صحيفة التغيير السودانية:
2025-11-16@15:31:40 GMT

الخرطوميون من نزوح لنزوح

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

الخرطوميون من نزوح لنزوح

خالد فضل

لم تزل الحرب مستعرة بين طرفي العسكر السودانيين , البرهان بعد نزوحه أخيرا إلى بورتسودان بدأ يتولى شؤون الحكم فيما بين يدي جيشه من مناطق , الخشية كلها أن تنشأ حكومة الساحل لتقابلها حكومة النهر أو السهل ! وزارة الخارجية تتحدث بفرح (طفولي) عن حصولها على قطعة أرض في بورتسودان لتقيم فيه , هذا مؤشر مزعج , ووزير الداخلية يتحدث عن تدمير 4مصانع كانت توفر أوراق جواز السفر , وكل الهيئات والمؤسسات في ما بين النهرين تشكو من وطأة الحرب عليها وفقدانها لوثائقها وطمس معالم الدولة واحدة من أخطر نتائج الحرب العبثية , وهو مدعاة في ذات الوقت لوقفها بسرعة حتى يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه .


الخرطوميون , منقسمون ما بين عالقين تحت القصف , وتسقط أخبار القتال من حي لآخر , والإشاعات المضللة من الطرفين المتقاتلين ومن قبلهما وسائط التواصل التي تضج دون حسيب أو رقيب بالغث والسمين , من داع إلى العقل وضد الحرب ومع السلام والحل التفاوضي , إلى ناعق بالكراهية ولغة الذبح (جخ) لمن يعتبره عدوه اللدود , من المؤسف ولوغ إعلاميين كبار في هذا الوحل النتن , وإثارة الكراهية العرقية والجهوية إضافة إلى إثارة الكراهية والتضليل والكذب في المجال السياسي, العالقون بعضهم تقطعت به السبل فلم يقو على الخروج , بعضهم لا يعرف غير الخرطوم وطنا فإلى أين سيخرج , بعضهم نزح إلى الخرطوم أساسا من مناطق الحروب والنزاعات والدمار ولم يحدث تغيير في الأسباب التي أجبرته على النزوح إبتداء , هناك من بقي لأسباب تنظيمية أو سياسية خاصة من بين دعاة الحرب وداعميها , ثمّ لا ننسى من بقي لأسباب النهب والسرقة في ظل إنهيار الدولة وحالة الإستباحة التامة للمينة , هذا قسم من الخرطوميين , أما القسم الآخر , نزح داخليا أو لجأ إلى خارج الحدود , ومصر من أكبر الدول التي استقبلت اللاجئين من نيران الخرطوم ! والولايات القريبة من الخرطوم كانت هي المواقع التي استقبلت أهلها العائدين إليها كنازحين بعد أن غادروها إلى الخرطوم من قبل , فافتحوا للعائد أبواب المدينة مثلما صدح محمد عبدالحي _رحمه الله_ في نشيده الباذخ العودة إلى سنار , وأسباب النزوح إلى الخرطوم شتى , جلّها قسري , فمن لم تزعزعه الحرب والجفاف والتصحر والنزاعات القبلية في حزام الحروب السوداني العتيد , زعزعته أخطاء السياسة المدمرة للمشاريع والخدمات والبنى التحتية ؛ خلال ثلاثينية الإسلاميين البئيسة , جاء إلى الخرطوم طالب الدراسة وطالب العلاج , والباحث عن رزق في الأسواق الجوّالة ولو عبر جركانة موية !سائق الركشة وجالب الحبال والمساويك وتاجر العملة , وبعض الذين ترتبط وظائفهم بالخرطوم كعاصمة مثل كار الإعلاميين , وشخصي منهم , تمددت الخرطوم وتبعجّ مثلثها ليصبح بدون شكل هندسي مسمى , وتقلصت خدماتها إلى مرتبة جلب الماء بالكارو في أعرق الأحياء , والعواسة بالويقود عند انعدام الغاز والفحم , والكهرباء غيب وتعال مع غلاء الأسعار , وصار من بين كل سودانيين اثنين /اثنتان من تحدثه/ها نفسه/ها بالرحيل للخرطوم ( الوليدات كلهم هناك , فضلنا أنا وأبوهم والبت الصغيرة قلنا نتلم عليهم ) هكذا ينطق لسان الحال , والخرطوم تأوي النازحين واللاجئين حتى بات سكانها الأصليون أقلية , فهي مدينة النزوح الكبيرة لوطن لم تشمل أقاليمه خطط التنمية ولم تشهد أرجائه راحة البال , الخرطوم تئن وترزح في فقرها وتمتد في قفرها , وتعمر حتى سوبا , ها هي الآن تتفرتق طوبة طوبة , ييجوسها الجند المتقاتلون , وتدهسها كتائب الموت التي بعثت من جديد بعد كمون قليل , الخرطوم تدكها الطائرات والقنابل المضادة والمسيرات والصواريخ في حملات القوة المميتة , ومثلما نشأت وكبرت نزوحا إليها ها هي تفرغ نزوحا منها وفرارا , فهل من عودة تاني , الله أعلم .

الوسومخالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إلى الخرطوم

إقرأ أيضاً:

المنظمة الدولية للهجرة: نزوح نحو 100 ألف من الفاشر السودانية خلال أسابيع

أكدت المنظمة الدولية للهجرة، نزوح نحو 100 ألف من الفاشر خلال أسابيع، حسبما افادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .

المفوضية الأوروبية للشئون الإنسانية: ندين الفظائع المرتكبة في السودانالضغط الدولي يتزايد.. أمريكا تهاجم «الدعم السريع» في السودان: علينا منع تسليحهم |فيديوالسودان.. الأزمة تتصاعد والضغط الدولي يتزايد على قوات الدعم السريعأول تعليق من السودان على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي


وفي وقت سابق، قالت إيفا هرنتشيروفا المتحدث باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الإنسانية، إنه لا كلمات تصف كارثة السودان الإنسانية، متابعة: “ندين الفظائع المرتكبة، والفاشر تحولت إلى مقبرة للإنسانية”.

وأضافت في تصريحات عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنّ هذه الأزمة سيئة للغاية، والسودان ينزف، مواصلة: "يمكنني أن أقول إنه لا توجد أي كلمات يمكن أن أعبر عن مدى سوء هذه الكارثة الإنسانية، وهذا مختلف عن أي مكان حول العالم حيث كنا نحاول أن نقدم المساعدة".

وتابعت، أنّ هذا الأمر يفوق الاحتياجات الإنسانية الكثيرة والبالغة: "ولهذا نحن نحاول بكل السبل أن نقوم بتوفير المساعدة الأساسية، وأرغب أن أقول أننا واحد من أكبر المتبرعين الإنسانيين إلى السودان في العالم، ومن المهم أيضا للغاية أن نذكر أن الاتحاد الأوروبي يدين كل أنواع الفظائع التي تحدث في السودان بأقوى العبارات الممكنة".

طباعة شارك السودان الخرطوم الفاشر اخبار التوك شو الدعم السريع

مقالات مشابهة

  • ارتفاع أعداد النازحين بمحلية الدبة إلى 40 ألف شخص
  • لماذا منشآت النفط ؟.. عقلية الربح والخراب التي تدير الحرب بالوكالة
  • وصول سارة خليفة والمتهمين في قضية «المخدرات الكبرى» إلى المحكمة
  • مفوضية اللاجئين: نزوح 100 ألف شخص من الفاشر
  • في ظل تصاعد الهجمات واتساع رقعة الاشتباكات.. موجات نزوح من الفاشر السودانية
  • تحذيرات أممية: السودان يعيش حربًا بالوكالة وسط نزوح جماعي ومجاعة وشيكة
  • المهديّة.. صوفية السودان الذين هزموا جيش الخديوي
  • تورك: ندعو لاتخاذ إجراءات ضد الأفراد والشركات التي تؤجج وتستفيد من الحرب بالسودان
  • الهجرة الدولية: نزوح أكثر من 99 ألف شخص من الفاشر خلال أسبوعين
  • المنظمة الدولية للهجرة: نزوح نحو 100 ألف من الفاشر السودانية خلال أسابيع