الخطاب السامي التأسيسي "يناير 2020".. ركيزة الانطلاق نحو نهضة عُمانية مُتجدِّدة
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
◄ جلالة السلطان يؤكد باستمرار على الشراكة والمسؤولية الوطنية في الحفاظ على مكتسبات التنمية
◄ الخطابات السامية تُرسخ للهوية العُمانية وتدعم اللحمة الوطنية في مواجهة التحديات
◄ علاقة وفاء وولاء صلبة بين جلالة السلطان وأبناء شعبه النجباء
◄ عبقرية الخطابات السامية تتجلى في كونها ترسيخًا للترابط الوطني بين القائد والشعب
◄ الخطابات توظِّف اللغة الرصينة لإيصال رسائل سياسية واقتصادية واجتماعية متعددة
الرؤية- ناصر أبوعون
يُمثِّل الخطاب التأسيسي الأول لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- يوم 20 يناير 2020، ركيزة الانطلاق نحو نهضة عُمانية متجددة تحتفي بالتراث الماضي، وتعتز بمنجزات الحاضر، مستمدةً منه قوتها وعنفوانها، ومؤسِّسة لحاضر مُشرِّف، ومستوعبة لمفردات العصر، وعينها على المستقبل.
أولًا: السياقات الاجتماعية
(أ) سياق اللحظة التاريخية:
بعد خمسين عامًا من انطلاقة النهضة العُمانية واستقرار النظام السياسي في سلطنة عُمان وسيره على وتيرة واحدة في إدارة السياسات الداخلية، والتقنين المنظّم للعلاقات الخارجية رحل السلطان قابوس بن سعيد باني الموجة الأولى من نهضتها، لكن مسيرة الحياة لم تتوقف؛ بل حدثت لحظة اندهاشة بددتها استراتيجية الانتقال الهادئ والسلس للسلطة إلى السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- ليأتي الخطاب التأسيسي في الـ20 من يناير، تطمينيًا ومُركِّزًا على فلسفة "خير خلف لخير سلف"، والسعي إلى البناء على المنجزات والتطوير لا التغيير مستبعدًا فكرة التحولات المُتسارِعة.
(ب) سياق الرؤية الجماهيريّة:
توجّه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في خطابه إلى ثلاثة فئات من الجماهير؛ كلٌّ منها يحمل أيديولوجية راسخة وصورة ذهنية واضحة عن سلطنة عُمان وحُكّام الدولة البوسعيدية، لم تتبدّل عبر القرون. أمّا الفئة الأولى؛ فهي الشعب العُمانيّ القابض على نسيجه الاجتماعي المتماسك، والذي لم ولن ينزلق في دروب الطوأفة، والتحزّب الأعمى والمناطقية المقيتة. أمّا الفئة الثانية فهي قادة وشعوب مجلس التعاون الخليج، والذي تُمثِّل فيه عُمان رُمّانة الميزان؛ بل البيت الرزين الذي تتبدد تحت سقفه سحابات الصيف الطارئة وتزول التحديات الجِسام. أمّا الفئة الثالثة من الجمهور؛ فهي المجتمع الدولي الذي ارتبط بصداقات مُتجذِّرة مع سلطنة عُمان.
وبناءً على ما تقدّم، فإنّ الخطاب يشبه حمامة سلام، له جُنْحَان: الجُنْح الأول محليّ يؤكد على نقطتين استراتيجيتين: (1) تثبيت الثقة المتوارثة من سلاطين الدولة البوسعيدية متمثلة في القيادة الجديدة للسلطان هيثم بن طارق والممتدة تاريخيًا على مر القرون. (2) تثبيت أركان الشرعية السياسية للسُلطة الجديدة. والجُنْح الثاني ينطلق من سياسة الحياد الإيجابي في العلاقات الخارجية لسلطنة عُمان التي ترتكز على التوازن ومبادئ: الحوار وحُسن الجوار والتسامح والانفتاح على العالم وبراجماتية سياسية لا تعتد بالمواقف الأيديولوجية المؤقتة.
(ج) سياق الطبيعة الثقافية:
العقيدة الدينية المعتدلة في سلطنة عُمان هي عمود الخيمة، والقبيلة بقيمها وإرثها وتقاليدها هي الحارس على ثغور الوطن؛ لذلك كان خطاب جلالة السلطان يستنفر شُحنات الهوية واللُحمة الوطنية من طبيعة الوجدان العُماني وخلفيته الدينية فظهرت بعض المفرادات كفلاشات ضوئية تستجلب النظر إلى دلالتها مثل: (الأمانة، والرحمة، وإرادة الله، والوفاء)؛ وهي دعوة سامية إلى استنفار المشاعر الودينية وهَبَّة وطنيّة لحثّ المواطنين على الترابط الاجتماعي والحفاظ على العروة الوثقى للأمة العُمانية كي لا ينقض غزلها صغائر الأمور.
(د) سياق الوظيفة الخطابية:
(1) الاعتزاز بمنجزات السلطان قابوس بن سعيد- طيَّب الله ثراه- على الأصعدة كافةً، والسير على نهجه القويم، بصفته امتدادًا لفلسفة الدولة البوسعيدية القائمة على الحكمة التي وضع لبناتها المؤسس الأول الإمام أحمد بن سعيد.
(2) وَضْعُ الخطوط العريضة لفلسفة الحكم الجديد، والمرتكزة على التطوير لا التغيير، والابتكار والبناء؛ وذلك بهدف ترسيخ الاستقرار كمبدأ في نفوس الشعب.
(3) إقرار دعائم شرعية جديدة مع الإيمان بأنها امتداد طبيعي لفلسفة السلطان قابوس في الحكم.
ثانيًا: السياقات اللُغوية للخطاب:
(1) العناصر التنظيمية للخطاب السامي
(أ) المُفْتَتح الديني للخطاب السامي، وكان يستهدف ترسيخ الطابع الأخلاقي والروحي.
(ب) تأبين السلطان قابوس، لاستحضار الوعي الجمعيّ لدى الشعب العُماني وتأكيد استمرار النهج التاريخي في فلسفة الحكم.
(ج) التعهّد وطنيًا باقتفاء أثر السلطان قابوس وسلاطين دولة آل بوسعيد لتمتين علاقة الشراكة مع الشعب وبناء جسور من الثقة.
(د) التعهّد خارجيًا بالتأكيد على ثوابت السياسة الخارجية وترسيخ الصورة الذهنية لدى دول العالم عن عن حالة الاستقرار في سلطنة عُمان.
(هـ) التعهّد داخليًا والتأكيد على الشراكة والمسؤولية الوطنية في الحفاظ على مكتسبات التنمية، ومبدأ المواطنة، والحفاظ على منظومة الأمن والاستقرار التي يشهد بها العالم لسلطنة عُمان.
(و) اختتام الخطاب بالتأكيد على أواصر العلاقة بين السلطان والمواطنين؛ بما يضمنه من ترابط روحي بين القائد المُفدى وأبناء شعبه الأوفياء.
(2) المعجم اللغوي في الخطاب السامي
(أ) المصطلحات الجامعة والألفاظ المرتبطة دلاليًا:
(1) مصطلح (الاستقرار- القوة) = (جهوزية قوات السلطان المسلحة- الأمن- الاستقرار)؛ للدلالة على حصانة الوطن ومِنْعته.
(2) مصطلح (الوحدة الوطنية) = (التضافر- التعاون- الالتفاف حول القيادة- أبناء عُمان الأوفياء)؛ وهذه المصطلحات توظيف فني لثيمة الانتماء وترسيخ للخطاب الجمعي الواعي.
(3) مصطلح (الدين والقدر) = (المولى- المغفرة- القضاء- إرادة الله)؛ وهذه المصطلحات طبعت في نفوس المواطنين فكرة التسليم الإيماني بأقدار الله في الضراء قبل السراء.
(4) مصطلح (الاستمرارية والوفاء) = (البناء عليه- الحفاظ على المنجزات- السير على النهج)؛ وجاءت تأكيدًا من جلالة السلطان- حفظه الله ورعاه- على قيمة الثبات لا التغيير.
(ب) أسلوب الخطاب وتوظيف الضمائر:
(1) الأسلوب الإنشائي أضفى على الخطاب السامي رؤية دينية يقينية مرتبطة بمنظومة القيم الخُلقية العُمانية؛ كما في قوله: "وفقّكم الله ورعاكم".
(2) أسلوب النداء، والذي تكرر في فقرات الخطاب، وقد استهدف تحقيق غايتين ساميتين؛ الأولى: تمتين العلاقة الأبوية بين (أهل عُمان) منذ القدم وسلاطين آل بوسعيد منذ المؤسس الأول وصولًا إلى السلطان قابوس الذي سلّم الراية للسلطان هيثم، وهذه العلاقة بمثابة عقد اجتماعي غير مكتوب. أما الغاية الأخرى فإنّ أسلوب النداء يعمل كأداة تعبئة جماهيرية مطمئنة لسمت وجداني أصيل لا تُغيِّره ضغوط الحياة المعاصرة.
(3) استعمل جلالة السلطان- أيده الله- (نا) المتكلمين والضمير (نحن) كأسلوب اختصاص؛ بما يحملانه من طاقة أبوية تستغرق في اللطف والتودد للتأكيد على المسؤولية الجماعية في قوله: (نحن عازمون- نؤكد على دعمنا) لإضفاء طابع التشاركية والتعاون بين الحاكم ومواطنيه في المضي قُدُما نحو تحقيق الرخاء والتنمية.
(ج) إيقاع المعنى وحركيّته:
(1) استعمل الخطاب السامي ثيمة التوازي في تركيب الجمل كان يستهدف تحقيق التوازن بين (الماضي/ النهضة المباركة) و(المستقبل/ النهضة المتجددة)، كما في قول جلالته: [الحفاظ على (ما أنجزه)، والبناء عليه].
(2) وظّف الخطاب السامي الجمل الطويلة المتوازنة ذات الإيقاع الخطابي العالي، لبث الشعور الصادق بالوقار والهيبة في نفوس الجماهير.
ثالثًا- رسائل الخطاب السامي:
(1) رسالة خارجية واضحة المعالم للعالم تتضمن تعّهدًا باستمرار الدور الفاعل لسلطنة عُمان على الساحة الدولية (كوسيط حكيم) ونزيه في القضايا الإقليمية والعالمية.
(2) رسالة الهُوِّية الواحدة الجامعة، وأنّ سلطنة عُمان (أمّة واحدة متماسكة) ليس فيها تحزُّبٌ ولا طوأفة.
(3) رسالة تطمينيّة: تأكيد على بقاء النظام السياسيّ راسخ يخضع للتطوير لا للتغيير، ومواكبة متغيرات الحياة العصرية تدريجيا، والمفاجآت ليست من استراتيجياته.
(4) رسالة الشرعية: بالتأكيد على السير على نهج السلطان قابوس ومنهاج المؤسس الأول للدولة في إدارة مقدرات الدولة وترسيخ دعائم نظامها السياسي.
رابعًا: النتائج الإجمالية لتحليل الخطاب السامي:
(1) خطاب سياسي عُمانيّ الملامح والروح له سمتان: برجماتية دبلوماسية ودلالة دينية.
(2) خطاب سياسيّ شكّل جسرًا صُلْبًا بين نهضتين ووصلًا بين عهدين وانتقالًا بين سُلطانين ينتميان إلى المؤسس الأول؛ جذورًا وأرومةً ونهجًا ومنهاجًا.
(3) خطاب سياسي يرتكز على مسارين متوازيين: واقعية سياسية عقلانية برجمانية، وعاطفة وطنية صادقة مخلصة.
(4) خطاب سياسي يوظّف اللغة والوعي الجمعيّ ويتوسّل بالدين- قناعةً وإيمانًا وتطبيقًا- لترسيخ قاعدة شرعية القيادة الجديدة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
رابط تسجيل مواليد غزة 2020 - 2025 للحصول على المساعدات.. التنمية الاجتماعية ومنظومة الطفولة
غزة - صفا
أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية في غزة عن بدء حملة جديدة لتسجيل الأطفال المولودين بين الأعوام 2020 و2025، وذلك بهدف إدراجهم ضمن قوائم الأسر المستفيدة من المساعدات الغذائية والنقدية مستقبلاً.
تأتي هذه الخطوة ضمن جهود الوزارة في حصر وتحديث بيانات الأسر المحتاجة وضمان شمول جميع الأطفال الذين لم يتم تسجيلهم مسبقًا في برامج الدعم الاجتماعي.
رابط تسجيل المواليد 2020 - 2025في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يشهدها قطاع غزة، وتفاقم الأزمات الناتجة عن الحرب والحصار، تأتي هذه المبادرة لحصر وتسجيل الأطفال المولودين في غزة من عام 2020 حتى اللحظة، بهدف ضمان شمولهم في البرامج والمساعدات الإنسانية، خاصة الفئات الأكثر هشاشة.
للتسجيل اضغط هنا
يُرجى إدخال بيانات الطفل وولي الأمر بدقة لتفادي أي أخطاء تؤثر على اعتماد التسجيل.
الفئة المستهدفة الأسر التي لديها أطفال من مواليد 2020 حتى 2025. يشمل التسجيل جميع المناطق في قطاع غزة. الأولوية للأسر المسجلة مسبقًا ضمن برامج وزارة التنمية.تؤكد وزارة التنمية الاجتماعية حرصها على ضمان وصول المساعدات إلى جميع الفئات المحتاجة، وخاصة الأسر التي تضم أطفالًا دون سن الخامسة.