وظُلم ذوي القربى أشد مضاضة
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
أتينا في هذه الحياة الدنيا ضعفاء مساكين لا حول لنا ولا قوة وخرجنا من بطون أمهاتنا إما فرادى كنَّا وإما إخوة أو أشقاء أو جيرانا وسط أسرة وعائلة ومجموعة من الناس، ويفترض من منطلق أننا مسلمون أن نكون كإخوة أو جيرانا أو ناس في أسرة وعائلة واحدة أو ضمتنا مجموعة عمل أو دراسة أو قربى أو معرفة.
يفترض أن نكون متحابين ومتعاضدين ومتكاتفين ومخلصين لبعضنا، ولكن هيهات أن يحصل ذلك للكل في أي أسرة أو عائلة أو مجموعة.
فالشيطان له سبيل على الإنسان البعيد عن الله تعالى، وله سبيل على غير التقي والذي لا يصلي إطلاقًا ومنعدم الأخلاق والفضيلة وحب الخير وفعله والسلوك السوي الحسن، وذلك الفارغ من الإيمان الذي وقر في القلب وصدقه القول والعمل.
وقد أخبرنا إسلامنا الحنيف وديننا الحق، أن نبي الله يعقوب عليه السلام، هو ابن إسحاق عليهما السلام، وإسحاق هو الابن الثاني لابينا إبراهيم عليهما السلام ، وأن سيدنا يعقوب أنجب أولادا من زوجتين.
فالزوجة الأولى أنجبت له سيدنا يوسف عليه السلام، فكاد له إخوته من أبيه غير الأشقاء لما تميَّز به سيدنا يوسف عليه السلام من جمال وأخلاق وصفات ومعاملة طيبة لأبيه.
فتآمر عليه أبناء عمته الذين هم إخوته ولكن ليسوا أشقاء، تآمروا عليه بقتله أو طرحه أرضا برميه في الصحراء تاكله الذئاب، واختلفوا في أذيته وإقصائه وإبعاده عن أبيه، إلى أن توصلوا واتفقوا أخيرا على رميه في غيابت الجب، فسبحان الله.
يقول طرفة بن العبد: "وظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً عَلى المَرءِ من وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ"، فيا الله يا الله إنه كلام مؤلم حقًا.
إن قاطع الرحم ملعون وقاطع الرحم جاهل وقاطع الرحم شقي وقاطع الرحم مُتكبر ومُتغطرس، وقاطع الرحم غير موفق وإنسان فاشل ومفلس من الفضائل والحسنات والأعمال والأفعال والذكرى الطيبة، والله تعالى قال "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ" (الإسراء: 26).
فالظن بالأخ أن يكون مع أخيه محبًا وناصرًا ومخلصًا ومُعينًا له، وخائفًا عليه وحنونًا.
وينطبق هذا القول على الأب تجاه ابنه وعلى الابن تجاه أبيه، وعلى البنت تجاه أبيها وأمها، وعلى الأخ تجاه أبيه وعلى الجيران والأصدقاء والزملاء والمعارف تجاه بعضهم.
فالمرء إن لم يكن فيه خير دائم ومستمر لوالديه أو إخوته أو أقربائه أو أصدقائه أو أبناء عمومته أو أخواله أو جيرانه، فمحال أن يكون فيه خير لغيرهم من النَّاس.
إنَّ الضوابط التي أوضحها الإسلام في التعامل مع الغير أياً كان، معلومة للمسلم القارئ والمطلع والفاهم والقريب من الله تعالى، وتنطلق من الرحمة والشفقة والعطف وحب الخير له وحسن الظن به، والوقوف معه في ملماته ومصائبه، وفي كل صغيرة وكبيرة يمر بها؛ سواء كان ذاك أخا أو الوالدين أو الأصدقاء، انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا؛ فاللهم زدنا علما وارزقنا فهما.
يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخونه ولا يُسلمه ولا يخذله، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلمٍ كربةً من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومَن ستر مُسلمًا ستره الله يوم القيامة.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: لأن يمشي أحدكم في حاجة أخيه حتى تقضى له خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرا.
فالخيانة في النفس والعرض والشرف والمال لا يجب أن تأتي من القريب المسلم المؤمن أيا كان، ولا يجب أن تحدث من الجار ولا من المؤمن للمؤمن،
ولا يجب أن يكذبه إذا حدثه في أخباره وذكر أحواله، ولا أن يخذله إذا وردت إليه المصائب، وتواردت عليه المحن والحتن.
فالواجب أن لا يغتابه ولا يذمه ولا يشتمه أو ينم فيه، ولا ينبغي أن يتحدث عنه بسوء وراء ظهره، وفي حضرة ناس أو غير ذلك.
إن الأخ أو الجار أو القريب أو الصديق يجب أن يكون مع أخيه أو جاره أو صديقه في ظروف ذل أو ضعف أو إهانة أو حاجة، مبادرا على الدوام في نصرته وإعانته بشكل تنفرج معه ضائقته.
لا يجوز للمسلم أن يضيع إعانته لمسلم مثله، أو أن يقعد أو يتخاذل عن نصرته أو يتعامى عن شدائده أو ابتلاءاته.
ناهيك لو كان ذاك المسلم أخًا أو قريبًا أو جارًا أو صديقًا، فاللهم إنا نعوذ بك من غدر اللئام وما حوته مصائب الأيام ودمتم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إرشادات دقيقة لأداء مناسك الحج والعمرة كما فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم
مع اقتراب موسم الحج لهذا العام، يستعد المسلمون في مختلف أنحاء العالم لأداء فريضة الحج، بينما يقوم البعض بأداء العمرة قبل الحج.
ولتيسير أداء المناسك على الحجاج والمعتمرين، نرصد خلال السطور التالية كافة الخطوات التي يجب على الحاج أو المعتمر اتباعها كي يؤدي مناسكه كما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تعرف على مبطلات الحج.. أخطاء قد تُفسد أعظم الشعائر كن حذرًا داعية: الحيض لا يمنع المرأة من الإحرام أو أداء مناسك الحج(فيديو) دخول مكةعند وصولك إلى مكة المكرمة، يجب على الحاج أو المعتمر أولًا أن يطمئن على أمتعته في مكان إقامته، ثم يغتسل إن أمكن، أو يتوضأ إن لم يستطع الاغتسال.
دخول المسجد الحرامبعد ذلك، يتوجه الحاج أو المعتمر إلى المسجد الحرام للطواف. إذا كنت قد نويت العمرة، فعليك أداء طواف العمرة، أما إذا كنت قد نويت الحج، فتؤدي طواف القدوم. عند رؤية الكعبة المشرفة، كبِّر وقل: "الحمد لله الذي بلَّغني بيته الحرام، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ومغفرتك، اللهم زد بيتك هذا تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزد مَن شرَّفه وكرَّمه -ممن حجه أو اعتمره- تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًّا، اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا دار السلام" ثم ادع الله بما يفتح عليك.
الدعاء في هذا المكان مبارك ومقبول بإذن الله.
الطواف بالبيتبعد ذلك، يتوجه الحاج أو المعتمر إلى مكان الطواف، حيث يبدأ الطواف مع استقبال الكعبة المشرفة. ويستحسن أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود، ويستمر الطواف حول الكعبة سبعة أشواط. يسن استلام الحجر الأسود وتقبيله، وفي حال تعذر ذلك، يمكن الإشارة إليه.
يُفضل أن يكثر الحاج أو المعتمر من ذكر الله ودعائه أثناء الطواف، مع الحرص على عدم الإضرار بالآخرين في المكان.
ركعتا الطوافبعد إتمام الطواف، يتوجه الحاج أو المعتمر إلى مقام إبراهيم لصلاة ركعتين بعد الطواف. وفي حال عدم وجود مكان في مقام إبراهيم، يمكن الصلاة في أي مكان داخل المسجد الحرام.
الشرب من ماء زمزمبعد الطواف، يتوجه الحاج إلى صنابير ماء زمزم لشرب الماء الطاهر المبارك. يتم الشرب بنية تحقيق ما يحتاجه الشخص من خيري الدنيا والآخرة.
السعي بين الصفا والمروةبعد ذلك، يبدأ الحاج السعي بين الصفا والمروة، مبتدئًا من الصفا، حيث يهلل ويكبر مستقبلًا الكعبة، ثم يمضي في المسار بين الصفا والمروة حتى يتم سبعة أشواط. يسرع الحاج في المسار بين الميلين الأخضرين، وهو ما يعرف بالهرولة، وهذه خاصية للرجال فقط.
التحلل من العمرةبعد السعي، يتحلل الحاج أو المعتمر من إحرامه بحلق رأسه أو تقصير شعره. وفي حالة النساء، يُفضل التقصير فقط دون الحلق. بهذه الخطوة، يصبح الحاج أو المعتمر حلالًا من إحرامه.
طواف القدوم للحاج المفردإذا كان الحاج قد نوى الحج فقط، فيجب عليه بعد وصوله إلى مكة الطواف طواف القدوم، ويمكن تأجيل السعي بين الصفا والمروة إلى ما بعد طواف الإفاضة. ويظل الحاج محرمًا حتى يؤدي مناسك الحج كاملة.
الإحرام للحجفي اليوم الثامن من شهر ذي الحجة (يوم التروية)، يتهيأ الحاج للإحرام بالحج. عليه أن يرتدي ملابس الإحرام ويصلي ركعتين في المسجد الحرام. بعد ذلك، يردد: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
المبيت بمنىفي يوم التروية، يتوجه الحجاج إلى منى ليلًا، حيث يؤديون صلاة الظهر والمغرب والعشاء، ثم يبيتوا هناك حتى الصباح.
الوقوف بعرفةيعد الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة هو الركن الأعظم للحج.
يجب على الحاج أن يكون موجودًا في عرفة من بعد الظهر وحتى فجر يوم العاشر من ذي الحجة، ويُفضل الدعاء بقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» واخشع وتذلل لربك نادما على ذنبك وخطاياك، راجيا عفوه، طامعا في رحمته ورضوانه، متمثلا يوم الحشر الأكبر؛ فإن عرفة صورة منه، فقد حشر فيه الخلق من كل جوانب الأرض حجاجًا".
الصلاة بمسجد نمرةيصلي الحجاج الظهر والعصر يوم التاسع مقصورين في مسجد نمرة مع الإمام، ثم يتوجهون إلى مزدلفة بعد غروب الشمس.
الذهاب إلى منى ورمي جمرة العقبةفي صباح يوم النحر، يتوجه الحاج إلى منى لرمي جمرة العقبة. يجب رميها بسبع حصيات، مع ترديد قول: "بسم الله والله أكبر رغمًا للشيطان وحزبه، اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا".
التحلل من إحرام الحجبعد رمي جمرة العقبة، يقوم الحاج بحلق رأسه أو تقصير شعره، وبالتالي يتحلل من إحرامه. يمكنه بعد ذلك أن يستمتع بكل ما كان محرمًا عليه باستثناء الاتصال الجنسي، الذي يصبح محرمًا حتى طواف الإفاضة.
طواف الإفاضةيجب على الحاج بعد رمي جمرة العقبة والطواف حول الكعبة أداء طواف الإفاضة، ثم الصلاة في مقام إبراهيم وشرب ماء زمزم.
المبيت بمنى ورمي باقي الجمراتبعد طواف الإفاضة، يعود الحاج إلى منى في يومي الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة. عليه رمي الجمرات الثلاث في كل من هذين اليومين بسبع حصيات لكل منها.
ختام مناسك الحجفي اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، إذا قرر الحاج البقاء في منى، عليه رمي الجمرات الثلاث مرة أخرى.
بمجرد إتمام جميع هذه المناسك، يكون الحاج قد أدى مناسكه وفقًا للشرع، وتم تحلله النهائي.