رغم صدور قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فى غزة بالإجماع، اشتدت حدة الاشتباكات عنفًا أمس الأول الثلاثاء بمحيط مجمع الشفاء الطبى وارتكبت قوات الاحتلال سلسلة من المجازر فى رفح وخان يونس جنوبى القطاع، حيث نفذ الجيش الإسرائيلى قصفًا جویاً ومدفعياً أوقع عشرات الشهداء ليرتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى منذ السابع من أكتوبر الماضى إلى 32 ألفًا و414 شهيدًا فيما بلغ عدد المصابين 74 ألفًا و787 مصابًا بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض فى عداد الموتى.
استمرار القصف الإسرائيلى عقب صدور القرار، الصادر بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة وتصريح واشنطن أن القرار غير ملزم رغم تأكيد مجلس الأمن على إلزاميته يفتح العديد من التساؤلات عن جدوى القرار وآليات تنفيذه.
القراء رقم 2728 يستخدم لغة واضحة وليست توصية تطالب بوقف إطلاق النار فى رمضان ويؤخذ عليه أنه لم يستخدم وقتاً محدداً ولغة زمنية قاطعة، وإلزامية القرار تنطبق على طرفى الصراع، فقرارات الأمم المتحدة تنطبق على المنظمات والدول، ويعد نافذًا فور صدوره، وفى حال عدم تنفيذه يجتمع مجلس الأمن مرة ثانية لتنفيذ البند السابع لاستخدام القوة العسكرية لإلزام الأطراف بالتنفيذ.
وفيما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى فإنه ينطبق على الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى على حد سواء، وفى حال امتناع إسرائيل عن تنفيذ القرار يحق للأمم المتحدة أن تفرض عقوبات دولية عليها بل ومحاسبتها بخرق القانون الدولى وانتهاك ميثاق الأمم المتحدة.
على أرض الواقع إسرائيل نحت القرار جانبًا وواصلت المجازر بحق الفلسطينيين واستدعت مفاوضيها من الدوحة بعد أن اعتبرت أن محادثات الوساطة بشأن الهدنة فى غزة وصلت إلى طريق مسدود.
وفى الوقت الذى تراجعت فيه العلاقات بين الحليفين بايدن ونتنياهو إلى أدنى مستوياتها خلال الحرب بسبب عدم استخدام واشنطن حق الفيتو لعرقلة قرار مجلس الأمن من الصدور، شدد وزير الدفاع الأمريكى خلال لقاء جمعه بنظيره الإسرائيلى يوآف غالانت فى البنتاجون الثلاثاء أن حماية المديين الفلسطينيين من الأذى ضرورة أخلاقية واستراتيجية، واصفا ما يحدث فى غزة بأنها «كارثة إنسانية»، فى ظل ارتفاع عدد الضحايا انخفاض حجم المساعدات الإنسانية.
الجحيم فى غزة لا ينهيه قرار وقف الحرب، فهناك مخاطر محتملة نتيجة لتبعات جرائم الحرب التى ارتكبها جيش الاحتلال فى القطاع فقد حذرت منظمة «هانديكاب إنترناشيونال» غير الحكومية أن هناك حوالى 3 آلاف قنبلة من أصل 45 ألفاً أطلقتها إسرائيل على قطاع غزة خلال الحرب لم تنفجر وسوف تشكل خطرًا إضافيًا للمدنيين عند العودة وخلال نشر المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى الدمار الشامل الذى تعرض له القطاع الذى عمدت إسرائيل إلى تحويله لمكان يصعب العيش فيه ويتحول إلى بيئة طاردة للسكان.
