المرء على دين خليله.. علي جمعة يحذر من مصاحبة رفقاء السوء
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن هناك كثيرا من المتصدرين قد قست قلوبهم عن ذكر الله يُبَدِّعُون الذَّاكِرِين ولا يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ، فأغْلَقَ اللهُ عليهم مَغَالِيق الطريق ولم يَفْتَح عليهم فتوح العارفين به ، فإذا صاحبته انتقلت ظُلْمَةُ قَلْبِه إلى قلبك، والمرءُ على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخَالِل.
واستشهد علي جمعة، في منشور له، بقول سيدنا رسول الله: « الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ».
وذكر علي جمعة، أن مَثَلُ صاحب السوء والخليل الطيب كمثل حامل المسك ونافخ الكير ؛ فحامل المسك إما أن يحذوك بالمسك أو تشم منه رائحة طيبة أو يعطيك من مسكه ، ونافخ الكير إما أن تصيبك ناره فتحرق ثيابك وإما أن تشم منه الرائحة الكريهة، فهكذا الصاحب.
وتابع: والله سبحانه وتعالى يقول : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} قال 'مع الصادقين' ولم يقل من الصادقين، فالْمَعِيَّة تَدُلُّ على الصحبة ؛ والصحبة تؤثرُ فى القلب فتنتقل أنوار الذِّكْر إلى قلبك بالبيئة الصالحة.
وَدَلَّ على ذلك النبى فى قصة الرجل التى قَصَّها علينا قَتَلَ تسعةً وتسعين نفسا ، فسأل عَابِد هل لى توبة ؟ فقال : لا. فقتله فأكمل به المائة، وسأل عالما هل لى توبة؟ فقال له : من الذى يَتَأَلَّه على الله .. من الذى يمنعك من التوبة، ولكن أرى أنك بأرض قومِ سوء - كيف لم يقبضوا عليك ولم يقتلوك وتركوك تقتل منهم مائة - فارحل إلى أرض كذا فإن فيها أقواما يعبدون الله.
كما تابع: إذن لابد عليك أن تَهْجُرَ أصحابَ الظُّلْمَة الذين حرمهم ربنا من الذكر ، وأن تحيط نفسك بالصحبة الصالحة ، الصادقين الذين جعلهم ووفقهم بأن تَلْهَجُ ألسنتُهم بذكره "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله" ، "خيركم من إذا رُؤِىَ ذُكِرَ الله". ويقول سيدي ابن عطاء الله -رضى الله تعالى عنه- : " لاَ تَصْحَبْ مَنْ لاَ يُنْهِضُكَ حَالُه وَلاَ يَدُلُّكَ عَلَى اللهِ مَقَالُه".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة النبي الذكر علی جمعة
إقرأ أيضاً:
منزلة عظيمة .. علي جمعة: شكر الله أرقى من الصبر والرضا
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ان للشكر منزلة عظيمة فهو أرقى من الصبر والرضا كما ذكر صاحب (غذاء الألباب): أن الصبر واجب بلا خلاف، وأرقى منه الرضا، وأرقى منهما الشكر، بأن ترى نفس الفقر مثلا نعمة من الله أنعم بها عليك، وأن له عليك شكرها.
والإكثار من الشكر مستحب خاصة عند تجدد النعمة، كما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يخر لله ساجدا شاكرا له عند سماع خبر فيه نصر أو خير.
وشكر الله يكون على وجهين: شكر العام، وشكر الخاص، فالعام الحمد باللسان، وأن تعرف أن النعمة من الله . والخاص الحمد باللسان والمعرفة بالقلب والخدمة بالأركان وحفظ الجوارح عما لا يحل، وعن محمد بن كعب: الشكر هو العمل، لقوله تعالى : {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} . أي لتحصلوا بأعمالكم الشكر الواجب عليكم.
والشكر لا يكون بالقلب والباطن فحسب، بل يكون بالجوارح فمن شكر الجوارح ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ : أَتَتَكَلَّفُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ : « أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ».
قال رجل لأبي حازم : مَا شُكْرُ الْعَيْنَيْنِ يَا أَبَا حَازِمٍ؟ قَالَ: إِنْ رَأَيْتَ بِهِمَا خَيْرًا أَعْلَنْتَهُ، وَإِنْ رَأَيْتَ بِهِمَا شَرًّا سَتَرْتَهُ.
قَالَ فَمَا شُكْرُ الْيَدَيْنِ؟ قَالَ: لَا تَأْخُذْ بِهِمَا مَا لَيْسَ لَهُمَا، وَلَا تَمْنَعْ حَقًّا لِلَّهِ هُوَ فِيهِمَا.
قَالَ فَمَا هُوَ شُكْرُ الْبَطْنِ؟ قَالَ: أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَهُ طَعَامًا، وَأَعْلَاهُ عِلْمًا.
قَالَ فَمَا شُكْرُ الْفَرْجِ؟ قَالَ: كَمَا قَالَ تعالى :{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُون}.
قَالَ فَمَا شُكْرُ الرِّجْلَيْنِ؟ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ حَيًّا غَبَطْتَهُ اسْتَعْمَلْتَ بِهِمَا عَمَلُهُ، وَإِنْ رَأَيْتَ مَيِّتًا مَقَتَّهُ كَفَفْتَهُمَا عَنْ عَمَلِهِ، وَأَنْتَ شَاكِرٌ لِلَّهِ.
فَأَمَّا مَنْ شَكَرَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَشْكُرْ بِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ ؛ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ كِسَاءٌ، فَأَخَذَ بِطَرْفِهِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ مِنَ الْحَرِّ، وَالْبَرَدِ، وَالثَّلْجِ، وَالْمَطَرِ .
وقال الجنيد –رحمه الله- : الشكر أن لا ترى نفسك أهلا للنعمة .
وهذا إشارة إلى حال من أحوال القلب على الخصوص، وكل منهم يقول بحسب الحال الغالب عليه أو بما يليق بالسائل.