صحيفة صدى:
2025-05-15@06:12:05 GMT

لا تحرق أعصابك

تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT

لا تحرق أعصابك

نحن نعيش في أزمنة متقدمة، وقد تعددت الخيارات المعيشية، وأصبح الواحد منا يحتار من أين يحصل على الخيار المناسب، وهذا من نعم الله علينا، ومع تلك الخيارات المتعددة، نعتقد أننا نستطيع أن نحدد الخيارات ذات الجودة العالية وبأقل الأسعار، وقد نرهق أنفسنا ونحملها ما لا تطيق، وذلك لتوفير تلك الخيارات التي قد ينعكس أثرها على الصحة من خلال البحث عن الأقل تكلفة، ونضيع الأوقات في البحث، قد نحصل على ما كنا نبحث عنه من سلع وخدمات ونزعم أنها ذات جودة، ونكتشف غير ذلك أو نرى ما هو أقل منها تكلفة، فهنا يحرق بعضنا نفسه بلومٍ وحسرة، وكيف مرّ عليه ذلك الخيار دون التأكد منه، وقد لا ينام الليل من جلد الذات.

وهذا ما نحذّر منه: لا تعكس على نفسك السلبية، ولا تجعل من نفسك ضحية للغرور أو تعتقد أنك فاتتك فرصة مناسبة لم تُقتنَص فـ”تحرق أعصابك”، والأمثلة في ذلك كثيرة، مثل من يقول: “كانت الأراضي في ذلك الزمان تُباع المتر بكذا، واليوم قد تضاعف العدد، وقد فاتتني تلك الفرصة”، أو قد يبيع الأرض أو السيارة وغيرها، ثم يتضاعف السعر، فيحرق أعصابه، لماذا فاتته تلك الفرصة وكان مغفلاً.

وقس على ذلك الكثير من حرق الأعصاب لأجل دنيا زائلة، نحن لا نقول: لا تفكر بذلك، ولكن رفقًا بنفسك، وسل الله الخيرة في أمرك، وإذا أقدمت على أمر ما، فلا تتحسر على ما يترتب عليه من مضاعفات، أو رزق وفير قد ساقه الله لغيرك.

الله عز وجل هو من وزع الأرزاق بين عباده، وهو الرزاق ذو القوة المتين، مهما فعلت من الأسباب، فإن الله عز وجل هو من يتصرف في الكون ويقدر تلك الأسباب، ويهب لمن يشاء البنات، ويهب لمن يشاء البنين، فقدرته مطلقة، عندما نعلم ذلك، فلنسلم الأمر لله، ونفعل الأسباب، ولا نحرق الأعصاب، عندما تفوت فرصة، قد نحب شيئًا وهو شرٌ لنا، وقد نكره شيئًا وهو خيرٌ لنا.

النفس مثل الجوهرة، كلما حافظت عليها من الكدر والمنغصات، استصحت وعاشت بسلام، فلا تضيق عليها بأمور الدنيا، وتجعلها في محزن لأجل أمر يمكن أن يتعوض بأمر الله، كم من إنسان قد بلغت ثروته رقمًا صعبًا، ثم شاء الله أن تتراجع إلى أقل القليل لأمر قد خرج عن السيطرة والحسابات المالية.

فلا تحرق أعصابك، وتندب حظك؛ فالمال يمكن تعويضه بمال آخر، ولكن الصحة لا يمكن أن تعوض، لا تحزن وتحرق أعصابك على سوق الأسهم عندما يرتفع أو ينخفض؛ عوّد نفسك على التسليم فيما قدر الله، وتجاوز تلك المرحلة، وانطلق مرة أخرى، لا تحرق أعصابك على فراق من تحب، إما بمفارقته في الحياة الدنيا أو بمجاورته فيها، فالحياة لن تستمر لأحد، كل سيفارقها، فإذا فارقت عزيزًا بموت، فلا تحرق نفسك وتقتلها بالبكاء والنحيب، وضرب الخدود، وكأنك ستعيد من فارقت بذلك.

وكذلك عندما تفارق من كان غاليًا على قلبك في الدنيا لأسباب دنيوية من أجل نزغة شيطانية، ثم تحرق أعصابك لكي يعود، وقد لا يعود، وتندب حظك وكأن الدنيا قد توقفت، نعلم أن الفراق عزيز، ولكن قد يكون خيرًا؛ فالله قد أحاط علمه بكل شيء، فلا تحرق أعصابك، فالذي قفاه قادر على إعادته، فاقلب الصفحة وأكمل حياتك، لاتحرق أعصابك على ابنك عندما ترسم له خارطة الطريق ثم يزوغ عنها وقد بذلت جهدك لهدايته وتذكر قول الله تعالى (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ).

إن من الضروريات الخمس التي حثّ عليها ديننا حفظ النفس، فمن الحفاظ عليها عدم لومها وإضعافها بحرق الأعصاب بفوات فرص أو الخطأ في الاختيار الدنيوي،فنسأل الله أن يرزقنا القناعة، وأن يحفظ علينا أنفسنا ومن نحب، وأن يرزقنا اللين واللطف والمحبة في أمورنا كلها .

