الخليج الجديد:
2025-05-09@23:24:37 GMT

هل تعود أميركا الى الانعزالية؟

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

هل تعود أميركا الى الانعزالية؟

هل ترجع أميركا الى الانعزالية؟

إذا انتصر بوتين فقد تستنتج الصين أن خوض مثل هذه المجازفات يؤتي ثماره ــ وهو الدرس الذي سوف تتعلمه بقية دول العالم كذلك.

مخاوف من أن فوز جمهوري انعزالي في 2024 قد يمثل نقطة تحول في النظام الدولي الذي تهيمن عليه أميركا والذي تأسس في نهاية الحرب العالمية الثانية.

عكس انتخاب ترامب في عام 2016 الخلافات العرقية والإيديولوجية والثقافية العميقة التي زادت منذ ستينيات القرن العشرين ولم يكن هو الذي تسبب بها.

من يزعمون أن أميركا بلا مصلحة وطنية مهمة في مساعدة أوكرانيا يتجاهلون دروس التاريخ وسذاجتهم أو سوء نيتهم ينبغي أن تجعلهم غير مؤهلين للترشح للرئاسة.

سيكون لحرب أوكرانيا تداعيات خطيرة على مستقبل أوروبا والعالم ورغم أن بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ دخلا شراكة "بلا حدود" قبل الغزو، فإن الصين حذرة، في دعم روسيا ماديا.

* * *

كشفت المناظرة الأولى بين مرشحي الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية في العام المقبل عن انقسامات كبيرة بشأن السياسة الخارجية، وبينما دافع نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس والسفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي عن دعم أميركا لأوكرانيا فيما يتعلق بالحرب العدوانية التي تشنها روسيا، أعرب حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي عن شكوكهما.

لقد غاب الرئيس السابق دونالد ترامب ــ المرشح الأوفر حظا بلا منازع ــ عن هذا الحدث، لكن هو أيضًا اعترض على مشاركة الولايات المتحدة في ذلك الصراع.

تظهر استطلاعات الرأي أن قواعد الحزب الجمهوري منقسمة مثل المرشحين حيث يثير هذا مخاوف من أنه إذا فاز جمهوري انعزالي في عام 2024، فقد يمثل ذلك نقطة تحول للنظام الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية والذي تأسس في نهاية الحرب العالمية الثانية.

تاريخياً، كان الرأي العام الأميركي يتأرجح بين الانفتاح والانغلاق، وبعد أن أدرك الرئيس فرانكلين روزفلت العواقب المأساوية للانعزالية في ثلاثينيات القرن العشرين، أطلق العملية التي بلغت ذروتها بإنشاء مؤسسات بريتون وودز في عام 1944 والأمم المتحدة في عام 1945.

ثم أدت قرارات الرئيس هاري ترومان بعد الحرب إلى إنشاء تحالفات دائمة واستمرار الوجود العسكري الأمريكي في الخارج حيث استثمرت الولايات المتحدة بكثافة في إعادة إعمار أوروبا من خلال خطة مارشال في عام 1948وأنشأت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في عام 1949 كما قادت تحالف الأمم المتحدة الذي قاتل في كوريا في عام 1950.

لقد كانت هذه الإجراءات جزءًا من استراتيجية واقعية لاحتواء القوة السوفيتية، ولكن تم تفسير الاحتواء بطرق مختلفة حيث انخرط الأميركيون لاحقًا لذلك في مناقشات مريرة وأكثرها على أساس حزبي حول التدخلات في البلدان النامية مثل فيتنام والعراق.

ومع ذلك ورغم التساؤلات المطروحة بشأن أخلاقيات التدخل، فإن قيمة الحفاظ على النظام المؤسسي الليبرالي كانت أقل إثارة للجدل بكثير ، وكما لاحظ اللاهوتي الأميركي رينهولد نيبور فإن "الغموض المحظوظ" الذي تتسم به الأممية الليبرالية أنقذها من الاستسلام للجمود الأيديولوجي.

وهكذا تمتع النظام الدولي الليبرالي بدعم واسع النطاق في دوائر السياسة الخارجية الأميركية لعقود من الزمن بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وجد طرح ترامب بأن تحالفات ومؤسسات ما بعد عام 1945 قد أفادت الآخرين على حساب أميركا صدى قوي بين العديد من الناخبين.

وفي واقع الأمر فإن جاذبية ترامب الشعبوية استندت إلى أكثر من مجرد الهجوم على السياسة الخارجية للولايات المتحدة حيث استغل الغضب الواسع النطاق إزاء الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن العولمة والركود العظيم بعد عام 2008.

كما استغل التغيرات الثقافية المرتبطة بالعرق، ودور المرأة، والهوية المتعلقة بنوع الجنس والتي أدت لحدوث استقطاب، ولكن من خلال إلقاء اللوم فيما يتعلق بالمشاكل الاقتصادية على "اتفاقيات التجارة السيئة مع دول مثل المكسيك والصين وعلى المهاجرين الذين ينافسون على الوظائف"، نجح ترامب في ربط الاستياء المحلي بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.

وبطبيعة الحال، لم يكن ترامب أول من طبق هذه الصيغة حيث كان للاستجابة الشعبوية الحالية سوابق في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين.

لقد وصل أكثر من 15 مليون مهاجر الى الولايات المتحدة خلال العقدين الأولين من ذلك القرن مما أدى الى اثارة مخاوف العديد من الأميركيين البيض من أن هولاء سوف يستحوذون على البلاد.

وفي أوائل العشرينيات من القرن نفسه، ساعدت جماعة كو كلوكس كلان التي عادت إلى الظهور مجددًا في الدفع قدمًا بقانون الأصول الوطنية "لمنع السيطرة على العرق الشمالي"، وللحفاظ على أمريكا الأقدم والأكثر تجانساً.

وعلى نحو مماثل، عكس انتخاب ترامب في عام 2016 الخلافات العرقية والإيديولوجية والثقافية العميقة التي زادت منذ ستينيات القرن العشرين ولم يكن هو الذي تسبب بها.

وفي حين يخشى العديد من المحللين أن يؤدي الانغلاق الأميركي إلى شكل من أشكال الفوضى الدولية وهي تلك الفوضى التي أُبتلي بها العالم في ثلاثينيات القرن العشرين، يرى أنصار ترامب أن موقف إدارته الأقل سخاء والأكثر صرامة نتج عنه استقرار أكبر في الخارج بالإضافة الى الدعم الداخلي، وعلى أي حال فإن انتخاب ترامب مثل تحولاً واضحًا عن التقاليد الليبرالية.

يعتقد البعض أن صعود ترامب يعود إلى فشل النخب الليبرالية في أن تعكس الاختيارات الأساسية للشعب الأميركي، ولكن هذا تفسير سطحي، بالطبع هناك اتجاهات عديدة ضمن الرأي العام الأميركي، والمجموعات النخبوية بشكل عام أكثر اهتماماً بالسياسة الخارجية من عامة الناس، ومع ذلك، لدينا فكرة جيدة عن مواقف الناس في الأزمان المختلفة.

يجري مجلس شيكاغو للشؤون العالمية منذ عام 1974 استطلاعات الرأي للأميركيين حول ما إذا كان من الأفضل لعب دور عالمي نشط أو البقاء بعيداً عن الشؤون العالمية. وخلال تلك الفترة، كان ما يقرب من ثلث عامة الناس وبشكل يعكس الايمان بتقاليد القرن التاسع عشر، انعزاليين على نحو ثابت.

لقد وصل هذا الرقم إلى 41% في عام 2014، ولكن بعكس الاعتقاد الخاطىء السائد لم يكن عام 2016 ذروة الانعزالية في مرحلة ما بعد عام 1945، وفي وقت الانتخابات ذكر 64% من الأميركيين إنهم يفضلون المشاركة النشطة في الشؤون العالمية، وارتفع هذا العدد إلى 70% في عام 2018 ــ

وهو أعلى رقم مسجل منذ عام 2002. وعلى الرغم من أن الانعزالية واسعة النطاق على غرار ما حدث في ثلاثينيات القرن العشرين غير مرجحة إلى حد كبير، فإن العديد من المحللين ما زالوا يشعرون بالقلق من أن الفشل في دعم أوكرانيا قد يؤشر لعودة الانغلاق الأميركي مما قد يضعف النظام الدولي بشكل خطير.

إن غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتبر انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة، وإذا انتصرت روسيا واستمرت في احتلالها للأراضي الأوكرانية، فسيكون ذلك بمثابة تقويض للمبدأ الليبرالي الذي يحظر استخدام القوة لتغيير حدود أي بلد، وبالتالي فإن التضامن بين دول حلف شمال الأطلسي في فرض العقوبات وتزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية ليس أخلاقياً فحسب، بل إنه أيضاً عملي وواقعي.

إن النتيجة في أوكرانيا سيكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل أوروبا والعالم ككل، وعلى الرغم من أن بوتين والرئيس الصيني شي جين بينج دخلا في شراكة "بلا حدود" قبل الغزو مباشرة، إلا أن الصين كانت حذرة، حتى الآن، في تقديم الدعم المادي لروسيا.

إن مما لا شك فيه أن القادة الصينيين يشعرون بالقلق من مجازفة بوتين ومن أن هذا التحالف قد أصبح مكلفًا للغاية بالنسبة للقوة الناعمة الصينية، ولكن إذا انتصر بوتين فقد تستنتج الصين أن خوض مثل هذه المجازفات يؤتي ثماره ــ وهو الدرس الذي سوف تتعلمه بقية دول العالم كذلك.

إن هؤلاء الذين يزعمون أن أميركا ليس لديها مصلحة وطنية مهمة في مساعدة أوكرانيا يتجاهلون دروس التاريخ. إن سذاجتهم (إن لم تكن سوء نيتهم) ينبغي أن تجعلهم غير مؤهلين للترشح للرئاسة.

*د. جوزيف ناي مفكر وأكاديمي، مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق

المصدر | (Project Syndicate )

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أميركا بوتين أوكرانيا الصين الشؤون العالمية السياسة الخارجية النظام الدولي الحزب الجمهوري الانتخابات الرئاسية حلف شمال الأطلسي الولایات المتحدة القرن العشرین العدید من عام 2016 فی عام

إقرأ أيضاً:

محادثات بين أميركا وغينيا الاستوائية لاستقبال مهاجرين

تواصل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جهودها المكثفة لترحيل من تسميهم المهاجرين غير القانونيين من الولايات المتحدة، وذلك عبر التفاوض مع غينيا الاستوائية لاستقبال هؤلاء المطرودين.

وكشفت وثائق حكومية داخلية عن مساعٍ لترحيل مواطنين –بمن فيهم أفراد يُزعم أنهم ينتمون إلى عصابات إجرامية– إلى دول لا يحملون جنسيتها ولا تربطهم بها صلات قانونية أو عائلية، وهو ما يثير عديد من المخاوف القانونية والإنسانية.

وقد أكد تيودورو نغويما أوبيانغ مانغوي، نائب رئيس غينيا الاستوائية، أن هناك محادثات جارية بين الولايات المتحدة وغينيا الاستوائية حول إمكانية استقبال مهاجرين أفارقة سيتم ترحيلهم من أميركا.

وأضاف مانغوي -عبر حسابه على منصة إكس- أن المحادثات تناولت النية الأميركية في هذا الصدد، لكنه أشار إلى أنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق نهائي حتى الآن.

وأوضح مانغوي أن بلاده طلبت من الإدارة الأميركية تغطية تكاليف السكن والمعيشة للمهاجرين، إلى جانب دعم برامج محلية تساعدهم على الاندماج الاجتماعي بعد وصولهم.

وسعى مانغوي إلى تهدئة المخاوف التي عبّر عنها بعض المواطنين، الذين أبدوا قلقهم من أن يكون بعض المرحّلين من أصحاب السوابق الإجرامية، مؤكدًا أن غينيا الاستوائية لن تقبل استقبال أي مهاجرين ذوي سجلات جنائية.

وشدد على أن أي اتفاق محتمل سيخضع لدراسة دقيقة، مع اختيار الأفراد بناءً على ملفاتهم الشخصية.

وفي الوقت ذاته، أشارت تقارير صحفية من إسبانيا إلى أن الحكومة في مالابو (عاصمة غينيا الاستوائية) قد تتبنى خطابًا إنسانيًا في العلن، لكنه يتناقض مع الواقع الميداني في شوارع المدينة.

إعلان

فقد أفادت الصحف بأن السلطات الغينية الاستوائية أطلقت حملات مداهمات وطرد تعسفي للمهاجرين من دول جنوب الصحراء، ومن بينهم عديد من النيجيريين والكاميرونيين والتشاديين الذين عاشوا في البلاد لسنوات طويلة.

وقد أثار ذلك تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بتعهداتها في حال وافقت على استقبال مهاجرين من الولايات المتحدة.

خريطة غينيا الاستوائية (الجزيرة)

ومنتصف أبريل/نيسان الماضي، أقدمت غينيا الاستوائية على طرد أكثر من 200 مواطن كاميروني، مما أدى إلى توترات دبلوماسية مع الكاميرون، التي استدعت سفير غينيا الاستوائية للاحتجاج على هذه الخطوة.

وفي حين تواصل الولايات المتحدة البحث عن دول مستعدة لاستقبال مهاجرين من دول أخرى، تبقى التساؤلات قائمة حول إذا ما كانت هذه الدول قادرة على تقديم ضمانات قانونية وإنسانية للمهاجرين المطرودين، ومدى تأثير هذه الاتفاقيات على الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلدان المعنية.

مقالات مشابهة

  • محادثات بين أميركا وغينيا الاستوائية لاستقبال مهاجرين
  • الدنمارك تعلّق على تقرير "التجسس" الأميركي على غرينلاند
  • الحبل الأميركي الذي قد يشنق نتنياهو
  • النظام العالمي أسسته أميركا بعد الحرب العالمية الثانية.. هل يهدمه ترامب؟
  • أوكرانيا تصادق على اتفاقية "المعادن النادرة" مع أميركا
  • أميركا وبريطانيا تتوصلان إلى اتفاق تجاري وصفتاه بالعظيم
  • إيران غاضبة وترامب يقول أنه لا يرد أن يجرح مشاعر أحد.. ماذا يعني اعتماد واشنطن تسمية ''الخليج العربي''؟
  • أول تعليق من نتنياهو بعد الاتفاق الأميركي الحوثي
  • الخارجية الروسية: الاتصالات بين موسكو وواشنطن تعود لطبيعتها
  • أمر قضائي يفتح أبواب أميركا لـ12 ألف مهاجر