في عالم تتصارع فيه المصالح، وتتداخل خيوط الأجندات، لم تعد السيادة الوطنية مجرد شعارات ترفع في المناسبات، بل أصبحت اختباراً يومياً لقدرة الدول على حماية مقدراتها وصون قرارها الوطني. وفي قلب هذا الاختبار تقف «اليقظة الأمنية» كحجر الزاوية وأول خطوط الدفاع، لا كمجرد رد فعل على الأزمات، بل كاستباق لها عبر التشخيص المبكر للخطر واستشراف أبعاده ومخاطرة.

إنها العين الساهرة التي ترصد تحركات الأعداء في الظلام، والأذن التي تسمع همسات المؤامرات قبل أن تتحول إلى عواصف تهز أركان الأوطان.

ولا تأتي التحديات الخارجية في العصر الراهن بصورة تقليدية مكشوفة، بل تتنكر بأقنعة متعددة؛ فمن حروب المعلومات والنشر الإلكتروني الممنهج لبث الشائعات وزعزعة الثقة بين المواطن ودولته، إلى استهداف النخب واستقطابها، مروراً بتمويل وتأجيج النزاعات الداخلية والطائفية، واستخدام المنظمات الدولية كأدوات سواءً للضغط على الحكومات أو للاستخبارات والرصد العسكري والمدني عبر مجموعات أو أفراد مثل الخلايا التي تم الإعلان عنها من قبل وزارة الداخلية. تماماً كما هذه «الحروب الهجينة» تتطلب وعياً مختلفاً، يقظاً بنفس القدر من التعقيد، قادراً على تفكيك شيفرات هذه الهجمات لأنها عمل ممنهج يهدف إلى تدمير وتآكل الوطن من الداخل وهذا ما سعى إليه العدو حينما أدرك أن حروبه العسكرية خاسرة.

ولبناء هذه اليقظة المتينة، لا يكفي الاعتماد على الأجهزة الأمنية وحدها، رغم دورها المحوري. فالمناعة الحقيقية تنبع من مجتمع واعٍ، يدرك أنه شريك في مسؤولية الدفاع عن وطنته. وذلك من خلال ترسيخ قيم الولاء والانتماء، وغرس الثقة في مؤسسات الدولة، وتعزيزها من خلال قنوات كـتلك التي وضعتها وزارة الداخلية. حينها يتحول كل فرد إلى حارس للوطن، يميز بين الخطاب الوطني الأصيل والخطاب المشبوه المدسوس، ويرفض أن يكون أداة في يد أعداء أمته.

ختاماً، إن اليقظة الأمنية ليست خياراً يمكن تأجيله، بل هي ضرورة وجودية في زمن كثرت فيه المؤامرات وتشعبت الأدوات. إنها الاستثمار الأكثر جدوى في رأس المال البشري والمؤسسي لضمان الاستقرار والازدهار.

وطننا اليمن، بما يمتلكهُ من إرث حضاري وموقع جيوسياسي وثروات طبيعية، جعل منه محطة أطماع دول الجوار السعودية والإمارات وغيرها، مما يجعل تعزيز هذه اليقظة على مستوى الفرد والمجتمع والمؤسسة هو السبيل الأمثل لتحصين حاضرنا وضمان مستقبل آمن لأجيالنا القادمة. فالوطن الغالي يستحق منا أن نكون جميعاً حراساً له بقلوبنا وعقولنا قبل أسلحتنا.

 

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية يؤكد الأهمية التي توليها الخارجية للدبلوماسية البرلمانية

أكد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، خلال لقائه اليوم الخميس مع المستشار عصام الدين فريد رئيس مجلس الشيوخ، الأهمية التي توليها وزارة الخارجية للدبلوماسية البرلمانية في ضوء الدور الهام الذي تضطلع به الدبلوماسية المصرية بشقيها الحكومي والبرلماني في دعم الثوابت المصرية تجاه القضايا المحورية دولياً وإقليمياً، وتعزيز أواصر التعاون والصداقة مع برلمانات دول العالم.

واستهل الوزير عبد العاطي اللقاء بتوجيه التهنئة للمستشار عصام الدين فريد رئيس مجلس الشيوخ بمناسبة تولي سيادته مهام منصبه الجديد، مؤكدًا التطلع لاستمرار التعاون الوثيق والبناء بين وزارة الخارجية مع مجلس الشيوخ بما يعزز جهود الدولة المصرية في مختلف المجالات ويخدم أهداف ومصالح الوطن وأبنائه في الداخل والخارج.

وأشار إلى توجيهاته المستمرة بأهمية تعزيز التعاون مع مجلسي الشيوخ والنواب لتبادل وجهات النظر بالنسبة للسياسة الخارجية المصرية، فضلًا عن مناقشة التحديات الإقليمية والملفات ذات الأولوية المتعلقة بمصالح المصريين في الخارج، ودعم مسيرة التنمية والاقتصاد الوطني في مصر.

كما أعرب عن التقدير للتعاون البناء الذي تم على مدار الدورة التشريعية المنتهية سواء من خلال مشاركة أعضاء الوزارة في اجتماعات اللجان المختلفة بمجلس الشيوخ وغيرها من أشكال التعاون والتنسيق القائم عبر القطاع البرلماني بالوزارة.

وأكد وزير الخارجية حرص الوزارة على مواصلة التنسيق مع السادة أعضاء مجلس الشيوخ خلال الدورة التشريعية المقبلة بشأن التوصيات التي تصدر عن اللجان النوعية المختلفة، وأيضا فيما يتعلق بالطلبات القنصلية.

وأكد الأهمية البالغة التي توليها وزارة الخارجية لتقديم أعلى مستوى من الخدمة للمواطنين ورعاية شؤونهم سواء في الخارج، عبر البعثات الدبلوماسية والقنصلية، أو في الداخل عبر مكاتب التصديقات وفريق عمل قطاع الشئون القنصلية بالوزارة، فضلاً عن الحرص على مواصلة تطوير وتحسين تلك الخدمات وتطوير أدائها ورقمنة المعاملات القنصلية.

كما استعرض الوزير عبد العاطى الإجراءات التي تتخذها وزارة الخارجية والبعثات في الخارج لتوفير كافة التسهيلات لضمان سير وسلاسة الاستحقاقات الانتخابية في الخارج وذلك بالتعاون مع الهيئة الوطنية للانتخابات، وآخرها خلال المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب التي عقدت يومى 7 و8 نوفمبر الجاري، مؤكدًا حرص الوزارة على اتاحة الفرصة للمصريين في الخارج لممارسة حقهم الدستوري في التصويت.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد جثامين الشهداء الفلسطينيين التي سلمها العدو عبر الصليب الأحمر إلى 330
  • الشعب اليمني في مواجهة الحرب الإعلامية .. الوعي والبصيرة خط الدفاع الأول
  • وزارة الداخلية تحتفي بتخريج عدد من منتسبيها من الدورات الأمنية التخصصية
  • وزير الداخلية يقف على الأحوال الأمنية والجنائية بولاية الجزيرة ويشيد بالتنسيق والتعاون بين كافة الأجهزة الأمنية والعدلية
  • وزارة التضامن تُوفر المستلزمات الأساسية للأسر التي تم إجلاؤها بتيبازة
  • القرآن الكريم .. منهج هداية وتحصين للأمة في مواجهة العدو
  • وزير الخارجية يؤكد الأهمية التي توليها الخارجية للدبلوماسية البرلمانية
  • تطبيق قتالي لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في الحيمة الداخلية
  • تطبيق قتالي لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في الحيمة الداخلية