بوابة الوفد:
2025-07-31@03:24:35 GMT

الكفيفة التى أبصرت بعيون القلب

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

مع قوافل العائلات الهاربة من حرارة القاهرة والأقاليم، جئنا إلى مرسى مطروح حسناء المتوسط بحثًا عن الاستجمام. كنا نتوقع أن نجد المتع المألوفة من شمس وأمواج وأطباق شهية من ثمار البحر. لكن ما لم يكن فى الحسبان، أن نقابل تلك الشابة الرائعة التى أذهلتنا ببصيرتها رغم فقدانها نعمة البصر.

دعونا نسمّيها «ماريا».

فقدت بصرها وهى طفلة، ولكن ما فقدته فى حاسة الرؤية، عوّضته بأعين قلب يرى ما لا تدركه الأبصار. كانت نقاوة روحها هى التى تجذبنا إليها، وضحكتها كانت تطرق آذاننا كأمواج البحر، وذكاؤها كان كسيفًا حادًا، يقطع جمود الأحاديث بنكاتها و»قلشاتها».

كنّا نرى ثنائيات الحياة من حضور وغياب، وسر وعلانية، وبراءة و»شقاوة» متمثلات فى «ماريا»: غياب البصر فى مقابل حضور البصيرة، انقباض الإعاقة فى مقابل بسطة الروح، ظلمة العمى فى مقابل إشراقة الصوت الجميل.

لم يكن فقدان البصر إلا نافذة تطلّ على عالم أوسع فى قلبها. كانت تستشعرنا بحسّ لا يملكه المبصرون: تعرف أدقّ تفاصيل مشاعرنا، وتقرأ قلوبنا كما يقرأ المرء كتابًا مفتوحًا، وتعرف متى تحتاج أرواحنا إلى راحة الضحكة وروقان البال.

«ماريا» لم تكن وحدها من يثبت أن البصيرة تفوق البصر. كانت تذكرنا بعظماء الأدب الذين تجاوزوا قيود الإعاقة مثل أبى العلاء المعرى الذى رأى فى عماه بصيرة فلسفية عميقة تغوص فى أسئلة الوجود، وطه حسين، الذى قهر الظلام ليكون مشعل فكرٍ وقلم، وهوميروس، الشاعر الإغريقى الكفيف صاحب ملحمتى «الإلياذة» و»الأوديسة»، الذى بيّن لنا أن الرؤية الحقيقية تأتى من سويداء القلب لا من حدقة العين.

فى كل لقاء لنا مع ماريا، كنا ندرك سرًا لم نجرؤ على البوح به. كنّا، نحن المبصرين، دائمًا ما نتجنب أمامها استخدام كلمات تشير إلى العين أو النظر أو البصر؛ لم يقصد أحد منّا أن يشعرها بأن فقدانها للبصر شىء يلفت انتباهنا أو يحصرها فى زاوية خاصة. لكن المدهش أنها هى التى خفّفت، بفكاهتها، الرهبة من ذكر العمى وعلّمتنا أن الإعاقة ليست حاجزًا أمام العيش بحب وانفتاح مع الآخرين. كانت تُظهر لنا، نحن المبصرين، أن الحياة الحقيقية تتطلب رؤية أعمق من مجرد حاسة البصر.

أصرّت «ماريا» أن تشاركنا فى لعبة «الضمنو». كانت تتحسّس أرقام المربعات بأناملها، لتفوز علينا فى «فورة» عقب الأخرى وهى تضحك ضحكات تجلجل فى فضاءات المقهى. الغريب أننا كنا نضحك معها، ونفرح بفوزها علينا، رغم أنها كانت تشمتُ فينا علنًا وتهلّل وتضرب بكفها مسند المقعد كما يفعل جُلُّ الفائزين.

مع نهاية العطلة، أدركنا أن «ماريا» لم تكن مجرد ذكرى صيفية عابرة فقد أضحت فى نظرنا رمزًا لما يمكن للبشرية أن تحقّقه عندما ترى بما هو أعمق من رؤية العيون.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مرسى مطروح ماريا فقدان البصر

إقرأ أيضاً:

