دولة النيجر.. حبيسة الجغرافيا والسياسة والإثنيات والإرهاب
تاريخ النشر: 29th, July 2023 GMT
صفحة جديدة في كتاب الانقلابات في أفريقيا، يكتبها مجددا ضباط غاضبون في النيجر، بإسقاطهم للرئيس ذي الأصول العربية محمد بازوم، أو باعزوم كما يلقبه المقربون منه والعارفون به.
أصبح بازوم رئيسا سابقا ينضاف إلى لائحة طويلة من الحكام الذي مروا بالقصر الرئاسي في نيامي وأقاموا على أمل قطعته أحذية العسكر الخشنة، وحولته إلى ندوب في جسد النيجر، التي تقتات منها صحراء تسيطر على قرابة 70% من أراضي البلاد.
غير أن التصحر السياسي كان أكثر تأثيرا على تاريخ البلاد، التي نالت استقلالا رمزيا عن فرنسا سنة 1960، ضمن موجة من "الاستقلالات" الأفريقية، حيث تولى السلطة السياسي حماني ديوري لمدة تقارب 14 عاما، انتهت بانقلاب عسكري أطاح به، وأقام نظاما عسكريا بقيادة الضابط سيني كونتشي، الذي أقام هو الآخر حكما عسكريا صارما لمدة تقترب من 14 عاما، قبل أن يغادر الحياة في مستشفى بباريس عام 1987، ليخلفه العقيد علي سايبو، الذي أدار واحدة من أطول الفترات الانتقالية في العالم، انتهت سنة 1993 بانتخاب السياسي ماهامان عصمان رئيسا للبلاد، وذلك بعد اضطرابات كان الطوارق طرفا فيها.
غير أن الرجل لم ينعم طويلا بالحكم، حيث أطاح به انقلاب عسكري خلعه في 27 يناير/كانون الثاني 1996، بعد أقل من 3 سنوات من إدارته البلاد في ظرف اضطراري صعب، حيث استولى على السلطة العقيد إبراهيم باري مايناسارا، الذي حاول ترسيخ أركان حكمه وأعلن فوزه في الانتخابات الرئاسية قبل أن يسقط برصاص أحد جنود العقيد داودا مالام وانكي في كمين بمطار العاصمة نيامي في 9 أبريل/نيسان 1999.
ولم تطل فترة وانكي في الحكم إذ استمرت شهورا فقط، سلّم بعدها الحكم للرئيس مامادو تانغا الذي حكم 10 سنوات، وحاول السعي إلى ولاية ثالثة قبل أن تنتهي أحلامه في 2010 بانقلاب عسكري، بقيادة العقيد سالو جيبو الذي حكم البلاد سنة وبضعة أيام، عبر مجلس عسكري سماه "المجلس الأعلى لاستعادة الديمقراطية".
وكانت مهمة هذا المجلس هي تسيير مرحلة انتقالية تنتهي بتسليم السلطة إلى المدنيين، وهو ما تم بالفعل يوم 7 أبريل/نيسان 2011، التاريخ الذي تسلم فيه الرئيس محمدو إيسوفو السلطة، ليقود البلاد خلال ولايتين متتاليتين، قبل أن يغادر الحكم إثر انتخابات رئاسية حملت خليفته وصديقه محمد بازوم إلى السلطة.
ولم يكن بازوم أكثر حظا من سابقيه، بل ربما كان من أقلهم قدرة على البقاء، حينما وصل إلى رأس سلطة مضطربة في 2021، لينتهي حكمه هو الآخر في 26 يوليو/تموز 2023 بعد سنتين ونصف السنة في القصر الرئاسي بنيامي.
النيجر.. مخزن الطاقة الفرنسيةينطق البؤس بجميع الألسنة المتحدثة في النيجر، حيث يسيطر الفقر على أغلب سكان البلاد، وتتقلص نسبة الوصول إلى الخدمات الأساسية من صحة وتعليم إلى حدود 15%.
ورغم سعي الرئيس المطاح به محمد بازوم إلى إحداث نقلة نوعية في التعليم فإن زناد العسكريين كان أسرع إلى إنهاء مشروعه، وسط حديث عن دور خارجي أحيانا، وعن صراعات ذات طبيعة عرقية محلية في الإطاحة بالرجل العربي الذي حكم في حالة استثنائية بلدا من أغلبية زنجية.
وفيما يتربع الفقر على ملامح السكان، فإن أرضهم تكتنز ثروات هائلة، كانت ولا تزال منذ أكثر من قرن مجال استنزاف من قوى خارجية من بينها -كما يقول بعض السياسيين والنشطاء النيجريين- فرنسا التي تزود نفسها من النيجر بما يمثل نحو ثلث حاجتها من اليورانيوم المستخدم في مفاعلاتها النووية.
ويمكن اعتبار النيجر البلد الرابع عالميا في تصدير اليورانيوم، الذي يشع بالطاقة في مدن العالم، بينما تلتحف مدائن النيجر الظلام والأزمات الاقتصادية.
وتحتل احتياطات النيجر من اليورانيوم المرتبة الأولى عالميا، وهي واحدة من أكبر 10 منتجين لهذا المعدن في العالم.
إسلام شامل وقوميات متصارعةيمثل الإسلام الهوية الدينية لأكثر من 90% من النيجريين الذين يتوزعون إلى قوميات متعددة، لا تتبادل المودة والعلاقات الإيجابية في بعض الأحيان، ومن أهم هذه القوميات الهوسا التي ينتمي إليها أكثر من نصف السكان، ثم قوميات السونغاي والعرب والطوارق والفولان والكانوري.
وتمثل اللغة الفرنسية اللسان الرسمي للسياسة والتعليم في البلاد -التي تنتشر فيها الأمية بشكل كبير- وتتعدد لغات سكانها بتعدد القوميات والأعراق.
وقد تعايش السكان مع الجفاف الذي ضرب بلادهم بأزمات ماحقة خلال القرون الثلاثة الماضية، وترك في ذاكرة الأجيال يوميات مؤلمة من المجاعات التي تتكرر بين الحين والآخر.
وإلى جانب أزماتها الاقتصادية فإن النيجر تمثل مأوى لعشرات الآلاف من اللاجئين الفارين من مالي وتشاد، وغيرهما من البلدان الأفريقية المضطربة مما يضاعف من أزماتها المجتمعية.
هل تقاتل فرنسا عن آخر طبق في مائدتها الساحلية؟يمكن اعتبار النيجر الطبق الأخير والأهم في مائدة فرنسا بمنطقة الساحل، فلا يمكن اعتبار هذه المنطقة مصدرا للطاقة الفرنسية فحسب؛ بقدر ما تمثل الملاذ الأخير للقوات الفرنسية المطاردة من دول الساحل، فقد آوت النيجر قرابة 1500 من الجنود الفرنسيين المطرودين من مالي لينضموا إلى آخرين يقيمون منذ عقود في القواعد الفرنسية بالبلاد، وفيما كان بازوم يستعد لاستقبال مئات آخرين من الجنود الفرنسيين المطرودين من بوركينافاسو، عاجله انقلاب أنهى مطامحه والآمال المعلقة عليه.
ولا تمثل النيجر قصة حب وأمل فرنسية خاصة بقدر ما تعني ذلك بالنسبة لقوى غربية متعددة، ترى في النيجر الفرصة الأخيرة للقضاء على الإرهاب، بفعل موقعها واستعداد رئيسها المطاح به محمد بازوم للخروج من "قلب إعصار الإرهاب" وفق تعبيره.
وسعى بازوم لإحداث تغييرات في الهيكلة العسكرية لبلاده، حيث أعلن عن إستراتيجية لرفع تعداد الجيش ورفع سن التقاعد، وتعبئة المتقاعدين من قوات الجيش والدرك لتشكيل قوة احتياطية للجيش المنهك.
