فتاوى وأحكام.. هل يقبل صيام من ينام معظم النهار .. حكم استخدام اللبوس في نهار رمضان.. هل يجوز تجهيز شنط الشهر الكريم من زكاة المال
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
فتاوى واحكام
هل يجوز الدعاء في السجود بالزواج من شخص باسمه؟ الإفتاء تجيب
حكم صيام من ينام معظم النهار ويستيقظ قبل المغرب
حكم تجهيز شنط رمضان من زكاة المال
حكم استخدام اللبوس أثناء الصيام.. اعرف رأي دار الإفتاء
حكم اقتداء المرأة في البيت بإمام التراويح عن طريق مكبرات الصوت
نشر موقع صدى البلد، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان وتهم المسلم في حياته اليومية، نرصد أبرزها في هذا التقرير.
أجابت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: “حكم من يدعو فى سجوده بالزواج من فتاة باسمها؟”.
لترد دار الإفتاء، موضحة: إن العلماء اختلفوا في هذا، فقال بعضهم إنما جعلت الصلاة للتحميد والتهليل والتكبير والتسبيح، فلا نذكر فيها أسماء أشخاص، وخاصة في صلاة الفريضة.
وأضاف مستشار المفتي، خلال البث المباشر لدار الإفتاء عبر صفحتها على فيس بوك، أن البعض الآخر يرى أنه من الممكن أن تذكر اسم شخص فى صلاة النافلة أما صلاة الفرض فلا.
وتابع أمين الفتوى: “ونحن نقول إن فضل الله واسع، والخروج من الخلاف مستحب، فمن الممكن أن يصلى الشخص ركعتين قضاء حاجة وبعد الانتهاء يدعو الله ويقول: “يا رب عاوز أتجوز فلانة بنت فلان عشان كذا وكذا” يقول كل ما في نفسه”.
وأشار إلى أن الشخص يبدأ فى طلب الذى يريده من هذه الأمور المفصلة في الدعاء بعد الانتهاء من الصلاة التى هي ذكر وكلام مع الله عز وجل، لذلك يقولون من الاعتداء فى الدعاء أن شخصا يحدد أشياء معينة كقوله يا رب أريد قصرا مثلا فى المكان الفلاني وكام دور وعربية معينة، فأجملوا فى الطلب بمعنى “متفصلش كل حاجة لأن التفاصيل ممكن تكون متعبة ليك”.
وأكد أنه يقول فى هذه المسألة صلِ ركعتين قضاء حاجة وبعد ذلك تدعى ربنا وتتوجه إلى الله بسيدنا رسول الله وسل حاجتك وإن شاء الله تقضى بإذن الله.
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها مضمونة: "ما حكم صيام مَنْ يقضي نهاره نائمًا ولا يستيقظ إلا للصلاة فقط حتى أذان المغرب؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: ان صِيامُ النائم صحيحٌ؛ لأن أركان الصيام عنده مستوفاة، وكذلك الشروط؛ حيث لم يدخل جوفَه شيءٌ.
ويُكْرَهُ له تعمُّد النوم في النهار إذا لم يكن في حاجةٍ إلى النوم، كأن يكون مرهقًا بعمل مكلف به في الليل؛ ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ [الروم: 23].
هل يقبل صوم من نام طول نهار رمضان؟سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية خلال فيديو منشور عبر موقع التواصل الاجتماعي “ فيس بوك”.
وأجاب عن هذا السؤال الدكتور عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن الصيام طوال النهار صحيح لكن صاحبه فرط في الذكر، ولا ينبغي أن يصل إلى هذه الدرجة، يجعل له فترة يقيل فيها، ويجعل باقي يومه للذكر والقيام والصلاة.
وشدد على ضرورة مجاهدة هذه العادات التي تضيع الأجر، موضحاً أن المحب دائما يستاق إلى الذكر والعبادة والطاعة وملاقاة الله تبارك وتعالي في الأوقات التي ترضيه تبارك وتعالى، وعليه أن يعلم أن رمضان شهر طاعة وعبادة وعليه ألا يضيع الوقت في غير موضوعه.
وأشار الى أن النوم طول نهار رمضان لا يفسد الصوم ولكن يفوت على نفسه خير كبير هو أحوج الناس إليه، فالمسلم على موعد مع الله لمضاعفة الحسنات.
وأوضح أن المسلم يأثم على نومه طول النهار في حال تفويته للصلوات المفروضة فيقوم عند أذان المغرب ويترك الصلوات بدون أدائها، فهنا يأثم على فعله هذا بالرغم من أن صيامه صحيح وقبول الصيام يرجع إلى الله عزوجل.
شُنَط رمضان مظهر مبارك مِن مظاهر التكافل الاجتماعي، والأصل في الزكاة أنْ تعطَى للفقير مالًا، فإذا أُريدَ إعطائها إياه على هيئة مواد غذائيةٍ يجب أن يراعَى في ذلك ما يحتاجه الفقير حاجةً حقيقيةً، لا أن تُشتَرَى أي سلعٍ رخيصةٍ لتُعطَى له كيفما اتفق، هكذا ما أفتت به دار الإفتاء المصرية.
هل يمكن اعتبار شنط رمضان من ضمن زكاة المال ؟قال الشيخ محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز إخراج زكاة المال عبارة عن شنط رمضانية وإعطاؤها للفقراء والمحتاجين.
وأشار الى أنه ينبغي أن تحتوي الشنط الرمضانية على السلع الأساسية التي يحتاجها الفقير في بيته وتخفف عنه كاهل الحياة، وينبغي كذلك أن تكون هذه السلع بجودة عالية وليست رديئة.
وأجمع المسلمون على رُكن الزكاة وفرضيَّتها، وصار أمرًا مقطوعًا به، معلومًا من الدِّين بالضرورة؛ حيث يُستغنَى عن الاحتجاج له.
حكم تجهيز شنط رمضان من زكاة المالوقالت دار الإفتاء: إن مشتري السلع مِن الزكاة هو في الحقيقة كالوكيل عن الفقراء في شراء ما يحتاجونه، فإذا ألزمهم أن يأخذوا ما لا يحتاجونه فهذا يجعل الأمر بعيدًا عن مقصود الزكاة، وتكون حينئذٍ مِن الصدقات والتبرعات.
وأشارت إلى أن الأصل في زكاة المال أن تخرج أموالا لأنه أنفع للفقراء لأنه من حقه أن يتملك مالا وينفقه كما يشاء.
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" ما حكم استخدام اللبوس أثناء الصيام؟ فقد يحتاج بعض المرضى إلى التداوي بـ(اللبوس الشرجي)، فهل استعماله أثناء الصيام يؤثر في صحة الصوم؟".
ردت دار الإفتاء المصرية موضحة: ان تداوي بعض المرضى بما يُعرف بـ(اللبوس الشرجي) أثناء الصيام لا يؤثر في صحة الصوم، وذلك لتيقُّن عدم وصول شيءٍ مِن ذلك إلى الجوف بحيث يحصل به الفطر.
هل اللبوس الشرجي يفطر خلال نهار رمضان؟سؤال أجاب عنه الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال لقائه ببرنامجه «ولا تعسروا»، عبر قناة مصر الأولى.
ورد “الورداني” موضحا أن اللبوس الشرجي لا يفطر، مشيرًا إلى أن فتحة الشرج ليست من المنافذ المفتوحة.
وقال إن الذي يفطر الصائم هو تعمد إدخال شيء إلى الجوف من منفذ مفتوح في فترة الصيام من طلوع الفجر وحتى غروب الشمس.
اجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد اليها وذلك عبر موقعها الرسمي مضمونة: "ما حكم اقتداء المرأة وهي في بيتها بإمام التراويح عن طريق مكبرات الصوت؟ فأنا أسكن بجوار المسجد، وتسمع والدتي الإمام في صلاة التراويح من خلال مكبرات الصوت، فهل يجوز أن تصلي وهي في المنزل بصلاة الإمام في المسجد؟ علمًا بأنها تسمع صلاته بشكلٍ كاملٍ:؟.
لترد دار الإفتاء موضحة: انه يجوز شرعًا للمرأة أن تقتدي بإمام المسجد في صلاة التراويح من بيتها وصلاتها صحيحة ما دامت على علمٍ بصلاة الإمام وانتقالاته، سواء بسماعه مباشرة أو من خلال مكبرات الصوت، ويمكنها متابعة حركات الإمام، فإذا حدث عارض كانقطاع التيار الكهربائي أو نحو ذلك فحينئذٍ تنقطع المتابعة للإمام، ويجب على المرأة أن تنوي المفارقة وتكمل صلاتها بنية الانفراد.
