لجريدة عمان:
2025-05-10@02:44:04 GMT

هوامش ومتون :صخرة المعراج

تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT

في السنوات الأخيرة من حياته، نهل الشاعر بدر شاكر السيّاب (1926م البصرة -1964م الكويت) من الموروث الديني، ليؤثّث نصوصه بالروحانيّات التي غمرته في رحلة المرض والألم، فاستحضر شخصية النبي (أيوب) (عليه السلام) ليسقط عليه معاناته، مقتديا بصبره على المرض، في قصيدته (سفر أيّوب) المنشورة في ديوانه (منزل الأقنان) ويعود تاريخ كتابته لها إلى السادس والعشرين من ديسمبر 1962 أي قبل وفاته بعامين، ولو دقّقنا في النص لوجدنا الشاعر يبتهل به في المقطع الأول إلى الخالق بروح مطمئنة:

لكَ الحمدُ مهما استطال البلاء

ومهما استبدَّ الألم

لكَ الحمدُ إن الرزايا عطاء

وإن المَصيبات بعض الكرَم

وكلّما توغّلنا في النص نرى فيضًا من روحانيّات أعطت للنص بعدًا فنّيًّا، يقول الشاعر خزعل الماجدي «يصبح الشاعر عظيمًا كلما اقترب من المعنى الروحي الذي يغذّي الدين والشعر والفن»، وقد اقترب السيّاب كثيرًا من هذا المعنى، خصوصًا أنه نشأ في بيئة لم تكسر نخيلها رياح الأفكار الوافدة من الغرب في توجهاته اليسارية، آنذاك، وأعني أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، ورغم الشهور الطوال التي ظلّ السيّاب يعاني خلالها من المرض، لم يجزع ولم يتذمّر، بل عدّ تلك الآلام هدايا الرب التي ينبغي على الإنسان أن يتقبّلها منتصرًا على الألم:

ولكنّ أيّوب إن صاح صاح

لك الحمد، إن الرزايا ندى

وإنّ الجراح هدايا الحبيب

أضم إلى الصدر باقتها

هداياكَ في خافقي لاتَغيب

هاتها .

. هداياكَ مقبولةُ

أشد جراحي وأهتف

بالعائدين

ألا فانظروا واحسدوني

فهذى هدايا حبيبي

هذا الحسّ الإيماني ليس بالغريب على السيّاب، الذي كتب قصيدة في المديح النبوي، ألقاها في أحد مساجد بغداد عام 1961 حملت عنوان (مولد المختار) في مرحلة شهد بها تحوّلًا فكريًا، فانتقل من التوجّهات اليسارية إلى التوجهات القوميّة، جاء في مطلعها:

دموع اليتامى في دجى الليل تقطر

ونوح الثكالى عاصف فيه يصفر

نبيّ الهدى يا نفحة الله للورى

ويا خير ما جاد الزمان المقتّرُ

وهي قصيدة من حوالي أربعين بيتا، عاد فيها للكتابة وفق نظام الشطرين، بما يتناسب مع المناسبة، ولم يكتفِ بالروحانيّات والمديح النبوي، بل تطرّق إلى قضايا عربية كثيرة كانت تشغل الشارع العربي والعراقي، ومن بينها القضية الفلسطينية، والمسجد الأقصى:

فيا صخرة المعراج قد سدّ بالدجى

وبالإثم منا فيك شقّ ومعبر

فما عاد بين الله والناس منذ

كأنْ حلّ بالأرض العذاب المسعّر

وعاث ببيت الله فدمٌ مشرّدٌ

كأن فلسطين المدمّاة خيبر

كأن لم يسر طه إليها ولا دحا

أبو حسن من بابها فهي تصفر

ومازال في وهران والأرض حولها

علوج أباحوا واستباحوا ودمّروا

وفي المقطع الأخير، يطلب السيّاب فيها من نبي الرحمة الشفاعة، ويتكلّم بلغة من يشعر بعظم الذنوب، كما قال أبو نوّاس:

يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً

فلقد عَلِمْتُ بِأَنَّ عفوك أَعْظَمُ

بل أن السيّاب يقرّ بأنه «تمرّس بالآثام» وها هو يطلب الشفاعة من سيّد الأنام في يوم مولده الأغرّ:

