روسيا – صرح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن روسيا توافق على كلام الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن العالم بحاجة إلى نظام جديد، لكنها لا توافق على قيام واشنطن ببناء هذا النظام.

 وأضاف بيسكوف: “نحن نتفق تماما مع السيد بايدن. وهذه حالة نادرة عندما نتفق تماما مع ما قاله. في الواقع، يحتاج العالم إلى نظام عالمي جديد يقوم على مبادئ مختلفة تماما”.

ووفقا للكرملين، يجب أن يكون هذا النظام العالمي خاليا من محاولات تركيز كافة آليات الإدارة في يد دولة واحدة، ومن محاولات فرض إرادتها وقراراتها على الدول الأخرى.

وقال بيسكوف: “والعكس صحيح، [يجب أن يكون هناك] نظام عالمي يقوم ليس على القواعد بل على القانون الدولي، وعلى الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”.

ونوه بيسكوف بأن الكرملين لا يتفق مع بايدن في جزء آخر من تصريحه. وشدد على أن “السيد بايدن ذكر أن الولايات المتحدة قادرة على بناء مثل هذا النظام. وهنا، في هذا الجزء، نحن لا نتفق معه بتاتا”.

وأشار ممثل الكرملين إلى أن الولايات المتحدة تقصد النظام العالمي الذي يتمحور حول أمريكا.

المصدر: تاس

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

الولايات المنقسمة العربية

رأى المراقبون في سقوط مدينة الفاشر في دارفور بيد «قوات الدعم السريع» تكريساً لتقسيم السودان بين غرب واقع تحت سيطرة القوات المذكورة ووسط وشرق واقعين تحت سيطرة الجيش السوداني، ناهيك من زعامات أخرى محلية. وتنضاف حالة السودان إلى حالات تقسيم أخرى تكرست خلال الأعوام العشرة المنصرمة، بحيث غدا المشهد العربي في وضع كان يجوز أن نقول عنه إنه «يُرثى له» لو لم يتضمن الرثاء، بالمعنى المعهود للتعبير، مديحاً بالمرثي. فلننتهز هذه المناسبة لتأمل سريع في المسار التاريخي الذي وصل بنا إلى الوضع الراهن.

في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تسارع حصول الدول العربية على استقلالها وهي تنضم تباعاً إلى جامعة الدول العربية، التي تأسست قبل تأسيس منظمة الأمم المتحدة بقليل، في زمن اتسم بما حملته هذه الأخيرة من وعد بتصفية الإرث الاستعماري. غير أن الدول العربية الفتية ما لبثت أن صُدمت بترافق نهاية الانتداب البريطاني في فلسطين مع قيام دولة الاستعمار الاستيطاني الصهيونية في خاصرة المشرق العربي. وجاءت نكبة 1948 والهزيمة العربية التي تكرست باستيلاء دولة إسرائيل على أربعة أخماس مساحة فلسطين بين البحر والنهر، لتحفّز صعود القومية العربية التي غدا جمال عبد الناصر نجمها وبطلها. وقد تجسّد حلم الوحدة العربية الذي عبّر عنه الزعيم المصري في قيام الوحدة بين مصر وسوريا في عام 1958 تحت تسمية الجمهورية العربية المتحدة.

لكنّ الحلم اصطدم بالفشل وسريعاً ما حلّ الانفصال محلّ الوحدة: كان ذلك في عام 1961. أما التجذّر الإقليمي الذي شهدته حقبة الستينيات، فقد سدّدت له الدولة الصهيونية ضربة قاضية في «حرب الأيام الستة». وشهد عام 1970 استكمال ذلك المنعطف بتصفية المقاومة الفلسطينية في الأردن، بعد أن شكّل صعودها أقوى ردّ إقليمي على هزيمة 1967.

كما شهد العام ذاته إطاحة حافظ الأسد بيسار حزب البعث، وشهد وفاة عبد الناصر نفسه. فانتقلت المنطقة العربية في السبعينيات من العصر القومي إلى العصر النفطي، لا سيما بعد ارتفاع أسعار النفط وبالتالي مداخيله على خلفية «حرب أكتوبر» لعام 1973، التي قادها أنور السادات، مفكك الناصرية، وحافظ الأسد. وقد أصاب الانحطاط ما تبقّى من الحركة القومية العربية، وصولاً إلى المسخ الكاريكاتوري للدعوة القومية العربية الذي جسّده معمّر القذافي. وتحت شعار «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة»، أشرف النظامان البعثيان في بغداد ودمشق على سياسات طائفية أفضت إلى تفكيك كل من المجتمعين العراقي والسوري بدل صهرهما في دولة عربية واحدة.