حكم صلاة التراويح للنساءصلاة التراويح في شهر رمضان المُعظَّم من السنن المؤكدة في حقِّ الرجال والنساء على السواء، سنَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقولِهِ وفعْلِهِ؛ زيادةً في الأجر وتعظيمًا للثواب، فعن أبي بكرٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الله افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ، فَمَنْ صَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، وابن ماجه والنسائي في "السنن".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ» متفقٌ عليه.
حكم اقتداء المرأة وهي في بيتها بإمام التراويح عن طريق مكبرات الصوت
من المقرر شرعًا لصحة اقتداء المأموم بإمامه في صلاة الجماعة أن يكون هناك إمكانية لمتابعة المأموم لإمامه بأن يكون على علمٍ بانتقالاته بسماعٍ أو رؤيةٍ.
وحصول الاقتداء بالإمام مقصِدٌ أساسيٌّ للشرع الشريف في صلاة الجماعة، ولا بد للمأموم حتى يحققه مِن أن يَعْلَم انتقالات الإمام في الصلاة بسماع صوت تكبيراته بوضوح، فاحتاج في حال عدم سماعه صوتَ الإمام إلى من يُبلغه، فزالت لهذه الحاجة الكراهةُ المتعلِّقةُ برفع الصوت في الصلاة من غير الإمام؛ نظرًا لما تقرِّره القاعدة الأصولية من أن: "الكراهة تزول لأدنى حاجة"، وارتقى الحكم إلى الاستحباب لكون الاقتداء بالإمام مقصودًا للشرع الشريف، ولذلك اتفق الفقهاء على استحباب التبليغ عند الحاجة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء المصریة صلاة التراویح من زکاة المال أثناء الصیام مکبرات الصوت أمین الفتوى نهار رمضان رسول الله شنط رمضان سؤال ورد فی صلاة
إقرأ أيضاً:
ما حكم إقامة صلاة الجمعة في الزوايا المتقاربة؟.. الإفتاء توضح
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، مضمونة:"ما حكم إقامة صلاة الجمعة في الزوايا المتقاربة؟ فإنه يوجد في بعض القرى مسجد كبير يسع المصلين، ويوجد في الشوارع الجانبية زوايا تُصلَّى فيها الصلوات الخمس، فهل يجوز إقامة الجمعة في هذه الزوايا؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أن الأصل أن تصلى الجمعة في المسجد الكبير الذي يسع المصلين، فإن ضاق أو بعدت المسافة بحيث لا يستطيع المصلُّون الذهاب إليه إلا بمشقة فحينئذ تجوز صلاة الجمعة في الزوايا ولا حرج فيها، على أنَّه ينبغي مراعاة ضوابط الجهات المنظمة لإقامة الجمعة في الزوايا.
وأضاف أن صلاة الجمعة من الفضائل التي اختص الله بها الأمة المحمدية، وشَرَّفها بها، وحَثَّها على السَّعْي إليها والاجتماع فيها والاحتشاد لها، ومما يزيد في فضلها وشَرَفها ثبوت فرضيتها بقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9]؛ وذلك توخِّيًا لمعنى الترابط والائتلاف بين المسلمين.
قال العَلَّامة أبو الحسن ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 475، ط. مكتبة الرشد) متحدثًا عن فضيلة هذا اليوم وهداية الله هذه الأمة إليه: [يوم الجمعة ذَخَرَه لهذه الأمة، وهداهم له تَفَضُّلًا منه عليها؛ ففضلت به على سائر الأمم] اهـ.
مكان إقامة صلاة الجمعة
من الأحكام الخاصة بصلاة الجمعة -ومنها صورة السؤال- مكان إقامتها، أي: المكان الذي تُؤدَّى فيه، والحديث في هذه المسألة يأتي من جهتين:
الأُولى: من حيث حكم صلاة الجمعة في الزوايا.
الثانية: من حيث حكم تعدد الجمعة في البلدة الواحدة.
حكم صلاة الجمعة في الزوايا
أمَّا مِن حيث حكم صلاة الجمعة في الزوايا، فإنَّ صلاة الجمعة في الزوايا جائزةٌ، إذ ليس من شروط صحتها المسجد، بل تجوز في الفضاء الخالي من البناء وفي الزوايا وفي المصلَّى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أَنَّهُمْ كَتَبُوا إِلَى عُمَرَ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْجُمُعَةِ؟ فَكَتَبَ: جَمِّعُوا حَيْثُمَا كُنْتُمْ". رواه ابن أبي شيبة في "مُصنَّفه".
وهذا يدل على أَنَّ إقامة الجمعة تجوز في أي مكان من القُرَى والـمُدن والفِنَاء وغير ذلك مِن الأماكن.
قال العظيم آبادي في "عون المعبود" (3/ 281، ط. دار الكتب العلمية): [وذهب البعض إلى اشتراط المسجد، قال: لأنها لم تقم إلا فيه، وقال أبو حنيفة والشافعي وسائر العلماء: إنه غير شرط، وهو قوي إن صحَّت صلاته صلى الله عليه وآله وسلم في بطن الوادي، وقد روى صلاته صلى الله عليه وآله وسلم في بطن الوادي ابن سعد وأهل السير، ولو سلم عدم صحة ذلك لم يدل فعلها في المسجد على اشتراطه] اهـ.
وعلى هذا الذي ذكرناه ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، على اختلاف بينهم في التفاصيل، فقد اشترط الحنفيةُ الـمِصْر وتوابعه، والمراد بالـمِصْر -كما نَصَّ عليه الكاساني في "البدائع" (1/ 260، ط. دار الكتب العلمية) وصَحَّحه-: كل بلدةٍ فيها أسواقٌ ووالٍ وعالمٌ يُرْجَع إليه في أمور الدِّيْن. أمَّا الشافعية فإنهم يشترطون أن تكون صلاة الجمعة في حدود الأبنية، بينما يرى الحنابلة اشتراط القُرْب مِن البنيان.
قال الإمام أبو بكر الحدَّادي في "الجوهرة النيرة" (1/ 88، ط. المطبعة الخيرية) عند الكلام على أحكام صلاة الجمعة: [(قوله: أو في مُصَلَّى الـمِصْر) لأنّ له حكم الـمِصْر، وليس الحكم مقصورًا على الـمُصَلَّى، بل تجوز في جميع أفنية الـمِصْر، وقَدَّروه بمنتهى حد الصوت] اهـ.
وقال الإمام محيي الدين النووي في "المجموع" (4/ 501، ط. دار الفكر) عند كلامه أيضًا على أحكام صلاة الجمعة: [قال أصحابنا: ولا يشترط إقامتها في مسجد، ولكن تجوز في ساحة مكشوفة بشرط أن تكون داخلة في القرية أو البلدة معدودة من خطتها، فلو صَلَّوْهَا خارج البلد لم تصح بلا خلاف، سواء كان بقرب البلدة أو بعيدًا منه، وسواء صلوها في كِنٍّ أم ساحة؛ ودليله أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلُّوا كَمَا رَأيتُمُوني أصَلِّي»، ولم يُصلِّ هكذا] اهـ.
وقال الإمام أبو السعادات الـبُهُوتي في "كشاف القناع" (3/ 337، ط. وزارة العدل السعودية): [(وتصح) الجمعة (فيما قارب البنيان من الصحراء، ولو بلا عذر) فلا يشترط لها البنيان؛ لقول كعب بن مالك: "أسعدُ بن زرارة أولُ مَن جَمَّعَ بنَا في هَزَم النَّبيت من حَرَّة بني بَيَاضة في نقيعٍ، يقال له، نَقيع الخَضِمات. قال: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعون رجلًا" رواه أبو داود، والدارقطني. قال البيهقي: حسن الإسناد صحيح. قال الخطابي: حَرَّة بني بياضة على ميل من المدينة. وقياسًا على الجامع. لكن قال ابن عقيل: إذا صلى في الصحراء استخلف من يصلي بالضعفة. و(لا) تصح الجمعة (فيما بَعُد) عن البنيان، لشبههم إذن بالمسافرين] اهـ.
وخالف فيما سَبَق المالكيةُ، حيث إنهم يشترطون في صحة الجمعة كونها في الجامع خاصة، لا في فِنَاءٍ أو ما شابهه، ومعنى الجامعية المشروطة هنا -كما حَقَّقه الدُّسُوقي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 374، ط. دار الفكر)-: مجرد التعيين والتحبيس للصلاة فيه.
وفَرَّعوا على ذلك: أنَّه لا تقام جمعتان في مِصْرٍ واحدٍ إلَّا في المسجد الجامع ولو تَعدَّدت، فالصلاة تكون صحيحة لأقْدَم الجامِعَين، وفي ذلك يقول أبو عبد الله الخَرَشي في "شرحه على المختصر" (2/ 74، ط. دار الفكر): [والجمعة للعتيق (ش) جواب عن سؤال مُقَدَّر، كأن قائلًا قال له: قد شَرطتَ في الجامع أن يكون مُتحِدًا فما الحكم إذا تعدَّد؟ فأجاب بأنها عند التَّعدُّد في البَلَد الواحد أو ما في حكمه صحيحة لأهل الجامع العتيق مِن تلك الجوامع، باطلة لأهل الجديد] اهـ.
