تقرير دولي يرصد نتائج كارثية للتغير المناخي في 2023 ومخرجات cop28 حبل نجاة
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
أبوظبي - الخليج
رصد تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية 2023 نتائج وصفها بالكارثية للتغيرات المناخية في العام 2023، ودق ناقوس الخطر حول تأثيراتها في المستقبل في حال عدم التحرك سريعاً لمواجهتها والحد من تداعياتها.
وأظهر التقرير، أن عام 2023 كان العام الأكثر دفئاً منذ بدء رصد وتسجيل المتوسط العالمي السنوي لدرجات الحرارة، وأن المجموعة العالمية للأنهار الجليدية المرجعية سجلت أكبر خسارة للجليد على الإطلاق منذ عام 1950، كما واصلت مستويات غازات الاحتباس الحراري ارتفاعها المطرد، فيما زاد عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد بفعل التغيرات المناخية في جميع أنحاء العالم لأكثر من الضعف.
وبالعودة إلى تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بلغ المتوسط العالمي لدرجة الحرارة بالقرب من السطح في عام 2023 نحو 1.45 ± 0.12 درجة مئوية أعلى من متوسط فترة ما قبل الثورة الصناعية 1850-1900، وبذلك أصبح عام 2023 هو العام الأكثر دفئاً في سجل الرصد البالغ 174 عاماً.
وذكر التقرير، أن موجات الحر البحرية في العام الماضي كانت الأكثر تواتراً وشدة في انعكاساتها السلبية العميقة على النظم الإيكولوجية البحرية والشعاب المرجانية، حيث شهدت المحيطات العالمية متوسط تغطية يومية لموجة الحر البحرية نسبته 32 في المئة، وهو أعلى بكثير من الرقم القياسي السابق البالغ 23 في المئة في عام 2016.
وبحسب التقرير، وصل المتوسط العالمي لارتفاع مستوى سطح البحر في عام 2023 إلى مستوى قياسي منذ عام 1993، ما يعكس استمرار ارتفاع درجة حرارة المحيطات «التمدد الحراري»، وكذلك ذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية.
ولفت التقرير، إلى استمرار تراجع رقعة الجليد البحري اليومي في المنطقة القطبية الجنوبية والمنطقة القطبية الشمالية من العالم، كما شهدت المجموعة العالمية من الأنهار الجليدية المرجعية أكبر خسارة للجليد على الإطلاق بين عامي 1950-2023، ففي سويسرا فقدت الأنهار الجليدية في العامين الماضيين ما يقرب من 10 في المئة من حجمها المتبقي، فيما شهدت منطقة غرب أمريكا الشمالية خسارة قياسية في كتلة الأنهار الجليدية في عام 2023 بمعدل كان أعلى بخمس مرات من المعدلات التي تم قياسها بين عامي 2000 و2019.
ووفقاً للتقرير، وصلت التركيزات المرصودة لغازات الاحتباس الحراري الرئيسة الثلاثة - ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز - إلى مستويات قياسية في عام 2022، فيما تظهر البيانات في الوقت الفعلي من مواقع محددة زيادة مستمرة في عام 2023.
وأكد التقرير، أن ظواهر الطقس والمناخ المتطرفة التي شهدها العام 2023 تسببت بالفيضانات الكبرى، والأعاصير المدارية، والحر والجفاف الشديدين، وحرائق الغابات المرتبطة بها، التي نجم عنها آثار اجتماعية واقتصادية كبيرة على جميع القارات المأهولة.
وأشار التقرير، إلى تأثر اليونان وبلغاريا وتركيا وليبيا بالفيضانات التي نجمت عن هطول الأمطار الغزيرة، بسبب إعصار دانيال في البحر الأبيض المتوسط في سبتمبر الماضي، وما تسبب به من خسائر فادحة في الأرواح بشكل خاص في ليبيا.
وأوضح التقرير، أن الإعصار المداري فريدي، الذي تشكل ما بين فبراير ومارس 2023 كان أحد أطول الأعاصير المدارية عمراً في العالم وخلَّف آثاراً كبيرة على مدغشقر وموزمبيق وملاوي، فيما كان الإعصار المداري موكا في مايو الماضي أحد أشد الأعاصير التي شوهدت على الإطلاق في خليج البنغال وتسبب في نزوح 1.7 مليون شخص في جميع أنحاء المنطقة الفرعية من سريلانكا إلى ميانمار وعبر الهند وبنغلاديش وأدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وذكر التقرير، أن درجات الحرارة الشديدة في عام 2023 تسببت في أحد أسوأ مواسم حرائق الغابات التي شهدها العالم، حيث بلغ إجمالي مساحة الغابات المحروقة على المستوى الوطني في كندا 14.9 مليون هكتار، وهي مساحة تزيد أكثر من سبع مرات على المساحات المحروقة في المتوسط الطويل الأجل، كما تعرضت هاواي لحريق الغابات الأكثر فتكاً 2023 والذي أودى بحياة 100 شخص على الأقل وقدرت خسائره الاقتصادية بنحو 5.6 مليار دولار أمريكي.
