أصبحت التحذيرات العربية والدولية من انفجار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية أمراً واقعاً، بعدما استفاق العالم أمس على هجوم مباغت شنّته الفصائل الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة، في حادثة لم تشهدها إسرائيل من قبل، التي ردت بقصف عنيف استهدف القطاع وخلّف مئات الضحايا خلال ساعات، بينما تشهد الضفة الغربية حالة انفلات واسع اختلطت فيه التظاهرات الفلسطينية بهجمات المستوطنين العشوائية.
إنها دوامة العنف التي تهدد بجرّ المنطقة إلى عدم الاستقرار مجدداً، ونتيجة حتمية لتجاهل قرارات الشرعية الدولية ونداءات السلام، وتأتي في سياق التصعيد المستمر منذ فترة، وأذكته مؤخراً اقتحامات المستوطنين المتكررة للمسجد الأقصى المبارك ومداهمة مدن الضفة الغربية وما رافقها من ضحايا وهدم للمنازل ونهب للأراضي الفلسطينية. وربما للمرة الأولى في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يصاب العالم بالصدمة جراء العملية المباغتة للفصائل الفلسطينية والرد الإسرائيلي عليها، فخلال ساعات انقلبت المنطقة رأساً على عقب وباتت مفتوحة على المجهول، مع ارتفاع منسوب العنف في عدد من الجبهات، وسط توقعات بعواقب وخيمة على الجميع، ربما تؤدي إلى انفلات شامل للأوضاع، وتنسف كل الجهود التي بذلت لحل الصراع سلمياً.
مع اندلاع هذه الموجة من التصعيد، كانت الإمارات سباقة إلى الدعوة إلى وقف هذه الدوامة والحفاظ على أرواح المدنيين. وباعتبارها عضواً غير دائم في مجلس الأمن فقد دعت إلى ضرورة إعادة التفعيل الفوري للجنة الرباعية الدولية لإحياء مسار السلام العربي الإسرائيلي. ولا يتم ذلك إلا باحترام القانون الدولي والمرجعيات ذات الصلة، وبأن يكون مجلس الأمن عادلاً في تناوله للقضية الفلسطينية، لا أن يكون عدد من أعضائه الدائمين منحازين صراحة إلى جانب إسرائيل وعدم دفعها إلى الانخراط في تهدئة شاملة تحقق الاستقرار لجميع الأطراف وتسمح بإقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
إسرائيل، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، تترتب عليها مسؤولية الانخراط الجاد في جهود السلام، وملزمة بوقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني، والالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني. أما تجاهل كل هذه المطالب والاستحقاقات، فلن يجلب لها الأمن، وما شهدته صباح السابع من أكتوبر قد يتكرر في مناسبات لاحقة، إذا استمرت على نفس النهج ورفضت الاستجابة للدعوات العربية والدولية الصادقة إلى إنصاف الفلسطينيين ومنحهم حقهم في إقامة دولة، والعيش بكرامة أسوة بكل الشعوب.
التصعيد المفاجئ الذي تشهده إسرائيل والأراضي الفلسطينية منعرج حاسم في تاريخ هذا الصراع المرير، فإما أن تتغير القواعد القديمة وتولد قناعات جديدة تؤمن بقيم التعايش والاستقرار، وإما أن ينهار كل شيء وتعود أطراف الصراع إلى المربع الأول. فالفلسطينيون يقولون إنهم ضاقوا ذرعاً بالسياسات الإسرائيلية المتطرفة، التي لم تعد تقيم لهم وزناً ولا تعترف لهم بحق، ولذلك فهم خاسرون في كل الأحوال.
وبالمقابل يمعن المتطرفون الإسرائيليون في شطب كل ما هو فلسطيني، على الرغم من أن هذه الرؤية قاصرة، ولا تتوافق مع الثوابت الإنسانية، فضلاً عن أنها تسبح عكس التيار وتناقض نظاماً دولياً جديداً يتشكل بسرعة، وقد لا تجد فيه الحظوة والتغاضي والدعم الذي كانت تلقاه لعقود، وستدفع بذلك ضريبة فادحة لعرقلة السلام.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
بتأييد 12 عضوا… مجلس الأمن يمدد مهمة حفظ السلام في جنوب السودان
اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا يقضي بتمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان حتى الثلاثين من أبريل/نيسان 2026، داعيا إلى وقف شامل وفوري للقتال الذي تجدد خلال الأسابيع الأخيرة.
وأفاد الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة بأن القرار الأممي قد حظي بموافقة 12 دولة، فيما امتنع عن التصويت عليه كل من روسيا، والصين، وباكستان، وسط انتقادات للمجتمع الدولي بعد تقارير عن استخدام “عشوائي” للأسلحة الفتاكة ضد المدنيين.
وأوضح بيان الأمم المتحدة أن القرار دعا كافة الأطراف المسلحة في جنوب السودان إلى الانخراط في حوار سياسي شامل من أجل إنهاء الصراع في البلاد، مع التشديد على ضرورة وضع حد لأعمال العنف ضد المدنيين.
وتزامن القرار مع نشر تقارير مقلقة نشرتها منظمة “هيومن رايتس ووتش”، اتهمت فيها الجيش باستخدام طائرات لإسقاط قنابل حارقة على مناطق في شمال شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين الأبرياء، وهو التصعيد الذي أعاد إلى الواجهة ذكريات الحرب الأهلية السابقة التي مزقت البلاد عقب الاستقلال.
ويفترض أن يظل قوام بعثة الأمم المتحدة عند 17 ألف جندي و2101 شرطي، مع فتح المجال أمام إجراء “تعديلات” على العدد والمهام بحسب تطورات الوضع الأمني الميداني في جنوب السودان.
وشدد القرار على أهمية إزالة العقبات التي تعترض عمل البعثة الأممية وتهيئة مناخ سياسي وأمني مناسب يمهد الطريق نحو انتخابات حرة ونزيهة، كان من المفترض إجراؤها هذا العام، لكن تأجلت إلى 2026.
وجاء هذا في وقت وجهت القائمة بأعمال السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، انتقادا شديدا للحكومة الانتقالية في العاصمة الجنوب سودانية، جوبا، معتبرة أنه “من غير المسؤول” ضخ أموال جديدة في العملية الانتخابية دون ضمانات حقيقية بالتزام الحكومة.
وأعربت دوروثي شيا، عن قلق بلادها إزاء تقاعس السلطات في تنفيذ اتفاق السلام الموقع عام 2018، مطالبة المجتمع الدولي بمساعدة جنوب السودان على “الابتعاد عن حافة الهاوية”، من خلال تقديم دعم قوي ومباشر لبعثة الأمم المتحدة.
وكالة سبوتنيك
إنضم لقناة النيلين على واتساب