الغرب عارياً.. وبعض الأعراب أيضا..!
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
"قد تكون هذه مشاهد مقرفة لذوق البعض، لكن حفل افتتاح أولمبياد باريس2024 الذي استمر 3 ساعات كان مدهشا ورائعا وبديعا، وركز على قيم العدالة والمساواة والحرية والأخوة".. تغريدة عبد الخالق عبد الله الأكاديمي الإماراتي في معرض تعليقه على حفل افتتاح أوليمبياد باريس 2024.
" أنا منفتح الذهن جدا ولكنني أعتقد أن ما قاموا به كان مهينا الرئيس الأمريكي السابق والمثير للجدل في أمريكا والعالم دونالد ترامب.
"إنهم يتخلون تدريجاً عن الروابط الروحية والفكرية مع الخالق والوطن والأسرة.. مما أدى إلى تدهور القيم الأخلاقية العامة في المجتمع، كما رأيتم إذا شاهدتم حفل افتتاح الأولمبياد أمس (الجمعة)" فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر في تعليقه على الحفل ذاته.
الكنيسة الفرنسية على ضعفها وقلة حيلتها وتراجع دورها في المجتمعات الغربية وخصوصا الفرنسية اعترضت على تشويه صورة سيدنا عيسى بن مريم واعتبرت المشاهد التي تناولته في العشاء الأخيرة مشاهد مؤسفة.هل لاحظت شيئا عزيز القارئ، العربي المسلم الذي لا تعرف بلاده معنى للحرية ولا المساواة ولا العدالة وسجونها مليئة بالأبرياء من الرجال والنساء يمتدح حفلا ماجنا روج للانحطاط الأخلاقي في أسوأ صورة ومشهد، ويتحدث كما لو كان أوروبيا عاريا يمشي متسكعا في شوارع باريس وعلى الطريقة المصرية في الأفلام القديمة يمسك بيده زجاجة ويسكي ويميل يمنة ويسرة قائلا أنا جدع.. أنا جدع.
هذا الأعرابي القادم من أطراف الجزيرة العربية التي شرفت بظهور الإسلام وانتشاره شرقا وغربا يصف انحطاط الباريسيين بأنه أبرز قيم التسامح والأخوة والإنسانية التي لا مكان لها في الحقيقة على أرض الواقع في فرنسا ولا في غيرها من دول الغرب.
ويتحدث الأكاديمي الإماراتي عن الروعة والجمال والإبداع في حفل باريس 2024 ولا أعرف كيف طاوعه قلبه كيف يصف البغاء والمثلية والبيدوفيليا بالروعة والجمال، ولا أفهم أين الإبداع في النيل من رسول كريم هو المسيح عيسى بن مريم الذي كرمه الإسلام ورفع شأنه حين نال منه أتباعه وأرادوا النيل منه ومن أمه مريم عليها السلام؟ ما هو الإبداع في جلب المتحولين جنسيا إلى مسرح الأحداث في مشهد صارخ ومؤذي للفطرة وللنفس السليمة؟
لقد انتفض دونالد ترامب وهو من هو من حيث فضائحه الجنسية وقبح سلوكه وعنجهيته السياسية لكنه وللحقيقة يقف موقفا قويا ضد الميوعة والمثلية والإجهاض، في الوقت الذي لم ينتفض فيه من يدعي أنه مسلم وعربي وتربى في بيئة محافظة أو هكذا كنت أتصور.
انتفض رئيس وزراء المجر المسيحي فيكتور أوربان ضد الإنهيار الأخلاقي الأوروبي الذي امتدحه عبد الخالق عبد الله الذي كان ينبغي له أن يخجل من نفسه عوضا عن أن يمتدح ما اتفق الأوروبيون على قبحه وسوء مخبره.
الكنيسة الفرنسية على ضعفها وقلة حيلتها وتراجع دورها في المجتمعات الغربية وخصوصا الفرنسية اعترضت على تشويه صورة سيدنا عيسى بن مريم واعتبرت المشاهد التي تناولته في العشاء الأخيرة مشاهد مؤسفة.