وتطرق التقرير، إلى الفيضانات الكبيرة التي شهدتها منطقة القرن الأفريقي الكبرى في عام 2023 التي أدت إلى نزوح 1.8 مليون شخص عبر إثيوبيا، وبوروندي، وجنوب السودان وتنزانيا، وأوغندا، والصومال، وكينيا.
وفي المقابل استمر الجفاف الطويل الأجل في شمال غرب أفريقيا وأجزاء من شبه الجزيرة الإيبيرية، فضلاً عن أجزاء من وسط وجنوب غرب آسيا، كما اشتد الجفاف في أجزاء كثيرة من أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية، ففي شمال الأرجنتين وأوروغواي، كان هطول الأمطار في الفترة من يناير إلى أغسطس أقل من المتوسط بنسبة تراوحت بين 20 و50 في المئة، ما أدى إلى خسائر في المحاصيل وانخفاض مستويات تخزين المياه.
وأكد التقرير، أن آثار المناخ وظواهر الطقس المتطرفة أسهمت في تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي العالمي، ففي أفريقيا مثلاً، تسبب الإعصار فريدي بفيضانات غمرت مناطق زراعية واسعة في كل من مدغشقر وموزمبيق وجنوب ملاوي وزيمبابوي وألحقت أضراراً جسيمة بالمحاصيل والاقتصاد.
واستشهد التقرير، بالأرقام التي تفيد بأن عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد في جميع أنحاء العالم قد زاد بأكثر من الضعف، من 149 مليون شخص قبل جائحة كوفيد-19 إلى 333 مليون شخص في عام 2023 في 78 بلداً رصدها برنامج الأغذية العالمي.
وفي ضوء النتائج التي أوردها التقرير، يتضح جلياً أن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ كوب 28 الذي استضافته الإمارات في ديسمبر الماضي قد جاء في لحظة تاريخية حاسمة خاصة لجهة المخرجات والتوصيات المهمة التي صدرت عنه والتي تمثل بارقة الأمل في تعزيز مواجهة تحديات التغيرات المناخية في العالم والحد من تداعياتها على الصعد كافة.
وحقق المؤتمر إنجازات شكلت إرثاً تاريخياً في العمل المناخي الجاد القائم على الإنجاز والأفعال، حيث أقر ممثلو 197 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي «اتفاق الإمارات» التاريخي للمناخ الذي يضع العالم على مسار العمل المناخي الصحيح للحفاظ على البشرية وكوكب الأرض.
وجمع المؤتمر أكثر من 83.9 مليار دولار ليدشن مرحلة جديدة من العمل المناخي من ضمنها إطلاق الإمارات صندوقاً للاستثمار المناخي برأس مال تحفيزي بقيمة 30 مليار دولار، تحت اسم «ألتيرّا»، يركز على جذب وتحفيز التمويل الخاص، حيث يهدف الصندوق إلى جمع وتحفيز 250 مليار دولار إضافية على مستوى العالم.
ونجح المؤتمر في إطلاق مجموعة من الإعلانات والتعهدات الأولى من نوعها التي تشمل الانتقال إلى أنظمة غذائية مستدامة وإعلانات COP28 بشأن الصحة، والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بالإضافة إلى مبادرات لخفض الانبعاثات من الصناعات كثيفة الانبعاثات.
وشهد المؤتمر انضمام 30 دولة إلى تحالف القُرم من أجل المناخ، الذي أُطلق بالشراكة بين دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا في COP27 بهدف بناء زخم عالمي لتعزيز العمل المناخي، ليصبح بذلك إجمالي الدول الأعضاء في التحالف 37 دولة تضم أكثر من 60% من أشجار القُرم في العالم.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات كوب 28 الإمارات انعدام الأمن الغذائی فی عام 2023
إقرأ أيضاً:
بين حصار لا ينتهي وموت بطيء .. الحقيقة التي يحاول العالم تجاهلها في غزة
في قطاع غزة اليوم، تتحوّل الحياة إلى اختبار يومي للبقاء، حيث يعيش السكان تحت حصار متواصل، ومعاناة متراكمة، وسياسات قاسية تمارس بشكل ممنهج، من قبل العدو الصهيوني، ما يُعانيه الفلسطينيون ليس مجرد تداعيات العدوان، ولا أضراراً جانبية للعدوان، بل خطة واضحة لإخضاع المجتمع وإبقائه في حالة إنهاك دائم، من نقص الغذاء والدواء، إلى تدمير البنية التحتية والمستشفيات، ومن المعابر المغلقة إلى التهجير القسري للمدنيين، كل عنصر من عناصر الحياة اليومية في غزة أصبح أداة ضغط، بينما الوعود الدولية بتحسين الوضع الإنساني تبقى حبراً على ورق.
