جفاف الروصيرص.. ماذا فعل سد النهضة بمنسوب النيل في السودان؟
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
كثر الحديث خلال الفترة الماضية عن انهيار سد النهضة، وأضراره الجسيمة على مصر والسودان، ولعل الخلاف بين دولتي المصب وإثيوبيا لم يعد مقتصر على فترات ملء وتشغيل السد، وإنما كيفية الحد من الخطر المتوقع، حال تعرض السد لأي خلل أو حادث انهيار، حيث يعتبر الخبراء، أن سد النهضة وغيره من السدود، خاصة المتواجدة منها على الأنهار الكبيرة، أنها قنابل تهدد الشعوب التي تسكن في مجراها.
السدود قنابل موقوتة
ولعل انهيار السدود الليبية، نتيجة إعصار دانيال، دق ناقوس الخطر، لما قد يحدث للشعب السوداني، حال انهيار سد النهضة، خاصة وأن السد بني قرب أكثر المناطق في أفريقيا نشطة بالزلازل وتتعرض لهزات أرضية متتالية ومتفاوتة الشدة، في ظل غياب الدراسات الكافية، حول المنطقة التي شيدت فيها أديس أبابا، سد النهضة ومدى تحملها جسم السد، وكمية المياه الضخمة المخزنة في بحيرته.
ما يثير التخوفات حول ما يمكن أن يحدث حال انهيار سد النهضة، هو أن الكوارث الطبيعية، لا يمكن التنبؤ بها في معظم الأحوال، كما أنه لا يمكن السيطرة على مدى شدتها، وما فعله إعصار دانيال في مدينة درنة الليبية من تدمير سدين في المدينة وانهيار ما يقرب من 5 جسور وكباري، واقتلاع أشجار وهدم مبان كثيرة، متسببا في وفاة ما لا يقل عن 5300 شخص، في حين أن البحر لا يزال يلقي بعشرات الجثث.
وأكد المتحدث باسم الجيش الليبي، أحمد المسماري، أن الكارثة تفاقمت بعد انهيار سدود درنة، لتجرف أحياء بأكملها إلى البحر، وسبب الانهيار هو كمية المياه المتراكة والغير المتوقعة التي سقطت على خزات السدود
ولكن في حالة سد النهضة، ينقسم الخطر الخاص به إلى قمسين:
الأول هو تخزين كميات كبيرة من المياه، من حصة مصر والسودان.الثاني هو أن تخزين كميات كبيرة من المياه، يهدد بطوفان على السودان حال تعرض السد لأي كارثة طبيعية.جفاف سد الروصيرصفيما يتعلق بالخطر الأول، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن فيما يتعلق بالأمن المائي في السودان، ومخزون سد الروصيرص، فقد استغرق الملء الرابع لسد النهضة، معظم موسم الأمطار هذا العام، وانتهى قبل نهاية الموسم الرئيسي بـ 3 أسابيع، وبالتحديد في 9 سبتمبر الجاري، بتخزين 24 مليار متر مكعب أي 50% من الإيراد السنوي للنيل الأزرق، ما يساهم بحوالي 60% من الإيراد الكلي للنيل.
وأضاف شراقي، أن التخزين الرابع، أثر في نقص مخزون سد الروصيرص والذي تبلغ سعته حوالى 7 مليار م3، ويتم حاليا حاليا التخزين من المياه التى تمر على الممر الأوسط بتدفق حوالى 300 مليون م3 يوميا، بعد أن كان يستقبل 600 مليون م3 فى شهر أغسطس، ويتضح في الصورة المرفقة والمقارنة بحالة ملء خزان سد الروصيرص العام الماضى.
وفيما يتعلق، بالخطر الثاني الذي قد يتسبب فيه سد النهضة، قال الدكتور عباس شراقي، إن سد النهضة ممتلئ بحوالي، 41 مليار متر مكعب، وهذه الكمية ضخمة جدا جدا، وحال حدوث أي تشقق أو انهيار للسد بسبب الهزات الأرضية والزلازل، فهذا يعني كارثة كبيرة جدا على السودان تصل إلى حد الطوفان، مشيرا إلى أن ما حدث في ليبيا من كارثة بسبب السدود التي انهارت بسبب إعصار دانيال، كانت سدود صغيرة ممتلئة بملايين المترات المكعبة من المياه، وبالتالي فإن سد النهضة الممتلئ بـ 41 مليار متر مكعب سيكون آثاره مدمرة إلى حد كبير ويهدد بأضعاف الكارثة الليبية.
وأضاف شراقي، لـ"صدى البلد"، أنه في حال حدوث انهيار سد النهضة، ستكون الكارثة طبقا للأرقام 10 آلاف ضعف ما حدث بسبب السدود الليبية، مهددا 20 مليون سوداني يعيشون على النيل الأزرق، هذا بجانب انهيار المنشآت السودانية، والسدود الخاصة بها على النيل، يعني أن كميات مياة إضافية ستضاف إلى الكارثة، وبالتالي تشكل كارثة إنسانية أكبر بكثير، حال حدث انهيار لسد النهضة في الوضع الحالي، متسائلا: "كيف سيكون الوضع حال وصول السد إلى السعة المستهدفة وهي 74 مليار متر مكعب؟".
وأوضح استاذ الجيولوجيا والموارد المائية، أن ما حدث في ليبيا هو كارثة طبيعية غير معتادة، وهي معتادة في مناطق مثل السواحل الأمريكية على المحيط الأطلنطي، والسواحل الهندية، لذلك هو أمر غير معتاد على البحر المتوسط، لافتا: هذا يعني أن الكوارث الطبيعية قد تحدث في أماكن غير المعتاد، وبالتالي فإن حدوث زلازل أو أعاصير بالقرب من سد النهضة هو أمر وارد، ويهدد بكارثة كبيرة للغاية، خاصة وأن هضبة الحبشة هي منطقة نشطة بالزلازل والهزات الأرضية.
انهيار سدود إثيوبياوأكد شراقي، أن الصخور المبني عليها سد النهضة هي صخور نارية ومتحولة وشديدة التشقق والتحلل، بجانب المبالغة الشديدة في زيادة سعة خزان سد النهضة من 11.1 مليار متر مكعب كما جاء في الدراسات الأمريكية إلى 74 مليار متر مكعب بدون دراسات هندية دقيقة، كما ويبعد سد النهضة بحوالي 500 كم متر فقط عن أكبر فالق على سطح الأرض، وهو الأخدود الأفريقي العظيم والذي يقسم إثيوبيا إلى نصفين.
وشدد شراقي، على أن إثيوبيا هي الأولى عالميا في شدة انجراف التربة والأطماء، وتسقط المياه عليها بغزارة في يوليو وأغسطس وسبتمبر، ويصل متوسط التصرف اليومى إلى أكثر من 600 مليون متر مكعب مما يشكل فيضانات شديدة، وتنتشر بإثيوبيا بالكامل ظاهرة الانزلاقات الأرضية وتساقط الصخور بفعل التشققات والأمطار الغزيرة وقوة اندفاع المياه والفيضانات الطميية.
ولفت إلى أن إثيوبيا من أكثر الدول الأفريقية نشاطا للزلازل، حيث شهدت 8 زلازل في الخمس سنوات الأخير تراوحت شدتها من 4 إلى 5.2 درجة على مقياس ريختر، مشيرا إلى أن إحدى الدراسات الإثيوبية أكدت أن هناك العشرات من المشروعات والسدود التي انهارت، وهي سدود صغيرة في إثيوبيا وبلغت نسبة فشل هذه السدود حوالي 70% من إجمالي السدود الإثيوبية موزعة كالتالي:
25% من السدود الإثيوبية انهارت لأسباب فنية وجيولوجية.25% اختفت منها المياه ما يعني وجود تشققات أدت لتسرب المياه.30 من السدود ملئت بالطمي.المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سد النهضة انهيار سد النهضة سد الروصيرص السودان انهیار سد النهضة ملیار متر مکعب إعصار دانیال من المیاه
إقرأ أيضاً:
إثيوبيا تستحدث شرطة بحرية لحماية سد النهضة
كشفت إثيوبيا عن تشكيلها قوة شرطة بحرية جديدة مُكلفة بضمان الأمن حول سد النهضة الإثيوبي مع بدء تشغيل بحيرته الاصطناعية الضخمة.
وقال الرائد إسكيدار برهان، رئيس إدارة التفتيش والمعايير في الشرطة الفدرالية إن "هذه الخطوة تُعد الأولى من نوعها في البلاد، التي يتم فيها تشكيل جهاز أمني متخصص لحماية مجال مائي داخلي".
وأرجع السبب في ذلك إلى دخول بحيرة سد النهضة مرحلة الخدمة الفعلية، واكتمال مساحتها البالغة نحو 1680 كيلومترا مربعا.
ونقلت صحيفة "أديس ستاندرد" الإثيوبية عن برهان قوله إن "إنشاء هذه القوة الجديدة أصبح ضروريا نظرا لحجم الخزان وأهميته الإستراتيجية".
وأضاف "من الضروري تنظيم قوة شرطة قادرة على حماية هذه البحيرة الاصطناعية الطويلة والواسعة، ومنع الجرائم التي قد تحدث في المنطقة".
وذكر أن الغرض من إنشاء هذه الوحدة هو "منع الجريمة، وضمان السيطرة على المنطقة"، مشيرا إلى أن الوحدة مجهزة بوسائل متقدمة تشمل الطائرات المسيّرة والزوارق السريعة والقوارب الاعتراضية".
وأوضح برهان أن "حرس السواحل أو الشرطة البحرية هو الأول من نوعه الذي يتم تنظيمه في بلدنا"، مضيفا أن القوة "مجهزة بالأسلحة المناسبة ومدربة على أداء واجباتها بكفاءة".
إعلانووفقا للشرطة الفدرالية، "ستكون القوة المُنشأة حديثا، التي يُشار إليها باسم الشرطة البحرية أو حرس شرطة السواحل، مسؤولة عن ردع ومنع التهديدات المحتملة، بما في ذلك القرصنة البحرية".
ويأتي هذا الإعلان بعد تقارير سابقة تفيد بأن الشرطة الفدرالية كانت تخطط لشراء قوارب لحماية سد النهضة وبحيرات أخرى في جميع أنحاء البلاد، وأفادت بأن شركة صناعات الهندسة الدفاعية ستصنع هذه القوارب.
وسيحتوي خزان سد النهضة، عند تشغيله بكامل طاقته، على ما يقرب من 74 مليار متر مكعب من المياه، وفي مارس/آذار الماضي أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد "اكتمال عملية امتلاء خزان سد النهضة بالمياه، ووصل إلى سعته الكاملة دون التأثير على سد أسوان المصري".
وفي حديثه أمام أعضاء البرلمان، قال آبي أحمد "الآن سد النهضة ممتلئ بنسبة 100%، تماما مثل سد أسوان"، وطمأن المشرعين بأن إثيوبيا "اتخذت الاحتياطات اللازمة لتجنب تعطيل تدفق المياه إلى دول المصب".
وقال "أخبرت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنه خلال ملء سد النهضة، لن يفقد سد أسوان لترا واحدا من الماء".
وأشار رئيس الوزراء الإثيوبي إلى مناقشات سابقة مع المسؤولين المصريين، مقرا بمخاوفهم بشأن الجفاف والأمن المائي. وقال "لقد شاركوا مخاوفهم بشأن الجفاف"، مؤكدا التزام إثيوبيا بـ"التعاون الإقليمي".
وشدد رئيس الوزراء الإثيوبي على ضرورة "التعاون السلمي". وقال "لا نعتقد أن هناك أي قضية للصراع عليها أو لإهدار الموارد على النزاعات، ونحث إخواننا المصريين على العمل معا من أجل التقدم المشترك".
وفي أغسطس/آب من العام الماضي، أعلن آبي أحمد لأول مرة عن اكتمال سد النهضة وكشف أن السد يخزن 60 مليار متر مكعب من المياه. وتوقع أن يصل حجم المياه إلى 71 مليار متر مكعب بحلول ديسمبر/ كانون الأول 2024 "، مضيفا أن السعة الإجمالية المخططة لخزان السد تبلغ 74 مليار متر مكعب.
إعلانيذكر أن بناء سد النهضة بدأ في الثاني من أبريل/نيسان 2011. ووفقًا لآبي أحمد كان من المتوقع الانتهاء من معظم أعمال البناء المتبقية بحلول ديسمبر/كانون الأول 2024، مما يتيح تشغيل 3 توربينات إضافية، وأنه "بمجرد تشغيل هذه التوربينات، سيصل إجمالي عدد التوربينات العاملة إلى 7".