باختصار.. قرار مجلس الأمن لا ينهى الحرب فى غزة ولا ينص على وقف مستدام لإطلاق النار، وإنما نص على وقفه خلال شهر رمضان أى لمدة أيام ما يعنى أنها هدنة إنسانية فى المقام الأول تهدف لوقف المجازر ودخول المساعدات الإغاثية رحمة بالمدنيين الذين يتعرضون لحرب إبادة شاملة على مدار ما يقرب من ستة أشهر، لكن ماذا بعد الهدنة إذا تمكن مجلس الأمن من فرضها على إسرائيل فى المقام الأول؟ وكيف يمكننا الضغط مستغلين رفع الحماية الأمريكية المؤقتة عن إسرائيل نتيجة لهلع بايدن من الخروج من السباق الرئاسى بسبب غزة لإقرار وقف دائم لإطلاق النار واللجوء إلى حل الدولتين وإحلال السلام الدائم فى المنطقة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إسرائيل تتحدى مجلس الأمن باختصار إطلاق النار مجلس الأمن العدوان الإسرائيلى مجلس الأمن فى غزة
إقرأ أيضاً:
الصرخة تتحدى الغطرسة والرأسمالية
تعودت الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة بنظامها الرأس مالي السيطرة على العالم باستخدام أي وسيلة تمكنها من الوصول إلى تحقيق أهدافها.. انطلاقا من الشعار الذي تبنته “الغاية تبرر الوسيلة”.. هذا الشعار الذي يعود لأحد المفكرين الإيطاليين كفكرة يمكن من خلالها تحقيق أهدافها من خلال استخدام أي وسيلة سواء كانت هذه الوسيلة مشروعة أو غير مشروعة.
يعتقد النظام الأمريكي أن بقاء سلطته على أنظمة العالم يتطلب في أي وقت اتخاذ قرارات حازمة حتى لو كانت إجرامية، فهم -حد زعمهم- من يحق لهم إطلاق التهم على من يخرج عن طوعهم أو يخرج عن سياستهم الاستعمارية.. يطلقون تهمة الإرهاب على من يرفض تواجدهم أو سياستهم على بلدانهم كإيران وقوى المقاومة في المنطقة الإسلامية.. ومصطلحات أخرى يطوعونها لتجميل صورتهم لدى شعوب العالم بأنهم النظام الحامي للديمقراطية والحرية والتعددية السياسية.. بينما هم النظام الوحيد الأكثر دكتاتورية والأكثر دموية والأكثر إجراما على مستوى العالم أجمع.
الشواهد كثيرة على دكتاتورية النظام الأمريكي… من هذه الشواهد وقوفها المنحاز إلى جانب العدو الصهيوني وتأييده قتل الفلسطينيين واحتلال الأراضي الفلسطينية منذ إنشائها وحتى العدوان الأخير على غزة.. فالمشاهد التي تبث عبر القنوات الفضائية ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لنساء وأطفال فلسطين وهم أشلاء أو مطمورين تحت أنقاض منازلهم كفيلة أن يكتب على جبهة تمثال حرية أمريكا بأنها دولة الدكتاتورية.
بالمقابل ما وصلت إليه الأنظمة العربية من خنوع وتبلد ليس وليد اليوم، وإنما جاء كسياسة تراكمية تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية في العالم أجمع ليس على مستوى المنطقة العربية فقط.. استطاع النظام الأمريكي النفاذ إلى الأنظمة العربية من خلال الترغيب والترهيب.. فأحيانا تدخل بصفة المنقذ والمصلح والمحدث للأنظمة، وأحيانا تدخل بصفة المسيطر والمتحكم على الأمن والاستقرار الدولي.
حتى جاء المشروع القرآني “المسيرة القرآنية” الذي أسسه السيد حسين بدر الدين الحوثي بداية الألفية الثانية وأطلق من خلاله “الصرخة” في وجه المستكبرين، بعد أن أدرك الشهيد القائد أن النظام الأمريكي هو عبارة عن نظام دكتاتوري استعماري إجرامي.. ومن أبرز نتائج “الصرخة” وقوف اليمنيين إلى جانب مظلومية الشعب الفلسطينيين، مُتَحَدِّين ضد الغطرسة الإسرائيلية والرأسمالية الأمريكية.