مسؤولون غربيون يخططون للضغط على الإمارات بشأن التجارة مع روسيا
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
يخطط مسؤولون من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي للضغط بشكل مشترك على الإمارات، هذا الأسبوع؛ لوقف شحنات البضائع إلى روسيا التي يمكن أن تساعد موسكو في حربها ضد أوكرانيا، وفقًا لمسؤولين أمريكيين وأوروبيين.
يتناول تقرير "وول ستريت جورنال" الذي ترجمه "الخليج الجديد" خططا غربية لتحذير الإمارات بشأن التجارة مع روسيا، حيث يزور مسؤولون من واشنطن والعواصم الأوروبية أبوظبي اعتبارًا من يوم الاثنين، كجزء من حملة عالمية جماعية لإبقاء رقائق الكمبيوتر والمكونات الإلكترونية وغيرها مما يسمى بالمنتجات ذات الاستخدام المزدوج، والتي لها تطبيقات مدنية وعسكرية، بعيدًا عن أيدي الروس.
ويشير التقرير إلى أن دولة الإمارات رفضت إلى جانب معظم الدول الأخرى غير الأعضاء في مجموعة السبع، الانضمام إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكنها قالت إنها لا تريد أن يتم استخدام البلاد كمركز للشركات الغربية للتهرب من العقوبات عن طريق نقل البضائع.
ووفقا للتقرير، يقول المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون إنهم أصبحوا يشعرون بقلق متزايد من أن المزيد من السلع المصنعة في الغرب يتم توجيهها إلى روسيا عبر الإمارات، حيث ضغطت الولايات المتحدة على الدول الأخرى، بما في ذلك جيران روسيا مثل أرمينيا، لتضييق الخناق على التجارة.
وفي هذا السياق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن المسؤولين يطلبون المساعدة من جميع الدول التي "تُستخدم للتحايل على ضوابط التصدير وتحويل البضائع المحظورة إلى المستخدمين النهائيين الروس".
اقرأ أيضاً
برقصة العقوبات مع روسيا.. الإمارات تخاطر وأمريكا تراقب وتضغط
كما سافر مبعوثو العقوبات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل مشترك ومنفصل إلى دول مثل تركيا وكازاخستان للضغط على السلطات لمنع المنتجات الغربية ذات الاستخدام المزدوج من الوصول إلى ساحة المعركة.
ويضيف التقرير أن دولا أخرى ساعدت الكرملين في الحصول على التكنولوجيا الرئيسية ذات الاستخدام المزدوج، حيث ازدهرت التجارة بين روسيا والصين بعد الغزو، وقد صدرت بكين ما قيمته أكثر من 300 مليون دولار من أشباه الموصلات والدوائر المتكاملة إلى موسكو، مقارنة بـ 230 مليون دولار في العام السابق، وفقا لبيانات تجارية للأمم المتحدة.
انتقاد خجول
وأدانت الإمارات، وهي شريك طويل الأمد للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، غزو أوكرانيا في الأمم المتحدة عدة مرات، لكنها حاولت أيضًا الحفاظ على العلاقات مع روسيا، كجزء من استراتيجية السياسة الخارجية المتمثلة في المشاركة الدولية الواسعة في نظام عالمي. وقالت أبوظبي الشهر الماضي إنها ستنضم إلى مجموعة "بريكس" للدول الناشئة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
ولا ينسى التقرير الإشارة إلى أن الإمارات تتمتع بعلاقات عميقة مع الولايات المتحدة، حيث استثمرت صناديق ثرواتها السيادية عشرات المليارات من الدولارات، كما تعاون أيضًا في مكافحة الإرهاب، وهي ملتزمة بالعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة، وتجري حوارا وثيقا مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك أمريكا والاتحاد الأوروبي، بشأن الصراع في أوكرانيا وتداعياته على الاقتصاد العالمي.
وينقل التقرير عن مسؤول إماراتي أن الدولة الخليجية تراقب تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج وتلتزم بحماية "سلامة النظام المالي العالمي".
وأضاف المسؤول أن المناخ الجيوسياسي وسمعة الدولة كمركز استثماري مستقر تسببا في تدفقات رأس المال إلى الإمارات، حيث تعيش الآن أكثر من 200 جنسية، بما في ذلك الروس والأوكرانيون غير المحظورين.