حتى رجل الأعمال المصري المسيحي نجيب ساويرس وهو ليبرالي متحرر أو هكذا يبدو غرد بالإنجليزية منتقدا "أمر غير محترم وذوق سيء للغاية"، ولا أعرف لماذا انفرد عبد الخالق عبد الله دون خلق الله بمدح الحفل وتصويره على أنه عمل مبدع ومدهش إلا أن تكون هذه تعليمات السيد محمد بن زايد لكي يجامل من خلال غلامه فرنسا ويظهر بن زايد كمتحرر وليبرالي كاره للفطرة والأخلاق بحجم كراهيته للإسلام والمسلمين.
الغرب الذي لطالما وصف نفسه بالحضارة والتحضر بدا لي محتضرا تائها باحثا عن هوية مفقودة ومجد ضائع، فلا هو حافظ على أخلاق الكنيسة ولا تعاليم المسيح عليه السلام، ولا حتى الفطرة السليمة للإنسان، ولا أنتج منتجا ثقافيا قابلا للبقاء والاستمرارية، والمشكلة هنا لا تنحصر في الغرب فله أجندته وله طريقته في الحياة والتي أراها كما رآها كثير من المفكرين والمثقفين الغربيين أنها طريقة للتدمير الذاتي، لكن المشكلة في هؤلاء الإمعات التُبع الذين بهرتهم أضواء الغرب وهرولوا نحوها كهرولة الظمآن الذي يحسب السراب ماء فلما جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه.
الغرب أصبح عاريا كما عبر بصدق فيكتور أوربان، وانهيار الأخلاق في الغرب هو آخر مسمار في نعش ما سمي بالحضارة الغربية، وأتصور أن الغرب في احتضار وليس تحضر وفي انهيار وليس تقدم ولم يعد لديهم من شيء يقدمونه للبشرية بعد أن جردوا الإنسان من ملابسه وعرضوه في فترينات العرض الجنسية في أكبر الشوارع والميادين كسلعة لراغبي المتعة، ليس بعد هذه الحضيض من حضيض وليس بعد هذا القاع من قاع.
الغرب الذي لطالما وصف نفسه بالحضارة والتحضر بدا لي محتضرا تائها باحثا عن هوية مفقودة ومجد ضائع، فلا هو حافظ على أخلاق الكنيسة ولا تعاليم المسيح عليه السلام، ولا حتى الفطرة السليمة للإنسان، ولا أنتج منتجا ثقافيا قابلا للبقاء والاستمراريةالمصيبة أن الغرب الذي بات عاريا يريد كل الحضارات الحقيقية مثله عارية من الأخلاق والأدب والدين والقيم، لا يستحي هذا الغرب ولا يتورع عن شن حروب على دول تختلف معه وتصطدم حضارتهم مع حضارته العارية معلنا أن هذه الحروب من أجل تقديم نموذج التحضر الغربي للشعوب (المتخلفة حضاريا) في المنطقة العربية والدول المسلمة.
لقد صدقت أجيال عربية ومسلمة كثيرة شعارات الغرب وحيله الاستعمارية الملتحفة بشعارات براقة عن الحرية والمساواة والعدالة ولكن شعوبنا لم ترى منهم سوى الظلم والعدوان والعنصرية والكبت والقهر ، و المؤسف أنه لايزال البعض من بني جلدتنا يكاد يذهب بريق الزيف الغربي بأبصارهم وعقولهم فيمتدحون القبح والسوء ويفضلونه على قيم الإسلام النبيلة والجميلة والعظيمة والحقيقية غير المزورة أو المزيف.
الغرب يبدو عاريا ولكن للأسف ثلة من بني جلدتنا باتت أكثر عريا وقبحا من الغرب ذاته.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه افتتاح أولمبياد فرنسا فرنسا أولمبياد احتفالات رأي افتتاح مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
تخيل بلدا يقف على جرف هارٍ تدفعه حرب ضارية إلى الهاوية، وجيشا يقاتل على جبهات متشعبة، واقتصادا ينهار طبقة بعد أخرى، بينما تتنازع قوى عالمية على أرضه وموانئه وذهبه وموقعه الاستثنائي.