نبيَّ الهدى، كنْ لي لدى الله شافعا

فإني، ككلِّ الناس، عانٍ محيرُ

تمرَّسْتُ بالآثامِ حتى تهدَّمتْ

ضلوعي، وحتى جنَّتي ليس تثمرُ

ولكنّ من ينجدْه طه فقد نجا

ومن يهدِه -والله- هيهات يخسرُ

ولو دقّقنا في شعر السيّاب، في تلك الفترة، لوجدناه غزيرًا بالمعاني الروحية، مع علمنا أن المرض يجعل الإنسان لا يجد ملاذا يحتمي به سوى الإيمان بالله، فقصيدته (مولد المختار) كتبها قبل دخوله في دوّامة المرض، فقد عاد فيها لفطرته الإنسانيّة وقد عزّز التحوّل الفكري الذي مرّ به، ذلك، فتجلّت حروفه وهو يرتقي صخرة المعراج.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تحذير طبي: أعراض بسيطة قد تخفي أخطر أنواع سرطان الفم

أميرة خالد

وجه مجموعة أطباء تحذيرًا مهمًا بشأن القرح الفموية التي لا تلتئم مع الوقت، مؤكدين أنها قد تكون من العلامات المبكرة لسرطان الفم، وهو ما قد يستدعي تدخلاً جراحيًا معقدًا في مراحل متقدمة من المرض.

وبحسب تقرير لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فإن أطباء في مستشفى يورك البريطاني أكدوا أن عددًا من المرضى تم تشخيصهم لاحقًا بسرطان الخلايا الحرشفية، أكثر أنواع سرطان الفم شيوعًا، بعدما بدأت الأعراض بقرحة بسيطة تحت اللسان أو داخل الفم.

ويمثل سرطان الخلايا الحرشفية نحو 90% من حالات سرطان الفم، وينشأ هذا النوع في الخلايا المسطحة التي تغطي السطح الداخلي للفم.

وغالبًا ما يظهر في البداية على شكل بقعة بيضاء أو حمراء أو قرحة لا تزول، وتشمل الأعراض المصاحبة له تورمات في الشفاه أو الفم، صعوبة في البلع، تغيّر في الصوت، وألم حاد أثناء التثاؤب أو تناول الطعام.

ويشدد الأطباء على أن الكشف المبكر عن المرض يُعد عاملًا حاسمًا في تحسين فرص النجاة، إذ تشير الإحصائيات إلى أن نحو 99% من المرضى الذين يُشخّص لديهم المرض في مراحله الأولى يظلون على قيد الحياة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، أما إذا تم اكتشاف المرض بعد انتشاره، فإن نسبة البقاء على قيد الحياة تنخفض إلى حوالي 50%.

وفي الحالات المتقدمة، قد يتطلب العلاج إجراء جراحة تُعرف بـ”جراحة الطُعم الحر” أو “ترقيع الجلد”، حيث يتم إزالة الجزء المصاب من الفم أو اللسان، وزرع نسيج سليم مأخوذ من منطقة أخرى في الجسم، مثل الذراع، لضمان استعادة الوظائف الأساسية للفم كالنطق وتناول الطعام.

إقرأ أيضًا

الشهري: 7 مخاطر صحية للنيكوتين يجب الانتباه لها.. فيديو

مقالات مشابهة

  • الأهلي لا ينتظر هدايا.. 3 خطوات تفصل الأحمر عن التتويج بلقب دوري Nile
  • وفاة طيار عسكري عراقي بعد صراع مع المرض
  • ناطق حكومة التغيير يوضح جانبا من الإنجازات والجهود التي بذلت في التصدي للعدوان الأمريكي
  • العلامة فضل الله: نجدّد دعوة الدولة إلى تفعيل دورها الذي أخذته على عاتقها على الصّعيد الديبلوماسي
  • استمرار نجاح "يا خسارة" لبسمة بوسيل يرسّخ مكانة عمرو المصري في الساحة الغنائية.. ومصطفى قمر يدخل على الخط بـ 3 أغنيات جديدة
  • تحذير طبي: أعراض بسيطة قد تخفي أخطر أنواع سرطان الفم
  • ما الذي يقوله الشعراء؟
  • شاهد بالصور..  المذيعة نسرين النمر توثق للحظات العصيبة التي عاشتها داخل فندق “مارينا” ببورتسودان بعد استهدافه بمسيرات المليشيا ونجاتها هي وزميلتها نجمة النيل الأزرق
  • " في حب مصر" فى ندوة بمدرسة النهضة بأسيوط الجديدة
  • 3 أدعية للشفاء العاجل من المرض.. رددها بيقين