2023.. عام الكارثة الأسوأ بليبيا يمضي دون محاسبة وجبر ضرر
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
طرابلس – مرت قرابة أربعة أشهر على الإعصار المدمر "دانيال" الذي ضرب عددا من مدن وقرى شرقي ليبيا يوم 11 سبتمبر/أيلول الماضي، متسببا في سيول وفيضانات كبيرة دمرت سدّي وادي درنة شرقي بنغازي، ومخلفا أضرارا بشرية ومادية غير مسبوقة.
وما زال الأهالي والنشطاء والمنظمات المحلية والدولية يتحدثون عن ضعف كبير في الاستجابة لعمليات انتشال الجثث والركام وإغاثة المنكوبين حتى الساعة، كما أكد عدد منهم للجزيرة نت.
استجابة حكومية بطيئة اكتنفتها البيروقراطية والتخبط وعجز السلطات عن الحكم الرشيد والتمييز بين الأوضاع الطبيعية والأزمات، يرى مدير مركز بيان للدراسات نزار أكريكش أنها عمقت الأزمة "رغم الهبّة الشعبية في البداية ثم المؤسسات المجتمعية والمدنية والهلال الأحمر الليبي والتي أضاعت جهودَها الاستجابةُ الرسمية السيئة".
وما زالت السلطات في شرقي ليبيا تصر على تسجيلها 4200 قتيل فقط، رغم تقديرات غير رسمية تفيد بأن عدد القتلى الحقيقي يتجاوز هذا الرقم بكثير، كما أكد جهاز الإسعاف والطوارئ بطرابلس في عدة مناسبات أن حصيلة القتلى الحقيقية لفيضانات مدينة درنة وما جاورها تجاوزت 16 ألفا.
أما الأمم المتحدة فأعلنت وفاة أكثر من 4 آلاف شخص، إلى جانب 8 آلاف في عداد المفقودين، ونزوح 43 ألف شخص، في إحصائية غير محدثة.
جدال زادت حدّتَه استقالةُ المتحدث باسم اللجنة العليا للطوارئ لحكومة الشرق محمد الجارح في مؤتمر صحفي مباشر، بسبب ما وصفه باستحالة المهمة والعجز عن إيصال المعلومات الدقيقة للمواطنين.
ليؤكد بعدها اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم اللواء المتقاعد خليفة حفتر مجددا أن عدد الوفيات لا يتجاوز 4100، رغم تأكيدات منظمة الصحة العالمية وفاة 4255 وأكثر من 9 آلاف مفقود خلال الأسبوع الأول للكارثة.
وضاعت الأرقام المؤكدة بعد أشهر، رغم المطالبات المتكررة محليا ودوليا، في زحمة الخلافات السياسية بين سلطات الشرق والغرب الليبي، التي عجزت عن تشكيل لجنة طوارئ مشتركة لإدارة الأزمة، ليظل عدد المفقودين والمنتشلين مجهولا، في "سابقة لم تحدث في سائر كوارث العالم"، يقول عدد من المراقبين للجزيرة نت.
قدرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أعداد النازحين جراء الفيضانات من مدن درنة وسوسة وشحات وبعض مناطق الجبل الأخضر شرقي البلاد المنكوبة، بأكثر من 44 ألف شخص، غالبيتهم موزعون في المناطق الشرقية لليبيا بنسبة تقدر بـ93%، في حين نزح 7% الباقون إلى غربي البلاد لا سيمّا العاصمة طرابلس.
ويعاني هؤلاء النازحون ظروفا إنسانية صعبة مع دخول فصل الشتاء، وبشكل أكبر الموجودين في المدارس التي تُستخدم مراكز إيواء مؤقت.
ولم توفر كلا الحكومتين الاحتياجات الأساسية لهم، وتحديدا الملابس والفرش ووسائل التدفئة، ولم تمنحهم بدل سكن للاستئجار ولا مساعدات مالية للتغلب على معاناتهم، كما يؤكد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد حمزة للجزيرة نت.
إعمار معطل
ويقول مسؤولون محليون وشهود عيان في المناطق المنكوبة للجزيرة نت إنهم لم يشهدوا أي عمليات إزالة للركام والبدء بمشاريع إعادة الإعمار.
وأكد عدد من متطوعي الهلال الأحمر استمرارهم في انتشال الجثث وجمع عظام الضحايا التي يلفظها البحر بشكل مستمر، في ظل تصريحات رسمية متضاربة حول التعويضات والبدء بالإعمار في الوقت الذي يتحمل فيه الأهالي عبء إزالة الركام وتنظيف البيوت والشوارع، وفقما يوضح عدد منهم.
