أُقيمت صباح اليوم في قاعة الفعاليات الثقافية بجامعة السلطان قابوس محاضرة علمية بعنوان "أقدم آلة موسيقية نحاسية في شبه الجزيرة العربية والمبنى الطقسي (SI) في موقع دهوى الأثري بولاية صُحم"، قدّمها الأستاذ الدكتور خالد دغلس، أستاذ الآثار في قسم الآثار بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، حيث نظمت الفعالية بالشراكة بين الجامعة والجمعية التاريخية العُمانية، وقد شهدت حضورا لعدد من الأكاديميين والباحثين والمهتمين بالآثار والتاريخ الثقافي.
واستعرض
المحاضرة تفاصيل أحد أبرز الاكتشافات الأثرية الحديثة في سلطنة عُمان والمتمثل في العثور على زوج مكتمل من الصَّنْجات النحاسية أثناء أعمال التنقيب الأثري في موقع دهوى 7 الواقع على أطراف وادي السخن بولاية صُحم بمحافظة شمال الباطنة ضمن بعثة علمية مشتركة بين جامعة السلطان قابوس ووزارة التراث والسياحة. وبيّنت المحاضرة أن هذا الاكتشاف يُعد الأقدم من نوعه في شبه الجزيرة العربية، إذ تؤكد الدراسات الأولية أن الصنوج تعود إلى فترة أمّ النار (2600 – 2000 قبل الميلاد)، وهي الحقبة
التي شهدت ازدهارا حضاريا واسعا في المنطقة، و أن الصنجين عُثر عليهما في المبنى الطقسي (SI) بالموقع، وهو مبنى تميّز بتخطيطه المعماري الخاص واحتوائه على معالم تُشير إلى استخدامات طقسية أو رمزية. وجاء في المحاضرة إلى أن الصنج المكتشف عبارة عن زوج من الأقراص النحاسية الدائرية متقاربة الحجم، ذات سطح مصقول وقبّة مركزية صغيرة تتوسطها فتحة دقيقة تُستخدم على الأرجح لتثبيت رباط أو مقبض، وتُصدر هذه الأدوات أصواتا رنانة عند تصادمها، ما يجعلها من الآلات الإيقاعية الرنّانة التي تعتمد على اهتزاز المعدن نفسه لإنتاج الصوت. وبيّن المحاضر أن وجود الصنوج في موقع أثري بهذه القدم يعكس أن المجتمعات العُمانية القديمة مارست شكلا من أشكال الأداء الموسيقي أو الطقوسي المنظم، وربما استُخدمت هذه الآلة في احتفالات جماعية أو شعائر مرتبطة بالمعتقدات الدينية آنذاك، كما أن الصنعة المتقنة للنحاس ونقاء سبائكه يدلان على تطور مبكر في تقنيات التعدين والمعالجة المعدنية في تلك الفترة، وهي سمة معروفة في مواقع حضارة أمّ النار، وأن الصنجين يشيران كذلك إلى تواصل حضاري بين عُمان وحضارة وادي السند. وكشفت المحاضرة عن أبعاد مهمّة في دراسة ثقافة أمّ النار والبدايات الأولى للاستقرار في عُمان، وعن بعض نتائج التنقيبات الأثرية التي استمرّت في موقع دهوى من عام 2013 حتى عام 2021، والتي أسفرت عن اكتشاف المبنى الطقسي S1، أقدم معبد معروف حتى الآن على مستوى شبه الجزيرة العُمانية – في سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة. وتميّز المعبد بموقعه المرتفع والمطل على المستوطنة، والقريب من قناةٍ مائية، وبمرافقه الفريدة مثل المنصّة التي يُرجّح استخدامها لتقديم القرابين، والحوض المخصّص لأغراض الطهارة، والمذابح الواقعة خلف المعبد، بالإضافة إلى المكتشفات اللافتة مثل الإبريق الفخاري المميز ذي الصنبورين الذي قدّم أقدم دليل على استخدام اللبان في شمال عُمان، وآلة الصَّنْج الموسيقية النحاسية التي وُجدت على أرضية المعبد، واتّضح أن مادتها مصنّعة محليًا من عُمان، يعرض هذا المكتشف الأثري المميز في متحف الآثار بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية في دلالةٍ على الإبداع التقني والعلاقات الثقافية الواسعة التي ربطت عُمان بوادي السند في تلك الحقبة المبكرة، إذ عُرفت هذه الآلة في تلك المناطق منذ الألف الثالث قبل الميلاد، ما يعزز فرضية انخراط المجتمع العُماني القديم في شبكات تبادل ثقافي وتجاري واسعة النطاق شملت المواد والأفكار والعادات الفنية والطقسية. وختم المحاضر بالتأكيد على أن هذا الاكتشاف يفتح آفاقا جديدة لفهم تاريخ الموسيقى في سلطنة عُمان، ويقدّم دليلا ماديا نادرا على أن الصوت والإيقاع كانا جزءا من الحياة الروحية والاجتماعية للسكان القدماء، مؤكدا في ختام المحاضرة على أهمية استمرار التعاون بين جامعة السلطان قابوس ووزارة التراث والسياحة بتوثيق هذا التراث المادي واللامادي وصونه، وربطه بمسار الهوية الثقافية العُمانية عبر العصور
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية:
السلطان قابوس
الع مانیة
إقرأ أيضاً:
تعامد الشمس على معبد أبو سمبل الأثري جنوبي أسوان في صعيد مصر
القاهرة "د.ب.أ": مع تعامد الشمس على معبد أبو سمبل الأثري جنوبي أسوان في صعيد مصر، صباح الأربعاء، في ظاهرة فلكية تحدث يومي 22 من أكتوبر، و22 من فبراير من كل عام، وتجذب آلاف السياح. يتزايد إقبال عشاق الظواهر الفلكية في العالم على زيارة المعابد المصرية القديمة التي تشهد ظواهر فلكية نادرة في كل عام.
وبحسب بيان للجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، فإن ما بات يعرف بـ "سياحة الفلك" بات نمطا جديدا ينتشر في مقاصد السياحة الثقافية في مصر، وخاصة في المدن التي تضم عشرات المعابد المصرية القديمة التي شيدت قبل آلاف السنين. حيث أشار البيان إلى أن جهودا تبذل للترويج لذلك النمط السياحي الجديد، وجذب المزيد من الزوار من عشاق سياحة الفلك بالعالم.
وكانت الشمس قد تعامدت صباح اليوم على معبد أبو سمبل جنوبي أسوان، حيث تسللت أشعة الشمس لتضيىء ظلمة الغرفة المقدسة بالمعبد، وتتعامد على وجه الملك رمسيس الثاني، في حضور آلاف السياح، وجرى التعامد على وقع استعراضات فلكلورية قدمتها 8 فرق من فرق الفنون الشعبية المصرية التي قدمت من محافظات مختلفة للمشاركة في الاحتفال بتلك الظاهرة التي تؤكد على براعة قدماء المصريين في علوم الفلك والهندسة.