في هذه الأثناء، فإن الارتداد من «الاشتراكية العربية» إلى النيوليبرالية المدفوعة من واشنطن، وعودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى السيطرة العسكرية المباشرة على المنطقة بدءاً من حربها على العراق في عام 1991، أمران ساهما في مراكمة عناصر أزمة إقليمية بنيوية، اقتصادية واجتماعية وسياسية.

وقد انفجرت الأزمة في عام 2011 فيما عُرف باسم «الربيع العربي»: للمرة الأولى في تاريخ المنطقة الحديث، عدا استثناءات نادرة سابقة، جاءت المبادرة من الجماهير واتخذت شكل انتفاضات عارمة. لكن عقوداً من القمع مصحوباً بالإحباط السياسي جعلت الساحات الإقليمية خالية من بدائل قادرة على تجسيد أماني الجماهير في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعلى قيادة التغيير المطلوب.

أما النتيجة التي وصلنا إليها فهي بالتأكيد أسوأ ما عرفه تاريخ المنطقة الحديث. انتقلنا من الجمهورية العربية المتحدة إلى ما يمكن تسميته الولايات المنقسمة العربية، مع أربع دول عربية يترسخ فيها التقسيم، هي ليبيا واليمن والسودان وسوريا، ودولتين على أبواب التقسيم الطائفي، هما العراق ولبنان (ولا شك في أن التحول الذي شهدته سوريا خلال العام المنصرم من شأنه تحفيز المنحى التقسيمي في البلدين الأخيرين). أما الدولة الصهيونية، فبعد أن شنّت على سكان غزة أول حرب تتصف بكافة معالم الإبادة الجماعية في تاريخ حروبها، وإذ هي تكرّس هيمنتها على كامل الأراضي الفلسطينية وهضبة الجولان السورية، شرعت في قضم تدريجي لمزيد من الأراضي السورية واللبنانية.

وقد بلغت ذروة قوتها الإقليمية بعد أن ألحقت ضربات مؤلمة بمنافستها الإقليمية الرئيسية، إيران. وحيث أدّت هذه الضربات إلى إضعاف نفوذ إيران الإقليمي، الذي كان ولا يزال عاملاً أساسياً في التقسيم الإقليمي الطائفي، أتاح الأمر في المقابل تعزيز نفوذ تركيا، التي ينجم عن تدخلها في سوريا والعراق وليبيا والسودان مفعول تقسيمي هو أيضاً.

هذه الأوضاع الكارثية تزيد من عمق الهوة التي تفصل بين شعوب إقليمية مصابة بالإفقار من جراء التحولات الاقتصادية المحلية والعالمية، كما من جراء الحروب والأزمات في الحالات الخصوصية المذكورة أعلاه وهي الأخطر بالطبع، هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى دول بلغت مداخيلها مستويات فائقة للغاية، ليس لسبب سوى لأنها نعمت بموارد عظيمة من المحروقات في أراضيها مقارنةً بعدد سكانها، وهي تجيّر قسماً كبيراً من مداخيلها «الفائضة» لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية بوجه خاص.

وتشير الهوة المذكورة إلى ما كان يمكن أن يكون الوضع عليه لو تحقق حلم الوحدة العربية في إطار اتحادي ديمقراطي، وجمعت دولة عربية موحدة بين الموارد والشعوب وقواها العاملة، بما خوّلها أن تقف في صفّ القوى العالمية العظمى. ويكفي هذا الحلم بذاته لتفسير حرص القوى الإمبريالية العالمية، وحرص دولة الاستعمار الصهيوني، وحرص القوى الإقليمية الطامحة إلى السيطرة على المنطقة العربية، حرصها جميعاً على إحباط المشروع الوحدوي العربي والإسهام في زرع الفتنة والتقسيم في المنطقة.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • نفطال: إطلاق نظام جديد لتسيير المسارات الوظيفية
  • من السعودية.. نجل ترامب يؤكد أبي فهم اللعبة ويقارن اقتصاد أمريكا بعهد بايدن
  • علماء للجزيرة نت: البحر الأحمر جف تماما قبل 6 ملايين سنة
  • الولايات المنقسمة العربية
  • بايدن: الولايات المتحدة تعيش أياما مظلمة في عهد ترامب
  • ترامب: الولايات المتحدة تحظى اليوم باحترام كبير من دول العالم
  • أمريكا تتهم روسيا بالبدء في سباق تسلح نووي.. كيف ردت موسكو ؟
  • محامٍ لـ "اليوم": التلاعب في "حضوري" تزوير يعاقب عليه بالسجن والفصل-عاجل
  • روسيا: هناك محاولات هائلة لتقويض أي حوار مع الولايات المتحدة
  • لافروف: روسيا مستعدة لمواصلة الاتصالات مع الولايات المتحدة