لكن عموم الآية الواردة في صلاة الجمعة يدل على مذهب الجمهور؛ إذ ورد فيها قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: 9]، فلا وجه لخصوص المسجدية فيها.
ويُدَلِّل على ذلك أيضًا: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: إنَّ أوَّلَ جُمُعةٍ جُمِّعت بعدَ جُمُعةٍ في مسجدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم في مسجدِ عبدِ القَيسِ بجُواثَى مِن البَحرين. رواه البخاري في "الصحيح". و"جُوَاثَى" -بضم أَوَّله وفتح الـمُثَلثَّة-: قريةٌ من قُرَى البَحرينِ.
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا: "أَنَّهُمْ كَتَبُوا إِلَى عُمَرَ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْجُمُعَةِ؟ فَكَتَبَ: جَمِّعُوا حَيْثُمَا كُنْتُمْ". رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه".
فالحديثان يدلان على جواز إقامة الجمعة في غير المسجد الجامع، قال العَلَّامة زين الدين ابن رجب في "فتح الباري" (8/ 138، ط. مكتبة الغرباء) عند شرح حديث مسجد عبد القيس: [والمقصود: أنهم جَمَّعوا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قرية جواثاء، وإنما وقع ذلك منهم بإذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمره لهم... فيدل ذلك على جواز إقامة الجمعة بالقُرَى، وأنه لا يشترط لإقامة الجمعة الـمِصْر الجامع] اهـ.
وقال الإمام ابن المنذر في "الإشراف" (2/ 119، ط. مكتبة مكة الثقافية): [وقد روينا عن عطاء أنه قيل له: أهل البصرة لا يسعهم المسجد الأكبر؟ قال: لكل قوم مسجد يجتمعون فيه، ويجزئ ذلك عنهم من التجميع في المسجد الأكبر] اهـ.
وقال الإمام سراج الدين البلقيني في فتاويه المسماة بـ "التَّجَرُّد والاهتمام بجمع فتاوى شيخ الإسلام" (1/ 246، ط. أروقة) مُعلِّقًا على هذا الأثر عن سيدنا عمر: [وهذا ظاهرٌ في جواز التعدد] اهـ، ثم عَدَّد أوجه جواز الـجُمَع في غير المسجد الجامع.
وجواز الجُمَع على هذا النحو مروي أيضًا عن عدد من السلف، فعن ابن جريج، أنَّه قال: قلت لعطاء: أرأيت أهل البصرة لا يَسَعهم المسجد الأكبر كيف يصنعون؟ قال: "لكل قوم مسجد يجمعون فيه، ثم يجزئ ذلك عنهم" أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه".
وروي عن عمرو بن دينار قال: "إِذَا كَانَ الْمَسْجِدُ يُجَمَّعُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلْتُصَلَّ فِيهِ الْجُمُعَةُ" رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه". وأَمَّا ما ورد عن الأئمة الفقهاء مِن منع تَعدُّد الجمعة، فإنَّ ذلك كان لمعنى خوف تَفَرُّق الكلمة على الخلفاء، وقد زال هذا المعنى، كما قَرَّره الإمام السراج البُلْقِيني في "فتاويه" (1/ 247).
يضاف لذلك أنَّ جمهور العلماء أجازوا تَعدُّد الجمعة في المكان الواحد ما دامت مقاصد الجمعة قد تحقَّقت، وهي ظهور شعائر الدِّين، والموعظة، وتأليف بعض المؤمنين ببعض لتراحمهم وتوادهم، كما أورد ذلك تقي الدين السُّبْكي في "فتاويه" (1/ 174، ط. دار المعارف).
غير أنَّ منهم مَن أطلق التَّعدُّد ومنهم من قَيَّده بالحاجة، وعلى قول مَن قَيَّد بالحاجة لا يمتنع إقامتها أيضًا؛ لأنَّ مجتمعنا الآن لا يخلو من هذه الحاجة المذكورة في كلام الفقهاء، فكبار السن والمرضى في كل مكان يشق عليهم الإتيان للمسجد الجامع، وكذلك من أصحاب المهن من يضيق عليه وقته فيضطر إلى أن يصلي في أقرب مكان له، وغير ذلك من الحاجات المتداعية الآن.
