باحثة بيئية: الدولة المصرية حريصة على التنوع الحيوي وحماية الطبيعة
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
يتزامن اليوم 27 يناير، مع اليوم الوطني للبيئة والذي أعلنته الدولة المصرية ليكون يوما سنويا تحتفل فيه مختلف مؤسسات الدولة بالنشاط البيئي وتقام فعاليات تجدد خطط الحفاظ على البيئة وصون الطبيعة.
وفي هذا الإطار، قالت الباحثة شيماء يسري، المعيدة بكلية العلوم جامعة القاهرة والباحثة في علوم البيئة الحيوانية، إن مصر تحتفل اليوم باليوم الوطني للبيئة، وقد حققت من خلال وزارة البيئة العديد من الإنجازات في دعم الحياة البرية والحفاظ على التنوع الحيوي الذي يُعتبر مؤشرا لصحة البيئات الطبيعية بمختلف أنواعها، لافتة إلى أن الباحث البيئي مختص بدراسته وإعداد التقارير اللازمة التي تكون مؤشرات وتحذيرات بيولوجية في بعض الأوقات، ودراسة الطيور بشكل خاص تعتبر أفضل مؤشر على حالة البيئة البيولوجية، فقد نجد أن أعداد الطيور القليلة والنباتات ضعيفة النمو تشير إلى بيئة متضررة أو تعاني من مشكلات بيولوجية ناتجة عن التلوث أو التدخل البشري غير المدروس.
وأوضحت «يسري»، في تصريح لـ «الوطن»، أن الدولة تعمل على حماية التنوع الحيوي بشكل عام والطيور بشكل خاص من خلال المحميات الطبيعية المخصصة للحفاظ على النباتات والحيوانات، يحظر التخريب أو الصيد بها وتكون هناك قواعد لزيارته ومراقبة للزوار بشكل يضمن الحفاظ على الكائنات الحية، مشيرة إلى أن مصر بها 34 منطقة مهمة للطيور وتتوفر بها بكثافة تسمح بدراستها بهدف تحديد مدى تأثرها بالنشاط الإنساني.
وأشارت الباحثة في علوم البيئة إلى أن مصر بها خطوط هجرة للطيور المهاجرة منها جبال البحر الأحمر وتحديدا منطقة جبل الزيت، وهي منطقة تتميز بسرعة رياح عالية أنشأت بها الدولة محطات حيث لتوليد الطاقة من الرياح، ومع ذلك تراعي حق الطيور في الهجرة، من خلال مشروع صون الطيور الحوامة والذي من خلاله يتم تعيين مراقبين للطيور لتحديد مواعيد تحرك أسراب الطيور والحفاظ عليهم من مراوح محطات طاقة الرياح بما يؤكد حرص الدولة على الحفاظ على التنوع الحيوي والحياة البيئية.
وأضافت أن هناك جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني لها جهود ملموسة في حماية الحياة البرية مثل الجمعية المصرية لحماية الطبيعة وهو نشاط مكمل لجهود الحكومة، ومصر بالفعل لديها محميات طبيعية عديدة في مختلف المحافظات مثل محمية «رأس محمد» في محافظة جنوب سيناء والتى تعد من أهم المحميات التى بها تنوع بيئي، لافتة إلى أن الدولة اهتمت بالتغيرات المناخية بشكل مؤثر وهي من أهم الأسباب المؤثرة في الحياة البيولوجية والتنوع الحيوي والذي قد يصل للتسبب في انقراض بعض الأنواع نتيجة موتها بكميات كبيرة، وظهر ذلك جليا في استضافة COP 27 وأيضا استضافة المؤتمر الإقليمي للشباب لتغير المناخ RCOY MENA عن إقليم شمال إفريقيا والشرق الأوسط .
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: اليوم الوطني للبيئة نشاط بيئي طيور التنوع الحیوی إلى أن
إقرأ أيضاً:
كوارث بيئية لا تنسى.. تجفيف بحر آرال
في ستينيات القرن الماضي، نفذ الاتحاد السوفياتي مشروعا ضخما لتحويل المياه إلى السهول القاحلة في كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان، من نهري "سير داريا" و"أمو داريا" لإنشاء مزارع قطن ضخمة، فتحول المشروع إلى كارثة بيئية أدت إلى تجفيف بحر آرال.
استُخدم النهران الرئيسيان في المنطقة، واللذان يتغذيان من الثلوج الذائبة وهطول الأمطار على الجبال البعيدة، لتحويل الصحراء إلى مزارع شاسعة لزراعة القطن ومحاصيل أخرى، في زمن الصراع.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف تتعافى النظم البيئية بعد الحرائق؟list 2 of 4التطرف المناخي يهدد شبه الجزيرة العربيةlist 3 of 4إسبانيا مهددة بتحول مساحات واسعة إلى صحراء بحلول 2050list 4 of 4لماذا صار التصحر أزمة تتجاوز البيئة وتمس البشر؟end of listكان نهرا "سير داريا" و"أمو داريا" يتدفقان من الجبال، ويشقان طريقهما عبر صحراء "كيزيلكوم"، ليجتمعا أخيرا في أدنى جزء من الحوض. فكونا البحيرة الضخمة التي عرفت ببحر آرال، والذي كان يعد أكبر مسطح مائي في المنطقة ورابع أكبر بحيرة في العالم.
ويقع بحر آرال على الحدود بين كازاخستان شمالا وأوزبكستان جنوبا، وهو بحر داخلي مغلق، شكل في يوم ما امتدادا أزرق في قلب آسيا الوسطى، وكانت مساحته تبلغ 68 ألف كيلومتر مربع، وهو ما يساوي تقريبا مساحة بحيرة فيكتوريا في أفريقيا وضعف مساحة دولة مثل بلجيكا.
وبعد أن فقدت 90% من مساحتها الأصلية، تحولت منطقة بحر آرال من واحة مزدهرة إلى صحراء قاحلة، مع ما رافق ذلك من كوارث اقتصادية واجتماعية وصحية جعلت العلماء يصفونها بـ"تشرنوبل الصامت". ولم يبق من البحيرة سوى بعض البرك المائية المتفرقة، بينما يتحول قاعها الجاف إلى مصدر للعواصف الرملية الملحية السامة.
إعلان"التنمية المدمرة"
عندما كانت جمهوريات آسيا الوسطى ضمن اتحاد الجمهوريات السوفياتية، قرر الزعيم السوفياتي آنذاك، جوزف ستالين، تحويل صحاريها الشاسعة إلى مزارع ضخمة للقطن، دون الالتفات إلى التوازنات البيئية والمناخية الهشة.
وشق تبعا لذلك آلاف الكيلومترات من قنوات الري لسحب مياه نهري "أمو داريا" و"سير داريا" وتوجيهها لاستصلاح الأراضي الزراعية في تركمانستان وأوزبكستان ومناطق أخرى في جنوب كازاخستان، فحصلت الكارثة تدريجيا.
منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، بدأت مياه بحر آرال في الانحسار بحدة، وانقسم لاحقا إلى مسطحين مائيين، أحدهما شمالا في كازاخستان، والثاني جنوبا بمساحة أوسع نسبيا في أوزبكستان. وتظهر صور الأقمار الصناعية لوكالة ناسا، أن المسطح المائي الجنوبي انكمش كثيرا منذ عام 2002 وانقسم إلى مسطحين، شرقي وغربي. ثم جفت مياه الجزء الشرقي تماما عام 2014.
وعبر عقود من الزمن وبفعل التبخر وانقطاع مياه النهرين اللذين يغذيانه، تراجعت شواطئ بحر آرال تدريجيا وتقلصت مساحته بنسبة 90%، وتعرضت مساحات شاسعة منه لعوامل التعرية وخاصة قاعه الذي صار مكشوفا ومغطى بالأملاح البحرية التي زادت نسبة ملوحتها.
كان بحر آرال شريانا اقتصاديا مهما للبلدان المتاخمة له، وغذت مياهه العذبة السكان، كما ساهم في ازدهار الزراعة والصيد والرعي والتجارة حتى على طول طريق الحرير الرابط بين الصين وأوروبا، لكنه اليوم أصبح معضلة بيئية تكشف عن المآلات الخطِرة لاستنزاف الطبيعة.
ومثل البحر نموذجا للتنوع البيئي أيضا، إذ تزخر مياهه بنحو 24 نوعا من الأسماك، توفر نحو 500 ألف طن سنويا، وبعد جفافه اختفى تماما نحو 20 نوعا بفعل انحسار المياه وزيادة الملوحة، ومن ثم فقد البحر قيمته الاقتصادية والتجارية وخسرت آلاف العائلات مصدر رزقها.
كارثة بيئية
مع جفاف بحر آرال، انهارت مصايد الأسماك والمجتمعات التي تعتمد عليها. وتلوثت المياه الملحة زيادة بالأسمدة والمبيدات الحشرية. وأصبح الغبار المتطاير من قاع البحيرة والملوث بالمواد الكيميائية الزراعية يشكل مخاطر جمة على السكان.
وتشير الدراسات إلى أن نحو 75 مليون طن من غبار الأملاح السامة تحملها الرياح كل عام من القعر الجاف لبحر آرال، فتنتشر مسافات بعيدة مشكلة غيوما من الغبار الملحي السام.
كما انتشر الغبار المالح من قاع البحيرة في الحقول، مما أدى إلى تدهور التربة وتسممها أحيانا، وفقد أيضا التأثير الملطف لبرودة الشتاء وحرارة الصيف بجفاف هذا المسطح المائي الضخم.
ويقدر الخبراء أيضا، أن تجفيف بحر آرال جلب عواقب صحية خطِرة على السكان، إذ إن نحو 5 ملايين نسمة يعانون مشاكل صحية بسبب الغبار الملحي الذي تنقله الرياح والمعبأ بتركيزات قوية وسامة من كلوريد الصوديوم، والمبيدات الحشرية المسرطنة التي تغلغلت في السلسلة الغذائية بالمنطقة.
وقدرت بعض الأبحاث أن حالات الإصابة بالسرطان ارتفعت بـ25 ضعفا في المنطقة، كما انتشرت أمراض أخرى مرتبطة بالغبار الملحي والتأثيرات البيئية لتجفيف البحر.
كما رصد العلماء أيضا تأثيرات أخرى تمثلت في تشوهات دقيقة في مساحة تبلغ 500 كيلومتر حول مركز البحيرة القديمة. حيث خشن سمك القشرة الأرضية بمعدل 4 سنتيمترات خلال أربع سنوات فقط (2016-2020).
ويعود ذلك لاختفاء وزن هائل يقدر بـ1.1 مليار طن من المياه، وهو ما يعادل وزن 150 هرما بحجم هرم خوفو الأكبر.
وكان هذا الوزن الضخم يضغط على طبقات الأرض العميقة، وعند زواله، بدأ الوشاح الأرضي الساخن يتدفق لتعويض الفراغ، مسببا هذا الانتفاخ التدريجي الذي من المتوقع أن يستمر عقودا قادمة حسب العلماء.
ورغم أن بحر آرال بدأ يستعيد كميات كبيرة من مياهه، واتسعت مساحته خصوصا في كازاخستان، تبقى آثار الكارثة البيئية التي تسببت فيها محاولة إعادة هندسة الطبيعة لتحقيق أهداف اقتصادية آنية، ماثلة ومستمرة.