اليوم أيتها العظيمة تحتفلين بجدارة، اليوم يُعايدك صاحب كل قلب حر من أقصى هذا البلد الأمين الصامد إلى أقصاه، ويترك على جبهتك ويدك قبلةً امتنانًا وعرفانًا، فأنت وحدك التي أنجبتِ من يحيا لغيره، ويموت لغيره لتُزهر الحرية في ربوع أرضنا، وتُشرق البسمة في مستقبل أطفالنا.. امرأة، وشهيد، ووطن.. !
يظل مارس دائمًا هو شهر الوفاء، والعرفان، ففى الثامن من مارس كل عام يحتفل العالم، ونحتفل معه بيوم المرأة العالمى تقديرًا، وعرفانًا لما قدمته عظيمات مصر لهذا الوطن عبر تاريخنا الطويل الممتد، ولكل هذا العطاء الذى ما زالت تقدمه فى حاضرنا ومستقبلنا، وفى التاسع من مارس نحتفل أيضًا بيوم الشهيد، وذكرى استشهاد الفريق البطل عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية على جبهة القتال عام 1969م، حيث نتذكر معًا تضحيات أبناء تلك الأرض الطيبة ممن قدموا أرواحهم فداءً للوطن دون تردد، أو انتظار مقابل حتى يومنا هذا، فى مارس شهر الوفاء لا بد دائمًا أن نجدد العهد للمرأة وللشهيد وللوطن.
فى يوم المرأة العالمى لا نستطيع أن ننكر فضل سيدات مصر خاصة فى سنواتنا الأخيرة حيث شكلت المرأة المصرية حائط الصد الأول أمام محاولات ضرب استقرار البيت المصرى الذى هو نواة المجتمع ككل، فلولاهن لأهتز وجدان الوطن من الداخل، وما مرت تلك السنوات الثقيلة بسلام، رأينا المرأة المصرية قوية وثابتة تدعم وطنها، وتتسابق مع الرجل فى جميع الاستحقاقات التى كان لزامًا أن يحتشد لها الجميع، رأيناها تدبر أمور حياتها، وشئون بيتها لتعبر بنا سنوات الإصلاح الاقتصادي، وذلك الدواء المر الذى كان لا بد أن نتجرعه حتى يشفى جسد الوطن مما أصابه من علل جراء عقود من التراخى، والاستكانة، رأينا أمهات يقدمن أبناءهن فداءً للوطن دون تردد، أو خوف قانعات بأن الوطن شرف لا يُهان ولا يُخان، فى يوم المرأة المصرية لن نجد من الكلمات ما يعطيها حقها، ولكن سنكتفى بأن نردد دائمًا: تحيا عظيمات مصر.
فى مارس أيضًا نترحم على جميع أبناء مصر الأبرار الأوفياء الذين عرفوا للوطن حقه فقدموا أرواحهم فى سبيله من أجل حماية الأرض، وصيانة العرض والشرف، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فأكرمهم بالشهادة، وجنات الخلد، وجعل من دمائهم العطرة نورًا يكشف غمام الزيف والخداع، وأملاً لأبناء هذا البلد الطيب، فى يوم الشهيد نجدد عهد الوفاء والتقدير لرجال قواتنا المسلحة البواسل، ورجال الشرطة المخلصين الذي يسهرون على أمن واستقرار هذا الوطن غير عابئين بأى أخطار تحيق بهم، فما زالت مصلحة الوطن لديهم هى الأهم والأغلى من أرواحهم ذاتها، فى يوم الشهيد، وفى كل أيامنا سنظل نتذكر أسماء هؤلاء الأبطال عبر التاريخ، ونحييهم بالتحية العسكرية التى تليق بهم.. سلام سلاح لأرواح الشهداء الأبرار، وتحيا مصر برجالها الأحرار البواسل، وسيداتها الشريفات صاحبات الفضل، والعطاء الذى لا يتوقف أبدًا.. تحيا مصر.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فى یوم
إقرأ أيضاً:
أحوال المزارعين
المزارع والعامل أساس الطبقة الوسطى التى تبنى عليها الدول؛ فهما اللذان يؤسسان تقدم الأمم، لكنهما يحتاجان إلى مظلة اجتماعية فهما يعملان دون عائد مادى منصف، ودون تأمين صحى، ودون تأمين ضد البطالة؛ ففى موسم الجنى لو توالى سقوط المطر فى ألمانيا ثلاثة أيام متصلة يحصل المزارع الألمانى على تعويض، أما مزارعونا فهم الطبقة التى تعطى ولا تأخذ، وأما ما يحدث مع مزارعى قصب السكر فى صعيد مصر فهو العجب العجاب؛ فالدولة تحدد حقول الأراضى التى يجب زراعة القصب بها؛ وإذا خالف المزارع الدورة الزراعية يتعرض للعقوبة، فيلتزم المزارعون بما قررته الدولة، ويزرعون قصب السكر الذى يتطلب أطناناً من السماد لا توفره الجمعيات الزراعية عمداً أو دون عمد فيلجأ إلى السوق السوداء فيجده متوافراً بها بأضعاف ثمنه فيشتريه المزارعون مضطرين وإلا بارت المحاصيل، فما يستحق صرفه فى الشتاء تصرفه فى الصيف والعكس حتى يقع المزارع تحت جشع البائعين، ويفاجأ المزارعون بآفات وحشرات تصيب القصب؛ فيضطرون إلى شراء المبيدات ورشها على نفقتهم؛ فلا يرون مرشداً زراعياً، ولا من يهتم بأبحاث تنمى المحصول وتقضى على الحشرات، كما أن الفئران انتشرت بين الحقول ولا مقاومة بل تركها المسئولون تقرض المحاصيل وتقتاتها ليبصر المزارع أعواد القصب وقد تحولت إلى كوم قش، ولذا يتعرض المحصول للحريق فيعاقب المزارع على حريق حقله وهو المتضرر الأول والأخير، ثم يأتى العجب العجاب فى العقد المبرم بين مصنع السكر والمزارع إذ يلتزم المصنع بنقل المحصول بقطار المصنع الذى كان يمر قريباً من الحقول؛ ومنذ سنوات طوال توقفت معظم القطارات الناقلة وسرق السارقون المعروفون قضبان السكك الحديدية، فلم يعد هنالك قضبان أو قطارات؛ وعندما طالب المزارعون بنقل محاصيلهم على نفقة المصنع إعمالاً لبنود العقد رفض المصنع، بل طلب طلباً غريباً ليبرئ ساحته وهو أن يكتب المزارعون إقراراً عبثياً بأنهم يطلبون نقل محصولهم من القصب على نفقتهم الشخصية بناء على طلبهم ورغبة محمومة لديهم ومتنازلين عن طلب مقابل مالى لأن هذه رغبتهم وأنهم لا يرغبون نقل محاصيلهم بقطارات المصنع التى لا وجود لها، فيضطر المصنع تلبية أمنيتهم ويقبل هذا الوضع تحقيقاً لرغبات المزارعين الذين يدفعون أموالاً باهظة مقابل النقل؛ ناهيك عن أن المصنع هو الذى يحدد سعر الطن، وبثمن بخس، ولن يأخذ المبالغ صافية بل بعد خصومات كثيرة، ثم يحدد المصنع الوزن وحده دون مشاركة من ممثلين عن المزارعين ويفاجأ المزارع أن فى كل نقلة قصب يحسب المصنع ربع طن شوائب تقريباً، وهو لا يستطيع التساؤل ولا الاعتراض بل عليه القبول فقط، كما أن المصنع وحده يحدد متى يأخذ هؤلاء أموالهم فى طوابير فى حر الشمس وانتظار ممل بعد شهور من توريد المحصول، فهل يعقل أن المزارع يورد المحصول فى شهر يناير ويأخذ بقية مستحقاته فى يوليو؟! ويجد خلقاً كثيراً يجلسون تحت الشمس منتظرين دورهم؛ فلا ظل ولا ماء ولا مراوح بل يمكثون يوماً كاملاً حتى يجىء دوره، وكم طالبوا بأن يصرفوا مستحقاتهم من بنوك التنمية الزراعية أو أى بنك من البنوك الحكومية القريبة من قراهم ومدنهم، ولكن دون جدوى حتى يتعذب المزارعون؛ وحتى يفقد بنك التنمية دوره الرئيس وهو التنمية ليتبقى له دور التسليف دون رحمة؛ فهل الهدف أن يهجر المزارعون زراعة القمح وزراعة قصب السكر؟! وبالمناسبة أين ذهبت قضبان السكك الحديدية لقطارات مصانع قصب السكر وسكك حديد قطار (قنا سفاجا) الذى أنشأه الإنجليز؟، وكيف سيعود قطار الواحات الذى ذهب ولن يعود لأن قضبان السكة الحديدية التى جاء عليها من أسيوط حلت ونقلت إلى مصانع نعرفها جميعاً، ويشترى المواطن طن الحديد منها بآلاف الجنيهات ليبنى شقة، كيف حلت هذه القضبان وقطعت ونقلت إلى هذه المصانع دون أن يعترضها أحد. والمزارعون يحتاجون إلى نقابة قوية وإلى جمعيات تعمل على مصلحتهم وأسمدة متوافرة ومبيدات لا تقضى على البيئة وبحوث علمية تساعدهم ومياه فى الترع منتظمة، وإشراف زراعى ميدانى، وميكنة بقروض ميسرة حتى تساعدهم على تحمل هذه الصعاب. أيها المشرعون نريد تشريعات تعيد الحق للمزارعين وتحميهم ولا نريد غير ذلك؛ حتى لا نرى شكاوى الفلاح الفصيح المدونة على المعابد وقد أضيفت إليها شكاوى الفلاحين الجدد التى لن تكفيها جدران المعابد أو صفحات الصحف!
مختتم الكلام
ما مات من قد مات
بل مات من سيموت
[email protected]