المصدر: صحيفة صدى

إقرأ أيضاً:

عندما يصنع الحزب سياسة تعليمية عاقلة

عندما يصنع #الحزب #سياسة_تعليمية_عاقلة

#الدكتور_محمود_المساد
شاركت أمس بندوة ناضجة، وعميقة أطلق فيها الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني “ورقة موقف حول التعليم والمناهج”، تصلح، بل تؤسّس لمستقبل الوطن من المدخل الوحيد الصحيح – التعليم والمناهج – توجّه الحزب بها للمجتمع الأردني بكل مكوّناته، وأطيافه، من دون تمييز، أو إقصاء؛ ليرسم – بعد تشخيصه الدقيق لواقع التعليم الأردني – إطار العمل السياسي الذي قد ينهض بالتعليم، والمتعلمين الذين هم بحق رأس مال الدولة البشري الذي يبني بتميزه، ومعرفته قوّة الدولة الأردنية، ومستقبلها المنيعالمزدهر.
أتوقع – إن أرادت الجهات المعنيّة أن تقرأ الورقة بعناية واضحة، وفهم تام، ووعي ناضج، ورغبة طموحة – فبمقدورها أنتلتقط جملة من الرسائل التي بوساطتها تقود إلى التغيير الشامل المنشود، الذي تتحقق به الآمال، وهذه الرسائل هي:
1- التعليم شأن مجتمعي يجب أن لا يُترَك للتربويّين فحسب،فهو أداة الدولة في تشكيل أفراد مجتمعها بالشكل، واللون الذي تريده، ويعكس بحق مكوّنات مجتمعها وأطيافه. وهنا يلزم تحديد السّمات، والخصائص التي تريدها، بل وتطمح إليها في الخريج بوصفه منتَجًا لعملها، وفي ضوء ذلك يتم تقييمها عليه.
2- العمل على إعادة تصويب مسيرة التعليم نحو هدفه الرئيس،وهو المتعلم/ المتعلمة، بعد أن انحرف التعليم بهدفه نحو المحتوى، واقتصر على حفظه، واستذكاره على أوراق الاختبارات، مع العلم أنها أدوات فقط لإعمال العقل، واكتساب مهارات التفكير، وإنتاج المعرفة.
3- الوصول إلى اليقين بأن المتعلم/ المتعلمة هما المُدخل الرئيس لنظام التعليم، وأن المجتمع جاء بهما للمدرسة من أجل التعلم،وليس من أجل الاستماع فقط. ففي التعلم يتفاعل الطلبة مع الموقف التعلمي بحواسهم كافة، في حين ما نمارسه حاليا يقتصر على الاستماع، وبث المعلم لما يعرف. وهنا يجدر القول:إن هناك فرقًا بين المسجد والمدرسة، في المسجد يجب الاستماع، وفي المدرسة يجب التفاعل، والتأمل، والانغماس،والتعبير، والاستمتاع.
4- مراعاة حاجات المجتمع الحقيقية المتنوعة بشكل يضمن المساواة، والعدالة، وتكافؤ الفرص. لقد ابتعد نظام التعليم عنها إلى تهميش فئات وطبقات، وبخاصة الأطراف، والتحيز الواضح للأغنياء وأصحاب المواقع المؤثرة، حتى بات التعليم حِكرًا عليهم، وعلى أبنائهم، ومواقعهم محفوظة بعد تخرجهم،وغيرهم ينتظر إعلانات التوظيف، على الرغم من بيع الأرض الوريث الوحيد من أجل دراسة الأبناء.
5- كبح جماح تراجع شروط الحضانة الصحية لبيئات المواقف التعلمية، حيث غدت مملة، وباهتة، وجافة، وقلقة. والحاجة ملحّةلبيئات حاضنة، ودافئة، وحافزة، وإيجابية التواصل.
6- بذل الجهود المخلصة لإعادة هيبة المعلم ومكانته، كونه الأساس الأهم للتعليم الناجح. نعم، لقد بات المعلم فاقدًا مكانته داخل الوسط الاجتماعي، وفاقدًا تقدير الآخر له، ( مع الفارق بين الذكور، والإناث )، والحاجة اليوم ملحّة بدرجة عالية لإعادة الألق إليه من جديد، والاهتمام بمكانته معنويّا، ومِهْنيّا، وماديّا؛ وهو كما نعلم جميعا أنه القدوة الصالحة،وأن يحظى باحترام شديد؛ من أجل أن نصل به إلى ما يريده الوطن، ويصبو إليه من منَعة، وازدهار.
7- ومن دون تحسين كل ما سبق بشكل شامل ومتكامل، فلا أمل بمستقبل مناسِب!!.

مقالات مشابهة

  • بعد زلزال كريت| حماية إلهية لأم الدنيا.. وعباس شراقي: موقع مصر الجيولوجي في أكثر الأماكن الآمنة بالعالم
  • من حقّي أن أتكلّم.. عندما يصبح صوت الطّفل قوة لا يُستهان بها
  • طارق حجي: ذُهلت عندما فاز مرسي في الانتخابات
  • 5 أبطال قهروا السرطان وكتبوا قصص نجاح رياضية ملهمة
  • إلغاء إدانة بريطاني بالقتل بعد 38 سنة من السجن
  • تأتأة الأطفال.. صوت متقطع وثقة لا يجب أن تنكسر
  • عندما تذوب الأوهام في بحر المصالح
  • بعد تكريمها في مهرجان أسوان.. لبلبة: أمي كانت خير صديقة لي.. و«ماما» أجمل كلمة في الدنيا
  • عندما يصنع الحزب سياسة تعليمية عاقلة
  • عندما يحين الوقت