الكفيفة التى أبصرت بعيون القلب
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
مع قوافل العائلات الهاربة من حرارة القاهرة والأقاليم، جئنا إلى مرسى مطروح حسناء المتوسط بحثًا عن الاستجمام. كنا نتوقع أن نجد المتع المألوفة من شمس وأمواج وأطباق شهية من ثمار البحر. لكن ما لم يكن فى الحسبان، أن نقابل تلك الشابة الرائعة التى أذهلتنا ببصيرتها رغم فقدانها نعمة البصر.
دعونا نسمّيها «ماريا».
كنّا نرى ثنائيات الحياة من حضور وغياب، وسر وعلانية، وبراءة و»شقاوة» متمثلات فى «ماريا»: غياب البصر فى مقابل حضور البصيرة، انقباض الإعاقة فى مقابل بسطة الروح، ظلمة العمى فى مقابل إشراقة الصوت الجميل.
لم يكن فقدان البصر إلا نافذة تطلّ على عالم أوسع فى قلبها. كانت تستشعرنا بحسّ لا يملكه المبصرون: تعرف أدقّ تفاصيل مشاعرنا، وتقرأ قلوبنا كما يقرأ المرء كتابًا مفتوحًا، وتعرف متى تحتاج أرواحنا إلى راحة الضحكة وروقان البال.
«ماريا» لم تكن وحدها من يثبت أن البصيرة تفوق البصر. كانت تذكرنا بعظماء الأدب الذين تجاوزوا قيود الإعاقة مثل أبى العلاء المعرى الذى رأى فى عماه بصيرة فلسفية عميقة تغوص فى أسئلة الوجود، وطه حسين، الذى قهر الظلام ليكون مشعل فكرٍ وقلم، وهوميروس، الشاعر الإغريقى الكفيف صاحب ملحمتى «الإلياذة» و»الأوديسة»، الذى بيّن لنا أن الرؤية الحقيقية تأتى من سويداء القلب لا من حدقة العين.
فى كل لقاء لنا مع ماريا، كنا ندرك سرًا لم نجرؤ على البوح به. كنّا، نحن المبصرين، دائمًا ما نتجنب أمامها استخدام كلمات تشير إلى العين أو النظر أو البصر؛ لم يقصد أحد منّا أن يشعرها بأن فقدانها للبصر شىء يلفت انتباهنا أو يحصرها فى زاوية خاصة. لكن المدهش أنها هى التى خفّفت، بفكاهتها، الرهبة من ذكر العمى وعلّمتنا أن الإعاقة ليست حاجزًا أمام العيش بحب وانفتاح مع الآخرين. كانت تُظهر لنا، نحن المبصرين، أن الحياة الحقيقية تتطلب رؤية أعمق من مجرد حاسة البصر.
أصرّت «ماريا» أن تشاركنا فى لعبة «الضمنو». كانت تتحسّس أرقام المربعات بأناملها، لتفوز علينا فى «فورة» عقب الأخرى وهى تضحك ضحكات تجلجل فى فضاءات المقهى. الغريب أننا كنا نضحك معها، ونفرح بفوزها علينا، رغم أنها كانت تشمتُ فينا علنًا وتهلّل وتضرب بكفها مسند المقعد كما يفعل جُلُّ الفائزين.
مع نهاية العطلة، أدركنا أن «ماريا» لم تكن مجرد ذكرى صيفية عابرة فقد أضحت فى نظرنا رمزًا لما يمكن للبشرية أن تحقّقه عندما ترى بما هو أعمق من رؤية العيون.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مرسى مطروح ماريا فقدان البصر
إقرأ أيضاً:
10 سنوات من التنمية.. مصر تعزز العدالة الاجتماعية بمبادرات تمس حياة الملايين |انفوجراف
نشر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء انفوجراف عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بشان تعزيز العدالة الاجتماعية .
وقال المركز انه في إطار حصد ثمار 10 سنوات من التنمية استطاعت مصر تعزيز العدالة الاجتماعية في المجتمع المصري، من خلال إنشاء العديد من المشروعات والمبادرات القومية مثل المشروع القومي لتطوير قرى الريف المصري "مبادرة حياة كريمة"، والذي بلغ إجمالي التكلفة الاستثمارية للمرحلة الأولى منها 350 مليار جنيه، استفاد منها 18 مليون مواطن.
كذلك المشروع القومي للتنمية البشرية "مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان"، والتي استفاد منها 5.3 مليون مواطن من خلال تقديم + 13 ألف خدمة.
وفي إطار تعزيز العدالة الاجتماعية، قامت مصر بتعزيز دور ودمج الأشخاص ذوي الهمم في المجتمع المصري، من خلال إنشاء صندوق "قادرون باختلاف" الذي وفر موارد مالية بقيمة +15 مليار جنيه حتى يناير 2025، مع دمج 587 ألف طالب من ذوي الإعاقة في 32 جامعة مصرية.
واوضح الانفوجراف ان الأشخاص ذوى الهمم على رأس طاولة أولويات الدولة المصرية حيث تم إنشاء البرنامج القومي للأطراف الصناعية بمتوسط إنتاج مليون طرف صناعي على مدار 5 سنوات منذ 2021.
وإنشاء صندوق قادرون باختلاف" الذي وفر موارد مالية 15 مليار جنيه حتى يناير 2025، كما استفاد مليون و300 ألف شخص من ذوي الإعاقة من "برنامج كرامة"، بتكلفة 11 مليار جنيه سنويا.
كما تم دمج 159ألف طالب من ذوي الإعاقة في 19 مدرسة كما تم دمج 587 ألف طالب من ذوي الإعاقة في 32 جامعة مصرية، مع تخصيص 27 مركزا للإعاقة لدعم الطلاب على مستوى الجامعات.