وأعلنت حكومة الوحدة الوطنية انسحابها مبكرا من مدينة درنة بعد خلافات مع الحكومة الموازية المكلفة من البرلمان، التي بدروها امتنعت منذ الأسابيع الأولى للكارثة عن نشر المعلومات بخصوص إدارتها الأزمة، مكتفية بصرف تعويضات مالية بسيطة لا تلبي حاجة المتضررين، مما دعاهم إلى رفض استلامها في بعض المناطق، وفق تأكيد مصادر محلية للجزيرة نت.
وشكّل الانقسام السياسي بوجود مجلسين تشريعيين وحكومتين في طرابلس وبنغازي، العائق الأكبر أمام الاستجابة لكارثة درنة، كما يوضح مدير مركز بيان للدراسات نزار أكريكش.
وأضاف أكريكش، للجزيرة نت، أن تدخل الدولة جاء بعد أكثر من أسبوع من الكارثة، وأن عدم وجود فريق أزمة خارج إطار السلطات القائمة جعل الأزمة أزمتين: أولاهما أن الإدارة الحكومية الضعيفة نفسها تريد إدارة أزمة عاجلة، والثانية انقسام يتنافس فيه الساسة لتبييض صورتهم أمام الرأي العام واكتساب المزيد من الشرعية.
ويرى المتحدث ذاته أنه بعد المظاهرات الغاضبة التي خرجت في درنة محملة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح المسؤولية ومطالبة باستقالته، تعقدت الأمور وأخذت طابعا سياسيا.
وأضاف أن هذا عزز الانقسام، فبدأ كل طرف ينافس ويعيق الطرف الآخر. ودخلت الأزمة في حلقة مفرغة أدخلت الملف في دواليب الدولة الفاشلة، واختفى عنصر السرعة والفاعلية الذي هو جوهر أي استجابة لمثل هذه الأزمات.
تحقيقات لم تكتمل
السلطات الليبية التي تعهدت بفتح تحقيق في حادثة انهيار سدّي وادي درنة جراء الفيضان، لم تقدم أي نتائج بعد مرور ثلاثة أشهر، رغم ما أعلنه حينها مكتب النائب العام بطرابلس من إيقاف وُصف بالشكليّ لعشرات المسؤولين.
وهو ما دعا منظمة هيومن رايتس ووتش للمطالبة بضرورة إجراء تحقيق مستقل لمراجعة ما وصفته بـ"تقاعس السلطات الليبية في التعامل مع الفيضانات التي أودت بحياة آلاف المدنيين".
وقالت المنظمة على لسان المديرة المساعدة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حنان صالح إن "التساؤلات يجب أن تطرح على السلطات بشأن عدم توفير الصيانة الكافية للبنية التحتية القديمة، بما يشمل السدين المنهارين، رغم المخاوف القائمة منذ فترة طويلة بشأن حالتيهما".
وأضافت حنان أنه منذ انتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا في مارس/آذار الماضي، لم تعد هناك آلية تحقيق دولية فعالة في ليبيا، داعية مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة إلى الشروع في التحقيق في الانتهاكات والتجاوزات الحقوقية المرتبطة بالأزمة.
وأشارت رايتس ووتش إلى أن هناك "سببا وجيها للاعتقاد بأن العاصفة كانت ستكون أقل فتكا بكثير لو استجابت السلطات لإشارات الخطر بإجلاء الأشخاص الذين يعيشون في منطقة الفيضانات"، داعية إلى الإسراع في التحقيق لتحديد سبب الخسائر الفادحة في الأرواح وتمهيد الطريق للمحاسبة.
وفي الوقت الذي تطالب فيه جهات دولية بالتعجيل بنتائج التحقيقات ومحاسبة المسؤولين عن آلاف الضحايا والمفقودين والدمار بالمباني والبنى التحتية، يطالب نشطاء محليون بالكف عن سياسة تكميم الأفواه لكل منتقد للسلطات في شرقي البلاد يتهمها بالتقصير في الأزمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأمم المتحدة للجزیرة نت عدد من
إقرأ أيضاً:
عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهودهما الموحدة لإنهاء الكارثة الإنسانية في غزة
أكدت جمهورية مصر العربية ودولة قطر، في بيان مشترك صدر مساء الثلاثاء، أن جهودهما في ملف الوساطة بشأن قطاع غزة مستمرة ومتسقة، وتستند إلى رؤية موحدة تهدف إلى إنهاء الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يعيشها القطاع، وتخفيف المعاناة اليومية للمدنيين الفلسطينيين.
وشدد البيان على أن مصر وقطر تعملان معًا بشكل وثيق من أجل تهيئة الظروف اللازمة للوصول إلى تهدئة شاملة ودائمة، تمهيدًا لتثبيت وقف إطلاق النار وتحقيق تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.
عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية بتسلئيل سموتريتش: انتصار إسرائيل يعنى دمار غزة بالكامل وتهجير أهلها لدولة ثالثة رفض لمحاولات التحريض والتشكيك الإعلامينددت القاهرة والدوحة بمحاولات بعض الأطراف بث الفرقة بين الأشقاء، عبر ما وصفه البيان بـ "التشكيك أو التحريف أو التصعيد الإعلامي"، مؤكدتين أن مثل هذه المحاولات لن تنجح في تعطيل مسار الوساطة أو التأثير على مواقفهما الثابتة تجاه القضية الفلسطينية.
وأشار البيان إلى أن الدولتين ترفضان الانخراط في أي سياقات داخلية أو حسابات جانبية لا تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، بل تلتزمان بمسار واضح يركز على رفع المعاناة الإنسانية في غزة، وتحقيق حل دائم يضمن الأمن والاستقرار للمنطقة.
تنسيق وثيق مع الولايات المتحدة لإنجاح الوساطةأوضح البيان المشترك أن الجهود المصرية القطرية في الوساطة تجري بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، في إطار مساعٍ دولية مكثفة للتوصل إلى اتفاق يضع حدًا للمأساة الإنسانية في قطاع غزة، ويضمن حماية المدنيين من الاستهدافات العسكرية التي طالت آلاف الضحايا خلال الأشهر الماضية.
وأكدت الدولتان أهمية الدور الأمريكي في دعم جهود التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار، إلى جانب جهود الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في قطاع غزة، والتي تواجه تحديات جسيمة في إيصال المساعدات والإغاثات إلى المتضررين.
التزام مشترك بإنهاء الحرب وتثبيت السلامجددت مصر وقطر، من خلال البيان، التزامهما الكامل بالعمل المشترك من أجل إنهاء الحرب الحالية التي وصفاها بـ "الكارثة الإنسانية"، التي خلفت آلاف القتلى والجرحى، وتسببت في دمار واسع النطاق للبنية التحتية والمرافق المدنية في القطاع.
وشدد البيان على أن الدولتين لن تتوقفا عن بذل الجهود السياسية والدبلوماسية اللازمة لتحقيق اختراق حقيقي في مسار التهدئة، وصولًا إلى حل جذري يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في العيش بسلام وأمان داخل دولته المستقلة.
إشادة متبادلة بخطط التعاون لإنقاذ غزةوفي سياق متصل، كانت دولة قطر قد أعلنت في وقت سابق دعمها الكامل لخطة مصر المتكاملة بشأن الوضع في غزة، مؤكدة أن الجانبين يعملان على تنسيق الرؤى والمواقف من أجل التوصل إلى حلول عملية وفعّالة تعيد الاستقرار إلى القطاع وتفتح الباب أمام عملية سلام شاملة.
يُذكر أن التعاون بين مصر وقطر في ملف غزة يُعد من أهم محاور التحرك العربي الراهن، خاصة في ظل فشل الجهود الدولية السابقة في وقف إطلاق النار بشكل دائم، واستمرار معاناة المدنيين الفلسطينيين وسط تصعيد عسكري غير مسبوق.
دعوات إلى دعم عربي ودولي للوساطةدعت مصر وقطر المجتمع الدولي والدول العربية إلى دعم مساعي الوساطة الجارية، وتوفير الغطاء السياسي والإنساني اللازم لضمان نجاحها، مشددتين على أن إنهاء الحرب في غزة يتطلب تكاتفًا دوليًا حقيقيًا وإرادة سياسية لإنقاذ ما تبقى من أرواح وممتلكات.
وأكد البيان أن القضية الفلسطينية تظل في صدارة أولويات السياسة الخارجية المصرية والقطرية، وأن استمرار التنسيق بين البلدين يشكل ركيزة أساسية لأي حل مستقبلي يمكن البناء عليه لتحقيق العدالة والاستقرار في المنطقة.