عملية ’’ومكر أولئك هو يبور’’ .. تكامل ونضج التجربة الأمنية اليمنية
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
لم تكن العملية الأمنية النوعية، المعلن عنها مؤخرا من قبل وزارة الداخلية اليمنية، ( #ومكر_أولئك_هو_يبور ) مجرد عملية أمنية عادية، كغيرها من العمليات الأمنية المشابهة لها، في ذات المجال والهدف والأهمية، بل هي عملية أمنية كبيرة في ذاتها، مهمة في مجالها وأهدافها، بالغة الخطورة والتعقيد في تنفيذها وإنجازها، كونها تعاملت مع استهداف استخباراتي مغاير كليا، سواء من حيث طبيعة الشبكة التجسسية، وطريقة عملها ونوعية أنشطتها، أو تطور تقنياتها ووسائلها، وغير ذلك من الاحتياطات والتدابير، التي جعلت مجرد تخيل وجودها، ضربا من الخيال، ناهيك عن إمكانية إسقاطها، في حال وجودها فعلا، أي أنها خضعت لعمليات إعداد وتخطيط، بالغة التعقيد والحذر الشديد، ومن المحال أن تنصرف إليها الشكوك، أو تكشفها الصدفة أو الخبرات والمهارات العادية.
يمانيون / كتابات / إبراهيم محمد الهمداني
خضعت هذه الشبكة التجسسية، لإعداد وتدريب وتأهيل على أعلى المستويات، وإشراف مباشر من قبل أقوى ثلاثة أجهزة استخبارات في العالم، هي المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي والمخابرات السعودية، بالتعاون مع المخابرات البريطانية والفرنسية والألمانية وغيرها، وعبر غرفة العمليات المشتركة في الرياض، تم تزويد الشبكة بأحدث الخبرات والمهارات والتقنيات التجسسية المتطورة، وسخرت كل تلك الدول مجتمعة، كل إمكاناتها واستراتيجياتها ووسائلها، ذات الدقة والفاعلية الفائقة، لتسهيل مهمة الشبكة التجسسية، وتمكينها من تنفيذ أهدافها الإجرامية الخيانية، بنجاح مطلق وموثوقية بالغة.
بعد هزيمتهم الساحقة عسكريا واستخباريا، في حربهم العدوانية على الشعب اليمني، وعجزهم عن إفشال الإسناد اليمني لغزة، وكسر الحصار البحري المفروض على سفنهم، وإيقاف العمليات العسكرية الموجعة، والصواريخ والمسيرات اليمنية المتطورة تباعا، لجأ العدو الأمريكي والإسرائيلي، إلى تجنيد العملاء والجواسيس على الأرض، بهدف جمع معلومات، عن أماكن وقيادات مدنية وعسكرية، من الصف الأول والثاني، والرفع بها إلى غرفة القيادة المشتركة في الرياض، لتقوم بناء على تلك الإحداثيات، بتشكيل بنك أهداف عسكري، ينتج عن استهداف عناصره، عملية اغتيالات واسعة، لقيادات عسكرية ومدنية مرموقة، بما من شأنه إثبات قوة، “يد إسرائيل الطولى”، في الوصول إلى أعدائها والنيل منهم، وقدرتها على اختراق وتدمير مقومات إسناد غزة، وكسر الصمود الشعبي اليمني، ونزع ثقة الشعب في قدرة قيادته، التي عجزت عن حماية نفسها.
يمكن القول إن هذه الشبكة – بما حظيت به من إعداد وتأهيل وتقنيات – كانت الخيار الأكبر، الذي وضعت فيه أمريكا وإسرائيل وحلفائهما وعملائهما، كل رهاناتها وآمالها، في استعادة أسطورة الهيمنة، وخرافات التفوق الاستعماري، التي سقطت على امتداد جغرافيا الجهاد والإسناد والمقاومة، من غزة إلى اليمن، ولذلك عملت هذه القوى وحلفاؤها، على إعداد الشبكة التجسسية، وفق استراتيجية “الخلايا العنقودية”، والعمل الفردي المعزول، حيث يرتبط كل فرد رأسيا، بمسؤوله المباشر في غرفة العمليات في الرياض، دون أن يعرف من هم زملاؤه، على المستوى الأفقي، بحيث يشكل خلية بذاته من ناحية، وفي حال كشفه والقبض عليه، يكون فريسة صفرية معدومة القيمة، من ناحية ثانية، وبذلك يصعب كشف ومعرفة بقية أفراد الخلية، ولم تكن صناعة الجواسيس بهذه الطريقة، هي محور الفرادة في هذه الشبكة، بل تفردت أيضا بالعمل تحت غطاء إنساني، لا تنصرف الأذهان إلى الشك فيه لحظة واحدة، حيث تندمج طبيعة المهمة الاستخبارية، بطبيعة العمل في المجال الإنساني، سواء في مجال المسوحات الميدانية الشاملة، أو من حيث نشاط جمع المعلومات المطلوبة، بالإضافة إلى تزويدها بتقنيات ووسائل تجسسية متطورة، مثل الكاميرات الرقمية المخفية، وتطبيقات التواصل الخاصة، وشبكات الواي فاي والإنترنت الفضائي، وكل واحدة من هذه الوسائل – بحد ذاتها – كافية لجعل مهمة اكتشافها، أكثر من مستحيلة.
لكن لا مستحيل أمام رجال الرجال؛ إنهم فتية آمنوا بربهم، وزادهم هدى وبصيرة وعلما وفهما، وبتكامل الجهود الأمنية والعسكرية والاجتماعية، حدثت المعجزة الكبرى، وسقطت أعتى وأخفى شبكات التجسس، ذات المؤهلات والإمكانات العالمية، وكشفت وزارة الداخلية اليمنية للعالم أجمع، حقيقة الخبث والإجرام الأمريكي الإسرائيلي، وقبح أنشطتهما وقذارة مشاريعهما، وانحطاط أهدافهما وغاياتهما الاستعمارية التسلطية، كما كشفت تفوق القدرات اليمنية، وتكامل وتكاتف القوى الأمنية والعسكرية والمجتمعية، على هدف إسقاط مشروع الهيمنة، وقطع “اليد الطولى” و”الذراع الحديدية” الأمريكية الإسرائيلية إلى الأبد.
حظي هذا الإنجاز الأمني العظيم، بتأييد ومباركة وإشادة محلية وإقليمية وعالمية، وأصبحت تجربة الجهاد والإسناد اليمنية، أنموذج النجاح العالمي، الذي يشار إليه بالبنان، نظرا لما جسده من حنكة القيادة الثورية والقيادة السياسية، وما مثَّله القادة العسكريون من نماذج الوفاء والصدق، والتضحية في سبيل الله، ولم يتوقف الإسهام الشعبي، عند الشراكة في تحقيق هذا الإنجاز الأمني الكبير، بل اتصل بأنشطة الحشد والتعبئة، على نطاق واسع ومستمر، بالإضافة إلى المطالبة بمحاكمة الجواسيس الخونة، لينالوا عقابهم الرادع، وليعرفوا ويعرف من خلفهم، أن لا حصانة لجاسوس أو خائن أو عميل، باع دينه ووطنه، وتورط في الإضرار بوطنه وأهله، واستجابة لتلك المطالب الشعبية، عقدت المحكمة الجزائية المتخصصة بالأمانة، في التاسع من نوفمبر الجاري 2025م، أولى جلسات محاكمة (21) متهما، ضمن شبكة التجسس – الآنفة الذكر – التابعة لغرفة العمليات المشتركة في الرياض.
في الجانب الآخر، كانت تلك الصفعة اليمنية، كافية لجعل أمريكا وإسرائيل والسعودية تصمت، ذهولا ورعبا من هول الضربة المزلزلة، حيث اكتفى كل منهم، بابتلاع غصته وتجرع كأس هزيمته بصمت، دون أدنى تعليق أو إدانة أو تنديد، كما هي عادتهم عند إلقاء القبض على عملائهم، وإسقاط مخططاتهم ومؤامراتهم، غير أن صمتهم هذه المرة، دليل على اعترافهم الضمني، بتبعية تلك الشبكة التجسسية لهم، ومسؤوليتهم الكاملة عن جميع أعمالها الإجرامية، ضد اليمن أرضا وإنسانا، وهو ما أثار غضبا شعبيا واسعا، ضد ثلاثي الشر الصهيوسعوأمريكي، ومطالبات جماهيرية متكررة، باستئناف العمليات العسكرية البحرية، لتأديب ثنائي الإجرام الأمريكي الإسرائيلي، وكذلك ضرورة الحسم العسكري مع العدو السعودي، الذي خان اتفاق وقف التصعيد، ومضى إلى ما هو أخطر وأكبر من حربه العدوانية العلنية، بانخراطه في صف العدو الإسرائيلي، في حربه على غزة، وسعيه لتصفية القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى تآمر السعودي مع الإسرائيلي، ضد محور الجهاد والإسناد، وتقديمه مختلف أشكال الدعم والإسناد، للكيان الإسرائيلي المجرم، في عمليات الاغتيالات الإجرامية القذرة الواسعة، التي نفذها بحق قيادات الصف الأول والثاني والثالث، في محور الجهاد والإسناد بأكمله، وما تورط السعودية في اغتيال شهيد الإسلام والإنسانية سماحة السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، إلا بعض ذلك الدور التآمري القذر، بما يؤكد شراكتها الفعلية، إلى جانب العدو الإسرائيلي، في سفك تلك الدماء الطاهرة، لأعز وأنبل وأشرف وأكرم الرجال المؤمنين الصادقين، الذين باعوا من الله أنفسهم رخيصة، وبهذا سقطت السعودية في زاوية الحرج الأشد ضيقا وانحدارا، خاصة وقد أصبحت محل سخط شعبي عارم، في جميع بلدان الجهاد والإسناد، وهو ما يجعلها تقع في مأزق المواجهة بمفردها، ولن يكون حالها أفضل من حال جواسيسها، في تعويلها على الحماية الأمريكية، رغم أن فاقد الشيء لا يعطيه.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشبکة التجسسیة فی الریاض
إقرأ أيضاً:
من السيول إلى الخدمات المتكاملة.. كيف غيّرت مبادرة «حياة كريمة» الريف المصري؟
كشف الدكتور الحسين حسان، خبير التنمية المحلية، عن الرؤية الأساسية لمبادرة «حياة كريمة» وأسباب اعتبارها أكبر مشروع تنموي في تاريخ مصر. وأوضح خلال لقائه مع أحمد دياب ببرنامج «صباح البلد» على قناة صدى البلد، أن المبادرة استلهمت التجربة الكورية الجنوبية بعد الحرب، لتطوير القرى وجعلها قاعدة لبناء الدولة.
أشار حسان إلى أن الرؤية المصرية ترتكز على إقامة بنية تحتية متينة، ومجمعات خدمية حكومية، وتعزيز الاقتصاد المحلي للقرى، مضيفًا أن المبادرة تُعد «مشروع القرن»، حيث تشمل 4742 قرية و31 ألف عزبة وكفر ونجع، مقارنة بمشروع مماثل في البرازيل شمل ألف قرية فقط.
تحسين جودة الحياة في القرىتحدث خبير التنمية عن الوضع السابق للريف المصري، مؤكداً أن البنية التحتية كانت متدهورة، وكانت القرى تتعرض للسيول وتفتقد الخدمات الأساسية.
وأوضح: «المنازل كانت تعتمد على البيارات، ما تسبب في اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي، كما كانت القرى محرومة من الغاز الطبيعي والمياه النظيفة».
مراحل التنفيذ والتقدم المحققأوضح حسان أن المبادرة تُنفذ على ثلاث مراحل، كل مرحلة تشمل 1500 قرية، وارتفعت ميزانيتها من 700 مليار إلى تريليون و200 مليار جنيه. وقد تم الانتهاء من 86% من المرحلة الأولى، من خلال إنشاء مجمعات خدمية، وتحسين المساكن، وتوصيل الغاز والمياه، مع التركيز على نقل السكان مؤقتًا لإعادة تأهيل المناطق.
وأشار إلى أن التجربة المصرية تختلف عن الكورية في أن الدولة تتحمل التكلفة كاملة، بينما اعتمدت التجربة الكورية على مشاركة المواطنين في البناء، مؤكداً صعوبة تطوير القرى القائمة مقارنة ببناء قرى جديدة بسبب وجود مجتمع حي داخلها.