يمانيون / تحليل / خاص
هذا التحليل يستعرض الواقع القاسي على الأرض من خلال رصد مباشر للتنكيل والإذلال الذي يتعرض له الفلسطينيون، وتداعيات السياسات المطبقة على المجتمع في كل من غزة والضفة الغربية، كما يوضح كيف تتحوّل هذه السياسات إلى تفكيك ممنهج للجغرافيا والمجتمع، واستنزاف للقدرة على الصمود أو المقاومة، وتحويل الفلسطيني إلى نسخة منهكة من نفسه.
الواقع يكشف خطة منظمة لتفكيك المجتمع الفلسطيني وتحويل حياته إلى صراع يومي للبقاء
غزة ليست مجرد مدينة محاصرة، ولا مجرد قطاع يتعرض لإبادة ووحشية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، إنها مختبر للقسوة الممنهجة على المدنيين، حيث تُدار الحياة اليومية بآليات الضغط والإرهاب النفسي والجسدي، ما يشهده السكان ليس عشوائياً، بل هو نتيجة سياسة واضحة لإبقاء الفلسطيني عاجزاً، منكسراً، ومرهقاً إلى أقصى حد ممكن.
وقفات الإنسانية الموعودة .. وعود بلا أثر
اتفاقات وقف إطلاق النار المتكررة لم تُحسّن الواقع الإنساني، بل أعادت إنتاجه بشكل أكثر إيلاماً، المعابر الإنسانية المفتوحة بشكل محدود لا تكفي لتوصيل المياه، الدواء، أو الوقود، والمستشفيات تعمل على الشظايا، والطواقم الطبية تنهار تحت ضغط مستمر، والمرضى يموتون بلا علاج متوفر، والحياة اليومية هنا تحولت إلى سلسلة من الاختبارات القاسية للبقاء، بدل أن تكون حياة.
التنكيل بالمدنيين
في رفح ومناطق أخرى، ظهرت مشاهد التحقير والإذلال التي لم تعد أحداثاً فردية، بل مؤشراً على سياسة منظمة لإخضاع المجتمع، المحتجزون يُسحلون، يُعرضون، يُهانون أمام الكاميرات، بينما يُترك المدنيون يعيشون في رعب دائم من أي تحرك أو اعتراض.
هذه السياسة أداة تحكم قصوى، جسد الفلسطيني كوسيلة لإرهاب النفس الجمعي، وفي الضفة الغربية، امتداد نفس الاستراتيجية، لا تختلف الصورة، من اغتيالات منتظمة للأسرى والمحررين، واعتقالات عشوائية مستمرة، وتوسع استيطاني يفتت الأرض والفكر، وتقسيم المجتمع إلى مناطق معزولة عن بعضها، بهدف إنتاج مجتمع عاجز عن المقاومة المنظمة أو الحياة الطبيعية، مجزأ جغرافياً ونفسياً.
تفكيك المجتمع
السياسات التي يطبقها العدو الصهيوني في غزة والضفة تعمل وفق منهجية خبيثة تهدف إلى إرهاق السكان اقتصادياً بالبطالة، ونقص الخدمات، وتوقف تام لمشاريع البنية التحتية، وتجويع نفس المجتمع المنهك الموجوع بنقص الغذاء والماء والدواء، وتفكيك الجغرافيا إلى كانتونات معزولة، وطرق مقطوعة، ومناطق مغلقة، وإبقاء أبناء غزة في إرهاق نفسي دائم، الخوف من القصف، والاعتقال، والتنكيل .
النتيجة هي مجتمع يعيش وهو غير قادر على الانفجار، حيث تحوّل كل يوم إلى اختبار للصبر على الألم، وليس لإعادة بناء حياة طبيعية.
التأثير العميق على الحياة اليومية
أطفال يموتون بسبب نقص الأدوية، نساء يقطعن أميالاً بحثاً عن ماء صالح، رجال يسهرون في انتظار المعابر، شوارع تتحوّل إلى مقابر صامتة، ومستشفيات تتكدس بالمصابين بلا علاج.
كل هذه التفاصيل تكشف حقيقة مؤلمة وواضحة، أن القسوة ليست نتيجة العدوان الصهيوني فقط، بل سياسة ممنهجة لإضعاف المجتمع وإبقائه تحت السيطرة المطلقة.
كشف الحقيقة واجب لا يمكن تأجيله
غزة اليوم ليست مجرد مشهد للمعاناة المستمرة، بل أرض تجارب للقسوة والإخضاع اليومي، والحقائق على الأرض تصرخ، من السياسات الصهيونية التي تحاول تحويل الفلسطيني إلى نسخة منهكة من نفسه، لكن الإنسانية تبقى شاهدة، وصرخة الحقيقة لا يمكن كتمها.