهران، وكذا توحيد مراكز النفوذ والانقسام الداخلي خصوصا في ظل الصراع المحتدم بين أجنحة الحوثي على السلطة والمال، وإضافة إلى تحويل الجماعة إلى قاعدة نفوذ إيرانية أولية في اليمن بعد الخسائر التي تكبدتها طهران في محاور إقليمية أخرى.
مصادر يمنية تعتبر أن نجاح شهلايي في مهمته يعني تحوّل الحوثيين إلى ذراع إيراني أعمق وأكثر تماسكًا في اليمن، خصوصًا في ظل الفراغ الاستراتيجي الذي تعتقد طهران أنه تركه غياب بعض الشخصيات المؤثرة. وتضيف المصادر أن طهران تراهن على إعادة بناء نفوذها في اليمن ليس فقط عسكريًا، وإنما سياسيًا واقتصاديًا، عبر استثمار الجماعة كأداة محورية ضمن محور إيران الإقليمي.
من جهة أخرى، يبدو أن بعض الخبراء اليمنيين يرون في إعادة شهلايي خطوة مضادة للضغوط الإسرائيلية والأمريكية، تهدف إلى إعادة تماسك الجماعة بعد ضربات أمنية تركت جروحًا في الجهاز القيادي.