«بيت الحكمة» يوثق رحلة التفاعل بين الحضارتين العربية واليونانية
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
الشارقة (الاتحاد)
يشارك بيت الحكمة في الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، المقامة في مركز إكسبو الشارقة حتى 16 نوفمبر الجاري تحت شعار «بينك وبين الكتاب»، محتفياً بالروابط الثقافية والفكرية التي جمعت بين الحضارتين العربية واليونانية عبر التاريخ، حيث يسلط جناحه الضوء على رحلة التبادل المعرفي التي أسهمت في إثراء الإرث الإنساني المشترك، وذلك تزامناً مع اختيار اليونان ضيف شرف هذه الدورة.
وقالت مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لبيت الحكمة «تجسّد مشاركتنا في معرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام معاني التواصل الإنساني ودوره في تعزيز الحوار بين الثقافات، حيث نحتفي بجذور العلاقة العميقة بين الحضارتين العربية والإغريقية، بالتزامن مع اختيار اليونان ضيف شرف في هذه الدورة، ونأخذ الزوار في رحلة إلى إرث علمائنا الأوائل وإسهاماتهم التي أثرت مسيرة الحضارة الإنسانية، انسجاماً مع رؤية الشارقة الحضارية التي يقودها صاحب السمو حاكم الشارقة، القائمة على ترسيخ جسور المعرفة والاحترام المتبادل بين الشعوب، وتعزيز الإسهام المشترك في التنمية المستدامة».
وأضافت: «العلاقة بين هاتين الحضارتين العريقتين ضاربة في جذور التاريخ، فقد قدم العلماء العرب والمسلمون في عصور الازدهار المعرفي نموذجاً رائداً في الإبداع الإنساني، ولم يقتصر دورهم على ترجمة علوم الإغريق فحسب، بل أعادوا قراءتها وصياغتها في مجالات الفلسفة والطب والفلك والرياضيات والفنون وغيرها من ميادين العلوم الإنسانية والتجريبية، وأضافوا إليها رؤى أصيلة جعلتها أكثر تطوراً وعمقاً. ونسعى في بيت الحكمة من خلال هذه المشاركة إلى إحياء هذا الدور وإبرازه، والتذكير بإسهام العرب والمسلمين في صياغة التراث العلمي والإنساني ونقله إلى العالم».
يضم جناح بيت الحكمة عدداً من المعروضات التي تبرز هذا التواصل الحضاري الممتد عبر القرون، حيث يستهل الجناح بعرض مرئي باللغة العربية واليونانية والإنجليزية، يوثق مسار التبادل العلمي والفكري بين الحضارتين من خلال حركة ترجمة العلوم اليونانية إلى العربية، والتي احتضنها بيت الحكمة القديم في بغداد برعاية الخلفاء العباسيين، خلال الفترة الممتدة من القرن الثامن حتى القرن الحادي عشر الميلادي.
ويعرض الجناح مجموعة مميزة من المخطوطات والطبعات النادرة للمرة الأولى بالتعاون مع دار المخطوطات في إمارة الشارقة.
وعلى هامش المعرض، شارك بيت الحكمة في حلقة نقاشية بعنوان «مبادرة عاصمة الكتاب العالمية لمنظمة اليونسكو»، تستعرض الفرص المرتبطة بلقب عاصمة الكتاب العالمية، ودور المدن الرائدة في دعم الكتاب وتشجيع ثقافة القراءة والتبادل الثقافي بين الحضارات.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: بيت الحكمة معرض الشارقة الدولي للكتاب الحضارة العربية الحضارة اليونانية بین الحضارتین بیت الحکمة
إقرأ أيضاً:
باحثون أكاديميون: من الصعب حصر مسارات القصيدة العربية
الشارقة (الاتحاد)
أجمع باحثون وأكاديميون عرب على صعوبة تحديد مسارات تطور القصيدة العربية، نظراً لتعدد منابعها وتحولاتها المستمرة عبر العصور، مؤكدين أن الشعر العربي ظل مرآة لتحولات الوعي واللغة والبيئة، من البداوة إلى المدينة، ومن القصيدة العمودية إلى قصيدة النثر وما بعدها.
جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «مسارات القصيدة العربية» ضمن فعاليات الدورة الـ 44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، التي تُعقد تحت شعار «بينك وبين الكتاب»، وشارك فيها كل من الدكتور سلطان العميمي، رئيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، والدكتور عبدالله محمد سالم، مدير بيت الشعر في نواكشوط، والدكتور سعيد العوادي الأكاديمي المغربي، وأدارتها الشاعرة والباحثة شيخة المطيري.
استهل الدكتور سلطان العميمي حديثه بالتساؤل حول مفهوم «المسارات» نفسه، مشيراً إلى أن بدايات الشعر العربي يصعب ضبطها بدقة بسبب تضارب الروايات وتعدد المصادر الشفاهية، وأن دراسة مسار القصيدة لا تنفصل عن تاريخ اللغة العربية وتطورها اللساني.
وتناول العميمي مراحل التحول في موضوعات القصيدة وأشكالها وأوزانها، مستشهداً بالثورة التي أحدثتها الموشحات الأندلسية في بنية الشعر العربي. كما تطرّق إلى تطور القصيدة النبطية التي ظهرت بعد أربعة قرون من الشعر الجاهلي، موضحاً أن حضورها اليوم في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي يمثل امتداداً لمسيرة طويلة من التحولات البنيوية واللغوية والموضوعية. وأشار إلى أن القصيدة العربية تعيش اليوم حالة من القلق الإيجابي على مستوى اللغة والشكل، مع انفتاحها على موضوعات جديدة تعكس تفاعلها مع العصر واستعدادها الدائم للتحول.
من جهته، قدّم الدكتور عبدالله محمد سالم ورقة بعنوان «ملاحظات سريعة في ذاكرة عميقة»، عرض فيها قراءة تحليلية لمسار القصيدة العربية من منظور تاريخي ومستقبلي، مؤكداً أن الشعر مرّ بمراحل متشابكة يصعب حصرها ضمن تقسيمات زمنية صارمة. وأوضح أن من الخطأ وصف فترات معينة من التاريخ الأدبي بـ «الانحطاط»، لأن ثمة مناطق وأصواتاً ظلت حيوية ومضيئة خلال تلك المراحل. كما أشار إلى أن القصيدة الحديثة استوعبت التحولات الاجتماعية والتقنية، واستفادت من الإنترنت في خلق أشكال رقمية وتفاعلية جديدة.
وحول علاقة الشعر بالتكنولوجيا، قال: «إن تجربة «قصيدة الروبوت» ستُظهر في المستقبل أن الشعر لا يمكن أن يُنتج إلا من خلال الوعي الإنساني والملكة الفردية التي تحوّل اللغة إلى وجدان ومعنى».
أما الدكتور سعيد العوادي فركّز في مداخلته على البعد السيميائي في دراسة القصيدة، محللاً تحوّلات الشكل الشعري من البنية التناظرية القديمة إلى البنية السطرية الحديثة. وربط هذه التحولات بتغيّر أنماط العيش والبيئة الثقافية، مشيراً إلى أن القصيدة الأولى كانت تُبنى كـ«خيمة لغوية» تعكس فضاء البادية، بينما أنتجت المدينة الحديثة أشكالاً هندسية وبصرية أكثر مرونة وتنوّعاً. وبيّن أن دراسة القصيدة من منظور الشكل والفضاء البصري يفتح أفقاً جديداً للبحث النقدي، لأن التحولات الجمالية في بنية القصيدة تعكس التحولات الفكرية والاجتماعية في الثقافة العربية المعاصرة، حيث تلتقي القصيدة والنثر في منطقة مشتركة من الحرية والتجريب.