من جهته، قال وزير الصناعة والتجارة الروسي دينيس مانتوروف، في فبراير/شباط الماضي، إن التجارة الثنائية بين روسيا والإمارات نمت بنسبة 68% على أساس سنوي لتصل إلى 9 مليارات دولار في عام 2022، وفقًا لتقرير صادر عن وكالة الأنباء الروسية "تاس".
اقرأ أيضاً
سياسة الإمارات وروسيا وأمريكا النفطية تعاكس السعودية.. ماذا يعني؟
ووفقا لبيانات التجارة الروسية التي جمعتها كلية كييف للاقتصاد، ومقرها أوكرانيا، فإن الإمارات صدرت مكونات ووحدات كمبيوتر بقيمة 149 مليون دولار إلى روسيا في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، مقارنة بمليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
وارتفعت صادرات معدات الاتصالات إلى 64 مليون دولار من الصفر في نفس الفترة من العام الماضي، في حين ارتفعت صادرات المعدات الكهربائية والإلكترونية من 1 إلى 20 مليون دولار، ومن غير الواضح عدد هذه المنتجات الخاضعة للعقوبات الغربية.
أرمينيا
ويشير التقرير إلى أن أرمينيا، التي أصبحت مركزًا رئيسيًا لنقل المواد ذات الاستخدام المزدوج الأمريكية والأوروبية، صدرت إلى روسيا العام الماضي ما قيمته حوالي 1.2 مليون دولار فقط من مكونات ووحدات الكمبيوتر إلى روسيا في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، وفقًا لبيانات التجارة التابعة للأمم المتحدة.
وعليه قالت آني باداليان، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأرمينية، إن السلطات "تبذل قصارى جهدها" لتجنب التحايل على العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وقدمت سياسة في مايو/أيار لوضع ضوابط صارمة على بيع 38 مجموعة من المنتجات، مضيفة: "لا يمكن إعادة تصدير هذه المنتجات من جمهورية أرمينيا إلى أي دولة".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركتين مقرهما دبي قالت إنهما متورطتان في شحن طائرات إيرانية بدون طيار. وفي مارس/آذار، قالت الإمارات إنها ألغت ترخيص بنك "إم تي إس الروسي" بعد إضافته إلى جولة جديدة من العقوبات الأمريكية.
اقرأ أيضاً
لماذا دعمت روسيا الإمارات في مسألة الجزر الثلاث وأغضبت إيران.. 3 أسباب
المصدر | وول ستريت جورنال – ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الإمارات روسيا العقوبات الاحتيال والاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة ملیون دولار إلى روسیا مع روسیا
إقرأ أيضاً:
المليارات السبعة التي أهدرناها لقصف بلد لا نعرف موقعه على الخريطة
ترجمة: أحمد شافعي -
أدت فضيحة سيجنال إلى صيحات غضب عارم من الطريقة التي تبادل بها المسؤولون في إدارة ترامب رسائل نصية غير مؤمَّنة عن الضربات العسكرية لليمن. ولكن من ينقب أكثر يجد فضيحة أكبر.
هي فضيحة سياسة فاشلة تقوي «عدوا» للولايات المتحدة، وتضعف أمننا وسوف تكبدنا وفاة آلاف الأنفس. وهي فضيحة تلوث أيضًا الرئيس جو بايدن لكنها تبلغ حضيضها في ظل حكم الرئيس ترامب.
يرجع الأمر كله إلى هجمة حماس على إسرائيل في أكتوبر من عام 2023، ورد إسرائيل الهمجي بتسوية أحياء كاملة من غزة بالأرض. إذ سعى نظام الحوثيين في اليمن إلى الظفر بدعم إقليمي من خلال مهاجمة سفن يفترض أنها موالية لإسرائيل حال مرورها على مقربة منه في البحر الأحمر. (وواقع الأمر أنهم ضربوا شتى السفن).
والمشكلات في العلاقات الدولية أكثر من الحلول، وقد كان هذا مثالا كلاسكيا: فقد كان نظام الحكم في اليمن يعوق التجارة الدولية، ولم يكن من سبيل يسير لإصلاح ذلك الأمر. فكان أن رد بايدن بعام كامل من الضربات لليمن استهدفت الحوثيين بتكلفة مليارات الدولارات لكن دونما تحقيق أي شيء واضح.
وبعد توليه السلطة، زاد ترامب من الضغط المفروض على اليمن. إذ قلل المساعدات الإنسانية في العالم كله، وتضرر اليمن بصفة خاصة. ولقد كانت آخر زيارة لي إلى اليمن في عام 2018، حين كان بعض الأطفال بالفعل يموتون جوعا، والآن بات الحال أسوأ: فنصف أطفال اليمن دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية - و«هذه إحصائية لا مثيل لها في العالم» بحسب اليونيسيف - وجاء تقليص المساعدات فأرغم ألفي برنامج تغذية على إغلاق أنشطتها وفقًا لتصريح توم فليشر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة. وقد ألغت الولايات المتحدة شحنة معجون فول سوداني كان يفترض أن تنقذ حياة نصف مليون طفل يمني.
ستكون الفتيات أكثر عرضة للوفاة، لأن الثقافة اليمنية تحابي الذكور. فقد أجريت ذات يوم حوارا مع فتاة اسمها نجود علي تزوجت رغم أنفها وهي في العاشرة. ويجري الآن أيضا تقليص برامج المساعدات الرامية إلى تمكين الفتيات اليمنيات بتقليل زواج الأطفال.
أشك أن إيلون ماسك - الذي تباهى بوضع برامج مساعدات التغذية في الطاحونة - سيقول إننا لا نقدر على مساعدة فتيات صغيرات في اليمن. فهو أغنى رجل في العالم، فقد تكون لديه دراية خاصة بالاستعمال الأمثل لمليون دولار يمثل التكلفة اليومية لستة أسابيع من معجون الفول السوداني الكفيل بإنقاذ حياة طفل جائع.
في الوقت نفسه، فإن الأموال الحقيقية التي تنفقها أمريكا في اليمن هي أموال القنابل، لكن فريق ماسك في إدارة الكفاءة الحكومية بما لديهم من مطاحن للتكاليف بدوا غافلين عن هذه التكلفة. وفي حين وفرت الولايات المتحدة مبالغ بسيطة من خلال السماح بجوع الفتيات الصغيرات، فقد صعدت حملة بايدن القصف في اليمن، بضرب أهداف على نحو شبه يومي. فكانت تكلفة الشهر الأول فقط من حملة ترامب للقصف أكثر من مليار دولار من الأسلحة والذخائر.
أسقط الحوثيون في ستة أسابيع فقط سبع مسيرات من طراز (MQ-9 Reaper) تكلفة الواحدة منها ثلاثون مليون دولار، وخسرت الولايات المتحدة طائرتين مقاتلتين من طراز (F/A-18 Super Hornet) بتكلفة سبعة وستين مليون دولار للواحدة.
يطرح مركز أبحاث «أولويات الدفاع» بواشنطن تقديرا مقنعا مفاده أن الولايات المتحدة أنفقت من خلال بايدن وترامب أكثر من سبعة مليارات دولار لقصف اليمن على مدى أكثر قليلا من عامين. ويبدو أن أغلب هذا الرقم قد تم إنفاقه بإشراف بايدن.
وافقت ليندا بيلمز -خبيرة تكاليف الصراع العسكري في جامعة هارفرد- على أن سبعة مليارات دولار تمثل تقديرا منطقيا بعد إدراج تكلفة نشر حاملات الطائرات وأجور القتال، وعوامل أخرى. وقالت: إن «إنفاق الولايات المتحدة لا يكافئ إنفاق الحوثيين، فنحن ننفق مليون دولار على الصواريخ للرد على مسيّرات الحوثيين إيرانية الصنع التي تتراوح تكلفتها بين مائتي دولار وخمسمائة».
ما الذي حققته مليارات الدولارات السبعة؟ قلل القصف الأمريكي من قدرات الحوثيين بدرجة ما وقتلت أيضا ما لا يقل عن مائتين وستة من المدنيين في شهر أبريل وحده وفقًا لـ(مشروع بيانات اليمن) غير الربحي. كما قللت حملة القصف أيضا من قدرة أمريكا العسكرية من خلال استهلاك ذخائر ثمينة. وعل مدى أكثر قليلا من عامين، يبدو أن الحوثيين قد أسقطوا نحو 7% من مخزون أمريكا الكامل من مسيّرات (MQ-9 Reaper).
لقد أعلن ترامب في مارس أن حملة القصف هذه سوف تؤدي إلى «إبادة كاملة» للحوثيين. لكنه تراجع في الشهر الحالي، وأعلن «توقفا» للعمليات الهجومية. وحفظ ماء وجهه بوعد من الحوثيين بعدم استهداف السفن الأمريكية، ولكن تلك لم تكن المشكلة الأساسية، فالغالبية الكاسحة من السفن التي تعبر البحر الأحمر ليست أمريكية. والنتيجة أن الحوثيين - الذين أتفهم شعورهم بالنصر - قد أعلنوا النصر من خلال هاشتاج «اليمن تهزم أمريكا [Yemen defeats America].
بالنظر إلى الأمر بأثر رجعي، نرى أن ترامب صعّد سياسة بايدن الفاشلة، لكنه أظهر أيضا مقدرة أكبر من بايدن على تصحيح أخطائه.
ما الذي يمكن أن يفعله ترامب لإيقاف هجمات الحوثيين على السفن؟ الخطوة الواضحة هي الضغط على إسرائيل بدرجة أكبر لقبول صفقة تيسر رجوع الرهائن جميعا وتحقيق هدنة دائمة في غزة.
في الوقت نفسه، لم يستأنف ترامب المساعدة الإنسانية، ولذلك يموت أطفال اليمن جوعا.
أخبرتني ميشيل نان ـ رئيس منظمة كير CARE - أن تقليل المساعدات الأمريكية تعني ألا تستطيع منظمتها الاستمرار في مساعدة أكثر من سبعمائة وثلاثين ألف يمني في الحصول على المياه النظيفة وعلى خدمات أخرى. وحكت لي عن فتاة عمرها عامان، تدعى مريم، وصلت إلى عيادة متنقلة ووزنها لا يتجاوز أحد عشر رطلا وتشارف على الموت بسبب سوء التغذية. استطاع مسؤولو الصحة في كير أن ينعشوا مريم، فبدأت تتعافى، ثم أوقفت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية البرنامج. ولا يعرف عمال المساعدة الآن إن كانت مريم قد نجت.
إنني أتفهم الشك الأمريكي في تقديم المساعدة الإنسانية لأطفال اليمن، إذ يدير الحوثيون دولة بوليسية مدعومة من إيران لها تاريخ في تسليح المساعدات. غير أن حملتنا القائمة على القصف والتجويع قد تقوي الحوثيين، وتجعل نظامهم الحاكم قليل الشعبية أشبه بحامي حمى الأمة ويزيدهم قربا من إيران.
قال لي جريجوري دي جونسن خبير شؤون اليمن في معهد دول الخليج الغربي إن «تقليل المساعدات الإنسانية لليمن لا يرجح أن تفيد أحدا عدا الحوثيين، فمع تفاقم الوضع الإنساني المزري أصلا بسبب قطع المساعدات، لن يكون للأسر المقيمة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلا أن تقف في صف الجماعة سعيًا يائسًا منها إلى النجاة».
والخلاصة حسبما قال جونسن: هي أن الحوثيين سوف «يزيدون ترسيخ وجودهم في السلطة، بما يزيد من صعوبة اقتلاعهم منها لاحقا». واليمن لم يطرح لنا قط خيارات جيدة. ولكن في خياراتنا السيئة على نحو غير معهود أرى حكاية تحذيرية عن النتائج المترتبة على تكاليف السياسة الخارجية المتخبطة: جوع، وصبية وفتيات يموتون، وإضعاف للأمن الأمريكي وانتصار لخصومنا، وكل ذلك بتكلفة سبعة مليارات دولار من ضرائبنا. وإذن، هذه فضيحة.
نيكولاس كريستوف يكتب في صفحة الرأي بنيويورك تايمز منذ عام 2001
خدمة نيويورك تايمز