حكم تعدد الجمعة في أماكن متعددة من البلدة الواحدة
ينضاف إلى ما سبق أنَّ الجمعة تقام في بلاد المسلمين في البلدة الواحدة في أماكن متعددة من غير نكير من أحدٍ، فكان ذلك إجماعًا.
قال الإمام زين الدين ابن نُجَيْم في "البحر الرائق" (2/ 154، ط. دار الكتاب الإسلامي): [يصح أداء الجمعة في مصر واحد بمواضع كثيرة، وهو قول أبي حنيفة ومحمد، وهو الأصح؛ لأن في الاجتماع في موضع واحد في مدينة كبيرة حَرَجًا بَيِّنًا، وهو مدفوع] اهـ.
وقال الإمام النَّفراوي في "الفواكه الدواني" (1/ 260، ط. دار الفكر): [وإن تعدد: فالجمعة للعتيق، إلا أن يكون البلد كبيرًا؛ بحيث يعسر اجتماعهم في محل ولا طريق بجواره تمكن الصلاة فيها فيجوز حينئذ تعدده بحسب الحاجة، كما ارتضاه بعض شيوخ المذهب، ولعل الأظهر حاجة من يغلب حضوره لصلاتها ولو لم تلزمه كالصبيان والعبيد؛ لأن الكل مطلوب بالحضور ولو على جهة الندب، وينبغي أن يلحق بذلك وجود العداوة المانعة من اجتماع الجميع في محلٍّ واحدٍ، بل لو قيل: إن هذا أولى لجواز التعدد لما بَعُدَ] اهـ.
قال الشيخ الكشناوي في "أسهل المدارك" (1/ 333، ط. دار الفكر) مُعَلِّقًا عليه: [وفي بعض تقييدات هذا المحل لبعض الأفاضل أنه قال: "ورجح المتأخرون جواز تعدد الجمعة، وعليه العمل عندنا بالمغرب، وهو الصواب"، إلى آخر ما قال اهـ] اهـ.
وقال الإمام العَبَّادي في "حاشيته على الغرر البهية" (2/ 50، ط. المطبعة الميمنية): [والظاهر أنَّ مِن الحاجة ضيقَ محلٍّ واحدٍ عن الجميع، فلو تعددت المساجدُ، ولم يكن فيها ما يسع الجميع، فالظاهر أنَّه لا كراهة من حيثُ التعددُ للحاجة، لكن هل الأفضل حينئذ فعلُها في مساجد البلد لشرف المساجد، أو في الصحراء احترازًا من تعدد جماعتها؟ فيه نظر، ولا يبعد أنَّ الأقربَ الأوَّلُ؛ لشرف المساجد، ولا أثرَ للتعدد مع الحاجة إليه] اهـ.
وقال الإمام الـمُوفَّق ابن قُدامة في "الكافي" (1/ 331، ط. دار الكتب العلمية) في معرض حديثه عن تعدد الجُمَع: [وإن احتيج إلى أكثر منها جاز؛ لأنها تُفعل في الأمصار العظيمة في جوامع من غير نكير، فصار إجماعًا، ولأنها صلاة عيد جاز فعلها في موضعين مع الحاجة كغيرها] اهـ. فعُلِم مِن ذلك وتأكَّد أَنَّ عمل المسلمين قد استمر على تعدد الجمع في البلاد، وأن القول بالمنع يؤدي إلى حرجٍ على الأمة وزيادة مشقةٍ عليها، والله سبحانه يقول: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج: 78]، كما أنه يؤدي إلى إبطال صلاة خلق كثير في أعصار متعددة.
الرجوع للجهات المختصة بتنظيم الصلاة في الزوايا
تجدر الإشارة إلى أنَّ تَعدُّد الجُمَع وإن كان جائزًا مِن حيث الحكم الشرعي، إلَّا أنه ينبغي الرجوع إلى الجهات المختصة بذلك، فالأمر موكولٌ إليها لتنظيم الصلاة في هذه الزوايا حسب المصلحة المقتضية وَفْق ما ترتئيه هذه الجهات.
الخلاصة
بناءً عليه وفي واقعة السؤال: فإنَّ الأصل أن تصلى الجمعة في المسجد الكبير الذي يسع المصلين، فإن ضاق أو بعدت المسافة بحيث لا يستطيع المصلُّون الذهاب إليه إلا بمشقة فحينئذ تجوز صلاة الجمعة في الزوايا ولا حرج فيها، على أنَّه ينبغي مراعاة ضوابط الجهات المنظمة لإقامة الجمعة في الزوايا.