وفي قلب هذا المشهد يقف رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، محاولا أن يمسك بالعصا من وسطها: يلوح للغرب بإمكانية الشراكة، ويشد في الوقت نفسه خيوط الارتباط بالشرق الصاعد.
ليس ذلك تقلبا سياسيا ولا انتقالا عشوائيا بين المحاور، بل مناورة وجودية فرضتها الجغرافيا القاسية، وحرب أنهكت الدولة والمجتمع، وتوازنات دولية تجعل من السودان ساحة اختبار كبرى في صراع النفوذ على البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
وفي هذا السياق تحديدا، برزت آخر رسائل البرهان إلى الغرب عبر مقاله الذي اختار له بعناية صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بتاريخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2025؛ رسالة لم تكن مقال رأيٍ عابرا، بل مذكرة سياسية مشفرة، صيغت بقدر محسوب من الإيحاء لتصل مباشرة إلى دوائر صناعة القرار.
الانحياز إلى الشرق يعني سلاحا متاحا، لكن يفضي إلى عزلة مالية خانقة والانحياز إلى الغرب يعني دعما اقتصاديا محتملا، لكن يفضي إلى فقدان الإسناد العسكري، وخطر الانفجار الداخلي، ولهذا يصبح الاصطفاف الكامل قاتلا
الرسالة السياسية والصفقة غير المعلنةفي مقاله المثير، حمل البرهان قوات مليشيا السريع مسؤولية الحرب، رافضا توصيف الصراع بأنه "صراع جنرالين"، ومؤكدا أنها حرب تمرد على الدولة.
لكنه لم يكتفِ بهذا التوصيف؛ بل بنى المقال كله على فكرة واحدة: إذا ساعدتموني على تفكيك مليشيا الدعم السريع وإنهاء التمرد، فسأكون جاهزا للمضي في مسار التطبيع، وتقديم صيغة حكم مدني ترضيكم.
لوح البرهان بالانتقال الديمقراطي، وذكر الغرب بأن الصراع يهدد مصالحه في البحر الأحمر، وفتح باب الشراكة الاقتصادية، مشيرا إلى دور للشركات الأميركية في إعادة الإعمار. بدا المقال أقرب إلى عرض تفاوضي مكتمل الأركان: دعم عسكري وسياسي مقابل شرعية واستقرار وتعاون أمني.
هذه الرسالة ليست معزولة؛ فهي تأتي في وقت تتنامى فيه تحركات البرهان على الساحة الدولية: خطابات في الأمم المتحدة، إشارات إيجابية في الملفات الإنسانية، وانفتاح محسوب على المؤسسات الغربية.
إعلانلكن هذه الإشارات لا تعني انقلابا إستراتيجيا نحو الغرب، بل هي جزء من لعبة أكبر توازن فيها القيادة السودانية بين مكاسب اللحظة، ومخاطر الاصطفاف الحاد.
بين القيمة الجيوسياسية وكلفة الاصطفافيحتل السودان موقعا استثنائيا. فهو بوابة البحر الأحمر، وممر التجارة العالمية، وخزان ضخم للمعادن والأراضي الزراعية. ولهذا تتصارع عليه القوى الكبرى اليوم، كما لم تفعل من قبل.
الصين ترى في السودان امتدادا لطريقها التجاري نحو أفريقيا. استثماراتها الضخمة في الموانئ والبنية التحتية والزراعة، تجعلها تبحث عن طريقة لتفادي انهيار كامل قد يبتلع مصالحها. وبكين، رغم هدوئها المألوف، تدرك أن الفوضى في السودان تعني خسارة سنوات من العمل الاقتصادي والإستراتيجي، ولذلك تتحرك بدقة: دعم محدود للجيش، وضغط خلفي لتثبيت الاستقرار دون الاصطدام بالغرب مباشرة.
أما روسيا فقد استعادت أدواتها غير النظامية عبر "أفريكا كوربس"، البديل الجديد لفاغنر، بهدف ترسيخ وجود إستراتيجي دائم على البحر الأحمر. بالنسبة لموسكو، السودان ليس مجرد شريك إستراتيجي، بل هو مفتاح لدخول القرن الأفريقي بعمق، وتحقيق توازن مع الضغوط الغربية في أوكرانيا، وأوروبا.
الغرب من جهته يراقب بقلق تمدد الشرق. لكنّ لديه شرطا واحدا لم يتغير: لا دعم اقتصاديا حقيقيا دون التقدم في ملف التطبيع، وهندسة المسرح السياسي الداخلي، واستبعاد تيار بعينه.
هكذا يجد السودان نفسه أمام معادلة مستحيلة:
الانحياز إلى الشرق يعني سلاحا متاحا، لكن يفضي إلى عزلة مالية خانقة. الانحياز إلى الغرب يعني دعما اقتصاديا محتملا، لكن يفضي إلى فقدان الإسناد العسكري، وخطر الانفجار الداخلي.
ولهذا يصبح الاصطفاف الكامل قاتلا، والمناورة بين الشرق والغرب أشبه بخيط نجاة رفيع، لكن لا بد من السير عليه.
عدم الانحياز الذكي ورهان الداخلضمن هذه الحسابات الدولية المعقدة، يبرز مسار ثالث يفرض نفسه بقوة:
عدم الانحياز الفعال، وهو ليس حيادا سلبيا كما في الستينيات، بل إستراتيجية قائمة على مزيج من الانفتاح الانتقائي، والمداورة الدبلوماسية.
هذا المسار يعني:
تعاونا اقتصاديا عميقا مع الصين، دون الارتهان لها. شراكة أمنية مع روسيا، دون التحول إلى بوابة لها على البحر الأحمر. انفتاحا على الغرب، دون الوقوع في فخ الشروط الثقيلة التي قد تشعل الداخل. بناء دور إقليمي يعتمد على الجغرافيا لا على الأيديولوجيا.بهذه المقاربة، يتحول السودان من ساحة صراع إلى لاعب يجيد توظيف الصراع لصالحه.
بيد أن كل هذا لن ينجح إذا لم يتم حسم المعركة الأهم: معركة الداخل. فالرهان الحقيقي ليس على واشنطن ولا بكين ولا موسكو، بل على قدرة القيادة السودانية على:
توحيد الجبهة الداخلية، إعادة بناء المؤسسات، وقف النزيف الاقتصادي، وفرض إرادتها على القوى الإقليمية المتدخلة.
فمن دون جبهة داخلية متماسكة، تصبح المناورة الخارجية مجرد لعبة خطرة قد تسقط عند أول هزة. ومن دون قرار وطني صارم، لن تستطيع الخرطوم تحويل ثقلها الجيوسياسي إلى قوة حقيقية.
الخلاصة: المناورة ليست خيارا.. بل قدرا سياسياما يقوم به البرهان اليوم ليس استسلاما للغرب ولا انحيازا للشرق، بل مناورة إجبارية تهدف إلى جمع السلاح من منطقة، والشرعية من أخرى، والمساعدات من ثالثة، دون دفع الأثمان كاملة لأي طرف.
إعلانهي محاولة لاستثمار موقع السودان الفريد في معركة الهيمنة على البحر الأحمر، وتحويل الأزمة إلى ورقة تفاوض كبرى. غير أن هذه اللعبة الخطرة لن تجدي نفعا إذا لم يُستعَد الداخل أولا.
ففي النهاية، لا تحدد الدول الكبرى مصائر الأمم بقدر ما تحددها إرادة أبنائها.
وقدرة السودان على الخروج من النفق لا تتوقف على لعبة التوازن الدولية فحسب، بل على قوة البيت الداخلي، وتمكن القيادة من فرض رؤيتها على من يحاولون تشكيل مستقبل السودان من الخارج.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline