الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق المدنيين بالجزيرة أدت إلى قرار معاقبة زعيمهم، الصادر من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية – وكالة استخبارات مالية أمريكية، بتنفيذ من وزارة الخزانة، وكما عهدنا منظومة الإسلام السياسي منذ مجيئها للحكم عبر الانقلاب العسكري، أنها تلف الحبل حول رقبتها بسبب عقليتها الأصولية المتشددة، وقد شهد العالم بشاعة الجرائم التي ارتكبتها بمدينة ود مدني بعد انسحاب قوات الدعم السريع، فصدمت الشعوب المحبة للسلام بانتهاكاتها لحق الانسان في الحياة، وذبحه من الوريد إلى الوريد، بأسلوب يتطابق مع طرائق تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام، ومعلوم أن الجماعة الاخوانية المتدثرة برداء الجيش في السودان، والتي جعلت من ميناء بورتسودان عاصمة مؤقتة، أنها تسير على ذات نهج حركات ومنظمات التطرف الديني الناشطة في الإقليم، ومع اجتهاد اعلامها المضلل منذ زمان سطوة نظامها البائد، وضخها لكم هائل من البيانات المرئية والمسموعة والمقروءة – المفبركة، في محاولات يائسة لإقناع العالمين العربي والإفريقي، بخلو منظومتهم غير الشرعية المتواجدة ببورتسودان، من الكادر الاخواني المتطرف مصاص الدماء، إلّا أن انتهاكاتها لحقوق الانسان بولاية الجزيرة أعادت حسابات الدول الجارة والأخرى الصديقة، وأجبرتها على الإدانة والرفض والشجب الذي وصل مداه محاصرة رأس المافيا بقرار الخزانة الأمريكية، والذي طال أيضاً أعوانه التابعين لنفس التنظيم الإرهابي، الخادمين له بتزويده بالقنابل السامة والمحرمة دولياً، التي تم اسقاطها على مدن دارفور – الكومة، نيالا، كبكابية، كتم، مليط، لقد اتخذ قرار ابعاد هذا التنظيم الاخواني من المشهد من قبل الدوائر الإقليمية والدولية، فبالرغم من أن هذا التنظيم المختطف لسيادة الدولة والسارق لقيادة الجيش حاول خداع العالم كل الوقت، لكنه فشل في تمرير الخديعة هذا الوقت.
من حمق الفلول وسقوط القناع عن وجههم الإجرامي المحترف، ردود أفعال المواطنين بدولة جنوب السودان وتضامنهم مع اخوتهم المقتولين غدراً، على أيدي مجرمي كتائب الإرهاب الاخواني بولاية الجزيرة، فتعرض الفلول لمواطني الجنوب هو القشة التي قصمت ظهر بعير ما تبقى من علاقات، بين حكومة جنوب السودان ومافيا الاخوان ببورتسودان، وبذلك يكون الفلول قد ضيّقوا الخناق حول أعناقهم بتوسيع دائرة العداء مع الجوار السوداني، ففي الشهور السابقة اختلقوا أزمة مع الجارة الغربية، وهذا الديدن هو مسلك طبيعي لهذه المافيا المرتدية للباس الدين الذي هو بريء منها براءة يوسف، ومنذ تأسيس حكمهم المبني على الباطل وسفك الدماء من يومهم الأول، سدروا في غي وحمق بتخريب علاقات السودان بجواره الإفريقي والعربي ومحيطه العالمي، وأثبتوا بالدليل أنهم غير جديرين بتولي زمام أمر هذا البلد العملاق، الذي تنظر إليه الحكومات بعين العشم في الإفادة والاستفادة، وكغيرها من الأنظمة الثيوقراطية تسير عصابة بورتسودان بخطى حثيثة نحو هاوية السقوط النهائي، فما عادت المجتمعات والشعوب والحكومات تسمح بوجود منظومة تمتهن الجريمة المنظمة، والانتهاك الصارخ والصريح للقانون الدولي، والتخطيط والتنفيذ للغارات الجوية على المدنيين، ورمي القنابل المحرمة دولياً على رؤوسهم، وهذا الجنون الذي يسلكه رموز الحكم المختطف وغير الشرعي، مآله وصول هؤلاء الرموز لذات النهايات، التي ختمت أنظمة الحكم الباطشة من حولنا – سوريا وليبيا وتونس – التي أوصلت الطغاة فيها لمكب نفايات التاريخ، الذي تتجمع في قاعه قمامات رموز التطرف والإرهاب والجريمة المنظمة، فما يحدث حتمية تاريخية ماضية إلى غاية واحدة، هي ختام المسلسل الدموي الممتد من سنين، وإغلاق أبدي لمصنع الموت المصدر بضاعته للمدنيين وحدهم وليس سواهم.
اليوم بلغ الضعف منتهاه بخاطفي قرار الدولة السودانية المجتمعين بميناء السودان، وذلك بمحاولاتهم اليائسة في إرجاع عقارب الساعة للوراء بالانصياع لمطلب الحكم المدني ، لكن فات الأوان كما تغنى الراحل صلاح بن البادية، وما كتب على جبين جماعة الإرهاب الاخواني قد بان بينونة كبري في ولاية الجزيرة، فالعبادة لا تجدي بعد نفخ الصور، والمثل السوداني يقول (تاباها ممحلة تكوسها قروض)، والظالمون قلوبهم غلف، لا يتبينون طريق الرشاد إلّا بعد أن تبلغ الروح الحلقوم، ولا يرعوون إلّا بعد التفاف الساق بالساق، ولا يعون الدرس إلا بعد سوقهم إلى ربهم للحساب على ما اقترفوه من ذنب بحق الأبرياء، وعلم القاصي والداني دنو أجلهم المحتوم يوم أن هربوا شرقاً، وجعلوا الشعب المرجانية ترسانات علّها تقيهم شر الطوفان القادم من الخرطوم اتي تركوها خلفهم، فالطاغوت محطته الأخيرة واحدة، وذلك من زمان نوح حتى عصر بن علي والقذافي وبشّار، فالطاغية لا يرى بعين البصيرة، فهو بصري الرؤية أعمى البصيرة، يصدق ما تراه العين من بريق زائف، لذا نجد أن جميع الطغاة لم يدركوا اللحظة الفاصلة، فبشار ترك خصوصياته الخاصة التي نشرها الثوار، والقذافي نسى ألبوم صور عشيقته الأمريكية السمراء طويلة القامة ممشوقة القوام، وهكذا تسوق الأقدار من أزهق الأرواح عبثاً إلى حيث تشاء لا إلى حيث يشاء.
إسماعيل عبد الله
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الرجل الذي حطم بي بي سي
استقالات تهزّ الـBBC وتكشف عمق الأزمة
استقالة المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية تيم ديفي، ومديرة الأخبار ديبورا تورنِس؛ بسبب تعديل في برنامج بانوراما على خطاب للرئيس الأميركي دونالد ترامب يعود إلى عام 2021، أدخلت هيئة البث الوطنية في المملكة المتحدة في واحدة من أعمق الأزمات في تاريخها.
لكن الفضيحة لم تبدأ ببرنامج واحد أو بخطأ واحد في التقدير. فالقريب من مركز هذه الأزمة هو روبي غيب، الرجل الذي أمضى أكثر من عقد يشكّل تغطية BBC السياسية، متنقلا بين الهيئة وحكومة المحافظين، بينما يدفع بمشروعه الحزبي الخاص الذي شوّه صحافة المؤسسة في قضايا بريكست، وترامب، وفي نهاية المطاف غزة.
لقد كان روبي غيب شخصية مؤثرة تقف في ظلال الحياة العامة في المملكة المتحدة لوقت طويل، حتى إن مجرد تسميته اليوم علنا ومناقشته يبعث على الارتياح. فحتى فضيحة بانوراما والاستقالات التي فجّرتها، نادرا ما خضع للتدقيق خارج الدوائر السياسية والإعلامية. أما الآن فقد أصبح فجأة في صدارة العناوين وموضوعا لنقاش محتدم على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يحاول الناس فهم كيف تمكن شخص غير منتخب من امتلاك كل هذا النفوذ.
روبي غيب: نفوذ خفي يعيد تشكيل الإعلام والسياسة البريطانيةومن الصعب العثور على شخص آخر مارس تأثيرا واسعا على الحياة العامة في بريطانيا دون أي مساءلة، ومن داخل مكتب رئيس الوزراء رقم 10 ومن داخل الـBBC. فقد كان غيب، على الأرجح، اليد الخفية الأكثر تأثيرا – وإن كانت مخفية- في سياسات البريكست، وحزب المحافظين، وإسرائيل، بينما كان يتنقل بين اثنتين من أهم مؤسسات البلاد: رئيس فريق Westminster فيBBC، ثم رئيس الإعلام في مكتب رئيس الوزراء، ثم أصبح عضوا محوريا في مجلس إدارة BBC يؤثر مباشرة في أخبارها.
ولم يطرأ تغيير كبير على دوافعه أو أسلوب عمله بين هذه المناصب؛ إذ كان مدفوعا بقناعة راسخة مفادها أنه وحده القادر على الوقوف بوجه ما يراه “نخبوية مستيقظة” يسارية وليبرالية مهيمنة داخل BBC، وضمان الحياد. لكنه، وهو يحاول ذلك، دمّر أي مفهوم حقيقي للحياد، ما أدى إلى الأزمة الحالية في BBC، والمعركة التي تبلغ قيمتها مليار دولار مع ترامب، والانهيار الحاد في مصداقية تغطيتها لغزة.
لا يعرف أحد سوى غِيب ما إذا كان قد تعمّد دفع الـBBC إلى الوضع الذي تواجه فيه الآن دعوى قضائية قد تصل قيمتها إلى مليار دولار من رئيس أميركي حالي، لكن تأثيره وتحالفاته كانا في قلب سلسلة القرارات التي قادت إلى ذلك
تآكل الحياد داخل الـBBC وتداخل النفوذ الحزبيبصفتي رئيس تحرير قناة Channel 4 News بين عامي 2012 و2022، كانت لي خبرة مع غيب منذ اللحظة التي عُيّن فيها سكرتيرا صحفيا في مقر رئاسة الوزراء رقم 10 عام 2017. فقد كان ميله لإدارة التغطية السياسية بطرق تخدم مشروعه السياسي الخاص واضحا منذ البداية. فمنذ اللحظة الأولى، قام بتقييد وصول Channel 4 News إلى وزراء الحكومة بشكل كبير، في حين ظل هذا الوصول متاحا بحرية للـBBC، وهو ما عكس العلاقات الوثيقة التي بناها خلال سنوات قضاها مشرفا على أجزاء من التغطية السياسية في القناة. كان غيب معروفا داخل الـBBC بدعمه الممتد منذ سنوات طويلة للبريكست، وهي قضية دافع عنها منذ عمله في حزب المحافظين بين عامي 1997 و2002. ولم يكن سلوكه في مقر رئاسة الوزراء تجاه الـBBC مختلفا كثيرا عن سلوكه خلال سنواته في القناة؛ فقد استبدل السيطرة المباشرة على المحتوى بالمساومة على الوصول، بما سمح له بالاستمرار في تشكيل السياسة البريطانية. وكان يمتلك أرقام كل العاملين في القسم السياسي في BBC على الاتصال السريع.
إعلانوتدهورت العلاقات عام 2018 عندما أصبحت Channel 4 News أول محطة تبث تغطية لفضيحة “ويندراش”. فقد تبيّن أن مئات المواطنين البريطانيين السود، الذين وصل معظمهم من منطقة الكاريبي قبل أكثر من 50 عاما، قد جرى اعتقالهم خطأ، وترحيلهم، وحرمانهم من حقوقهم القانونية.
وكانت الفضيحة نتيجة سياسات نفذتها تيريزا ماي في دورها السابق كوزيرة للداخلية. ومع استمرارنا في تغطية الأعداد المتزايدة من الضحايا المسنين، كان ردّ غيب عنيفا. فقد منع Channel 4 News من إجراء مقابلات مع رئيسة الوزراء وغيرها من الوزراء، وقيل إنه أخبر مساعديه بأننا “نثرثر بلا توقف حول شيء لا يهتم به أحد”.
ثم مدّد هذا الحظر ليشمل مؤتمر حزب المحافظين، مانعا إيانا من المشاركة في جولة المقابلات التقليدية مع رئيس الوزراء، وهي ممارسة استمرت لعقود. وقد وقّع كل المذيعين الآخرين، بما في ذلك BBC، رسالة تحذّر من أن هذا الحظر يخلق سابقة خطيرة. وقد اقترب مني زميل سابق لغيب من الـBBC خلال المؤتمر ليقول: “إنه يغلي غضبا، إنه في قمة استيائه”.
وقد أخبرني العديد من صحفيي BBC في ذلك الوقت بأن غيب كان لا يزال، عمليا، يوجّه أجزاء من التغطية السياسية للـBBC من داخل مقر رئاسة الوزراء، مستخدما نفوذه وعلاقاته الممتدة منذ سنوات لتحديد ما يتم تغطيته، ومن يُسمح له بالحصول على الوصول.
وقال كثيرون إنهم واجهوا صعوبة في التمييز بين غيب في BBC وغيب في مقر رئاسة الوزراء؛ لأنه واصل التأثير على القرارات الجوهرية. وكانت إحدى أهم ميزات وجوده في مقر رئاسة الوزراء، هي تأثيره على تغطية الـBBC لفترة ما بعد البريكست.
فقد اختارت BBC ألّا تنظر إلى الوراء ولا تحقق فيما حدث خلال الاستفتاء، على عكس Channel 4 News التي طاردت تحقيقات “Vote Leave” و”Cambridge Analytica”. وأخبرني عدد من زملاء BBC لاحقا بأن هذا التردد في التدقيق في الاستفتاء لم يكن جديدا، بل كان يعكس الطريقة التي كان غيب يعمل بها في الزمن الحقيقي عندما أشرف على المحتوى السياسي للـBBC أثناء الحملة نفسها.
في عام 2019، حصلنا على رسائل بريد إلكتروني بين آرون بانكس، المموّل الأكبر لحملة الخروج من الاتحاد الأوروبي، وبين غيب، أُرسلت قبيل الاستفتاء. أظهرت الرسائل أن بانكس اشتكى لغيب من تحقيق تُجريه الـBBC حول محاولات الاتحاد الأوروبي بناء دعم داخل المجتمعات اليمينية المتطرفة على الإنترنت، وطلب من غيب التدخل. وبعد أن أثار بانكس مخاوفه لدى غيب، تم إسقاط التحقيق. وقالت الـBBC إن القصة لم تستوفِ المعايير التحريرية، لكن بعد أسابيع، نُشر التحقيق نفسه في صحيفة صنداي تايمز.
كما أخبر آرون بانكس في ذلك الوقت غيبَ بأن نايجل فاراج لا يظهر بما يكفي على الـBBC. وفي الأشهر التي سبقت الاستفتاء، بدأ فاراج يظهر مرارا وتكرارا عبر مختلف منصات البث في المؤسسة.
في عام 2019، وبعد مغادرة غيب مكتب رئيس الوزراء رقم 10 مع تيريزا ماي، عيّنه بوريس جونسون عضوا في مجلس إدارة الـBBC، وهو منصب مؤثر لا يُفترض به التدخل في القرارات التحريرية اليومية. ومع ذلك، ظهرت ادعاءات عديدة بأنه استمر في فعل ذلك، بما في ذلك محاولات عرقلة التعيينات، وزياراته المتكررة لغرف الأخبار، وتدخله المستمر في الشؤون التحريرية.
إعلانوفي عام 2020، استحوذ على حصة مسيطرة في صحيفة "جويش كورينكل"- أقدم صحيفة يهودية في العالم، والتي لطالما عُدَّت صوت الجالية اليهودية في بريطانيا-وذلك نيابة عن ممولين لم يُكشف عن هويتهم، ثم انحازت الصحيفة بشكل حاد نحو اليمين. وقد استقال عدد من أبرز صحفييها وسط مزاعم بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يؤثر في تغطيتها.
حدث كل ذلك بينما كان غيب، بصفته صاحب الخبرة التحريرية الكبرى في مجلس إدارة الـBBC، يمارس- وفقا للادعاءات – نفوذا متزايدا وهيمنة واضحة، على الرغم من القواعد التي تحظر على أعضاء المجلس التدخل المباشر في التحرير. وفي حالة غيب، يبدو واضحا أن العادات القديمة لا تموت بسهولة.
الأزمة تتفاقم: من البريكست إلى غزة وبانوراما وترامببعد الهجوم الذي شنّته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة لمدة عامين، والذي دمّر معظم القطاع الفلسطيني وقتل أكثر من 70 ألف شخص، بينهم 20 ألف طفل، أخبرني عدد من المصادر بأن غيب، بصفته الصوت التحريري الأقوى داخل مجلس إدارة الـBBC، كان يمارس ضغوطا على قسم الأخبار في الهيئة بشأن تغطيتها لإسرائيل منذ اليوم الأول.
وقد بلغت هذه الضغوط ذروتها في فبراير/شباط، عندما بثّت الـBBC ، ثم سحبت، فيلم غزة: كيف تنجو من منطقة حرب. عقب ذلك، قامت الـBBC بتأجيل تحقيقنا حول تدمير إسرائيل منظومة الرعاية الصحية في غزة، ومقتل أكثر من 1500 من العاملين الطبيين. وقدّمت الهيئة سلسلة من المبررات، قبل أن تعترف في النهاية بأنها لن تبث التحقيق، بينما تراجع الفيلم الآخر.
لقد كان قرارا استثنائيا وغير مسبوق، أدى فعليا إلى إسكات وتخفيف تغطيتهم للموضوع. وبعد أن كشفنا الأمر للعلن، جرى بث فيلم غزة: أطباء تحت الهجوم، ولكن ليس على الـBBC ، بل على قناة Channel 4 News.
قيل لي إن مجلس الإدارة، تحت تأثير غيب، دفع تيم ديفي وديبورا تيرنيس عمليا إلى إخفاء موقفهما من فيلمنا أولا، ثم مطالبتنا بإجراء تغييرات جوهرية عليه، قبل أن يبلّغانا في النهاية بأن الـBBC ستبث فقط ثلاثة مقاطع مدة كل منها دقيقة واحدة من تحقيقنا الذي تبلغ مدته 65 دقيقة، عبر منصاتها الإخبارية.
كان هذا الفيلم يتناول قصف المستشفيات وإخلاءها، واستهداف وقتل الأطباء والمسعفين وعائلاتهم، واعتقال وتعذيب المئات غيرهم. وقد سبق أن حصل على الموافقة التحريرية داخل الـBBC، ثم بُثّ لاحقا على Channel 4 News، وكذلك على منصة مهدي حسن الجديدة Zeteo من دون تسجيل أي شكاوى.
ومنذ ذلك الحين، رُشّح الفيلم للعديد من الجوائز، وبدأ الآن في الفوز بها بالفعل.
في النهاية، يبدو أنّ ديفي وتيرنيس لم يسقطا لا لأنهما وقفا في وجه غِيب، بل لأنهما تعاملا ببطء شديد مع الأزمة التي ساهم عالم غِيب في صنعها. فبعد سنوات من الضغط المتواصل بشأن تغطية غزة، وتزايد الشكاوى من التحيّز، جاء المونتاج المضلِّل لحلقة بانوراما عن خطاب ترامب، واستجابتهما المترددة للهجوم القانوني والسياسي الذي أعقبه، لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير.
ولا يعرف أحد سوى غِيب ما إذا كان قد تعمّد دفع الـBBC إلى الوضع الذي تواجه فيه الآن دعوى قضائية قد تصل قيمتها إلى مليار دولار من رئيس أميركي حالي، لكن تأثيره وتحالفاته كانا في قلب سلسلة القرارات التي قادت إلى ذلك.
والآن، بينما يختبئ غِيب، يمكن أخيرا رؤية مهمته الممتدة لعقود لإعادة تشكيل هيئة الإذاعة الوطنية وفق أجندته السياسية الخاصة، متخفّية تحت شعار "الدفاع عن الحياد" كما هي حقا: كارثة مطلقة على الـBBC وعلى الجمهور الذي وُجدت لخدمته.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline