وضعهم معلق بقرار.. تأخر حسم طلبات اللجوء يزيد معاناة المهاجرين السودانيين في تونس
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
"قدمتُ إلى تونس منذ ما يزيد عن سنة فارّا من ويلات الحرب في السودان وبحثا عن الاستقرار في بلد آمن، وها أنا ذا أترقب مصير طلب اللجوء الذي تقدمت به إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتونس منذ نحو عام، دون أن أتلقى ردا نهائيا سواء بالسلب أو بالإيجاب"، هكذا يشخص المهاجر السوداني إدريس البشير (اسم مستعار) وضعه كطالب لجوء في هذا البلد المغاربي.
ويقدم المهاجرون الفارون من مناطق النزاع طلباتهم لمفوضية اللاجئين التي تتولى دراسة وضعياتهم والمصادقة على منحهم صفة اللجوء أو رفضها.
ويعترف الدستور التونسي بحق اللجوء السياسي تبعا لمصادقة هذا البلد المغاربي على اتفاقية جنيف لعام 1951.
وأدت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، منذ أبريل 2023، إلى مقتل عشرات الآلاف من السودانيين ونزوح أكثر من 11 مليونا، منهم 3.1 ملايين لجأوا إلى خارج البلاد، وفق الأمم المتحدة.
ويقول المهاجر السوداني في حديثه لـ"الحرة": "يبدو أن المفوضية السامية لشؤن اللاجئين لم تصادق بعد على طلبات اللجوء المودعة لديها، وهو ما يزيد في معاناة المهاجرين بسبب عدم تسوية وضعيتهم القانونية حول وجودهم على التراب التونسي.
أوضاع اجتماعية صعبة
وفيما تشير إحصائيات مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تونس في يناير الماضي إلى أن العدد الإجمالي للاجئين وطالبي اللجوء المسجلين لديها بلغ أكثر من 13 ألف شخص، يمثل السودانيون 40 في المئة منهم، يرجح المهاجر السوداني إدريس البشير أن يصل عدد السودانيين في محافظة مدنين، جنوب البلاد، وحدها إلى 5 آلاف.
ويتابع في سياق الحديث عن أحوال لاجئي السودان الاجتماعية "الوضع صعب للغاية، فالجميع يعول على ما يقدم من مساعدات إنسانية ولا يسمح لنا بالعمل لتوفير المال وسد احتياجاتنا، فسكان المنطقة يخشون التتبعات القضائية".
ويضيف بالقول "حاولت فتح مقهى في بلدة جرجيس، لكن سرعان ما أغلقها الأمن واكتشفت أنني كنت عرضة للتحايل والنصب، كانت غايتي أن أوفر المال لنفسي وأساعد عائلتي في شمال السودان، فالمجاعة مستشرية هناك والموت يترصدهم في كل حين، لكن كما ترون أنا أيضا أواجه مصيرا مجهولا ولست قادرا حتى على توفير الغذاء لنفسي".
ملايين السودانيين لجؤوا إلى بلدان مجاورة هربا من الحرب
في المقابل، فإن مفوضية اللاجئين استقبلت العام الفارط نحو 7831 طالب لجوء جديد، بينهم 4676 سودانيا. في حين لم يتجاوز عدد هؤلاء 868 سنة 2022.
تعليق طلبات اللجوء
من جانبه، يؤكد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، تعليق النظر في طلبات اللجوء منذ شهر مايو 2024، عقب اعتقال السلطات الأمنية لبعض القائمين على أعمال "المجلس التونسي للاجئين" (غير حكومي) والذي كان يعمل بالشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على دعم طالبي اللجوء.
ويوضح عبد الكبير لـ "الحرة" أن مفوضية اللاجئين جمدت مؤقتا عملية إسناد بطاقات طالبي اللجوء واللاجئين إلى حين التوصل إلى اتفاق مع السلطات التونسية بشأن الطرف الذي سيتولى مستقبلا دراسة طلبات اللجوء.
ويرجح المتحدث أن تعيد السلطات التونسية النظر في ملف مطالب اللجوء إلى الهلال الأحمر التونسي (حكومي) أو أن تقوم هي بنفسها عبر إداراتها المركزية والمحلية والجهوية بإدارة هذا الملف، لافتا إلى أن وضعية اللاجئين أصبحت أكثر تعقيدا عقب هذه الخطوة.
وفي مطلع مايو الماضي، اعتقل الأمن التونسي رئيس المجلس التونسي للاجئين ونائبه، وأودعا السجن على خلفية نشر الجمعية طلب عروض موجه لفائدة النزل التونسية بهدف تأمين إيواء مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
ويواجه الموقوفان، وفق ما صرح به الناطق باسم المحكمة الابتدائية بتونس، محمد زيتونة، آنذاك تهمة "تكوين وفاق قصد مساعدة شخص على دخول التراب التونسي".
وسبق للرئيس التونسي قيس سعيد أن انتقد عمل عدد من الجمعيات الحقوقية في تونس، متهما إياها بـ"تلقي أموالا مشبوهة من الخارج"، في خطوة أعقبتها حملة اعتقالات لعدد من ممثلي جمعيات ومنظمات وناشطين حقوقيين.
مراجعة القوانين
وفي خضم الجدل القائم حول وضعية المهاجرين غير النظاميين في تونس، ومن ضمنهم المهاجرين السودانيين، يرى رئيس جمعية "الأرض للجميع" (حقوقية غير حكومية)، عماد السلطاني، أنه "يتوجب على الدولة التونسية الالتزام بالمعاهدات الدولية المتعلقة بالاعتراف بحق اللجوء من ضمنها اتفاقية جنيف لعام 1951 فضلا عن القيام بمراجعة قوانينها التي تعنى بوضعية المهاجرين من ذلك قانون العمل وتسهيل الاندماج".
ويضيف في تصريح لـ"الحرة": "من غير المعقول أن يتم الزج بكل مهاجر غير نظامي في السجن بتهمة اجتياز الحدود التونسية خلسة والحال أن الآلاف قد فروا من بلدانهم نتيجة الحروب والنزاعات القائمة هناك".
ويشير السلطاني إلى ضرورة معالجة ملفات اللجوء عبر السلطات التونسية، حيث لا يمكن أن تتوقف هذه العملية بمجرد غلق مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في البلاد.
وينتقد الحقوقي ما يعتبره "غياب الإرادة السياسية" في معالجة ملف المهاجرين والانخراط في مسارات يمليها الجانب الأوروبي على تونس عبر الاتفاقيات في خصوص ملف المهاجرين غير النظاميين.
مخيمات مهاجرين غير نظاميين بجانب مقر مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتونس في يوليو ٢٠٢٣
مخيمات مهاجرين غير نظاميين بجانب مقر مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتونس -2023
وسعت الحكومة التونسيّة إلى صياغة مشروع قانون خاص بحماية اللاجئين بإشراف وزارة العدل وحقوق الإنسان، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمعهد العربي لحقوق الإنسان، بهدف وضع إطار قانوني يحدّد صفة اللاجئ وحقوقه في الاندماج في البلد المستضيف وكيفية التعامل مع مسألة اللجوء في البلاد.
وسبق لتونس أن وقعت في سبتمبر 1989 على اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية حول النواحي الخاصة بمشاكل اللاجئين في إفريقيا.
كما أعلنت في 2017 عن انتهائها من صياغة قانون وطني خاص اللجوء وذلك بمبادرة من وزارة العدل التونسية وبالتعاون مع أطراف دولية ووطنية ودعم فني من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
الحرة
زيد الزايدي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المفوضیة السامیة لشؤون اللاجئین طلبات اللجوء فی تونس
إقرأ أيضاً:
دبلن تزيل اسم حاييم هرتسوغ من حديقة عامة.. وإسرائيل تتهمها بـمعاداة السامية
ردّت الحكومة الإسرائيلية بحدّة على القرار، حيث ذكر وزير الخارجية جدعون ساعر على منصة إكس أن "دبلن أصبحت عاصمة معاداة السامية في العالم". وأضاف: "هوس إيرلندا بمعاداة السامية وإسرائيل أمر مثير للاشمئزاز والقرف".
وافق مجلس مدينة دبلن على إزالة اسم الرئيس الإسرائيلي السابق حاييم هرتسوغ من حديقة عامة، في خطوة تزامنت مع تصاعد التوتر الدبلوماسي مع إسرائيل على خلفية الحرب في غزة.
ومن بين الأسماء المرشحة لاستبدال الاسم الحالي، يُدرس مجلس المدينة تسمية الحديقة باسم هند رجب، الفتاة الفلسطينية التي قُتلت خلال الحرب في غزة ونالت شهرة دولية واسعة.
وردّت الحكومة الإيرلندية بسرعة على القرار، حيث دعت وزيرة الخارجية هيلين ماكنتي مجلس بلدية دبلن إلى التراجع عنه.
وقالت في بيان رسمي: "ينبغي عدم تغيير الاسم، وأحثّ أعضاء مجلس بلدية دبلن على التصويت ضده".
وأضافت أن "إعادة تسمية حديقة عامة بهذه الطريقة، وإزالة اسم رجل يهودي إيرلندي، لا تمتّ بصلة "إلى سياسات إسرائيل" ولا مكان لها في جمهوريتنا القائمة على تقبّل الجميع".
وتأتي هذه المواقف في سياق انتقادات لاذعة متكررة من إيرلندا لحكومة بنيامين نتانياهو منذ بدء الحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023. غير أن دبلن تشدد على فصل الانتقاد السياسي عن الخطوات التي قد تُفسّر على أنها استهداف للمجتمع اليهودي.
اليهود في إيرلندا يصفون القرار بـ"العار"وأثار قرار مجلس دبلن استنكاراً واسعاً بين الجالية اليهودية الإيرلندية، التي لا يتجاوز عددها نحو 3000 نسمة. ووصف مكتب الرئيس الإسرائيلي الأسبق حاييم هرتسوغ ــ الذي تُوفي في 1997ــ الخطوة بأنها "مخزية" و"فضيحة".
وكان هرتسوغ، المولود في بلفاست عام 1918، قد نشأ في دبلن، ووالده شغل منصب الحاخام الأكبر لإيرلندا، فيما يشغل نجله إسحق هرتسوغ حالياً منصب رئيس دولة إسرائيل.
من جهته، قال الحاخام الأكبر لايرلندا يوني فيدر إن إعادة التسمية "ستُعدّ بمثابة محو لنقطة محورية في التاريخ اليهودي الإيرلندي، وستبعث برسالة عزلة إلى جاليتنا الصغيرة".
واعتبر رئيس المجلس التمثيلي اليهودي في إيرلندا موريس كوهين أن "الاقتراح عملاً صارخاً من أعمال معاداة السامية".
Related تل أبيب تغلق سفارتها في أيرلندا بسبب "السياسات المعادية لإسرائيل" أو هكذا قالتحرب غزة: غالانت يتحدث عن توسيع أهداف الحرب في الشمال ووزير الخارجية الأيرلندي يدعو لوقف "المذبحة"بريطانيا: فنانون يقاطعون مهرجانًا موسيقيا بعد منع فرقة أيرلندية من رفع العلم الفلسطيني إسرائيل تتهم دبلن بـ"معاداة السامية المؤسسية"وردّت الحكومة الإسرائيلية بحدّة على القرار، حيث ذكر وزير الخارجية جدعون ساعر على منصة إكس أن "دبلن أصبحت عاصمة معاداة السامية في العالم". وأضاف: "هوس إيرلندا بمعاداة السامية وإسرائيل أمر مثير للاشمئزاز والقرف".
وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين توتراً متصاعداً، خاصةً بعد إعلان إيرلندا الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين في وقت سابق هذا العام، لتكون أول دولة في الاتحاد الأوروبي تفعل ذلك.
انتقادات إسرائيلية لرئيسة إيرلندا المنتخبةوفي سياق ذي صلة، كثّفت وسائل الإعلام الإسرائيلية هجومها على رئيسة إيرلندا المنتخبة كاثرين كونولي، ووصفت صحيفة "جيروزاليم بوست" انتخابها بأنه"خبر غير سار" لتل أبيب.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات سابقة لكُونولي وصفت فيها حركة حماس بأنها "جزء من نسيج الشعب الفلسطيني"، واعتبرتها “انتخبت بشكل شرعي لقيادة غزة".
كما نقلت الصحيفة عن كُونولي قولها في البرلمان الإيرلندي: "إذا كنا في هذا الدايل غير قادرين على الاعتراف بأن إسرائيل دولة إرهابية، فنحن في ورطة حقيقية".
ولفتت إلى أن كُونولي، التي تنتمي إلى الجناح اليساري المتطرف في الحياة السياسية الإيرلندية، "تدعو مراراً إلى تحرير فلسطين"، وسبق أن زارت سوريا خلال الحرب الأهلية.
حديقة رمزية قرب المدرسة اليهودية الوحيدةتقع "حديقة هرتسوغ" في دبلن على مقربة من المدرسة اليهودية الوحيدة في المدينة، وهي مخصصة تخليداً لذكرى حاييم هرتسوغ، الذي شغل رئاسة إسرائيل بين عامَي 1983 و1993، وكان له حضور راسخ في الحياة العامة الإيرلندية قبل انتقاله إلى إسرائيل. ولم تُفصح لجنة التسمية المحلية عن الأسباب الرسمية لاقتراح إزالة اسمه، ما يُعقّد تقييم النوايا خلف القرار.
وتشير استطلاعات الرأي العام الإيرلندي إلى تأييد واسع النطاق للقضية الفلسطينية، وقد انعكست هذه المواقف في سياسات الدولة، لا سيما في مواقفها الدبلوماسية والبرلمانية.
ومع ذلك، تؤكد الحكومة الإيرلندية أن انتقاد سياسات إسرائيل لا يعني التسامح مع أي خطوات قد تُفسّر كتمييز أو عداء ضد اليهود كأفراد أو كمجموعة دينية.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة