حزب الله بارك.. كيف ينعكس تعيين السنوار رئيسًا لحماس على الحرب؟!
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
مفاجئًا لكثيرين، بل ربما صادمًا، جاء خبر تعيين رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي في الحركة خلفًا لاسماعيل هنية، عقب اغتياله في طهران، ولا سيما أنّ السنوار الذي سيكون عليه بمقتضى منصبه الجديد، "الإشراف" على الملف السياسي، وتحديدًا مفاوضات وقف إطلاق النار، يُعَدّ "المطلوب الرقم واحد" لإسرائيل، وهو المتَّهم بأنه "العقل المدبّر" لعملية "طوفان الأقصى"، أو هجوم السابع من أكتوبر.
جاء قرار تعيين السنوار، بعد أقلّ من أسبوع على اغتيال هنية، وبعد أيام من "التكهّنات" حول هوية رئيس المكتب السياسي الجديد لحركة "حماس"، طُرِحت خلالها العديد من الأسماء المرشحة للمنصب، التي لم يكن بينها السنوار للمفارقة، ولو قيل إنّ صوته قد يكون "مرجّحًا"، لتأتي المفاجأة بالنهاية باختياره "بالإجماع"، في رسالةٍ أخذت أبعادًا مختلفة تفاوتت ما بين "تحدّي" الإسرائيلي، وتأكيد "وحدة" الحركة، خلافًا لكلّ ما يثار عن خلافات وتباينات.
وفي وقتٍ كان "حزب الله" بين أوائل من رحّبوا بقرار حركة حماس، حيث بارك في بيان له اختيار السنوار الذي رأى فيه "تأكيدًا أنّ الأهداف التي يتوخّاها العدو من قتل القادة والمسؤولين فشلت في تحقيق مبتغاها، وأن الراية تنتقل من يد إلى يد، مضرجة بدماء الشهداء"، فإنّ السؤال الذي فرض نفسه يبقى عن انعكاسات القرار على مسار المفاوضات، وبالتالي على واقع الحرب المتواصلة على غزة، وتلقائيًا على سائر الجبهات، بما في ذلك تلك اللبنانية.
رسائل ودلالات
ليس خافيًا على أحد أنّ اختيار السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس شكّل مفاجأة "غير سارة" للعدو الإسرائيلي إلى حدّ بعيد، وهو ما عبّر عنه الإعلام الإسرائيلي بالدرجة الأولى، حتى إنّ هناك من علّق على الأمر ساخرًا، بالقول إنّ إسرائيل لو كانت تعلم أنّ السنوار، الأسير السابق في سجونها والمطلوب الأول لديها، هو من سيخلف هنيّة، الذي كان معروفًا بمرونته، لما أقدمت على اغتياله، بل على العكس من ذلك، لوفّرت له الحماية، حفاظًا على حياته.
انطلاقًا من ذلك، يتحدّث العارفون عن العديد من الرسائل والدلالات خلف اختيار السنوار تحديدًا لقيادة المكتب السياسي لحركة حماس، وهو القرار الذي وُصِف في بعض الأوساط بـ"الخطة الذكية" التي أجهضت بشكل أو بآخر الأهداف الإسرائيلية من عملية اغتيال هنية، فهو أكّد في مكانٍ ما، أنّ قيادة حركة "حماس" لا تزال متماسكة وقوية رغم كلّ شيء، والأهم من ذلك، أنّ الحرب لم تنجح في القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تحديدًا.
بهذا المعنى، ثمّة من يرى أنّ اختيار رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" من غزة، شكّل رسالة "تحدّ" استراتيجية لإسرائيل، التي تحاول أن تصدّر صورة "انتصار" في حربٍ كان هدفها المُعلَن، إنهاء المقاومة في غزة، علمًا أنّ أهمية القرار تكمن أيضًا في تأكيد "وحدة" الحركة وثباتها رغم كل الظروف والتحديات، وهو ما تجلّى بشكل خاص بالحديث عن الإجماع على القرار، بعيدًا عن كلّ الإشاعات عن انقسامات وجناحات مختلفة في صفوفها.
أي انعكاسات على الحرب؟
بمعزل عن الرسائل والدلالات، والأبعاد التي تنطوي على خطوة تعيين السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس خلفًا لهنية، وجلّها تتقاطع على "تحدّي" الاحتلال، وضرب أهدافه حربه المُعلَنة، إلا أنّ هناك من توجّس من الخطوة، باعتبار أنّ اختيار السنوار قد "يعقّد" مسار المفاوضات أكثر ممّا هو معقّد، فاستبدال هنية الذي كان مصنَّفًا من "المعتدلين" في الحركة، بالسنوار تحديدًا، قد يُفهَم على أنه "تصعيد" في السياسة، وعلى خط المفاوضات.
في هذا السياق، يلفت العارفون إلى وجهتي نظر قد تبدوان متناقضتين، فصحيح أنّ ثمّة انطباعًا بأنّ التوصّل إلى اتفاق قد يكون أكثر صعوبة بقيادة السنوار، كما أنّ شروط المقاومة قد تصبح أكبر بعد الاغتيالات الأخيرة، إلا أنّ هناك من يرى أنّ العكس هو الصحيح، فالسنوار الموجود في قلب قطاع غزة المُحاصَر، وفي صلب الحرب المتواصلة منذ عشرة أشهر، قد يجد الفرصة "مثالية" اليوم لإنهاء القتال، بما يتيح له التفرّغ لمهامه الجديدة في المرحلة المقبلة.
أما على مستوى انعكاسات القرار على سائر جبهات الإسناد، ولا سيما الجبهة اللبنانية، يقول العارفون إنّ شيئًا لن يتغيّر على هذا المستوى، فما كان قائمًا في السابق يبقى قائمًا اليوم، خصوصًا بالنسبة للترابط بين الجبهات، بمعنى أنّ وقف إطلاق النار على خط الجبهة اللبنانية مثلاً، خارج سياق الرد على ضربة الضاحية الجنوبية، يحصل فقط عند التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، علمًا أنّ "حزب الله" يوافق على ما توافق عليه "حماس" بهذا الصدد.
في النتيجة، قد تكون "رسائل" اختيار يحيى السنوار تحديدًا لقيادة المكتب السياسي في حركة "حماس"، مع "الرمزية" التي يعبّر عنها على مستوى المواجهة مع الإسرائيلي، وعلى مستوى قطاع غزة، أكثر من الانعكاسات على المسارين السياسي والعسكري، حيث تبقى المقاومة وفق ما يقول العارفون، على ثوابتها المُعلَنة، وخطوطها الحمراء المعروفة، وعلى شرطها الأول لأيّ اتفاق، وهو انسحاب الاحتلال من غزة، ووقف دائم لإطلاق النار! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: المکتب السیاسی اختیار السنوار السنوار رئیس ا السیاسی لحرکة حرکة حماس قطاع غزة تحدید ا
إقرأ أيضاً:
الغرب والإسلام السياسي: معاداة أم توظيف؟
الغرب والإسلام السياسي: معاداة أم توظيف؟
يظهر التاريخ أن الغرب لم يتردد في معارضة أنظمة علمانية وديمقراطية عندما اعتبرها تتعارض مع مصالحه. فقد ساهم في الإطاحة بنظام محمد مصدق الديمقراطي في إيران ، ودعم الإطاحة بأنظمة مثل نظام صدام حسين في العراق ومعمر القذافي في ليبيا، رغم علمانيتها.
في ثمانينات القرن الماضي صلحت أمريكا القاعدة ومولثا لشن الحرب علي الإتحاد السوفيتي والشيوعيين في أفغانستان. واستقبل الرئيس الأمريكي ريغان قادة القاعدة في البيت الأبيض. ثم زارهم مستشاره للامن القومي وكبير الإستراتيجيين وقال لهم أن الله في جانبهم. حينها كانت رسائل الله للمسلمين ترسل للقاعدة عبر أمريكي كاثوليكي يخبرهم عن الصف الذي أختار الله أن ينصره. وفي السنين السابقة تعاونت المخابرات الأمريكية مع تنظيم داعش/جبهة تحرير الشام لإسقاط نظام بشار الأسد العلماني في سوريا. وتم ألغاء العقوبات الأمريكية علي السيد أحمد الشرع بعد أن كانت الحكومة الأمريكية تطارده لدرجة عرض جائزة بقيمة عشرة مليون دولار لمن يبلغ عن مكانه. وقبل أيام أستقبل ترمب السيد الشرع في البيت الأبيض واشاد به.
الاستنتاج: الغرب ما عندو مشكلة مع التطرف الإسلامي. ممكن يتعاون معاهو عادي لو خدم مصالحه.
أيضا حارب الغرب نظام جمال عبد الناصر العلماني، واسقط نظام القذافي العلماني ودمر نظام صدام حسين العلماني المعادي للإسلاميين وكذلك نظام الأسد العلماني المعادي للإسلاميين في سوريا وكذلك أسقطت أمريكا وبريطانيا نظام مصدق الديمقراطي العلماني في أيران في خمسينات القرن الماضي ما مهد للثورة الإسلامية الخمينية في ١٩٧٨.
الاستنتاج: يمكن إسقاط الأنظمة العلمانية والديمقراطية إذا كانت خارج الطاعة أو إذا اقتضت المصلحة ذلك.
الاستنتاج الثالث: ما يحدث في السودان ليس تدخلا ضد التطرف الإسلامي وإنما هو قضية مصالح وهيمنة. إضافة إلي الدليل أعلاه، لاحظ أن الكيزان المقبولون هم الذين في معسكر صمود من حزب المؤتمر الشعبي بتاع الترابي. وكذلك أرطال الكيزان في قوائم الدعم السريع يتمتعون بالقبول. الكوز المنبوذ الممنوع من المشاركة هو كوز المؤتمر الوطني الذي لا يتبع لغرب أو جنجويد أو صمود.
الاستنتاجات مرة أخري، مكررة:
1- يبدو أن الموقف الغربي من التطرف الإسلامي يتأثر باعتبارات مصلحية أكثر من كونه مبدأً ثابتاً.
2. التاريخ يشير أن المعايير الغربية في التعامل مع الأنظمة لا ترتبط بطبيعتها (علمانية أو ديمقراطية) بقدر ما ترتبط بمواقفها من المصالح الغربية.
3. الوضع في السودان يبدو متأثراً بحسابات المصالح والهيمنة الإقليمية أكثر من كونه موقفاً مبدئياً من التطرف الإسلامي، حيث يتم التعامل مع بعض القوى الإسلامية المقبولة إقليمياً بينما يتم استبعاد أخرى.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب