في كل معرض للأدب والمعرفة والفكر، يطلع علينا كُتاب وكاتبات جدد جميعهم يكتبون الرواية، أسماء لا نعرفها وأخرى نعرف أنها تمارس أنواعاً أخرى من الكتابة، مثل كتابة القصة القصيرة أو الشعر وغير ذلك، وفجأة تجدهم يطلعون عليك بأعمال هزيلة لا أعرف من الذي يمنحها صك الموافقة على النشر، حقيقة هو أمر يثير الدهشة والتساؤلات حول من يكتب؟، ولماذا؟، وكيف؟، ولمن يوجّه ما يكتب؟، ما الرسالة التي يحملها ككاتب يرى في نفسه المقدرة على مخاطبة الناس؟، وتقديم ما يَكتب لهم، وعلى طاولة انتقادهم، قبولهم أو عدم قبولهم بما يكتب.


هل من الضروري أن يكون الجميع كتّاباً؟، ما الذي يأخذهم نحو هذا البحر الشاسع؟، كيف يجرؤون على الخوض فيه دون طوق نجاة؟، من سوّل لهم بذلك؟، من أسرّ لهم بأنهم كُتابٌ حقيقيون، قادرون على كسر قالب اللغة، وتفتيت الكلمات، وتفجير الوعي؟، قد يقول قائل ماذا دهاكِ؟، ولماذا أنتِ ضد الكُتّاب الجدد؟، وأنا حقيقةً لستُ ضدّ أحد، كما أنني لستُ مع نظرية ليكتب من يكتب ما يشاء، لأن القضية لا تُدار بهذا الشكل، هناك أخلاقيات وقيم تتكئ عليها موهبة وليس مهنة الكتابة.
الذي أعرفه وأنا أشتغل على الكتابة منذ نعومة أظفاري، أنها جهاد واجتهاد، وأنها تحتاج إلى دُربةٍ ووقتٍ وصبرٍ وتقانة، وأنها تجربة مخيفة، وأن الكلمة مسؤولية، والمسؤولية تقتضي أن لا يكون لدينا هذا الزخم من الأعمال التي لو قرأتها لتبرأت من الكثير منها، ذلك لأنها لا تصل إلى مستوى الإبداع الأصيل والحقيقي، هي كلمات يتم رصّها رصّاً، ومحاولات للظهور على حساب الكيف، وقد تلعب التكنولوجيا الحديثة ومواقع الكتابة السهلة دوراً كبيراً فيما نشاهده من فوضى النشر، فمن نُصدّق يا تُرى؟.
أعتقد أن من المهم أن تكون هناك لجنة قراءة للأعمال التي تقدّم للحصول على الموافقات على النشر، تضطلعُ بمهمة المراجعة الدقيقة لتلك الأعمال، والتعامل بحزمٍ مع ما يقدّم إنصافاً للكلمة، وللإبداع، لأن ما يُنشر اليوم يُوثق للغد، والغد يعني تراكماً كمياً وكيفياً للمنتج الإبداعي، ذاك المُنتج الذي تسهر عليه الليالي، وتراجعه ألف مرّة قبل الدفع به للمطابع، وليس الذي تدفعه دفعاً نحو القارئ لتوهمه بأنك كاتب متمرس، ولكنّ الحقيقة غير ذلك.
الكتابة ليست ترفاً، إنها نزف صادق من أعماق النفس، هي مزيج من معارف وخبرات وتجارب، وسنوات من الكدّ والتعب بين الحروف والكلمات، من لم يعبر بهذه الممرات العميقة عليه أن يراجع نفسه قبل أن يذهب في هذا الطريق كي لا يتعثر، فيندم.

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: متحف مصر الكبير شيخة الجابري تكتب: متحف العين.. تاريخ يتحدث

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: شيخة الجابري أحوال

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: (قال الزمان)

وقال البروفيسور حسين أبو صالح عن بلدٍ اسمه السودان:
(إسلانج) بُرطانة الناس هناك معناها إحياء الموتى، لأنه هناك كان حيث عاد حوت موسى إلى الحياة.
وهذا يعني أن موسى والعبد الصالح كِلاهما من السودان.
قال: والمكان الذي جلس فيه موسى ليستريح هو مكان بنك السودان الآن.
قال: ومجلة بحوث أمريكية تقول إن الأقمار تقول إن أخصب منطقة في الأرض هي… توتي.
قال: واتجهوا إلى جبل مرة، الذي هو برج الماء،
دوتر تور… (جبل الطور) حيث كلّم الله موسى تكليمًا.
قال: ولا جبل في الأرض فيه سبع عيون إلا جبل مرة، وتوتيل هي منطقة سيدنا داوود، وموسى عليه السلام تزوج من كوش… والبجا سلالةٌ منهم.
قال: وفي الضعين قلتُ في محاضرة إن الصراع في السودان يذهب إلى تقسيم السودان:
الجنوب، ثم الغرب… ثم الشمالية، أبو حمد ومناطق أخرى إلى مصر.
ولما دخل خليل إبراهيم الخرطوم، قلتُ للناس إن ذلك لا يغيّر من أسلوب (انتشار الزيت في الثوب)، بمعنى تمدد الابتلاع.
قال آخر: وموجة شراء البيوت التي كانت تريد شراء الخرطوم بيوتًا ومزارع وأسواقًا، وناس (هم المتعاونون فيما بعد).
وعوارة الأسلوب جعلت الناس تنتبه إلى ما يجري، وإلى ما تحته.
وتغيير الأسلوب… الأسلوب وليس الهدف… هو ما صنع الدعم،
وكان إفراغ المدن من أهلها هدفًا في ذاته.
أبو صالح، الذي يُحدث عن الأنبياء في السودان، يقول ما هو أكثر غرابة.
قال: اليهود قالوا: نبحث عن طعام الجنة… طعام مواصفاته هي تمامًا مواصفات… الصمغ،
والصمغ لا يوجد إلا في السودان.
ويوم نجحت الصين في زراعة الصمغ، رفضت الأشجار إنتاج كعكول واحد.
والكركدي لا ينبت إلا في السودان، ولما نجحت دولة في زراعته، خرجت الثمار… مسيخة، مسيخة، كأنها أوراق الكراسات.
قال المفكر الضخم أبو صالح:
في الزمان كله، الدولة العظيمة تنبت من رمادها، هي ذاتها، بعد كارثةٍ عسكرية أو كارثةٍ طبيعية.
ونحن الآن عندنا من الكوارث ما يكفي عشرين دولة

إسحق أحمد فضل الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: خلق السعادة
  • خبير آثار: المصريون يحتضنون حضارتهم التى علمت العالم الكتابة والطب والهندسة
  • إجماع دولي على اختيار شيخة النويس لمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة
  • حاصد البوكر باول لينتش: الكتابة بحث مستمر عن الحقيقة الإنسانية
  • بن شيخة: “الاتحاد في تحسن مستمر واللاعبون يقاتلون فوق الميدان”
  • هل يقع الطلاق من خلال الكتابة في الرسائل الإلكترونية؟.. الإفتاء تجيب
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (قال الزمان)
  • د. هبة عيد تكتب: الهيبة التي تصنعها الأخلاق
  • أحمد عبدالله مسيرة من الإبداع بين الكتابة والإخراج