ذكرى الشهيد نبض الخلود في قلب الأمة
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
صفاء العوامي
ليست ذكرى الشهيد مجرد يوم في التقويم نرفع فيه الشعارات، أو نلقي فيه الخطب الرنانة. إنها حقيقة أعمق من ذلك بكثير، إنها جُرح نازف في قلب الأمة، ووشاح فخر على صدرها، وعهد دائم بين الماضي والمستقبل. هي اللحظة التي تذوب فيها الفردية في بوتقة الجماعة، لتصنع معنى الخلود،هي المواقف التي تُجسد معاني الإيثار .
عندما نتذكر الشهيد، فإننا لا نستحضر صورة الموت، بل نستحضر قوة الحياة بكل معانيها. فالشهيد لم يمت، إنه انتقل من حيز الجسد الفاني إلى فضاء الذكرى الخالدة، إلى ضيافة الرحمن ، من عالم الزمن إلى عالم الدروس والعبر. هو ذلك الكائن الذي وهب أغلى ما يملك – حياته – دفاعاً عن دين الله وفي سبيله ودفاعا عن تراب الوطن، وعن كرامة الإنسان، وعن قيم يؤمن بها. لذا، فإن ذكراه ليست مناسبة للحزن فحسب، بل هي احتفاء بالشجاعة التي تتحدى الخوف، وبالتضحية التي تهزم الأنانية،وتذكير بخير تبديل حيثُ استبدل الشهداء الحياة الفانية، بحياة الخلد الباقية.
فالشهيد يمثل على المستوى الوطني، حجر الأساس في بناء الدولة وشرعية وجودها. هو الدم الذي روى شجرة الحرية، والدرع الذي حمى حرمة الأرض. كل شارع باسم شهيد، كل مدرسة، كل ملعب، هو تذكير دائم بأن هذا الوطن وحريتهُ وكرامتهُ لم تُمنح هدية، بل كان لها ثمناً باهظاً دُفع من أجل أن نتنفس هواءه الآمن. الشهيد هو الرمز الذي يوحد الشعب تحت راية واحدة، راية الوفاء والانتماء، ويجعل من مفهوم “الوطن” كائناً حياً ينبض في ضمير كل مواطن.
أما على المستوى الإنساني، تذكرنا تضحية الشهيد بأسمى قيم الإنسانية، _الإيمان، الحب، والعطاء بلا حدود._ إنها درس في أن هناك ما هو أهم من الحياة ذاتها، إنها المبادئ والمقدسات.
الشهيد يختزل في قصته معنى “الاختيار” في أصعب لحظات الحقيقة، حين يقف الإنسان على مفترق طرق بين البقاء من أجل ذاته، أو العطاء من أجل الآخرين. فيختار ببطولة أن يكون شعلة تنير الطريق للأجيال القادمة.
أما على المستوى الأسري، فذكرى الشهيد هي جرح لا يندمل، ولكنه في الوقت نفسه مصدر فخر لا ينضب. إنها الألم الممزوج بالعزة. العائلة التي تقدم شهيداً هي عائلة قدمت للوطن أغلى ما لديها، فاكتسبت مكانة روحية وأخلاقية في المجتمع. هم حراس الذكرى، يحملون راية الشرف وينقلون قصة التضحية من جيل إلى جيل، لتبقى حية نابضة في ضمير الأمة.
ذكرى الشهيد ليست مجرد استذكار . إنها مسؤولية جسيمة تقع على عاتق الأحياء. هي التزام. التزام بأن لا نخذل ذلك الدم الطاهر، بأن نعمل بجد وإخلاص لأكمال الطريق الذي استشهد من أجله. بأن نكون عند مستوى التضحية، في إخلاصنا في العمل، في صدقنا في القول، في حبنا للوطن، وفي دفاعنا عن الحق. أن نجعله حياً بأفعالنا، لا بمجرد دموعنا، وخطاباتنا.
في الختام، ذكرى الشهيد هي الضمير الحي للأمة. هي البوصلة التي ترشدنا إلى طريق الشرف، والنبراس الذي يضيء علينا دروب المسؤولية. إنها تذكرنا بأن الأرض لا تُحمى بالكلمات، بل بالدماء الزكية، وبأن الحرية لها ثمن، وأن الشهادة ليست نهاية، بل هي بداية الخلود.
فلتكن ذكراهم شعلة في قلوبنا، تدفئنا بالإيمان، وتنير لنا الدرب، وتذكرنا دوماً بأن أرضنا ليست تراباً فحسب، بل هي أرواح طاهرة، سكنت التراب لتبقى الأرواح حرة عزيزة.