وخلال السنتين الماضيتين كانت النيجر ميدانا لإرادات دولية متصارعة، وخصوصا بين محوري الغرب الذي تمثله فرنسا بشكل خاص والولايات المتحدة، ومحاور أخرى من بينها دول ساعية لزيادة نفوذها في أفريقيا، ولا يمكن إغفال دور روسيا ومرتزقتها فاغنر، التي وصف زعيمها يفغيني بريغوجين ما جرى في النيجر بأنه "كفاح ضد المستعمرين".
وبينما تتعقد الأوضاع في النيجر، وتفرض المتغيرات الجديدة إعادة ترتيب الإستراتيجيات الدولية تجاه هذا البلد الحبيس، يشرق يوم آخر على نيامي حاملا معه كثيرا من الحر والترقب والاضطراب، ومجددا قصة إخفاق سياسي أفريقي، يتداخل فيه فساد وعجز المدنيين وعنف العسكريين، وأصابع التدخل الدولي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: محمد بازوم فی النیجر قبل أن
إقرأ أيضاً:
الأحمر يواجه النيجر 20 مايو استعدادا للقاء الأردن وفلسطين في تصفيات المونديال
تأكيدا لما نشرته "عمان" في عدده الصادر يوم الأحد الماضي، اتفق الاتحاد العماني ونظير اتحاد النيجر لكرة القدم على خوض مباراة ودية بين الجابين 20 مايو الجاري في مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر في إطار تحضيرات منتخبنا الوطني لمواجهتي الأردن وفلسطين يومي 5 و10 يونيو المقبل بالجولتين التاسعة والعاشرة من المرحلة الثالثة للتصفيات النهائية المؤهلة لنهائيات كأس العالم صيف العام القادم في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيـك.
وبحسب الاتفاق بين الجانبين سيُقيم منتخب النيجر المحلي معسكرا في مسقط بدءا من 17 مايو ثم يواجه منتخبنا الوطني 20 من ذات الشهر، وسيُغادر بعد ذلك المنتخب المضيف للعاصمة الأريتيرية أسمرة لمواجهة منتخب إريتريا وديا، وسيخوض منتخب النيجر المباراة بالمحليين والذي يقوده هارونا دولا بسبب إقامتها في خارج إطار أيام الفيفا، خاض النيجر يومي 22 و28 ديسمبر الماضي مواجهتين بالتصفيات أمام توجو وتأهل منتخب النيجر لهذه البطولة بعد تعادله خارج أرضه بهدف قبل أن يتعادل سلبيا في أرضه ليتأهل بأفضلية الهدف خارج الأرض، وتقام البطولة الإفريقية للمحليين في كينيا وتنزانيا وأوغندا خلال الفترة 2-30 أغسطس المقبل وهي النسخة السابعة عشرة من البطولة بمشاركة 19 منتخبا مختلفا.
ويعتبر هارونا دولا من اللاعبين التاريخيين لمنتخب بلاده وهو لاعب دولي سابق، وقاد صاحب الـ59 عاما، رحلة هارونا دولا كمدرب حافلة بالنجاحات والإنجازات الرائدة. بين عامي 2009 و2023، قاد منتخب النيجر الأول وضمن له التأهل لأول مرة إلى كأس الأمم الإفريقية عام 2012 التي استضافتها الجابون وغينيا الاستوائية، امتد تأثير دولا إلى بطولة أمم إفريقيا للمحليين، حيث أشرف على ظهور النيجر لأول مرة في البطولة التي أُقيمت في السودان عام 2011 وقد أهلته إنجازاته الاستثنائية للفوز بلقب أفضل مدرب إفريقي من الاتحاد الإفريقي عام 2011، تحت قيادته، قدم منتخب النيجر أداءً رائعًا في بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين 2022 التي أقيمت في الجزائر، حيث تقدم إلى الدور نصف النهائي في عرض رائع من المرونة والبراعة التكتيكية حيث يلعب بطريقة 4-4-2.
وكان مقررا أن يخوض المنتخب مباراة ودية أمام منتخب النيجر 3 مارس الماضي في مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر الساعة العاشرة مساءً، ولكن لم تكتمل إجراءات وصول المنتخب الضيف لأسباب غير معلنة، ونشر "عمان" بتاريخ 23 فبراير الماضي خبر إقامة المباراة بعد اتفاق الجانبين العماني واتحاد النيجر على استضافته بمسقط خلال الفترة من 1-4 مارس تتخلله مباراة دولية ودية في الثالث من هذا الشهر، وباشر اتحاد القدم في متابعة إجراءاته استضافة المنتخب الضيف، وفي الخامس والعشرين من الشهر الماضي نشر اتحاد النيجر لكرة القدم على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" خبرا أن المدرب الوطني هارونا دولا اختار 33 لاعبا ويواصل تدريباته من أجل مواجهة المنتخب العماني في الثالث من مارس ضمن تحضيراته للمشاركة في بطولة أمم إفريقيا للمحليين والتي ستقام في كينيا وأوغندا وتنزانيا خلال الفترة 2-30 أغسطس 2025 وفق ما جاء في بيان اتحاد النيجر وفي 28 فبراير الماضي أعلن اتحاد النيجر رسميا أن المدرب اختار هارون دولا 23 لاعبا، قبل أن يُعلن فيما بعد أن تعذر سفر المنتخب لأسباب خارجة عن إدارة الجانبين.
إعلان القائمة
وبحسب معلومات حصلت عليها "عُمان" سيقوم مدرب منتخبنا الوطني رشيد جابر بإعلان القائمة 10 مايو الجاري، وتقام الجولة الأخيرة لدوري عمانتل بتاريخ 8 مايو عبر إقامة 6 مباريات في 6 ملاعب مختلفة في ذات التوقيت لضمان مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الأندية، حيث يحل صحم ضيفا على صور الهابط للدرجة الأولى في مجمع صور ويحتفل نادي السيب بلقبه بمواجهة النصر في استاد السيب الرياضي بينما يستضيف مجمع صحار ومجمع الرستاق مواجهتي صحار وعُمان والخابورة وعبري لتحديد هوية الفريق الذي سيرافق صور لدوري الدرجة الأولى، في حين يستضيف مجمع البريمي مواجهة النهضة والرستاق، وبهلا والشباب يستعرضان في مجمع الرياضي بنزوى، وسيمنح المدرب اللاعبين راحة بضعة أيام قبل أن يبدأ التجمع 13 مايو على أن يُباشر تحضيراته في اليوم التالي، وسيخوض المنتخب كذلك مواجهة ودية ثانية أمام المنتخب اللبناني في مسقط 28 من ذات الشهر تأهبا لمواجهة المنتخب الأردني وبعد ذلك السفر للقاء منتخب فلسطين، وضمت قائمة المنتخب في توقف شهر مارس الماضي والذي تخلله مواجهتي كوريا الجنوبية والكويت كلا من: إبراهيم المخيني (النهضة) وعبدالملك البادري (الشباب) ومعتصم الوهيبي (السيب) لحراسة المرمى، وفي الدفاع: خالد البريكي وماجد السعدي (الشباب) وأحمد الخميسي وعلي البوسعيدي وأمجد الحارثي (السيب) وثاني الرشيدي وغانم الحبشي وأحمد الكعبي (النهضة) وملهم السنيدي (النصر) في خط الدفاع، وفي خط المنتصف حارب السعدي وعبدالله فواز عرفة وناصر الرواحي وحسين الشحري (النهضة) وأرشد العلوي وجميل اليحمدي وزاهر الأغبري (السيب) وصلاح اليحيائي (الخالدية البحريني) وحاتم الروشدي (الشباب)، وفي الخط الأمامي الهجوم المنذر العلوي (الزوراء العراقي) وعصام الصبحي (القوة الجوية العراقي) وعبدالرحمن المشيفري (السيب) والفرج الكيومي (الخابورة) ومحسن الغساني (بانكوك يونايتد التايلندي).