نصائح للنفساء

أصدرت مجموعة من الهيئات الصحية في كندا وثيقة توصيات تتعلق بممارسة النشاط الجسماني و الرياضى خلال مرحلة النفاس والعام الأول بعد الولادة (أبريل 2025) وقد أشارت إلى أن ممارسة النشاط الجسماني يؤدى إلى انخفاض بنسبة 45٪من حالات الاكتئاب، وانخفاض بنسبة 37٪ في حالات عدم التحكم في البول، وكذلك انخفاض بنسبة 27٪ في حالات مرض السكر من النوع الثانى، كما أنه يؤدى إلى تقليل شدة الأعراض المتعلقة بالاكتئاب، وكذلك يخفف آلام عظام الحوض وأسفل الظهر. وأكدت أن الأبحاث لم تُظهر أي أعراض جانبية لهذا النشاط على صحة الحامل، أو على الرضاعة.
تتضمن التوصيات أن تمارس كل هؤلاء السيدات أنشطة جسمانية متوسطة إلى شديدة الجهد، طالما أنه لا يوجد لديهن موانع طبية. و في حالة وجود موانع؛ فإن السيدة يمكن أن تتواصل مع أطبائها لعمل تكييف لهذه الأنشطة تختصر الجهد؛ بما يناسب حالتها الصحية. الأنشطة المطلوبة لمن ليس لديهن موانع طبية، يجب أن لا تقل مدتها عن 120 دقيقة يمكن تقسيمها على أربعة أيام، وقد مثلت لهذه الأنشطة بالمشي النشيط السريع ( يعنى المُجهد و ليس المسترخي)، وقيادة الدراجات الهوائية أو ما يشابهها. جزء من هذه الأنشطة يجب أن تتضمن تمارين عضلات قاع الحوض، ويستحسن أن تتدرب على هذه التمارين على يد أخصائي علاج طبيعي. أهمية هذه التمارين أنها تعيد القوة لعضلات الحوض، التى تترهل بسبب الولادة؛ ما قد يؤدي لاضطرابات في التحكم البول، وقد يتفاقم الأمر إلى هبوط بعض أعضاء الحوض.
يجب ألا تتأخر هذه التمارين عن اثني عشر أسبوعًا بعد الولادة، وكلما بدأت مبكرًا كلما كانت أكثر جدوى؛ لذا يُنصح بالابتداء بالأنشطة الخفيفة التى تتزايد شدتها، بمجرد التئام جرح العملية القيصرية أو جروح العجان،
ويستمر تصعيد الجهد طالما أنه لم يؤد إلى زيادة دم النفاس.
تتضمن التوصيات التعود على النوم الصحى بشكل روتيني، حيث يكون الاستعداد بنظافة الجسم، والابتعاد عن متابعة الشاشات عبر أجهزة الجوال، والتلفاز وما يشابهها، في غرفة هادئة ومعتمة، بيئة النوم التى تمت الإشارة إليها ضرورية للصحة النفسية والعقلية.
كذلك فإن أوقات الاسترخاء والسكون لا يجب أن تزيد على ثماني ساعات في اليوم، على ألا تتجاوز مدة شاشات الترفيه (التلفاز والوسائط) ثلاث ساعات في اليوم، وفي حالات الجلوس لفترات طويلة، يجب ممارسة الحركة والنهوض بين وقت وآخر خلال الجلسة.
موانع ممارسات الرياضة المجهدة هي الأمراض التى تؤثر على قدرة الجسم؛ مثل أمراض القلب والكلية،
وكسور العظام، وعدم الاستقرار الدموي الحركي، وارتفاع ضغط الدم و فقر الدم الشديد، وظهور الٱم حديثة في الصدر، كما لو أدت الحركة إلى آلام شديدة في البطن، أو صعوبات في التنفس، أو اضطراب في الوعي، وما يشبهها، ورغم طول قائمة الموانع؛ فإن أكثر من 90٪ من النفساء لا يعانين منها- بحمد الله.
استغرقت مراجعة التوصيات المشار إليها ثلاث سنوات قبل إصدارها، تمت مراجعة 574 دراسة وأكثر من تسعة عشر ألف عنوان له علاقة بالموضوع؛ لذا فإن هذه التوصيات موثقة باعتمادها على البراهين، وعليه يجب أن تكون جزءًا من الرعاية الصحية للنفساء، وأن تتم إذاعتها من خلال برامج التثقيف الصحية للحوامل، والمرضعات.

SalehElshehry@

مقالات مشابهة

  • الإسماعيلى يؤهل إيريك تراوري بعد التراجع عن الفسخ بالتراضي
  • 33 لاعبا في معسكر منتخب 20 سنة
  • مؤسسة البصر العالمية تقدم خدمات طبية متكاملة لنزلاء إصلاحية إب
  • غزة.. ماريا عادت جثة وأطفالها ينهشهم الجوع
  • مكافحة وعلاج وتوعية.. حملات طرق أبواب وزيارات منزلية ضمن مبادرة أسوان بلا إدمان
  • نصائح للنفساء
  • ضبط امرأة تتسول وآخر يستخدم عربة لذوي الإعاقة في عسير.. فيديو
  • رادود حسيني ومدرس لغة عربية يحقق حلمه رغم فقدان البصر (صور)
  • الصيف هيطول؟.. خبير مناخ يحذر: ممكن يوصل 140 يوما بدلًا من 90 لهذا السبب
  • قطر للسياحة تحتفي بمبادرة «السبت البنفسجي»