الإنفاق العسكري معضلة تهدد بأزمة داخل الناتو
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
لندنـ رغم أن الحرب الروسية الأوكرانية حفزت جل الدول الغربية على الرفع من نفقاتها العسكرية ودفعت حلف الشمال الأطلسي "الناتو" للرفع من جاهزيته العسكرية وتقوية التعاون العسكري بين أعضائه وزيادة أعضاء جدد (فنلندا والسويد)، فإن نقطة واحدة تقف عقبة في طريق توحيد المواقف بين دول الحلف، ويتعلق الأمر بحجم الإنفاق العسكري لكل دولة من دول الناتو.
فرغم مرور أكثر من عقد على التزام دول حلف الشمال الأطلسي برفع نفقاتها العسكرية لتصل إلى 2% من الناتج الداخلي الخام لكل دولة لمواجهة التهديدات الخارجية، يبدو أن هذا الأمر سيتحول إلى بؤرة قد تفجر خلافات كبيرة داخل الحلف.
وزاد من حدة هذه المخاوف ما أعلن عنه الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب والمرشح لسباق الرئاسة الأميركية المقبل عندما قال إنه سيسمح لروسيا بمهاجمة أي دولة في حلف الناتو لا تلتزم برفع إنفاقها العسكري.
ولتدارك الموقف دخلت بريطانيا على الخط، عبر وزير دفاعها غرانت شابس الذي قال إنه حان الوقت لكي تلتزم جميع الدول برفع إنفاقها العسكري ليتجاوز 2%، معتبرا أن الوقت لا يرحم والتحديات تفرض على الجميع مسؤولية الزيادة في الإنفاق العسكري.
ما قصة عتبة 2%؟في سنة 2014 اتفق جميع أعضاء حلف الناتو على تخصيص 2% من الناتج الداخلي الخام للإنفاق العسكري، وذلك خلال 10 سنوات، وقد تم اتخاذ هذا القرار كرد على ضم روسيا لجزيرة القرم إلى أراضيها، وتحول عتبة 2% إلى رقم رسمي يعتمده الناتو في كل أدبياته، لكن بعد مرور 10 سنوات عاد الجدل وبقوة حول هذا الالتزام بعد أن تبين أن ثلثي دول الحلف ما زالت عاجزة عن الوصول له.
من الدول التي التزمت برفع نفقاتها العسكرية؟حسب بيانات حلف الناتو، فإن 11 دولة من أصل 32 دولة نجحت إلى غاية نهاية 2023 في الوصول إلى عتبة 2% من ناتجها الداخلي الخام والموجه للإنفاق العسكري، مما يعني أن 22 دولة من دول الاتحاد ما زالت لم تحقق هذا الهدف.
وكان أكبر زيادة في حجم الإنفاق العسكري هو الذي شهدته بولندا، حيث رفعت من إنفاق العسكري من أقل 2% إلى 3.9% من الناتج الداخلي الخام، ثم هناك الولايات المتحدة بنسبة 3.5% من الناتج الداخلي الخام، ثم اليونان بنسبة 3%، وإستونيا 2.7%، وليتوانيا 2.5%، وفنلندا 2.5%، رومانيا 2.4%، هنغاريا 2.4%، لاتفيا 2.3%، المملكة المتحدة 2.1%.
وتغيب عن هذه القائمة دول مهمة داخل التحالف ومؤثرة في الغرب كما هو الحال بالنسبة لألمانيا التي تبلغ نسبة إنفاقها العسكري 1.6% فقط من الناتج الداخلي الخام، وأعلنت أنها لن تصل إلى عتبة 2% إلا في حدود سنة 2030، وهو ما سيغضب الولايات المتحدة على وجه الخصوص.
وكذلك تغيب عن القائمة فرنسا التي تبلغ نسبة إنفاقها العسكري 1.9% من الناتج الداخلي الخام، وكندا 1.5%، والنرويج والدانمارك 1.7%.
ما حجم الإنفاق العسكري لدول الناتو؟يبلغ مجموع النفقات العسكرية لدول حلف الناتو أكثر من 1.6 تريليون دولار، أغلبها من نصيب الولايات المتحدة، التي تستحوذ لوحدها على 881 مليار دولار سنويا، وتأتي في المرتبة الثانية المملكة المتحدة بـ72 مليار دولار، ثم ألمانيا بحوالي 64 مليار دولار.
وعموما، لو تم جمع كل النفقات العسكرية لمعظم دول الحلف، فلن تتجاوز 370 مليار دولار، أي أنها لا تساوي حتى نصف النفقات الأميركية.
وفي دراسة لمعهد الأبحاث ماكنزي "Mckinsey"، عن الإنفاق العسكري لدول حلف الناتو، فإن مجموع ما ستنفقه دول حلف الناتو على الدفاع، سيرتفع من 1.6 تريليون دولار إلى أكثر من 2 تريليون دولار بحلول عام 2026.
وتشير توقعات المركز الأميركي إلى ارتفاع النفقات العسكرية خلال الفترة ذاتها بنسبة 53%، لتصل الزيادة إلى 453 مليار دولار سنويا على أقل تقدير، أما أعلى توقع يضعه المركز، فهو بلوغ زيادة الإنفاق العسكري إلى نحو نصف تريليون دولار سنويا في دول الحلف الأوروبية وحدها بحلول عام 2026.
من الدول التي تنفق على تكاليف حلف الناتو؟ما يزيد الغضب الأميركي (حسب منطق ترامب) هو تحمل واشنطن للعبء الأكبر في تمويل الحلف، وتبلغ الميزانية السنوية للناتو 3.3 مليارات دولار تتقاسمها دول الحلف، لكن يظهر من الإحصاءات أن 8 دول هي التي تتحمل هذه التكاليف.
وتتحمل الولايات المتحدة 22% من هذه النفقات تليها ألمانيا بنسبة 16% ثم بريطانيا بنسبة 11% ثم فرنسا بنسبة 10.5%، مما يعني أن هذه الدول الأربعة تتحمل أكثر من 60% من نفقات الحلف التي يتم تخصيصها للمناورات العسكرية وكذلك للعمليات التقنية واللوجيستية التي يقوم بها الحلف من مراقبة عبر الأقمار الاصطناعية وتزويد للقطع العسكرية بالوقود والعتاد العسكري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الولایات المتحدة إنفاقها العسکری الإنفاق العسکری تریلیون دولار ملیار دولار حلف الناتو دول الحلف أکثر من دول حلف
إقرأ أيضاً:
استشارية نفسية: الذكورية المفرطة تهدد الصحة النفسية للأسرة بأكملها
حذّرت الدكتورة ولاء شبانة، الاستشارية النفسية، من مخاطر الذكورية المفرطة على الصحة النفسية للأسرة، مؤكدة أن الممارسات التي تتجاوز الحدود الطبيعية للفطرة الإنسانية تُحدث اضطرابات عميقة داخل البيت وتنعكس على جميع أفراده دون استثناء.
وأكدت شبانة، خلال مشاركتها في برنامج "خط أحمر" المذاع على قناة الحدث اليوم ويقدمه الإعلامي محمد موسى، أن تأثير الذكورية المفرطة يكون أشد عندما تصدر من الرجل، باعتباره صاحب القوامة والمسؤول الأول عن استقرار الأسرة وإدارة شؤونها.
وأوضحت أن أي ميل نحو السيطرة المطلقة أو الإفراط في “إثبات الرجولة” يؤدي إلى خلق بيئة مشحونة نفسيًا داخل المنزل تنتقل آثارها السلبية إلى الزوجة والأبناء.
وأضافت الاستشارية النفسية أن الاعتدال هو المفتاح في توازن العلاقات الأسرية، مشيرة إلى أن العلاقة بين الرجل والمرأة تقوم على التكامل لا الصراع، وعلى توزيع الأدوار وليس المساواة المطلقة.
وقالت إن لكل طرف خصائصه الجسدية والنفسية التي تُحدد مسؤولياته داخل الأسرة، وإن تجاوز هذه الطبيعة أو محاولة فرضها بالقوة يخلق خللًا في المنظومة الأسرية.
وأشارت شبانة إلى أن المرأة التي تُعامل بخضوع دائم أو كمنقادة بشكل مبالغ فيه تفقد تدريجيًا قدرتها على التعبير عن رأيها واتخاذ مواقف واضحة، ما ينتج عنه حالة من التوتر والإحباط تنعكس مباشرة على المناخ النفسي للأسرة.
وأكدت أن هذا الوضع لا يضر المرأة فقط، بل يؤثر على الرجل نفسه وعلى الأبناء الذين ينشأون وسط بيئة مضطربة غير مستقرة.
وشددت الدكتورة ولاء شبانة على أن السلوك المتطرف في السيطرة أو استخدام العنف اللفظي من قبل الرجل يُعطّل لغة الحوار الطبيعي داخل الأسرة، وهو ما يؤدي إلى تآكل الاحترام المتبادل وغياب الشعور بالأمان العاطفي.
وقالت إن غياب الحوار يسبب أضرارًا نفسية واضحة لدى الزوجة، ويؤدي في النهاية إلى اهتزاز استقرار الأسرة وتراجع شعور أفرادها بالطمأنينة.