كتاب من الكتائب إلى الحكومة بهدف تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية... الجميّل: لفتح صفحة جديدة
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
تقدّم رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل بكتاب خطي لرئيس مجلس الوزراء والحكومة اللبنانية بهدف تصحيح العلاقات اللبنانية-السورية ووضعها في إطارها الطبيعي.
وشارك رئيس الكتائب الرأي العام اللبناني موضوع الكتاب، متمنيًا أن تؤخذ كل الاقتراحات بعين الاعتبار.
وقال في كلمة من مقره في بكفيا: "لقد مررنا بـ 30 عامًا من الإحتلال السوري من بينها 15 عامًا حصلت فيها كافة أنواع الارتكابات بحق الشعب اللبناني والدولة، ومن ثم 15 عامًا من الوصاية على لبنان من العام 1976 حتى 1990 كانت فترة دمار وقتل وارتكابات مباشرة، ومن ثم 15 عامًا من الوصاية والارتكابات بعد الحرب اللبنانية".
وطالب بالعودة إلى العلاقة النديّة بين لبنان وسوريا عقب سقوط نظام الأسد وقيام حكومة جديدة وخطوات أخرى في سوريا منها الانتخابات وغيرها، لافتًا إلى أنه لا بد من إجراءات على الدولة اللبنانية والحكومة إتخاذها بأسرع وقت.
وتلا رئيس الكتائب الإجراءات المطلوبة، لتصحيح العلاقات اللبنانية-السورية ووضعها في إطارها الطبيعي، وهي:
1. اتخاذ كافة التدابير والإجراءات القانونية والدبلوماسية اللازمة لتقصّي الحقائق وكشف مصير المخفيين قسراً والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية والذين لا يقل عددهم عن ٦٢٢ مواطناً لبنانيًا.
2. منح تعويضات عادلة للمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية ولذوي الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب، أسوةً بالتعويضات التي نالها المحررون من السجون الإسرائيلية.
3. حلّ المجلس الأعلى اللبناني-السوري وأمانته العامة وهيئة المتابعة والتنسيق.
4. حصر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عبر السفارتين الرسميتين وفقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، ومنع إنشاء أي قنوات موازية خارج الأطر الدستورية والدبلوماسية.
5. إلغاء معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق واتفاقية الدفاع والأمن بين البلدين.
6. إعلان وقف العمل بجميع الاتفاقيات والبروتوكولات والمذكرات والبرامج والعقود المنبثقة عن هذه المعاهدة في كافة المجالات القضائية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتجارية والتربوية والعمل وغيرها، بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وانبثاق السلطة في سوريا لإعادة التفاوض بشأنها.
7. حلّ جميع اللّجان والأجهزة المشكّلة بموجب المعاهدة والاتفاقيات والاتفاقات المنبثقة عنها وبشكل خاص لجنة الشؤون الخارجية، لجنة شؤون الدفاع والأمن، ولجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، لمخالفتها أحكام الدّستور اللّبناني وانتهاكها مبدأ السّيادة والاستقلال بين الدّولتين ومبادئ القانون الدّولي العام.
8. إعطاء التوجيهات للأجهزة الأمنية المختصة للبحث والتحرّي وتعقّب حبيب الشرتوني المحكوم عليه في قضية اغتيال رئيس الجمهورية الشهيد بشير الجميّل وتنفيذ حكم المحكمة الصادر بحقه.
9. إعادة فتح ملفات التحقيق في قضايا اغتيال رموز ثورة الأرز وانفجار مرفأ بيروت، ومتابعة التحقيقات في ضوء المعلومات الجديدة التي ظهرت مؤخراً في الوثائق السورية المتعلقة بهذه القضايا.
10. اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لملاحقة المسؤولين السابقين في النظام السوري الذين لجأوا إلى لبنان، ومحاسبتهم على الانتهاكات المرتكبة بحق الشعب اللبناني، ومنع تحويل لبنان إلى ملاذ آمن للطغاة والمتورطين في الجرائم ضد الانسانية.
11. إزالة كافة الرموز والنُّصب التذكارية لحافظ الأسد وعائلته بشكل فوري وشامل، وإعادة تسمية الشوارع والساحات اللبنانية التي تحمل أسماءهم أو اسم سوريا بأسماء وطنية لبنانية.
12. إعلان يوم ٢٦ نيسان يوماً وطنياً رسمياً، تخليداً لذكرى تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال السوري في العام ٢٠٠٥.
13. ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين فور انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وانتظام المؤسسات في سوريا.
أضاف الجميّل: "إن العلاقات بين الدول ذات السيادة تُبنى حصراً على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. ولقد علّمتنا تجربتنا المريرة مع نظام الأسد أن أي علاقة مع سوريا في المستقبل يجب أن تقوم على أسس واضحة وثابتة: احترام السيادة والاستقلال التام للبلدين، منع أي تدخل في الشؤون الداخلية تحت أي ذريعة كانت، التعامل بندية ومساواة كاملة في الحقوق والواجبات، حصر التعاون في المجالات التي تخدم مصلحة البلدين وفق الأصول والأعراف الدولية، والتزام الشفافية والوضوح في الاتفاقيات والمعاهدات".
وتابع الجميّل: "إن حماية سيادة لبنان واستقلاله وصون كرامة شعبه هي مسؤولية تاريخية ووطنية. لذا نطلب من دولتكم إيلاء هذا الملف الأولوية القصوى واتخاذ الإجراءات اللازمة فوراً لتصحيح العلاقات اللبنانية-السورية بما يحفظ حقوق لبنان وشعبه".
أسئلة الصحافيين
وردًا على سؤال، أكد الجميّل الحرص على العلاقات مع سوريا آملًا أن يتمكن الشعب السوري من إنشاء دولة قانون وديمقراطية منفتحة تؤمن حقوق الشعب السوري بعيدة عن التطرف وأي تضييق على حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أنه أصبح حق الشعب السوري بتقرير مصيره بين يديه، مضيفًا:" نتمنى أن يكون على حدودنا دولة تعترف بسيادة لبنان وإستقلاله وبعلاقات متوازنة لنطوي صفحة أليمة ونفتح صفحة جديدة على الأسس الصحيحة".
وردًا على سؤال، قال: "سبق وصدرت تصاريح واضحة من المعارضة السورية تدعو كل من نزحوا في الخارج الى العودة وبالتالي سقطت كل صفات اللجوء ولم يعد هناك أي عائق أمام عودة السوريين إلى بلدهم وما من عائق أمام الدولة اللبنانية لتطبيق القوانين بشكل جدي".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: العلاقات اللبنانیة الجمی ل
إقرأ أيضاً:
عن ترسيم الحدود البحرية اللبنانية ـ القبرصية
شهد لبنان يوم الأربعاء الماضي توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع الجانب القبرصي بحضور رئيس الجمهورية جوزيف عون. وقّع عن الجانب اللبناني وزير الاشغال والنقل فايز رسامني، وعن الجانب القبرص الرئيس نيكوس خريستودوليدس.
وصف الجانبان الاتفاق بأنّه إنجاز، وقال الرئيس اللبناني خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره القبرصي عقب حفل التوقيع، إن الاتفاقية ستسمح للبلدين ببدء استكشاف ثرواتهما البحرية والتعاون في هذا المجال، مشيرا إلى أن التعاون مع قبرص "لا يستهدف أحدًا ولا يستثني أحدًا"، ومؤكداً في الوقت نفسه على أنّ الاتفاق لا يقطع الطريق على أي دولة صديقة أو مجاورة.
وكان الجانبان قد توصلا في عام 2007 إلى اتفاق مبدئي لترسيم حدودهما البحرية، لكنّ البرلمان اللبناني لم يصادق على الاتفاق في حينه على اعتبار انّه لا يحقق مصالح لبنان. ومنذ تلك الفترة، تم إجراء العديد من الدراسات الرسمية والخاصة لاعادة ترسيم الحدود البحرية وفق معطيات جديدة، من بينها لجنة رسمية وضعت في عام 2009 حدود المنطقة البحرية اللبنانية بشكل منفرد نظرًا لتعذّر التفاوض مع إسرائيل وسوريا. أدى ذلك إلى استحداث نقطة 23 جنوب النقطة 1 باتجاه إسرائيل، والنقطة 7 شمال النقطة 6 باتجاه سوريا، وتمّ تحديثها وإيداع الإحداثيات لدى الأمم المتحدة في يوليو/تموز 2010 وأكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
الاتفاق الذي تمّ مع إسرائيل إبان عهد الرئيس اللبناني المحسوب على حزب الله وفي ظل ذروة نفوذ الأخير أدّى بشكل غير مباشر على ما يبدو إلى الاندفاع باتجاه ترسيم الحدود مع قبرص. فالاتفاق مع إسرائيل تمّ كما يقول البعض بناء على معطيات سياسية كانت تهدف ليس فقط إلى تسهيل إتاحة الفرصة أمام لبنان لاستغلال ثروات هيدروكربونية محتملة في المياه وإنما أيضا لإرسال رسائل سياسية ترتبط بعدم رغبة إيران وحزب الله في التصعيد وانفتاحهما على تسويات كبرى. ولذلك، اتهم بعض اللبنانيين الحزب بالتفريط في حقوق وثروات لبنان في حينه على اعتبار أنّ ما تمّ التوصل إليه أقّل مما كان الجانب اللبناني وحزب الله يطمحون إليه.
المفارقة أنّ عدداً من اللبنانيين يتّهمون اليوم الحكومة اللبنانية والرئيس اللبناني بالتفريط في حقوق لبنان باستعجالهم التوقيع على اتفاقية مع قبرص تتناقض مع كل الدراسات التي كان الجانب اللبناني قد أجراها بعد العام 2007. إذ هناك من يشير إلى أنّ لبنان خسر من خلال الترسيم الحالي ما بين 2500 إلى 5000 كلم2 من حقوقه البحرية (وهو ما يساوي حوالي نصف مساحة لبنان). لكن الأهم من ذلك، تأكيدهم على أنّ طريقة التوقيع على الاتفاقية، والتي تعمّدت تجاوز البرلمان اللبناني، تثير الشكوك وتطرح إشكالية مدى قانونية مثل هذا الاتفاق الذي يرسّم حدود لبنان البحرية دون الحصول على موافقة البرلمان اللبنان.
يبقى التساؤل عمّا إذا كان لبنان سيستفيد فعلاً من هذه الاتفاقات في ظل غياب التوافق الداخلي والبنية التحتية المناسبة والإطار القانوني اللازم، وعما إذا كان سيتم تدارك أي مشاكل مستقبلية ناجمة تلك الاتفاقات مع جيرانها المباشرين شرق البحر المتوسط.وكما في حالة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل إبان سيطرة فريق حزب الله، فإنّ ترسيم الحدود مع قبرص الآن ينبع على ما يبدو من وجود رغبة سياسية ـ أكثر منه قانونية ـ في إقفال الملف وتسهيل حصول لبنان على فرص استثمارية وتعزيز التعاون والحصول على المساعدات والاستثمارات من قبل الدول الراعية لقبرص. لكنّ وضع لبنان يشير إلى أنّ الجانب القبرصي سيكون الأكثر استفادة وأنّ الجانب اللبناني قد يخرج بخفي حنين من الموضوع والمزيد من المشاكل كما هو الحال مع حالة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل والتي لم يسفر عنها حتى الآن أي نقلة نوعية تنعكس بشكل إيجابي على الداخل اللبناني، أكان ذلك على وضع اللبنانيين أو لبنان الدولة.
فضلا عن ذلك، ستفتح هذه الاتفاقية باباً للمشاكل مع أطراف أخرى لعل اهمّها تركيا وسوريا والقبارصة الأتراك. ومع أنّ الاتفاق لا يمس الجانب التركي مباشرة، إلا أنّه يؤذي القبارصة الأتراك شمال قبرص. فعلى الرغم من أنّ القبارصة اليونانيين لا يعترفون بالقسم الشمالي، ولا يريدون توحيد الجزيرة، إلا أنّهم يفاوضون باسم كل الجزيرة عند ترسيم الحدود ويستفيدون من كل موارد الجزيرة بشكل أحادي، وهو ما يتناقض مع القانون ومع حقوق القبارصة الأتراك سواء تم النظر إلى الموضوع من زاوية جزيرة موحّدة أو منقسمة. ولذلك، تنبري تركيا للدفاع عن حقوق القبارصة الأتراك في ظل التغطية السياسية التي تتمتع بها قبرص من قبل الاتحاد الأوروبي ومؤخراً من قبل إسرائيل التي تنخرط بشكل متزايد في اتفاقيات سياسية واقتصادية ودفاعية وأمنية مع الجانب القبرص مما يشكل تهديداً للقبارصة الأتراك وأيضا لتركيا.
أمّا سوريا، فعلى الرغم من حرص القيادة السورية الجديدة على فتح صفحة جديدة من العلاقات مع لبنان بعد الإطاحة بنظام الأسد، وعلى تفادي الدخول في زوبعات الداخل اللبناني والانشغالات العبثيّة للبنانيين، إلا أنّ هناك في لبنان من يرفض هذه المعادلة ويحاول إثارة الفتن والتحريض على الوضع الجديد في سوريا ويسعى إلى الدخول في صدامات متجددة. توقيع لبنان مع قبرص دون التوافق مع سوريا سيخلق مشكلة مستقبلية إذا لم يتم الاتفاق على ترسيم الحدود خاصّة أنّ حدود الترسيم السوري لا تتطابق مع تلك اللبنانية. ومع أنّ الاتفاق اللبناني ـ القبرصي يتضمن الإشارة إلى إمكانية تعديل نقاط التقاطع بين الدولتين مع دول ثالثة، إلا أنّ ذلك لا يعد ضمانة لغياب مشاكل أو نزاعات مستقبلية تظهر نتيجة للترسيم الحالي.
ويبقى التساؤل عمّا إذا كان لبنان سيستفيد فعلاً من هذه الاتفاقات في ظل غياب التوافق الداخلي والبنية التحتية المناسبة والإطار القانوني اللازم، وعما إذا كان سيتم تدارك أي مشاكل مستقبلية ناجمة تلك الاتفاقات مع جيرانها المباشرين شرق البحر المتوسط.