موقع النيلين:
2025-10-22@13:52:01 GMT

الزبير نايل: البزعي وأمواج البحر

تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT

لا أعتقد أن الأستاذ / إبراهيم البزعي مدير التلفزيون هو الشخص المناسب الذي يمكن وصمه بالجهوية ..فقد عرف عنه أنه من أبرز إعلامي السودان الذين يتوفرون على معرفة عميقة وراكزة بتراث ولهجات وموروثات قبائل ومناطق السودان المختلفة، كما يشهد له الجميع سعيه المتصل وتكريس جهده لسبر أغوار ذلك التنوع وتقديمه عبر برامج مختلفة تشد أطراف الوطن لبعضها البعض …

تثار الآن في مواقع التواصل الاجتماعي قضية على خلفية نقاش دار بين البزعي وإحدى الزميلات المذيعات بشأن الزي “القومي” بالتلفزيون وكان يجب أن ينتهي الأمر داخل المؤسسة ولا يخرج من أسوارها إلى الفضاء الواسع ليكون حديث هذه المواقع.

.أما وقد خرج فكان من المفترض أن يبقى نقاشا مهنيا دون الجنوح به إلى ساحات أخرى.. لكن للأسف..

من نافلة القول إن شاشة التلفزيون لها ضوابط مهنية صارمة بشأن ظهور المذيعين ومقدمي البرامج وأحيانا الضيوف من حيث اللغة والمظهر وحتى المكياج والإكسسوارات التي يجب التقيد بها لضمان اتساق الرسالة الإعلامية، غير أن هناك استثناءات للبرامج المتخصصة مثل (برامج التراث والفنون) التي تتطلب ظهورا مغايرا لإيصال رسالة إعلامية محددة..

ما يثار الآن خرج بهذا النقاش إلى دائرة ربما تتخلق منها فتنة وتصب مزيدا من الزيت على نار البلاد المشتعلة.. هوياتنا وأزياؤنا واختلاف ألسنتنا وسحناتنا تنوع وثراء جميل لا جدال في ذلك لكن في بعض المؤسسات نحتاج هوية مشتركة.. الأمر يتطلب حكمة وروية وذلك بتبيان المشكلة ووضعها في حجمها الطبيعي دون المزايدة بها أو التزيد فيها لتتم معالجتها وقطع الطريق على الذين يفكرون في مساحات ضيقة ويريدون خرقا إضافيا لنسيج مجتمع تنهشه الصراعات وزرع بذور الكراهية في تشققات تنتجها مثل هذه القضايا …
# يبدو وراء الأكمة ما وراءها
# كفى الله السودان شر الفتن

الزبير نايل

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

دار الأوبرا السلطانية... منارة الذوق التي لا تحتمل الهزل

زرت للمرة الأولى دار الأوبرا السلطانية مسقط في 13 أكتوبر 2011 (أي في اليوم التالي لافتتاحها الرسمي)، وكان المشهد أشبه بعبور نحو مرحلة جديدة من الوعي الفني في سلطنة عمان، كنت أتأمل المكان بدهشة في وقت كنت أستحضر فيه رحلة موسيقية وثقافية بدأت مع بواكير النهضة العمانية وها هي تتجلى أمامنا في هذا اليوم واقعا نابضا بالحياة... كنا نجول بين أروقة لم نألفها من قبل وكنا نعيش دهشة المكان وصرامة التفاصيل التي أرادتها عُمان أن تكون عنوانا لذائقة سامية تليق بمكانتها الثقافية.

أذكر جيدا أن الحفلة الأولى التي حضرتها بعد تلك الجولة شهدت التزاما غير مسبوق بالضوابط، حتى إن كثيرين مُنعوا من الدخول لعدم تقيدهم باللباس الرسمي، وكان الموقف حازما ولا مجاملة فيه والرسالة واضحة أن هذا الصرح نشأ ليكون منارة ترفع الذوق الفني وتعيد تشكيل علاقة الإنسان العماني بالفن الرفيع، ولم يُنشأ ليكون مجرد مسرح للغناء، وقيل لنا يومها إن الأوبرا السلطانية تُدار وفق بروتوكولات دور الأوبرا المعتبرة في العالم، فلا تنازل عن المعايير التي تمنح المكان هيبته وفرادته.

كتب زميلي عامر الأنصاري موضوعا في 20 مايو 2022م بعنوان "أمسية امتلأت بتصفيق الجماهير و"رقصهم"! حفلة ملحم زين.. هل ارتقت لمعايير صرح الأوبرا السلطانية؟!" انتقد فيه ونبّه إلى بعض المشاهد التي رآها في تلك الحفلة، وقد أعادني ما كتبه إلى التفكير في الموضوع من جديد؛ لأنه بالفعل بعض الممارسات التي نشهدها اليوم توحي بأن هذا الخط الصارم بدأ يتراخى، وليس انتهاءََ بالحفلة الغنائية الأخيرة التي أقيمت في دار الفنون الموسيقية وقد تجرأ أحد معجبي الفنانة بأن طلب ناقل الصوت من الفنانة ليغني بدلا عنها! مشهد أقرب إلى صالة أفراح منه إلى صرح فنيّ يفترض أن يكون عنوانا للانضباط والرقي.

إن تأسيس "دار الفنون الموسيقية" ـ بحسب التصريحات الرسمية ـ "جاء ليكمل رسالة دار الأوبرا السلطانية كملتقى للفنون الثقافية والموسيقية من أجل التكامل والتركيز على العروض النوعية المتنوعة"، وهذا التعريف وحده كاف لتأكيد أن المكان لم يُبنَ ليكون ساحة للتسلية العابرة أو منصة للفن التجاري، بل ليكون حاضنا للفن الرفيع الذي يسمو بالذوق العام ويعزز القيمة الثقافية للمجتمع.

ولذلك، فإن السماح بتقديم عروض سطحية أو استضافة فنانين لا تنسجم طبيعة أعمالهم مع هوية المكان هو إخلال بروح المشروع الثقافي الذي قامت عليه الأوبرا منذ نشأتها، وليست القضية في الأسماء أو شهرتها، بل في مدى اتساقها مع الفلسفة التي أرادها هذا الصرح منها فلسفة التهذيب والابتعاد عن الابتذال والارتقاء لا الانحدار، فحين يختزل الفن في الاستعراض والتصفيق والرقص يفقد المكان سموّه، ويهبط معه مستوى الحضور فتتراجع الذائقة ويتلاشى الهدف الأساسي الذي وُجد من أجله هذا الكيان الثقافي، والخشية أن تنفلت الأمور إلى أبعد مما نتصور.

قد يقول البعض إن المؤسسة لا تتحمل مسؤولية تصرفات الجمهور، لكن هذا تبرير سهل، فهناك أطر واضحة يجب أن تُفهم وتُفرض قبل قدوم أي فنان إلى البلاد، وبنود ينبغي أن يُلزم بها قبل أن يعتلي خشبة المسرح، فحتى الفنان مدعوّ إلى تقديم ما تم الاتفاق عليه فقط، دون تحويل المنصة إلى مساحة للتساهل أو الابتذال.

وإذا غيّب الغرور ذهنية الفنان عن جوهر دار الأوبرا وثيمتها الرفيعة، فعلى القائمين على هذا الصرح أن يعيدوا ترتيب الأولويات، وأن يميزوا بوضوح من يعتلي الخشبة، وأيّ صوت يستحق أن يعلو في هذا الفضاء المهيب، فالجدران التي ردّدت أصداء أعرق الفرق الأوبرالية، واحتضنت إرث أوطان وهويات ذات ثقل في المشهد الإنساني، لا يجوز أن تتنازل عن هذه القيمة لأجل نزوة "فنان" يتحدث عن حالته الاجتماعية (متزوج أو أعزب) أو يقدّم لغزله على الخشبة، ولا لإرضاء "فانز" لا يجمعه بالفن إلا إعجاب عابر لا يمتّ إلى جوهر الإبداع بصلة.

نحن بحاجة إلى وقفة مراجعة حقيقية تُعيد الاعتبار لفكرة "الذائقة" التي تأسست عليها دار الأوبرا السلطانية ودار الفنون الموسيقية، فالفن ليس ترفيها مجانيا بل مسؤولية ثقافية تُبنى عليها صورة الوطن في عيون العالم، والتهاون في التفاصيل الصغيرة هو ما يقود ـ حتما ـ إلى خسارة الصورة الكبرى، لذا فإن الحفاظ على رصانة هذا المكان لا يتحقق إلا بالعودة إلى جوهره، وبوضع حدّ للتجاوزات التي تمس قيمته الرمزية والفنية؛ لأن الكأس إن "اندحق" فلن يفقد نقطة واحدة بل سيفقد ما فيه كله.

كما أن الجمهور وبخاصة العماني يفترض أن يكون أكثر حرصا على صون هذه الهوية الجمالية والثيمة الرفيعة التي ترسخت حول دار الأوبرا السلطانية، فالمكان هنا ليس مجرد صرح فني، لكنه رمز لوعي ثقافي جمعي تشكّل على مدى سنوات من الجهد والتراكم، لذا فإن تكرار مثل هذه التصرفات العابثة ينبغي أن يُواجه بحزم واضح، يصل ـ إن لزم الأمر ـ إلى منع المتجاوزين من دخول الدار مجددا، حفاظا على هيبة المكان، وسمعته التي ارتبطت دوما بالذوق الرفيع والسلوك الحضاري.

ولا شكّ أن ما ذُكر لا ينتقص من الجهود الكبيرة المبذولة ولا من غنى الموسم بما يحمله من فعاليات نوعية وتفاصيل تستحق الإشادة، وإنما يأتي هذا الحديث من باب الغيرة الصادقة والحرص على أن تبقى عُمان دائما في موقع الريادة والتميّز الفني والثقافي.

مقالات مشابهة

  • ما أبرز المحطات التي مرت بها أزمة التلوث في قابس التونسية؟
  • المالكي : العراق مهدد بكثير من المؤامرات التي تريد اسقاط العملية السياسية
  • رياح قوية وأمواج عالية على هذه السّواحل
  • خلف الكواليس .. ما الرسائل التي حملها فانس إلى نتنياهو بشأن غزة؟
  • ما التحديات التي يواجهها الصحفيون أثناء تغطية الحرب في غزة؟
  • دار الأوبرا السلطانية... منارة الذوق التي لا تحتمل الهزل
  • فتح خطوط تهريب وتنفيذ هجمات.. الحوثي يتمدد في سواحل السودان بغطاء إيراني
  • الفيصل الزبير وفريق المنار يحققان المركز الثالث على حلبة "إنديانابوليس" الأمريكية
  • الفيصل الزبير ثالثا في سباق تحدي إنتركونتيننتال بأمريكا
  • وزير الخارجية: حوكمة البحر الأحمر تظل شأنًا أصيلًا وحصريًا للدول المشاطئة له