“ولا تَحسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.”
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: ذکرى الشهید التی ت
إقرأ أيضاً:
مفتي الديار اليمنية يبارك الانجاز الامني الذي تكلل بكشف شبكة التجسس
وفي الفعالية التي حضرها القائم بأعمال رئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح، ووزيرا الخدمة المدنية والتطوير الإداري الدكتور خالد الحوالي، والتربية والتعليم والبحث العلمي حسن الصعدي، أكد مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، أن الشهداء لهم منزلة عظيمة عند الله لصدقهم وتضحياتهم في سبيل الحق.
واعتبر الذكرى السنوية للشهيد محطة إيمانية لمعرفة معنى الإيمان الحقيقي بالله عز وجل، الذي جسده الشهداء بعطائهم وبذلهم لأغلى ما يملكون، معبرين بذلك عن مدى ارتباطهم وحبهم الكبير لله الذي اصطفاهم وكرمهم.
وأشار إلى أن الشهداء انطلقوا من إيمانهم بأنهم على الحق، وضد الظلم والطغيان، ودفاعا عن الأمة ومقدساتها والمستضعفين.. مشددا على أن واجب الجميع إكرام أسر الشهداء ورعايتها والاهتمام بها.
وأكد العلامة شرف الدين أهمية إحياء هذه الذكرى لاستلهام معاني البطولة والشجاعة والعطاء والتضحية التي جسدها الشهداء، وترسيخ ثقافة الجهاد والاستشهاد في أوساط المجتمع، وتجديد العهد بالسير عل درب الشهداء والمضي على نهجهم.
وبارك الإنجاز الأمني الكبير المتمثل بالعملية النوعية "ومكرُ أولئكَ هو يبور" التي تكللت بالكشف عن شبكة تجسس تابعة لغرفة عمليات مشتركة بين المخابراتِ الأمريكية، والموسادِ الإسرائيلي، والمخابراتِ السعودية، مقرُها على الأراضي السعودية وإلقاء القبض على عدد من عناصرها.
ولفت إلى أن هذا الإنجاز الأمني النوعي يعود الفضل فيه بعد الله تعالى للحس واليقظة الأمنية، والوعي بحقيقة وأبعاد المؤامرة الصهيونية التي يحاول من خلالها أعداء الأمة وأذنابهم في المنطقة إضعاف دور اليمن المساند لقضايا الوطن والأمة.
وأكد مفتي الديار اليمنية أن من يطبع مع اليهود ويقف مع أمريكا وإسرائيل ليس من المسلمين.. لافتا إلى أن من يتحالف أو يتعاون مع أعداء الأمة هو مرتد عن الدين.
وفي الفعالية التي حضرها نائب وزير الخدمة المدنية أنس سفيان، ورئيس هيئة التأمينات والمعاشات إبراهيم الحيفي، وعميد المعهد الوطني للعلوم الإدارية الدكتور محمد القطابري، أشار رئيس مؤسسة التأمينات الاجتماعية شرف الدين الكحلاني إلى أن إحياء ذكرى الشهيد يجسد الوفاء للشهداء والاعتزاز بما قدموه من تضحيات في سبيل الله والدفاع عن الوطن واستقلاله.
وأكد على أهمية الاقتداء بالشهداء في السلوك والعمل والإخلاص.. مشيرا إلى أن تضحيات الشهداء تفرض على الجميع مسؤوليات كبيرة لمواجهة التحديات.
واعتبر ذكرى الشهيد محطة للتعبئة والتأهيل وشحذ الهمم وتوحيد الجهود والعمل الدؤوب وتقوية الجبهة الداخلية، وتعزيز مسارات الإسناد لقضايا الأمة المركزية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وكان وزير الخدمة المدنية والتطوير الإداري، افتتح على هامش الفعالية معرض صور الشهداء من منتسبي الوزارة والوحدات التابعة لها.
تخللت الفعالية بحضور وكلاء وزارة الخدمة المدنية لقطاعات شؤون الوظيفة العامة علي الكبسي، والتقييم والتدريب العزي الحطامي، والنظم وسياسات الموارد البشرية شكري عبد المولى، ونائب رئيس هيئة التأمينات والمعاشات عبدالسلام الكحلاني، والوكيل الفني بالهيئة عارف العواضي، فقرات إنشادية لفرقة دار الأيتام.